Jump to ratings and reviews
Rate this book

سكينة ابنة الناطور

Rate this book

333 pages, Unknown Binding

First published January 1, 2014

1 person is currently reading
21 people want to read

About the author

سلمى حداد

7 books5 followers

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
8 (33%)
4 stars
5 (20%)
3 stars
9 (37%)
2 stars
2 (8%)
1 star
0 (0%)
Displaying 1 - 2 of 2 reviews
Profile Image for  عبير   خالد يحيي.
45 reviews3 followers
August 9, 2023
حرية المرأة في أتون السلطة الذكورية
رواية (سكينة ابنة الناطور) للأديبة السورية الدكتورة سلمى جميل حداد أنموذجًا
دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم الناقدة الذرائعية د. عبير خالد يحيي
مقدّمة :
النظام الأبوي أو كما يُعرف باسم البطريركية Patriarchy : هو نظام اجتماعي في العادة يرتكز على العادات والتقاليد, يشكل بمقتضاه أكبر الذكور أو الأب سلطة مطبقة أو جزئية على الزوجة أو أولاد وخصوصًا الفتيات, ويشكّل الأخ كذلك سلطة على أخته أو والدته أحيانًا, وأحيانًا تكون تلك السلطة لولي الأمر.
في البداية استخدام المصطلح في القرن 17 كان له معنى إيجابيًّا يتعلق بالخصال الحميدة لحامل اللقب, ثم تطوّر استخدامه بشكل سلبي, في إشارة إلى القمع الممارس من قبل بعض رجالات الدين المسيحي, حتى دخول القرن 19, عندما استخدمته الحركة النسائية للإشارة إلى خضوع المرأة ورضوخها للذكر.
ولأنها دائرة مفرغة يقلّد الأبناءُ بمرور الوقت الأبَ في التحكّم, فتبدأ بتسلّط الأخ على أخته, ثم أمّه, ثم بعد الزواج يتسلّط على زوجته, ثمّ ابنته, في الوقت الذي يربّي فيه ابنه على أنه وريثه. ويبيت أمرًا تلقائيًّا أن تقلّد الفتاة الأم في خضوعها وضعفها وقبولها بسطوة الرجل, ونتيجة هذه العلاقة التسلّطية يختفي الحوار والنقاش, فيتحوّل الأشخاص إلى آلات تنفّذ ما يطلب منها, المجتمع البطريريكي فيه الرجل كالإله و بينما المرأة نصف إنسان, تخضع لكل سلطة داخل الإطار الهرمي الذكوري الأب – الأخ- الزوج- الإبن.
يشير هذا المصطلح إلى هيمنة الرجال على الأنظمة الثقافية والاجتماعية, وهذا هو الجانب الذي يهمّنا, والذي تناولته الكاتبة في روايتها ملقية الضوء وبشدّة على الحجم الكبير –وأحيانًا المطلق- لهذه السلطة التي يمكن أن تكون من الأب والأخ في الوقت ذاته, بعيدًا عن نيابة أحدهما عن الآخر, والتي تطال الأم والأخت وحتى زوجة الأب, بتفويض أسري يخضع له المجتمع ولو على الاضطرار, فيقبل هذا السلطة حتى لو وصلت إلى حدّ الأذى الجسدي الجسيم, بل حتى لو وصل إلى حدّ القتل في بعض المجتمعات التي لم تحقّق فيها منظمات حقوق الإنسان إلا منجزاتٍ قليلة, ومنها مجتمعاتنا العربية للأسف, والتي يشكّل فيها هذا النظام إشكالية تكون سببًا رئيسيًّا في تخلّفها.


