Jump to ratings and reviews
Rate this book

استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس

Rate this book
نبذة النيل والفرات:
أفرد الحافظ ابن رجب الحنبلي كتابًا أسماه "استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس" جمع فيه ما ورد في القرآن الكريم, والسنة النبوية, وما ثبت عن سلف الأمة ومن سلك مسلكهم من الأئمة في محبة الله - وعلامات هذه المحبة, وطرقها ولوازمها, ومقتضياتها. وقسّم الكتاب إلى اثني عشر بابًا: تحدث في الأول في لزوم محبة الملك القدوس وتقديمها على حب الأموال والأولاد والنفوس, وأما الباب الثاني فخصصه لبيان أن من أعظم المطالب وأهمها سؤال الله تعالى محبته على أكمل الوجوه وأتمها, أما الباب الثالث فخصصه لذكر الأسباب التي يستجلب بها لإنسان محبة رب الأرباب. بعد ذلك تحدث في الباب الرابع عن علامات المحبة الصادقة, وفي الباب الخامس عن استلذاذ المحبين بكلام محبوبهم وأنه غذاء قلوبهم, وفي الباب السادس عن أنس المحبين بالله وأنه ليس لهم مقصود في الدنيا والآخرة سواه, أما الباب السابع فأفرده لبيان مناجاة المحبين لمولاهم الملك الحق المبين. في حين خصص الثامن لذكر الشوق إلى لقاء الله. والتاسع تذكر رضا المحبين بالقضاء حلوه ومره. أما الفصل العاشر فضمنه حديث عن خوف العارفين, والحادي عشر منزلة أهل الحب. أما الثاني عشر والأخير فضمّنه نبذة من كلام أهل المحبة

209 pages, Unknown Binding

First published January 1, 1990

1 person is currently reading
111 people want to read

About the author

ابن رجب الحنبلي

128 books182 followers
ابن رجب الحنبلي (736- 795 هـ) هو الإمام الحافظ العلَّامة زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود السلامي البغدادي الدمشقي الحنبلي، أبو الفرج الشهير بابن رجب، عالم دين مسلم، ومحدِّث وفقيه حنبلي. اشتهر بشرحه على الأربعون النووية وكان أيضًا المؤلف لكتاب «فتح الباري».

وُلد ابن رجب في بغداد، سنة 736هـ، لأسرة علمية عريقة في العلم والإمامة في الدين.

ثم قدِمَ إلى دمشق وهو صغير سنة 744هـ، وأجازه ابن النقيب، وسمع بمكة على الفخر عثمان بن يوسف، واشتغل بسماع الحديث باعتناء والده. وحدَّث عن محمد بن الخبَّاز، وإبراهيم ابن داود العطَّار، وأبي الحرم محمد بن القلانسي.

وسمع بمصر من صدر الدين أبي الفتح الميدومي، ومن جماعة من أصحاب ابن البُخاري. فأُتيح له تحصيل العلم على أكابر علماء عصره، ونبغ فيه وعلا شأنه في علم الحديث، وبلغ درجة الإمامة في فنونه، بل في أعمقها وأجلِّها، وهو علم الإسناد وعلم العلل، حتى قصده طلَّاب العلم.

وأما في الفقه فقد برع فيه حتى صار من أعلام المذهب الحنبلي، ويشهد على ذلك كتابه (القواعد الفقهية).

