هذا الكتاب حفرية كشفت عن سكة حديد ميثولوجية عريضة جداً، تنطلق من عند أبي الهول في جيزة مصر، قاطعة فلسطين والشام كلها، مارة بسومر وبابل والعراق، واصلةإلى مكة وكعبتها الجاهلية، منتهية بسبأ اليمن. سكة حديد ذاهبة راجعة، تربط المشرق العربي بأكمله ربطاً محكماً لا لبس فيه، صانعة منه منطقة ميثولوجية- دينية واحدة، وضمن هذه المنطقة، يركز الكتاب بشكل خاص على العلاقة بين ديانة الأهرام وديانة مكة قبل الإسلام، اللتين هما من حيث الجوهر الديانة ذاتها. فكما كان إيزيس وأوزوريس يجلسان على عرشيهما في مدن مصر القديمة، فقد كانا يفعلان ذلك أيضاً في مكة الجاهلية، ومدن الجزيرة العربية الأخرى، لذا فهذا ليس كتاباً للقراءة فقط، إنه رحلة شيقة على هذه السكة لاطويلة لإمتشاف عوالمها المدهشة الغريبة.
الكتاب عبارة عن محاولة فهم لديانات بنو البشر قبل الاسلام، تلك الفترة التي تعتبر جاهلية لا يمكن تجاهل الانسان من الناحية الدينية و الميثولوجية فيها
يبدو ان الكاتب يسرد لنا عن ان مفهوم التوحيد كان حاضرا لدى الانسان لكن القدرة على الفهم هي التي استغرقت زمنا لجعله مستعدا لفهم " الله " مجردا بلا وسائل ووسائط له
يعرض الكتاب لنا اساطير متعلقة بالعصور التي سبقت الاسلام، متجاوزا مشاكل التدوين المتأخر و الترجمات و التصحيف و الاستنباط من التاريخ محاولا ربط كل ديانات العالم في تلك الفترة بالهين اثنين للاشارة لوحدة العالم و وحدة توجه التفكير العقدي للبشر
اضاء لي الكتاب جزءا هاما من تاريخنا و طريقة تفكيرنا لم افكر يوما بالاطلاع عليها و السؤال الان كيف يمكن توظيف هذه المعرفة في واقعنا الحالي
يقول هيرودوتس إن العرب يعبدون إلهين فقط لا يعبدون سواهما، ديونيسيوس (وهو في لغتهم أوروتال)، وأورانيا (وهو في لغتهم أليلات). الكتاب محاولةٌ لإعادة الاعتبار لهذا التصريح؛ إذ إن سامع هذه العبارة للوهلة الأولى، يغلّط قائلها مباشرةً بلا شك، إذ إن ديانة العرب في تصورنا عمومًا هي فوضى أديان وآلهة، وعبادة لمئات الأصنام. وهذا راجع لعدة أسباب، منها: انعدام المصادر الأدبية من ذلك الوقت انعدام الآثار تقريبًا ندرة النقوش إلغاء الإسلام لما قبله
انتقى الباحث، من النصوص الدينية، والنصوص الأدبية، مجموعةً كبيرة من الأساطير والقصص، وحاول أن ينْظِمها في نظامٍ واحد: أن العرب (والمنطقة كلها) كانت تعبد إلهًا واحدًا بمظهرين صيفي وشتوي، عادة ما ينتظم هذان المظهران في ثالوث، طرفاه مذكّران ووسطه مؤنث.
ينطلق الباحث، لتأصيل نظريته، من معبد مكة الجاهلي (باعتباره قلب الديانة الجاهلية)، فالإلهان (مجاور الريح) و(مطعم الطير) المنصوبان على الصفا والمروة، أحدهما من طراز (صيفي، فيضي، ذو نغمة كونية عالية)، والآخر (شتوي، قارّ، ذو نغمة كونية منخفضة)، بينما الكعبة -التي كانت معبدًا للعزى- هي الحد الأوسط بينهما.
ثم يعرّج على مجموعة من القصص/الأساطير المبثوثة في تراثنا في كتب التاريخ والأدب وغيرها، ويحاول تفسيرها كما فسر وجود (مجاور الريح) و(مطعم الطير). قصص مثل قصة (الزبّاء مع جذيمة، زرقاء اليمامة، حرب البسوس، أهل الكهف، أبورغال، آلهة قوم نوح المذكورين في القرآن، وغيرها من القصص).