تنويه: هذه الرواية فازت مركز ثانٍ في جائزة دمشق للرواية العربية للعام 2016 تنظيم اتحاد الكتاب العرب السوري في الدورة الأولى للجائزة. والرواية صادرة عن دار الفارابي – بيروت 2014

السيرة الذاتية :
سلمى جميل حداد
أستاذة جامعية سورية حصلت على درجة الدكتوراة في الترجمة من جامعة هيريوت وات في اسكتلندا, وهي تنظم الشعر باللغتين العربية والإنجليزية, وتكتب الرواية بالعربية وتقوم بوضع المعاجم الثقافية العربية والإنجليزية إيمانًا منها بالعلاقة الوثيقة بين اللغة وحاضنتها الثقافية. صدر لها خمسة دواوين بالعربية والإنجليزية كان آخرها ( الرجل ذلك المخلوق المشفّر) عن دار البشائر بدمشق2010, وعدة دواوين أخرى منها:
- أحبك ولكنني – دار الفارابي – بيروت 2015
- جوف الليل – دار البشائر – دمشق 2010
- تسونامي وعروس البحر ( بالانجليزية) – دار طلاس – دمشق 2006
- البجعة البكماء ( بالانجليزية)- دار طلاس- دمشق 2005
- ظلال الماضي ( بالانجليزية ) –دار الفكر – دمشق 2002
وعدة روايات منها :
- أكمليني يا نائلة / دار الفارابي – بيروت 2018
- سأشرب قهوتي في البرازيل / دار نشر الفارابي – بيروت م 2015



