الرفض، بحد ذاته، عنصر هدم. لكن ما من ثورة جذرية، أو حضارة تأتي دون أن يتقدمها الرفض ويمهد لها، كالرعد الذي يسبق المطر.
فالرفض، وحده، يتيح لنا، في المأزق الحضاري الذي نعيشه، أن نأمل بالطوفان الذي يغسل ويجرف، وبالشمس التي تشرق وراء خطواته.
من يُرِد مستقبله حراً وإنسانياً فلا بد له من أن يحضنه ويهيّئ له بإنسانية وحرية.
في هذا الأفق تولد القصيدة العربية الجديدة. تعانق الحادثة وتتجاوزها. ترفض الواقع لحظة تقبله وتحاوره وتعيشه. تصدر عن الأقاصي في نفس الشاعر، وتحمل الناس معها في رحيلها وتطلعها.
إذاك تبطل أن تكون مجرد مزمار للشعور المفجوع، أو مجرد مرآة للحساسية. تصبح تعبيراً عن ثقل التاريخ، عن كثافته وعبئه، في مناخ من الرفض والحنين، من الرعب والإضاءة.
علي أحمد سعيد إسبر المعروف بـ أدونيس شاعر سوري ولد في 1930 بقرية قصابين بمحافظة اللاذقية في سوريا.
( فيما بعد قام الشاعر الكبير بتغيير اسمه إلى ادونيس تميناً باسم آلهة من ألهات الفينيقيين )
تبنى اسم أدونيس (تيمناً بأسطورة أدونيس الفينيقية) الذي خرج به على تقاليد التسمية العربية منذ العام 1948. متزوج من الأديبة خالدة سعيد ولهما ابنتان: أرواد ونينار.
دونيس (Adonis) هو أحد ألقاب الآلهة في اللغة الكنعانية-الفينيقية، فالكلمة أدون تحمل معنى سيد أو إله بالكنعانية مضاف إليها السين (التذكير باليونانية) وهو معشوق الآلهة عشتار انتقلت أسطورة أدونيس للثقافة اليونانية وحبيبته صارت أفروديت. يجسد الربيع والإخصاب لدى الكنعانين والإغريق. وكان يصور كشاب رائع الجمال. أدونيس لم يعرف مدرسة نظامية قبل سن الثالثة عشرة. حفظ القرآن على يد أبيه، كما حفظ عددًا كبيرًا من قصائد القدامى. وفي ربيع 1944, ألقى قصيدة وطنية من شعره أمام شكري القوتلي، رئيس الجمهورية السورية حينذاك، والذي كان في زيارة للمنطقة. نالت قصيدته الإعجاب، فأرسلته الدولة إلى المدرسة العلمانية الفرنسية في طرطوس ، فقطع مراحل الدراسة قفزاً, وتخرج من جامعة دمشق متخصصاً في الفلسفة سنة 1954.
التحق بالخدمة العسكرية عام 1954, وقضى منها سنة في السجن بلا محاكمة بسبب انتمائه -وقتذاك- للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي تركه تنظيميا عام 1960. غادر سوريا إلى لبنان عام 1956, حيث التقى بالشاعر يوسف الخال, وأصدرا معاً مجلة شعر في مطلع عام 1975. ثم أصدر أدونيس مجلة مواقف بين عامي 1969 و 1994.
درّس في الجامعة اللبنانية, ونال درجة الدكتوراة في الأدب عام 1973 من جامعة القديس يوسف, وأثارت أطروحته الثابت والمتحول سجالاً طويلاً. بدءاً من عام 1955, تكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز للبحث في فرنسا وسويسرة والولايات المتحدة وألمانيا. تلقى عدداً من الجوائز العالمية وألقاب التكريم وتُرجمت أعماله إلى ثلاث عشرة لغة.
حصل سنة 1986 على الجائزة الكبرى ببروكسل ثم جائزة التاج الذهبي للشعر في جمهورية مقدونيا تشرين الأول 1997.
يعتبر البعض أن أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل. فمنذ أغاني مهيار الدمشقي، استطاع أدونيس بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم على توظيف اللغة على نحو فيه قدر كبير من الإبداع والتجريب تسمو على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج أبداً عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية.