ثم يربط ذلك النوع من العقيدة (عبادة ثالوث حدّاه مذكران ووسطه مؤنث) بعبادة إيزيس وأوزيريس في ما سمّاه "ديانة الأهرام". فأوزيريس كان يُعبد في مظهرين، يبدو في أحدهما ميتًا (شتوي) ثم يُبعث في المظهر الآخر (صيفي)، وإيزيس هي الحد الأوسط.
الكتاب كبير (608 صفحات)، وفيه عرض لعدد كبير من القصص والأساطير العربية وغيرها. منها قصص لم أرها تُتَناول من قبل تناولًا ميثولوجيًّا، بل كانت تُتَناول أدبيًّا أو تاريخيًّا. وهذه نقطة إيجابية في منهجية الباحث، وهي تقديم التفسير الميثولوجي للأمور الدينية (قصص، طقوس، مباني دينية..إلخ) على غيره من التفاسير (التفسير الاجتماعي، الاقتصادي، المعماري..إلخ).
ملاحظات على الكتاب: -المبالغة في ليّ أعناق النصوص لتفسيرها تفسيرًا ميثولوجيًّا. أحيانًا يعسر الذهاب مع تفسيرات الباحث إلى نهايته، لعدد من القصص.
-ادعاء الوحدة في أديان المنطقة أمر صعب، ودعوى عريضة، تجعل الباحث، في كثير من الأحيان يعتسف في تحليلاته للنصوص.
-الباحث يستنطق النصوص بما يريدها أن تقوله. إذ هو يعتمد بشكل أساسي في استنتاجاته، على التحليل اللغوي لكلمات النصوص التي يعالجها. وهو إذا لم يجد ما يريده، في الجذر اللغوي العربي للكلمة، فإنه يذهب إليه في لغات أخرى (العبرية، المصرية القديمة، الفارسية، اليونانية..) و"يجده" هناك. هذا يجعله، في كثير من الأحيان، يفسر كلمات في سياقات بلغة، بمعناها في لغة أخرى. وهذه عنده منهجية مطردة.
-ربط قصص وأساطير متباعدة بروابط من مثل "يشير إلى"، "مرتبط بكذا"، "يتعلق بكذا"، مما سبق وقدم له. وهذه روابط فضفاضة.
-المبالغة في اعتبار كل كلمة من كلمات الحكايات والأساطير والشعر والأمثال، العربية وغيرها. ونحن نعلم أن هذه القصص تنوقلت شفهيًّا لفترات طويلة، وأذهان النقلة تزيد فيها وتنقص منها.
-لو صحت كل تلك الترميزات والاختصارات اللغوية التي يستخرجها من النصوص، فهذا يعني أن السابقين كانوا على قدرة ثقافية معرفية تتجلى في تكثيف المعرفة في اختصارات ورموز، بشكل لا يجارى!
-اعتراض أساسي في تصوري الشخصي، يواجه جوهر فكرة الكتاب، يجعل من الصعب أن يكون ما تصوره الباحث عن ديانة الجاهلية صحيحًا تمامًا؛ هو أنني لا أتصور أن يكون الإسلام قد غير من الديانة الجاهلية إلى هذا الحد بحيث يكون -الإسلام- شيئًا مختلفًا جملةً وتفصيلًا عما سبقه (نحن نعرف من القرآن أن المخاطَبين كانوا يعبدون الله، ويصلّون صلاةً ما، ويحجّون بشعائر تكاد تطابق حج المسلمين اليوم إلا قليلًا، وعند بعضهم على الأقل قامت تصوراتٌ مثل الجنة والنار، القيامة والبعث والنشور، الأنبياء والملائكة، كتب الأنبياء وقصصهم مع أقوامهم، أمور الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والعِدد واللعان والإيلاء والظِّهار والمواريث وغيرها؛ وغير ذلك كثير، إذ لا يُعقل أن يكون قد خاطبهم بما لا يفقهون! صدور الكلام من المخاطِب يعني وجود معناه في ذهن المخاطَب، اللهم إلا أن تكون كلمات معدودات)؛ أضف إلى ذلك أن القرآن لا يحكي من تفاصيل ذلك -إلغاء ما تصوَّره الباحثُ ديانةَ العرب- شيئًا! إلا ما استنتجته الباحث بشكل غير مباشر من مواضع في القرآن نادرة جدًّا! بينما نرى القرآن يجادل في أمور أخرى كثيرة، ويسهب في شؤون هي أقل خطرًا بكثير من أصل الديانة وأساس المعتقد.
-نقل الخبر من غير مظانّه، كنقل الأحاديث النبوية من كتب الأدب.