سأدرس هذا العمل عبر المستويات الذرائعية التالية :
أولًا- – المستوى البصري و اللساني الجمالي External and Linguistic Level::
نبدأ بـ :
-1المدخل أو الاتجاه البصريExternal Trend :
عمل مطبوع ورقيًّا بالحجم المألوف حاليًّا للرواية, مسطور على حوالي 333صفحة من الورق الأصفر, طباعة جيدة بالمجمل, وخط واضح ومريح, وتنسيق مطبعي جيد, تم فيه مراعاة علامات الترقيم بشكل لابأس به.
الغلاف الأمامي كأوّل عتبة بصرية :
مقسوم إلى نصفين, النصف المنتمي إلى الحاشية الجانبية عبارة عن لوحة فنية تجريدية مرسومة أو مطبوعة على خلفية صفراء فاتحة, نميّز فيها وجه لفتاة تناصف فيه الجمال والشقاء, حصة الجمال فيه عين سوداء واسعة, يعلوها حاجب كالسيف, وأنف يستدق باستقامة لينتهي بأرنبة حادة, تعلو شفاهًا رقيقة. هذا النصف صافٍ بلون الخلفية الأصفر, بينما النصف الشقي تغيب فيه الملامح تحت لون الدم...
ضربات مستقيمة لريشة حملت ألوانًا متصارعة بين الأسود والأحمر القانئ والأخضر الكفني والأصفر المضيء والأبيض الثلجي, تشكّلَ منها شعر الفتاة وصدرها, هذا الصراع اللوني والشكلي البصري معبّر تمامًا عن فحوى وموضوع العمل الأدبي الحاضر بين أيدينا, صراع يتعاضد فيه الحزن والعنف والموت والمرض والجهل والضعف والعجز لقتل الطموح المتوثّب في صدر فتاة تكافح لتحرير نفسها وأمّها وأختها الصغيرة من سلطة أب وأخ أكبر يحاولان كسرها بحرمانها من العلم الذي اتخذته سلاحًا ثم هدفًا للحفاظ على ديمومتها. النصف الثاني من الغلاف, والمتجه نحو الحاشية الحرة جنس العمل ( رواية), يعلوه -وباللون الأحمر - اسم الكاتبة ( سلمى حداد), وتحته باللون الأسود والبنط العريض والمتوسط العنوان : سكينة ابنة الناطور
الغلاف الخلفي: مقطع سردي منتقى من الرواية, تجتمع فيه معظم المستويات الذرائعية التي سأدرس من خلالها هذا العمل, والذي فيه تلخيص وموضوع هذا العمل, أختار منه الفقرة التالية :
حسمت سكينة أمرها وقرّرت أن تدفع فاتورة المعرفة, فزرعت على مداخل أيامها أحلامًا, واستمطرت النور من ثقوب الأبواب وشقوق الغيمات, ومخرت كسمكة فتية عباب المتوسط دون أن تلتفت إلى الوراء. فهل يتركها الوراء تعلق عناقيد ضوئها على أعناق عتمته؟ وهل تتمكّن من نخل شوائب طفولتها عند مداخل أفكارها ومخارجها وهي الناشز عن بيئتها؟ وهل تعيد جدولة أحلامها بعد أن قطفت عسل بعضها على حساب بعضها الآخر؟ وهل ذنبها الوحيد أنها كانت أكبر مقاسًا من محيط خصر بيئتها ؟
يعقب أو يلي ذلك المقطع السيرة الذاتية للكاتبة .
العنوان كعتبة عينيّة ثانية : سكينة ابنة الناطور
جملة اسمية من مبتدأ اسم علم ( سكينة), وخبر مضاف ومضاف إليه ( ابنةُ الناطور).
العمل مقسم إلى تسعة فصول, الفصول السبعة معنونة بأسماء شخصيات أسطورية : أفروديتا- ايروت- بجماليون- نرسيس- سيزيف- باندورا- أخيل. ليأتي الفصل الثامن تحت عنوان : التقمّص بداية أم نهاية؟ ثم الفصل التاسع بعنوان: كل عام وحرّيتي بخير
تجنيس العمل: رواية اجتماعية نسوية, ينتمي للمدرسة الواقعية تحت نظرية الفن للمجتمع.
-2 المدخل أو الاتجاه اللساني Linguistic Trend ::
وهذا المدخل هو مدخل الدوال والمدلولات والمفاهيم التركيبية والجمالية واللغوية و توابعها الاشتقاقية, وحتى تحليلاتها الفونولوجية، والمرفولوجية والسياقية, حسب المنظور البنيوي التواصلي الذرائعي.....
تتحدّد من خلال هذا المدخل:
• الثقافة الأدبية الشاملة للكاتب:
إن أي عمل إبداعي رصين لا بدّ له من أن يعكس ثقافة كاتبه, حيث يسكب الكاتب مكتسباته الثقافية المخزونة في وعاء ذاكرته حبرًا على صفحات عمله الفني, فيغدو بياض الصفحات زئبقًّيا عاكسًا كالمرآة, وكلّما كانت المرآة جيدة الصقل, ومادتها الزئبقية جيدة الطلي, كلما كانت أكثر جودة في نقل رسالة الكاتب للمتلقي, لقد استخدمت الكاتبة من مخزونها الثقافي الجانب الميثولوجي بشكل كبير, ووظّفته في حبك روايتها عبر الفصول السبعة الأولى في روايتها التي تتألف من تسعة فصول, ونجحت على مدار الفصول التسعة في المقاربة بين البطلة وأفروديت, حيث أصبحت أفروديت الهدف الذي تسعى البطلة إلى بلوغه, نستعرض بعض المفردات والجمل والتراكيب الدالة على ذلك, بالإضافة إلى القصص الميثولوجية التي كانت الكاتبة تسوقها في بداية كل فصل:
- نامت سكينة فحلمت بأفروديتا الشقراء تناديها بلغة لم تسمعها من قبل, لكنها فهمت من تعابير وجهها وحركات يديها أنها تدعوها للعيش معها في أعالي جبال قبرص بعيدًا عن أبي جاسم وابنه جاسم.
- كانت أفروديتا إلى جانبي في كل مفاصل حياتي شاهدة عيان على دموعي, ولولا وجودها معي ما تمكّنت من تجاوز الأزمات التي عصفت بحياتي وكادت تقتلعني من جذوري.
- استفاقت سكينة من رحلتها إلى جبال بارناس, معقل إيروت وأبولون ودافنا وشجرة الغار, على صوت تحية العلم القادم إلى أذنيها الغارقتين في الحلم ....
- لقد خيّب الموت رجاءها بعد أن كانت تعقد الآمال عليه بصفته نهاية لعذاب تعجز الحياة عن تطويقه ووضع حدٍّ له, من وجهة نظرها. فهل سيكتب لها الشقاء السرمدي في الممات مثلما كُتب لها في الحياة؟ وهل ستكون نهايتها مثل نهاية سيزيف؟ بيدَ أن سيزيف عاش حياة هانئة واقتصر شقاؤه على الممات!
- هذا ما كان ينقصني, أسدّد فواتير سعادة جاسم وضرائب أنانيته المقززة حتى آخر لحظة من عمري الشقي, فليذهب إلى الجحيم هو وأقارب أمه الشمطاء . الله لا يرحم فيها ولاعظمة ولا مفصلًا , ما جنينا من ورائها إلّا مصائب باندورا.
- ساعديني يا هديل أرجوك! أريد أن أتخلّص من كعب أخيل, لاأريده أن ينتصر علي ّويكون سبب موتي.
- .... سكينة ابنة وليد وأفروديتا وجبال قبرص الشامخة. هديل ! ابتعدي من هنا يا حبيبتي ! لا تقتربي من نرسيس, إنه وغد حقير ! سوف يسلط كلابه عليك.
- اقترحت عليه أن نتحدّث باللغة العربية التي أعشقها فكان أن ندمتُ ندامة الكسعي, وسرعان ما تراجعت عن اقتراحي قبل أن يشنق سيبويه نفسه على أول شجرة نخيل يصادفها لدى سماعه يتكلم العربية.