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
8 (42%)
4 stars
8 (42%)
3 stars
2 (10%)
2 stars
1 (5%)
1 star
0 (0%)
Displaying 1 - 5 of 5 reviews
Profile Image for نهى.
34 reviews1 follower
December 12, 2025
نسمات من أفياء المحبة الإلهية،
لا ينقضي عجبي بهذا الدين، الذي ينزل المحبة هذه المنزلة، ويرقيها هذه الدرجات، فيجعل عليها مداره وهي أصله..
وعلى كثرة ما أورد من انفعالات العباد والزهاد، وأحوالهم مع هذه المحبة المالكة عليهم ألبابهم وأرواحهم، لا أعجب، فإن هذه الرب حقيق بهذه المحبة، وكثيرها منهم قليل فيه، رب يُحب ويؤله ويعبد،
لكن العجب كله، في محبته عز وجل إياهم، ورأفته عليهم، وفرحه بهم، العجب كله أن يحب ربٌ له مطلق الكمال، ومنتهى الجمال، وغاية نعوت العزة والجلال، هذا الإنسان، الهباءة الحقيرة في واسع ملكوته، العجب كله أن يحبه ويكرمه ويقربه ويوالي من يواليه ويعادي من يعاديه، إن هو اختاره..

يذهب بي العجب كل مذهب، كلما قلبت فكري في محاسن أسمائه وجميل صفاته وعظيم آياته، وأنعمت نظري في أوجه نعمائه وطيبات آلائه، وشاهدت آثار تحببه وتودده وتحننه إلى عباده، ثم رأيت أحوال العباد -وما أبرئ نفسي- معه، من إعراض وكبر وغفلة، وهو يرزقهم ويعافيهم، وهو قادر عليهم..

الكتاب كسائر كتب التصوف فيه وفيه،
ويكثر ذكر الضعاف، لكنه كتاب جميل، عرج على أحكام المحبة، وأسبابها، ودواعيها، ولوازمها، وآثارها، ووشى كتابه بأحوال ونقول العباد والمتصوفة، وأطنب في فكرة أن يحب الله عز وجل لذاته ويراد لذاته، وأن تكون رؤيته منتهى الأمال، الفكرة التي أوردها الرازي في تفسيره في آية: ﴿إنّا إلى اللهِ راغِبُونَ﴾، (قال: فَنَحْنُ لا نَطْلُبُ مِنَ الإيمانِ والطّاعَةِ أخْذَ الأمْوالِ والفَوْزَ بِالمَناصِبِ في الدُّنْيا، وإنَّما المُرادُ إمّا اكْتِسابُ سَعاداتِ الآخِرَةِ، وإمّا الِاسْتِغْراقُ في العُبُودِيَّةِ عَلى ما دَلَّ لَفْظُ الآيَةِ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ قالَ: ﴿إنّا إلى اللهِ راغِبُونَ﴾، ولَمْ يَقُلْ: إنّا إلى ثَوابِ اللهِ راغِبُونَ، ونُقِلَ أنَّ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ تَعالى، فَقالَ: ما الَّذِي يَحْمِلُكم عَلَيْهِ ؟ قالُوا: الخَوْفُ مِن عِقابِ اللهِ. فَقالَ: أصَبْتُمْ. ثُمَّ مَرَّ عَلى قَوْمٍ آخَرِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ، فَقالَ: ما الَّذِي يَحْمِلُكم عَلَيْهِ، فَقالُوا: الرَّغْبَةُ في الثَّوابِ. فَقالَ: أصَبْتُمْ. ثُمَّ مَرَّ عَلى قَوْمٍ ثالِثٍ مُشْتَغِلِينَ بِالذِّكْرِ، فَسَألَهم فَقالُوا: لا نَذْكُرُهُ لِلْخَوْفِ مِنَ العِقابِ، ولا لِلرَّغْبَةِ في الثَّوابِ، بَلْ لِإظْهارِ ذِلَّةِ العُبُودِيَّةِ، وعِزَّةِ الرُّبُوبِيَّةِ، وتَشْرِيفِ القَلْبِ بِمَعْرِفَتِهِ، وتَشْرِيفِ اللِّسانِ بِالألْفاظِ الدّالَّةِ عَلى صِفاتِ قُدْسِهِ وعِزَّتِهِ. فَقالَ: أنْتُمُ المُحِقُّونَ المُحَقِّقُونَ.)

اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يبلغني إلى حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد(:
Profile Image for دينـا .
890 reviews107 followers
Read
April 30, 2022
قرأته في مجلس استماع عقده الشيخ ابراهيم الطويل في الجامعة ، وأحب أن اذكر نفسي دومًا بنعم الله المتتالية عليّ ، فإن مجالس السماع هذه كانت إحدى الأمنيات البعيدة ولكن الله قربها مني بفضله ..
الكتاب جميل ، يتناول المحبة الإلهية وكيف نحب الله لأنه الله عز وجل ، من أشد ما لامسني وفتح بصيرتي حقيقة أن الصحائف ستعرض أمام الله عز وجل ، وهو وإن عفى عنك برحمته فكيف لك ألا تستحي مما سيرد في صحيفتك !!
اللهم غافر الذنب وقابل التوب اغفر لنا خطايانا وتجاوز برحمتك عن ذنوبنا ..

تم يحمد الله 24 رمضان 1443
Profile Image for مشاري.
235 reviews49 followers
September 1, 2014
يا حسرة العاصين عند معادهم .. هذا وإن قدموا على الجنات
لو لم يكن إلا الحياء من الذي .. ستر القبيح (لأعظموا) الحسرات
Profile Image for ريم.
421 reviews12 followers
December 6, 2024
▪︎الباب الأول
لزوم محبة الملك القدوس:
محبة الله فرض. قال تعالى: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) توعدهم الله غز وجل على تفضيل محبتهم لغيره على محبته ومحبة رسوله، والوعيد لا يقع إلا على فرض لازم وحتم واجب.
وفي الصحيحين عن أنس عن النبي ﷺ قال: والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والدخ وولده والناس أجمعين.
•محبة الله على درجتين:
1- فرض لازم أن يحب الله محبة توجب له، محبة ما فرضه الله عليه، وبغض ما حرمه الله عليه، ومحبة لرسوله المبلغ عن أمره ونهيه، وتقديم محبته على النفوس والأهلين.
2- درجة السابقين هي أن ترتقي المحبة إلى ما يحبه الله من نوافل الطاعات، وكراهة ما يكرهه من دقائق المكروهات، وإلى الرضا بما يقدره ويقضيه مما يؤلم النفوس من المصائب، وهذا فضل مستحب مندوب.

▪︎الباب الثاني
من أعظم المطالب وأهمها سؤال الله تعالى محبته على أكمل الوجوه وأتمها:
• عن مرثد بن أبي عامر عن الحسن بن علي "أنَّه كان يقول في دعائه: اللهم ارزقني محبة لك تقطع بها عني محبات الدُّنْيَا ولذاتها، وارزقني محبة لك تجمع لي بها خير الآخرة ونعيمها، اللهم اجعل محبتك آثر الأشياء عندي وأقرها لعيني واجعلني أحبك حب الراغبين في محبتك، حبًّا لا يخالطه حب هوى أعلى منه في صدري، ولا أكثر منه في نفسي حتى يشتغل قلبي به عن السرور بغيره، حتى يكمل لي به عندك الثواب غدًا في أعلى منازل المحبين لك يا كريم" قال: وكان من خيار أهل البيت، وكان يدعو بهذا الدعاء في آخر كلامه ويبكي.

▪︎الباب الثالث
بيان الأسباب التي تستجلب بها محبة رب الأرباب:
•من أعظم أسباب المعرفة الخاصة: التفكر في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء.
•قال بعضهم: "إذا كانت القلوب جبلت عَلَى حب من أحسن إليها فوا عجبًا لمن لا يرى محسنًا غير الله -عز وجل- كيف لا يميل بكُلِّيته إِلَيْهِ"
•قال بعض السَّلف: "ذكر النعيم يورث الحب لله -عز وجل".
كان شميط بن عجلان يقول: "دلنا ربنا عَلَى نفسه في هذه الآية: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ...} الآية [الأعراف٥٤، ويونس: ٣].
•الأسباب الجالبة لمحبة الله:
1- معاملة الله بالصدق والإخلاص ومخالفة الهوى، فإن ذلك سبب لفضل الله عَلَى عبده وأن يمنحه محبته.
2- كثرة الذكر مع الحضور.
3- تلاوة القرآن بالتدبر والتفكر، ولا سيما الآيات المتضمنة للأسماء والصفات والأفعال الباهرات.
4- رؤية أهل الجنة لربهم وزيارتهم له واجتماعهم يوم المزيد، فإن ذلك تستجلب به المحبة الخالصة.