-أحيانا تكون الصلة بعيدة بين المقدمات التي يقدّمها والنتيجة المتوصل إليها. يصل الأمرُ أحيانًا حد الدروشة، عندما يسترسل الباحث مثلًا في فكرة ما، ويستعين على ذلك بالأرقام وقياس بعض المسافات بين النجوم والأهرام، ويربط ذلك بالمسافة بين أخشبَي مكة والصفا والمروة!
عمومًا، الكتاب يستحق القراءة والاطلاع عليه للمهتم بموضوعه، ولا ينكَر للكاتب سعة اطّلاعه وتنوع مصادره (العربية خصوصًا). وجهده في محاولة جمع شتات ما تفرق في تلك المصادر، لوحده، كافٍ لاعتباره وشكره.
في نيّتي إكمال الجزئين الآخرين في هذه السلسلة (ذات النحيين) و(كتاب الحمس والطلس والحلة). الكتب في هذا الموضوع قليل، وكل كتاب يمكن أن يعلّمنا ما لم نكن نعلم.
يرى المؤلف عالمًا من الفوضى فهناك العشرات بل المئات من الأصنام و الآلهة عند العرب قبل الاسلام التي لا رابط بينها . و يقول لنا ان هدف كتابه هذا فرض نظام على هذه الفوضى و اكتشاف نظام خلف الفوضى بشأن اديان العرب في الجاهلية. و يضيف ان يسعى إلى إلى اعادة الاعتبار لتصريح شهير لهيرودت بأن العرب يعبدون إلهين فقط، لا يعبدون سواهما.
أستطيع أن أقول أن كل ما جاء في هذا الكتاب هو هراء في خراء وقد كنت متحمساً لصدور كتاب يهتم بالميثولوجيا العربية ولكن للأسف وجدت كتاباً لم يغني الميثولوجيا العربية ولا ذرة بل أنه عمل على الإجهاز عليها وعجيب أمر هذا الشاعر المتطفل على الميثولوجيا والأركيولوجيا كيف أنه يرجع الميثولوجيا العربية بل والشرق-أدنوية إلى مصر وكان المفروض عليه -لأنه أمر بديهي- أن يرجع الميثولوجيا العربية إلى أصلها السامي المتمركز في العراق والشام ومن العجائب التي جاء بها أن اللات ومناة هما إلهين ذكرين وهما أوزوريس في طوره الشتوي القار والصيفي الفياض من غير أن يأتي بأي دليل سوى هذياناته وتلاعباته اللغوية التي لا تغني ولا تسمن من جوع وهو بذلك لم يخالف فقط الأركيولوجيا وعلم اللغة العربية وعلم اللغة المقارن والميثولوجيا وعلم الأديان والتاريخ والتفسير والتراث والثقافة العربية بل -وهذا هو الأهم - خالف نص القرآن الكريم الذي يقول:((أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى
وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى
أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى
تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى)) وهو كي يستطيع أن يطرح خزعبلاته التي لا تستند إلى عقل ومنطق هاجم المستشرقين الذين يعتمدون على العقل والعلم لأنهم أبناء حضارة علمية فقال أن المستشرقين لم يفهموا الميثولوجيا العربية ! بل أن حضرة المتطفل زكريا محمد هو فقط من فهم هذه الميثولوجيا ف(شيع القوم) الذي قال المستشرقين بأنه إله القمر والليل وحماية القوافل الذي لا يشرب الخمر معتمدين بذلك على أدلة النقوش ومعرفتهم الكبيرة باللغات السامية ومعروف أن العربي جاهل باللغات السامية بل باللغة العربية القديمة(لغة النقوش) ولذلك قال زكريا محمد أن المستشرقين مخطئين فهذا الإله ليس إسمه (شيع القوم) بل أن إسمه هو (شياع القمء) أي (مزمار نغمة الكون الخفيضة) بدون أي دليل سوى ألاعيبه اللغوية الرديئة ويمكننا نحن أيضاً أن نتلاعب باللغة فنُقيّم مجمل عمله بأنه (شياع القيء) وهناك آلية يعتمدها هذا الشاعر المتطفل هي قطع أعناق وأرجل النصوص حتى تتلائم مع فرضياته الهذيانية وان بروز هكذا أنواع من الكتب ككتب كمال الصليبي وفاضل الربيعي وزكريا محمد لهو دليل على تخلف العرب وتراجعهم في مجال البحث العلمي وتركهم الإعتماد على العقل والعلم والدليل ولج��ئهم إلى الألاعيب اللغوية فيخدعون أنفسهم أولاً وقرائهم ثانياً وهم بذلك يضحكون على الذقون