• المعرفة الأكاديمية بالأجناس الأدبية:

وهذه المعرفة ملموسة من خلال استخدامها وتنويعها بالتقنيات السردية المعاصرة, وقد أكّدت الكاتبة على تلك المعرفة عندما علّلت استخدامها لساردين في العمل, حيث أعلنت على - لسان البطلة- تقسيمها للرواية إلى قسمين, الأول باستخدام السارد العليم بضمير الغائب, والثاني باستخدام السارد البطل بضمير المتكلم, تقول سكينة في حديث بينها وبين صديقتها هديل وهي تطلب منها طبع الرواية ( مذكراتها):
- لقد قسّمتُ مذكراتي إلى قسمين: ما قبل باريس وما بعدها. في الجزء الول استخدمتُ صيغة الغائب و:أنني أتحدّث عن إنسانة أخرى. هل تعرفين لماذا يا هديل؟ لأنني كنت في تلك الفترة سجينة الخوف المقيت, ....... لم أكن أنا, كنت غريبة عن نفسي وعن كل ما يجري حولي,....أما الجزء الثاني فقد كتبته بلسان حالي لأنني كنت قد بدأت حركة التمرّد على الخوف بعد أن انتهيت من معركة إثبات هويتي ....
وعندما تسألها هديل لماذا لا تعود إلى الجزء الأول وتعيد كتابته بلسان المتكلم الراهن لتكون المذكرات مكتوبة بصوت متناغم منزوع الخوف, فالأديبة سلمى حداد تعلن أن بطلتها تكتب ( مذكرات ) والمذكرات ينبغي أن تكون بلسان الكاتب صاحب المذكرات, تجيبها سكينة بسؤال فلسفي وجوابه المباشر, ويعقبه تعليل:
- وهل يعكس كل واحد منا صوتًا متناغمًا واحدًا في مسيرة حياته كلها؟ في جوف كل منا تقبع أوركسترا من الأصوات المتناحرة على السيادة والأصوات التي سقطت بالتقادم . لا أريد أن أكون استثناء من التناقضات البشرية, فأنا في النهاية إنسانة عادية مرّت بالكثير من الخوف, وأريد أن تعكس مذكراتي هذا الخوف بكل صدق وشفافية بعد أن تحرّرت منه. كما أنني لا أريد أن أخدع قرّائي بأن أسقط تجربتي وقوّتي الحاليتين على مرحلة من حياتي لم أكن أتمتع فيها بتلك الدرجة العالية من الخبرة والشجاعة !