▪︎الباب الرابع
علامات المحبة الصادقة:
وصف الله -سبحانه- المحبين له بخمسة أوصاف.
1- الذلة عَلَى المؤمنين، والمراد لين الجانب وخفض الجناح والرأفة والرحمة للمؤمنين، كما قال تعالى لرسوله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٢١٥] ووصف أصحابه بمثل ذلك في قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩]
2- العزة عَلَى الكافرين، والمراد الشدة والغلظة عليهم، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التحريم: ٩]
3- الجهاد في سبيل الله وهو مجاهدة أعدائه باليد واللسان، وذلك أيضاً من تمام معاداة أعداء الله الَّذِي تستلزمه المحبة، وأيضًا فالجهاد في سبيل الله فيه دعاء الخلق إِلَى الله وردهم إِلَى بابه بالقهر لهم والغلبة، كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠]
4- أنهم لا يخافون لومة لائم، والمراد أنهم يجتهدون فيما يرضى به من الأعمال ولا يبالون بلومة من لامهم في شيء منه إذا كان فيه رضا ربهم.
5- متابعة الرسول ﷺ وهو طاعته واتباعه في أمره ونهيه.
• محبة الرسول ﷺ على درجتين:
-الدرجة الأولى فرض؛ وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول ﷺ من عند الله وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم، وعدم طلب الهدى من غير طريقه بالكلية، ثم حسن الاتباع له فيما بلغه عن ربه من تصديقه في كل ما أخبر به، وطاعته فيما أمر به من الواجبات، والانتهاء عما نهي عنه من المحرمات، ونصرة دينه والجهاد لمن خالفه بحسب القدرة، فهذا القدر لا بد منه ولا يتم الإيمان بدونه.
-الدرجة الثانية فضل، وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به، وتحقيق الاقتداء بسنته في أخلاقه وآدابه ونوافله وتطوعاته وأكله وشربه ولباسه وحسن معاشرته لأزواجه، وغير ذلك من آدابه الكاملة وأخلاقه الطاهرة، والاعتناء بمعرفة سيرته وأيامه واهتزاز القلب عند ذكره، وكثرة الصلاة عليه لما سكن في القلب من محبته وتوقيره ومحبة استماع كلامه، وإيثاره عَلَى كلام غيره من المخلوقين.
• قال سهل التستري: من علامات حب الله: حب القرآن وعلامة حب الله وحب القرآن وحب النبي صلّى الله عليه وسلم وعلامة حب النبي صلّى الله عليه وسلم: حب السنة، وعلامة حب السنة: حب الآخرة، ومن علامة حب الآخرة: بغض الدُّنْيَا، وعلامة بغض الدُّنْيَا أن لا يأخذ منها إلا زادًا يبلغه إِلَى الآخرة.

▪︎الباب الخامس
استلذاذ المحبين بكلام محبوبهم وأنه غذاء قلوبهم وغاية مطلوبهم:
• روى أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود قال: "لا يسأل عبد عن نفسه إلا القرآن، فإن كان يحب القرآن فإنَّه يحب الله ورسوله".