استطاع أدونيس أن ينقل الشعر العربي إلى العالمية. ومنذ مدةٍ طويلة، يرشحه النقاد لنيل جائزة نوبل للآداب. كما أنه، بالإضافة لمنجزه الشعري، يُعدّ واحداً من أكثر الكتاب العرب إسهاما ف
هذا كتاب عظيم يستحق الوقوف عنده مطولا ادونيس الثائر منذ بداية الكتاب يتحدث عن الزمن الحديث للشعر ، يرفض التمسك باشكال قديمه لتكون اساس شعر حديث لماذا ؟ اولا لان هذا التمسك ناتج عن عقلية عربيه بنفسية معينه وليس بسبب ادبي ، فالعربب يخاف التغيير لانه منذ نشأته تعود على ان يكون المتلقي لا المكتشف ، عاش ضمن بيئة دينيه حددت له سلفا طريقه في الدنيا والاخره فاعتبر ان التسليم هو اساس التدين وان الرفض تمرد والتمرد يعني النار هذا العربي الذي يرفض شعر ادونيس الحديث بحجة انه لا يفهمه ، اما عدم الفهم فعلة القارئ الذي لا يملك مدى اداركيا كمدى الشاعر وليست مسؤولية الشاعر ان ينزل لمستوى القارئ بل على الاخير ان يتثقف جيدا وان يسلم انه لن يفهم كل شيء ادونيس ينفي عن شعره الغموض ويقول ان الجديد محير دوما لانه شيء بعيد عما ائتلفته النفس البشريه والحل الامثل ان ترفضه وترفض صاحبه .. الشعر منذ القدم كان وسيلة للمدح او الهجاء اي انه كان وظيفة لا شيئا مستقلا ، اي انه موضوعه كان الاخر وليس ذاتية كاتبه ، اي انه نظم سياسي اكثر من كونه ابداعي يرفض ادونيس الشكل القديم لان الشعر ليكون سببا للثوره لا بد ان يكون بذاته ثورة ، فلا يمكن ان تضع مضمونا جديدا ضمن قالب قديم ..ولا يمكن ان تتمسك باشكال محددة سلفا وترضى بان تكون نسخة مقلده من غيرك فقط لان عقلية المحيطين ترى ان السابقين نالوا من العلم كل شيء ولم يبقى لنا نحن الحديثون الا ان نتبع طريقهم .. ان تطلب من الشاعر التخلي عن غموضه والاتجاه نحو البساطه يعني ان تطلب منه ان يصطنع شيئا اخر غير ذاته .. نحن منذ زمن لا نتكلم ، لان الكلام فعل بل الكلام هو اساس واول الفعل ، نحن نكتفي باصدار اصوات بالفاظ ولهذا نحن لا نفعل ..
تعتريني رهبة وحماسة كلّما قرأتُ كتابًا يناقش القضايا الشّائكة الجدليّة في الشعر واللّغة، وهي قضايا قد يحيا المرء معظم حياته في القراءة والكتابة والبحث فيها، ويموت دون أن يجد إجابة شافية أو يكوّن رأيًا قاطعًا يقول عنه الرّأي الصّواب تمامًا. أدونيس في هذا الكتاب يبني أسس أفكاره على قاعدة أوليّة تنبع من روح التجديد وهدم النظام الشّعريّ بلغته وأركانه وخلق نظام جديد يغيّر ويثور، لا يصف التغيير والثورة فقط. فيستخدم أدونيس لغةً لا تحيد عمَّا يريد إيصاله، ويهتاج حينًا ويهدأ حينًا آخر في سبيل توضيح رؤيته تجاه الشّعر المعاصر وكيف يُكتب ولمَ عليه أن يبتعد عن أسس كتابة الشّعر القديم من لغة وأوزان وقوافٍ وغيرها.
أشعر أنّني دخلت قاعةً بدأت فيها مناظرة طويلة، أتّفق مع أفكار فريق فيها وأعارض أفكارًا أخرى له في آن واحد، لكن دوري فيها ما زال دور المستمع- القارئ.
- "والحقّ أنَّه ليس من الضروري لكي نستمتع بالشعر أن ندرك معناه إدراكًا شاملًا. بل لعلّ مثل هذا الإدراك يفقدنا هذه المتعة، ذلك أنَّ الغموض هو قوام الرّغبة بالمعرفة ولذلك هو قوام الشّعر. إلّا أنَّ الغموض يفقد هذه الخاصية حين يتحوَّل إلى أحاجٍ وتعميمات، ولهذا فإنَّ شرطه لكي يظلَّ خاصيّة شعريّة أن يكون إشارة إلى أنَّ القصيدة تعني أكثر ممَّا يقوى الكلام على نقله"
يدافع أدونيس في هذا الكتاب عن الشعر الحديث وعن الغموض فيه، فهو يرى بأن الشعر يجب أن يكون انفعالي وجداني وليس تفسيري عاطفي. يتحدث عن تجديد الشعر العربي وما يجب على الشعراء عمله. كتاب جيد استمتعت بقراءته ولكن لم يعجبني بعض ما فيه من شطحات أدونيسية تعودت عليها من قراءاتي الكثيرة لكتبه.