تكلّمت عن التناص في تحليل ( نقد ) القصص, والدراسات المقارنة لتكشف لنا عن الذات الناقدة :
- جمعت الكثير من المعلومات حول قصص الأطفال في اللغة العربية, وأنهيت الفصل المتعلق بالتناص في القصص التي قمت بتحليلها.
- كنت مشغولة بالتدقيق ببرنامج المؤتمر الذي يقيمه قسم اللغة العربية في شهر تشرين الثاني من العام نفسه تحت عنوان: قصص الأطفال في اللغتين العربية والفرنسية دراسة مقارنة

• البنية اللغوية من مفردات وتراكيب وسياق:
إن المفردات والألفاظ التي استخدمتها الكاتبة سهلة ومتداولة, مفهومة وبعيدة عن الحاجة لاستخدام القاموس للوقوف على معانيها, إلّا أن البراعة كانت في نظم تلك الألفاظ والمفردات في التراكيب والجمل, فقد اعتنت الكاتبة بالنظم وكأنها تشكّل جملها عبر اختيار مفردات متجانسة وتنضيدها بتركيب سحري لا مجال فيه للخطأ النحوي, بل صورة ناطقة وحيّة وكأننا نرى المشهد مرأى العين, لننظر إلى التركيب التالي :
رنّ جرس الهاتف, فانتصبت أعصاب وليد كما المسامير. انقضّ على السماعة انقضاض النمر على فريسته, رافعًا إياها إلى أذنه بسرعة الإعصار.
نلاحظ أن المفردات من أفعال وأسماء في غاية البساطة والسهولة ( رنّ- انتصبت- انقضّ- جرس الهاتف- أعصاب- المسامير- السماعة- النمر – فريسته- الإعصار ) نظمتها الكاتبة في جملة فعلية نظامية ( فعل وفاعل) أتبعتها في الجملة الثانية بحرف جر( الكاف) الذي يفيد التشبيه و( ما) المصدرية ( كما المسامير), الثالثة بالمفعول المطلق ( انقض انقضاضَ النمر ), والجملة الأخيرة ( رافعًا إياها إلى أذنه ... ) جملة اسمية حالية. هذا النظم والنحو الذي تتميز به اللغة العربية هو أوضاع سحرية تنتظم بها المفردات بتجانس وتوافق وتناغم جميل جدًّا, يجعل الكلام كائن حيوي نشيط محسوس بكل الجوارح.
هناك بعض الألفاظ التي اقتربت من اللهجة الدارجة بقصدية إضفاء الواقعية المعاصرة:
مثل : ( جاكيت شاموا- مثل بيضة الديك- بنطالَي جينز- ستايل- عيرة بعيرة- الكرسون- سبع البرمبو- الكاسيتات, تبولة, استبنة, شطّي مطّي- قباقيب غوار .....)
وهناك حوار أوردته الكاتبة باللهجة الدمشقية على لسان ( هديل) وهي تتحدّث على الهاتف من باريس مع ابنها ببيروت, العمل الأدبي نقديًّا يجب أن يرتقي باتجاه الرقي اللغوي, انطلاقًا من المبدأ الذرائعي (الأدب عرّاب المجتمع) أي على الأديب واجب تشذيب ذوق المتلقي بحوار أو بأسلوب سهل ممتنع مبسّط, لكن لا يتجه نحو المحلّية اللغوية, لأن المجتمع العربي يرتبط بلغة واحدة ويختلف بمئات اللهجات, لكن على اعتبار أن ذلك لم يرد بحوار وإنما ورد في انعطاف حَدَثي جلب انتباه قلم الكاتبة نحو اتجاه اجتماعي يرتبط بخيوط الوطن البعيد, حيث أشارت الكاتبة إلى ذلك قبل أن تورد الحوار:
سمعتها تتحدّث إلى طفليها بطريقة مشبعة بالأمومة حسدتها عليها وعليهما...... وكانت العبارة الدمشقية
"تقبرني يا ماما اسمع الكلام ولا تعذب تي تي" تكاد تتردّد على لسانها بعد كل جملة.
الأهازيج والأغاني المدرسية النمطية, أيضًا أتت بها الكاتبة باللهجة المحلية, ولكنها نقلتها ضمن أقواس :
" يا شوفير ادعاس بنزين على المية وتسعة وتسعين, يا شوفير دوس دوس الله يبعتلك عروس حلوة بيضة من طرطوس ما بتاكل إلا مكدوس- "
" قِيم سطُول وحطّ سطول الشعب الوَرّاني مسطول "
وكان لأغاني عبد الحليم حافظ حضورها الفني العربي المميز في البيت الباريسي:
أنا كنت هواه وحبيبو روحي وقلبي حواليه لو كان الدمع يجيبو كنت أبكي العمر عليه
ضي القناديل والشارع الطويل
ظلموه ظلموه القلب الخالي ظلموه
أيضًا أوردت الكاتبة أمثالًا شعبية :
( الرجل بالبيت رحمة ولو كان فحمة- يعني نكاية بالطهارة......- أميّ لا يعرف كوعه من بوعه....)