▪︎الباب السادس
أنس المحبين بالله وأنه ليس لهم مقصود من الدُّنْيَا والآخرة سواه:
•من حديث سعيد بن يزيد الأزدي "أنَّه قال للنبي ﷺ أوصني.
قال: أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي رجل��ً صالحًا من صالحي قومك" 
• صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "إن أحدكم إذا كان يصلي فإنما يناجي رَبَّهُ أو رَبُّهُ بينه وبين القبلة"
• في حديث الحارث الأشعري عن النبي صلّى الله عليه وسلم: "أن الله تعالى ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت"
• من حديث أبي أسامة قال: "دخلت عَلَى محمد بن النضر الحارثي فرأيته كأنه ينقبض، فقلت: كأنك ترى تكره أن تؤتى؟ قال: أجل. قلت: أو ما تستوحش؟ قال: كيف أستوحش وهو يقول: أنا جليس من ذكرني؟!
• قال بكر المزني: "من مثلك يا ابن آدم، خلى بينك وبين المحراب والماء، كلما شئت دخلت عَلَى الله -عز وجل- ليس بينك وبينه ترجمان".

▪︎الباب السابع
سهر المحبين وخلوتهم بمناجاة مولاهم الملك الحق المبين:
•روى "أبو نعيم" أيضاً بإسناده عن ذي النون أنَّه قال:
"لو رأيت أحدهم وقد قام إِلَى صلاته وقراءته، فلما وقف في محرابه واستفتح كلام سيده خطر عَلَى قلبه أن ذلك المقام هو المقام الَّذِي يقوم الناس فيه لرب العالمين، فانخلع قلبه وذهل عقله، فقلوبهم في ملكوت السماوات معلقة، وأبدانهم بين يدي الخالق عارية، وهمومهم بالفكر دائمة.
•وبإسناده عن ذي النون أيضاً "أنَّه قال في وصفهم: يتلذذون بكلام الرحمن، ينوحون، به عَلَى أنفسهم نوح الحمام، فرحين في خلواتهم لا تفتر لهم جارحة في الخلوات، ولا تستريح لهم قدم تحت ستور الظلمات"

▪︎الباب الثامن
في شوق المحبين إلى لقاء رب العالمين
•"اللهم إني أسألك الرضا بعد القضا، وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر في وجهك، والشوق إِلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة".
وإنَّما قال: "من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة" والله أعلم؛ لأنّ محبة لقاء الله وهو محبة الموت تصدر غالبًا إما من ضراء وهي ضراء الدُّنْيَا، وقد نهى عن تمني الموت حينئذ، وإما عن فتنة مضلة، وهي خشية الفتنة في الدين، وهو غير منهي عنه في هذه الحال.
والمسئول ها هنا الشوق إِلَى لقاء الله غير الناشئ عن هذين الأمرين؛ بل عن محض المحبة، وقد دل قوله تعالى في حق اليهود: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ٩٤] عَلَى أن من كان عَلَى حالة حسنة من الاستعداد للقاء الله؛ فإنَّه يتمنى لقاء الله ويحبه، وأنه لا يكره ذلك إلا من هو مريب في أمره، ولهذا قال: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة: ٩٥] ثم قال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة: ٩٦] فذمهم عَلَى حرصهم عَلَى الحياة الدُّنْيَا.
•قال ذو النون: "إن المؤمن إذا آمن بالله واستحكم إيمانه خاف الله، فإذا خاف الله تولدت من الخوف هيبة الله، فإذا سكنت درجة الهيبة دامت طاعته لربه، فإذا أطاع تولد من الطاعة الرجاء، فإذا سكنت درجة الرجاء تولد من الرجاء المحبة، فإذا استحكمت معاني المحبة في قلبه سكن بعدها درجة الشوق، فإذا اشتاق أدّاه الشوق إِلَى الأنس بالله، فإذا أنس بالله اطمأن إِلَى الله، فإذا اطمأن إِلَى الله كان ليله في نعيم، ونهاره في نعيم، وسِرُّهُ في نعيم، وعلانيته في نعيم".
ولا ريب أن الشوق يقتضي القلق، لكن قد يمنح الله بعض أهله ما يسكن قلقهم من الأنس به والطمأنينة إِلَيْهِ، كما أشار ذو النون -رحمه الله تعالى