• البنية الإشارية ( الدلالة والمفهوم ):
من يقرأ هذا العمل سيجد العديد من الدلالات ومدلولاتها الكثيرة التي تبقى في مراوغة مستمرة داخل حيّز التأويل, ولا يوقف مراوغتها إلّا المفهوم الذي يؤطّر المدلولات المرئية المدركة بالحواس الخمس وهي محدودة, وغير المرئية ( الخيال والرمز ) غير مدركة بالحواس وهي غير محدودة, وهذا التأطير يكون في الفسحة الإيحائية في الدماغ, فالمفهوم يشمل المرئي وغير المرئي بفرق أن صورة المرئي وغير المرئي تكون مفهومة من الدماغ مسبّقًا. لنأخذ الفقرة التالية كمثال:
لم يكن ما تشعر به جوعًا للأكل بل نهمًا للأمان الذي كان وما يزال يتمثّل لها بصورة الرجل ابتداء بالأب مرورًا بالزوج, وربما الابن حين تصبح عجوزًا. لقد أسدى أبو جاسم وابنه الأغر أكبر معروف لي حين قزّما صورة الرجل في ذهني إلى أقصى الدرجات, فعشت حياتي بعيدة عن رومانسية تشييد تماثيل الفروسية, أما الأستاذ وائل فقد دمّر حياتها حين أدى دورًا أبويًّا رائعًا فما كان منها إلا أن كافأته, لا شعوريًّا, بأن نحتت له, وبالتالي لكل رجل يدخل حياتها من بعده, تمثال فروسية برتبة خيّال. لم تكن لتدرك أن زمن الخيول التي تحمل على ظهورها الفرسان قد ولّى إلى غير رجعة, وأنه يتعيّن عليها أن ترضى بالواقع المرير وتتوقف عن تفصيل بذلة رجالية واحدة لكل المقاسات .
الدلالة: صورة الرجل .
عقدت الكاتبة مقارنة عن عن صورة الرجل بذهن امرأتين, إحداهما ( سكينة) وقد عانت من تسلّط الرجل عليها ( أب – أخ) حدّ الاعتداء, ما جعلها تفقد أمانها معه, فما عادت تنشده عند غيره, وبذلك فقدت رومانسيتها, لإيمانها المجمل بأنه لا يوجد رجل يملك ( الأمان) ليعطيه, وبين المرأة الثانية (هديل) التي تنعّمت بذلك الأمان عند أبيها, فظنّت أنها ستلقاه مع أي رجل قد ترتبط به, ما أوقعها بين فكي إشكالية, الرومانسية الحالمة بمواجهة المزاجية الرجولية الواقعية مع أول رجل ارتبطت به, تزوّجت منه وخانها مع أخرى, ففقدت أمانها.
المفهوم : المغالاة في ذات الأمر( صورة الرجولة), السلب المطلق والإيجاب المطلق, والنتيجة التي قادت إلى الشطط .
فالأولى : قزّمت صورة الرجل بخاصية الرجولة ( الأمان) بذريعة تجربتها الشخصية الواقعية, فألغت رومانسيتها.
والثانية : عملقت صورة الرجل الرمز برومانسيتها, فطُعنت في أمانها على أرض الواقع.


• البنية الجمالية ومتعلقاتها البلاغية – علم البديع وعلم البيان
كثرت الصور البيانية وخصوصًا التشابيه والاستعارات في الرواية, نستعرض بعضها:
- مشاعرها تجاه جاسم كانت متداخلة ككرة صوف أوقعها حظّها العاثر بيد حائكة خرقاء (تشبيه)
- نظرت سكينة إلى يدي أم مرزوق فرأتهما كأشجار دُلب الخريف ( تشبيه)
- انهمرت العتمة باكرًا في المساء, فلفّت خيوطها جدران البيت الصغير ( استعارة)
- كانت تسبح شبه عائمة في بحر من الأفكار السوداوية حينًا والملونة أحيانًا حول المحيا والممات ( استعارة)

ثانيًا -المستوى الأخلاقي Moral Level

إن الأفكار هي نتاج ما أثمر من بذور منغلقة على مدخراتها, ملقاة في تربة العقل, لا ندري مسبّقًا مستوى الجودة فيها, فإن أنتشت وأثمرت, بان الغث من السمين, وأفكار الكاتب أو الأديب حينما يطرحها على الورق تكون رسالته المكتوبة والمقرورة التي تشهد له أو عليه, يذرّها على ما تطهوه الحياة في وعاء الإنسانية, ويحرّك المغرفة لإنضاج الطبيخ, وذُرورُه إمّا مطيّبات تسهم في إزكاء الطعام الإنساني, أو سموم تقتل من يتذوّقها, ولذلك تعتبر مسؤولية الكاتب عن أفكاره مسؤولية كبيرة, ويجب أن تكون محكومة بأخلاقيات الإنسانية, وبتلك الرسالة الإنسانية نجّاه الله من مصير الشعراء والغاوين, ولن يستطيع الأديب أن يصارع شرور المجتمع لكنه يستطيع أن يحصرها في أضيق مكان ممكن بأدبه وأخلاقياته, فلا ينشر الإباحية, ولا يروّج للأفكار المنحلة, فالإبداع لا يكون في حرف فاجر, وإنما في كلمة طيبة, والمتعة الفنية لا تكون في عمل رخيص يكون مدعاة للتفكك الأخلاقي والانحرافات النفسية, وإنما في عمل قيّم يلقي الضوء على الآفات الاجتماعية ويحاول معالجتها قدر الإمكان, أو على الأقل يحيلها على مؤسسات مجتمعية لتتحمل مسؤوليتها, "لذلك فإن أفكار الكاتب لا بد لها من خلفية أخلاقية تصون الأدب من الانحراف وتحارب الإسفاف والتحلل الأخلاقي في الأدب ..... وهذا ما تدعو له الرؤية الذرائعية بمستواها الأخلاقي المتمثّل في" :
1- البؤرة الفكرية الثابتة أو التبئير الفكري Static Core:
تطرح الكاتبة في هذا العمل موضوعًا اجتماعيًّا يعتبر من أبرز الآفات الاجتماعية التي ما تزال تفتك بالكثير من المجتمعات العربية رغم دخولنا عتبة الألفية الثالثة للميلاد, وهو موضوع السلطة الأبوية الديكتاتورية وسلطة الأخ الأكبر, هذه السلطة المترافقة بالعنف الأسري والأذى الجسدي والنفسي, والجهل والتجهيل, والآثار المصيرية السلبية المتولّدة عنه, وتدعو الكاتبة وبشكل فعلي وعبر بطلتها إلى مقاومة هذه الآفة, على اعتبار أن النفس الإنسانية أمانة الله عند الإنسان, وعليه أن يحافظ عليها بضمان عزّتها وأمنها وكرامتها وسلامتها ضدّ كلّ من يحاول الاعتداء عليها تحت أيّ مسمّىً كان.