▪︎الباب التاسع
في رضا المحبين بمر الأقدار وتنعمهم ببلاء من يخلق ما يشاء ويختار
•قال أبو علي الرازي: "صحبت الفضيل بن عياش ثلاثين سنة ما رأيته ضاحكًا ولا متبسمًا إلا يوم مات ابنه علي، فقلت له في ذلك فَقَالَ: إن الله أَحَبّ أمرًا فأحببت ما أَحَبّ الله".
•قال مردويه سمعت الفضيل يقول: "درجة الرضا عن الله درجة المقربين ليس بينهم وبين الله إلا روح وريحان" قال: وسمعته يقول: "أحق الناس بالرضا عن الله أهل المعرفة بالله"
•فصل انكسار قلوبهم بحب ربهم
قال جعفر بن سليمان: عن مالك بن دينار، قال موسى -عليه السلام-: "إلهي أين أبغيك؟ فأوحى الله إِلَيْهِ يا موسى ابغني عند المنكسرة قلوبهم من أجلي، فإني أدنو منهم في كل يوم وليلة باعًا، ولولا ذلك لانهدموا"
قال جعفر: "فقلت لمالك: كيف المنكسرة قلوبهم؟ فَقَالَ: سألت الَّذِي قرأ في الكتاب فَقَالَ: سألت الَّذِي سأل عبد الله بن سلام عن المنكسرة قلوبهم ما يعني؟ قال: المنكسرة قلوبهم بحب الله ﷻ عن حب غيره"

▪︎الباب العاشر
في ذكر خوف المحبين العارفين وفضله عَلَى خوف سائر الخائفين
•أعظم عذاب أهل النار حجابهم عن ربهم -عز وجل-، ولما كانت قلوبهم في الدُّنْيَا مظلمة قاسية، لا يصل إليها شيء من نور الإيمان وحقائق العرفان كان جزاؤهم عَلَى ذلك في الآخرة حجابهم عن رؤية الرحمن.
•قال بعض العارفين: "من عرف الله في الدُّنْيَا، عرفة بقدر تعرفه إِلَيْهِ، وتجلى له في الآخرة بقدر معرفته إياه في الدُّنْيَا، فرآه في الدُّنْيَا رؤية الأسرار، ويراه في الآخرة رؤية الأبصار؛ فمن لا يراه في الدُّنْيَا بسره، لا يراه في الآخرة بعينه"
•فصل الحياء والخوف من الله
رُوي أن الأسود بن يزيد لما احتضر بكى: فقِيلَ لَهُ: ما هذا الجزع؟ قال: "ما لي لا أجزع ومن أحق بذلك مني، والله لو أتيت بالمغفرة من الله -عز وجل - لأهمني الحياء منه مما قد صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه، فلا يزال مستحيًا منه"

▪︎الباب الحادي عشر
في شرف أهل الحب وأن لهم عند الله أعلا منازل القرب
•قال الحسن: "ابن آدم لا تغتر بقول من يقول المرء مع من أَحَبّ، إنه من أَحَبّ قومًا اتبع آثارهم، ولن تلحق بالأبرار حتى تتبع آثارهم وتأخد بهديهم وتقتدي بِسُنَّتهم وتُصبحَ وتمسي وأنت عَلَى منهاجهم، حريصًا عَلَى أن تكون منهم فتسلك سبيلهم وتأخذ طريقهم، وإن كنت مقصرًا في العمل، فإنما ملاك الأمر أن تكون عَلَى استقامة، أما رأيت اليهود والنصارى وأهل الأهواء المردية يحبون أنبياءهم وليسوا معهم؛ لأنهم خالفوهم في القول والعمل وسلكوا غير طريقهم، فصار موردهم النار، نعوذ بالله من ذلك"