2-الخلفية الأخلاقية للنص أو الثيمة :Theme or Moral Background
ولم تتعرّض الكاتبة بأي كلمة بذيئة بحق الأب, وإن عابت عليه أفعاله المشينة بحق أمّها وحقّها, وكانت متوازنة في كيل دواخلها الكارهة لأفعال وتصرفات أخيها المستغل الأرعن. كما طرحت موضوع دعم المؤسسات الاجتماعية التي تُعنى بالمُعنّفين أسريًّا, عندما أوصت بطلتها أن يكون ريع روايتها التي ستنشر بعد موتها وقفًا لمؤسسات اجتماعية تُعنى بالمُعنّفين أسريًّا. ومن خلال قراءاتي لثلاث روايات للأديبة سلمى حداد وجدت أنها كاتبة تُعنى بالهمّ الإنساني الاجتماعي, استراتيجيتها مشبعة بالظلم الاجتماعي الواقع على المرأة العربية بشكل خاص, ابتداءً من المحيط الأسري وانتهاءً بالمجتمع.
ومن هذا المستوى الأخلاقي وبؤرته الستاتيكية أنطلق إلى باقي المستويات, إلى المستوى الديناميكي:

ثالثًا– المستوى الحركي في التحليل Dynamic Level:
ندرس في هذا المستوى التجربَتَين السردية والجمالية .
 التجربة السردية : من خلال دراسة:
-1التشابك السردي وعناصره التالية:

1- العنوان : سكينة ابنة الناطور
قد يبدو العنوان ل��وهلة الأولى وكأنه عنوان لفيلم أو مسلسل مكسيكي أو تركي مدبلج للغة العربية, يكون فيه اسم البطلة أو البطلة متصدّرا بالعنوان, ولكن من يقرأ الرواية سيستنتج أن العنوان يلخص تلخيصًا متقنًا موضوع الرواية الذي دار بين قطبين ( المبتدأ والخبر), أولهما (سكينة) التي لم يكن لها من اسمها نصيب في الحياة, فلم يعطها القدر من السكينة إلا الاسم, والقطب الثاني هو ( الناطور) الذي انتمت له سكينة بالبنوّة, والذي كان القطب السلبي الذي لم تستطع (سكينة) الإيجابية القطب إلّا أن تنجذب إليه مكرهة, قد جاهدت حتى تخرج من مجاله المغناطيسي, متجهة نحو القطب الشمالي ( إلى فرنسا), حتى ظنّت أنها تحرّرت منه إلى الأبد, لكن القدر شاء أن تموت سكينة وهي مستكينة إلى انتصارها, ولو قُدّر لها أن تحيا ستصاب بالخيبة, لأن الناطور كان أوّل من ورث تركتها التي حرصت كل الحرص- وهي تتخذ تدابيرها القانونية قبل وفاتها – على ألا ينال - لا الناطور ولا ابنه جاسم- أي شيء منها.
2- الاستهلال أو المقدمة : مقدمة زمانية فقط , نيسان 1975
3- الزمكانية : زمن الرواية الأحداث امتد من العام 1975 وإلى ما قبل نشر الرواية بحوالي سنتين, أي للعام 2012, وهذا ما أكدته هديل في الفصل الأخير :
مضى عامان يا سكينة, وها أنذا في يوم رأس السنة أسند ظهري إلى شاهدة قبرك وأتحدّث إلى حجر ...
أما المكان : في مدينة دمشق ( مدرسة جواهر المستقبل – مزة فيلات غربية – بيت الناطور- دار النشر بالبرامكة- جامعة دمشق – الحميدية محل بكداش...)
ومدينة باريس( البيت – جامعة السوربون- ساحة التروكاديرو- حديقة وقهوة لوكسمبورغ ....)
Displaying 1 - 2 of 2 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.