▪︎الباب الثاني عشر
في نبذ من كلام أهل المحبة وتحقيقهم تقوى به القلوب عَلَى سلوك طريقهم
•بإسناده عن أيوب بن خوط عن قتادة قال: "كان في حفرة عتيب شيخ يقال له ميسور بن محمد، وكان لا يقدر أن يسمع القرآن من شدة خوفه وكان يقول: سيد الأعمال: التقوى ثم البذل، ثم بعد البذل الشكر، ثم بعد الشكر الرضا، ثم بعد الرضا التعظيم، ثم بعد التعظيم الحب لله والإجلال له".
ومعنى هذا أن درجة الحب المستحبة التي ذكرناها في أول الكتاب متأخرة عن درجة الشكر والرضا والتعظيم والبذل.
أما الواجبة فإنها تدخل في التقوى، كما سبق بيانه.
•الخوف والحب
كانت حالة العُلَمَاء الربانيين كالحسن وسفيان وأحمد وغيرهم، يظهر عليهم الخوف ولوازمه ويكثر كلامهم فيه ويقل كلامهم في المحبة وظهور آثارها عليهم أيضاً، حتى حذر طوائف من العُلَمَاء ممن يكثر دعوى الشوق والمحبة بغير خوف لما ظهر منهم من الشطح والدعاوي؛ بل والإباحة والحلول وغير ذلك من المفاسد، والله -سبحانه- أعلم
_________________________________________
هجرت الورى في حب من جاد بالنعم ~ وعفت الكرى شوقًا إِلَيْهِ فلم أنم
وموهت دهري بالجنون عن الورى ~ لأكتم ما بي من هواه فما انكتم
فلما رأيتُ الشوق بالحب بائحا ~ كشفت قناعي ثم قلت نعم نعم
فإن قيل مجنون فقد جنني الهوى ~ وإن قيل مسقام فما بي من سقم
وحق الهوى والحب والعهد بيننا ~ وحرمة روح الأنس في حندس الظلم
لقد لامني الواشون فيك جهالةً ~ فقلت لطرفي أفصح العذر فاحتشم
فعاتبهم طرفي بغير تكلم ~ وأخبرهم أن الهوى يُورثُ السقم
فبالحلم يا ذا المنِّ لا تبعدنني ~ وقرت مزاري منك يا بارئ النِّسم
~~~~~~~~~~~~~
حبيب ليس يعدلُهُ حبيب ~ ولا لسواه في قلبي نصيبٌ
حبيبٌ غاب عن بصري وشخصي ~ ولكن عن فؤادي ما يغيب
~~~~~~~~~~~~~
أروحُ وقد ختمت عَلَى فؤادي ~ بحبك أن يحلَّ به سواكا
فلو أني استطعت غَضَضْتُ طرفي ... فلم أبصر به حتى أراكا
أحبك لا ببعضي بل بكلي ~ وإن لم يبق حبك لي حراكا
ويقبح من سواك الفعل عندي ~ وتفعله فيحسن منك ذاكا
وفي الأحباب خصوص بوجدٍ ~ وآخرُ يَدَّعى معه اشتراكا
إذا اشتبكت خدودٌ في دموع ~ تبين من بكا ممن تباكا
فأما من بكى فيذوب وجدًا ~ وينطق بالهوى من قد تشاكا
~~~~~~~~~~~~
هنيئًا لمن أمسى وأنت حبيبه ~ ولو أن نيران الغرامِ تذيبهُ
وطوبى لصب أنت ساكن سره ~ ولو بان عنه إلفه وقريبه
وما ضر صَبًّا أن يبيت وماله ~ نصيبٌ من الدُّنْيَا وأنتَ نصيبهُ
ومن تكُ راضٍ عنه في طي غيبه ~ فما ضره في الناس من يستغيبه
فيا علةً في الصدر أنتَ شفاؤها ~ ويا مرضًا في القلب أنت طبيبه
عُبيدُك في باب الرجا مُتضرعٌ ~ إذا لم تجبه أنت من ذا يجيبه
بعيدٌ عن الأوطان يبكي بذلةٍ ~ وهل ذاق طعم الذل إلا غريبه
تصدَّق عَلَى من ضاع منه زمانه ~ ولم يدر حتى لاح منه مشيبه
غدا خاسرًا فالعار يكفيه والعنا ~ وقد آن من ضوء النهار مغيبه
Displaying 1 - 5 of 5 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.