الكتاب بدأ كمحاولة مناظرة بين عضو من منتدى أهل الحديث مع محمد مختار الشنقيطي صاحب كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة"، إلا أن سوء تفاهم في بداية المناظرة أدى لانسحاب مختار الشنقيطي منها، واستمر عبد الله الشنقيطي في نشر ردوده تباعا. وقد نقحت مداخلات عبد الله الشنقيطي وأبو حاتم الشريف (عضو آخر بالمنتدى) ليخرج هذا الكتاب.
الكتاب ينقسم إلى جزأين، تعليق عبد الله الشنقيطي، وهو أغلب الكتاب، ثم تعقيب أبو حاتم الشريف.
الجزء الأول لعبد الله الشنقيطي ينقسم إلى 12 فصلا سمّاهم وقفات: في الوقفة الأولى بعنوان "تسويغ المؤلف للسب دون الطعن": وكان الرد هنا قويا حيث أثبت الكاتب أن السب قد لا يعني اللعن بعكس ما قال صاحب كتاب الخلافات. ولكنه جعل ذكر زلات بمثابة سب للصحابة، ومن ثم كان بعض المقولات العنيفة المتحاملة مثل: "ليس القصد من هذه النقول هنا الرد عليها، وإنما المقصود منها إثبات أن محمد بن المختار الشنقيطي ألّف كتابه من أجل سب الصحابة وتنقصهم وقد فعل ذلك شاء من شاء وأبى من أبى".
وأغلب وقفات الكتاب الأخرى تتكلم عن فضل الصحابة وعدالتهم والنهي عن سبهم وبغضهم، وفي ذلك ذكر الكاتب مقولات كثيرة لأئمة السلف، وفي بعض الأحيان كانت النقول طويلة ومكرر معناها حتى كانت بعض الاقتباسات تبلغ صفحة كاملة ويتكرر الاقتباس في عدة فصول. بيّن الكاتب أن أغلب أئمة السنة على المسك عمّا شجر بين الصحابة وعلى كراهية ذكر ما جرى بينهم، ولكن في أحد اقتباساته يقتبس من الإمام الذهبي الذي يقول: " وقد رخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم" .. وهو ما اشترطه صاحب كتاب الخلافات وذكره من قواعده. في فصل "مصادر الكاتب البحثية" يعدد المؤلف كتب المستشرقين والعلمانيين التي تتناول موضوع الفتنة بين الصحابة بدون ضوابط وآداب شرعية، ثم يقول أن تلك الكتب هي مصادر الكاتب البحثية. ثم في نفس الفصل يدعي على الكاتب شيئًا لم يقله، فيقول " وفي الكتاب رائحة العلمانية ويتضح ذلك من جعله الخلافة منصبا دنيويا وكل من يطلبه يطلبه من أجل الدنيا"، ثم يبدأ من هنا بعرض أقوال العلماء في أن الخلافة منصب ديني وليس دنيوي. وكأن هناك خلاف أن منصب الخليفة منصب دنيوي وغير ديني!
وفي الفصل السادس يتحدث الكاتب عن جهل مؤلف كتاب الخلافات بالقواعد الحديثية، وليس لي علم هنا لأقيم رده. ولكن نقده هنا انقسم للإشارة لأخطاء فنية في علم الحديث كتقديم كتب التاريخ على كتب الأصول في تخريج الأحاديث. ونقد أيضا صحة بعض الأحاديث التي أوردها المؤلف، ولكن الشاهد أنها بضعة أحاديث من جملة ما جاء في كتاب الخلافات.
ثم أورد الكاتب في الفصل السادس نقدا طويلا لجزء "ويح عمار تقتله الفئة الباغية" حيث أشار مختار الشنقيطي أنه في البخاري، والحقيقة أن هذا الجزء من الحديث غير موجود في نسخ البخاري الأولى، ومن ثم اتهم الشنقيطي بالتدليس. ولكن رد عليه في أبو حاتم الشريف في آخر الكتاب أن كثيرا من علماء الأمة نقلوا هذا الجزء من البخاري وهم ليسوا مدلسين، وأن الحديث موجود في مسلم وفي كتب حديثية أخرى بطرق صحيحة. ودافع المؤلف عن يزيد بن معاوية وذكر أنه عابدًا تقيًا، وهو ما استنكره صاحبه أبو حاتم الشريف في آخر الكتاب. من الأجزاء التي رد فيها المؤلف بقوة، هو في بيانه أن "عبد الله بن سبأ" شخصية تاريخية حقيقية، وليس خيالية كما قال الشنقيطي صاحب كتاب الخلافات. اعتقد أيضا أن الكاتب قد وفق في فصله التاسع "الرد على ما نسبه الكاتب إلى شيخ الإسلام". وفيه الرد على أن شيخ الإسلام يعتقد أن القتال كان على الحكم بعد واقعة التحكيم.
اعتقد أن من أسوء فصول الكتاب، فصل "مصطلحات الكاتب الشرعية"، وفيه ينتقد الكاتب استخدام مختار الشنقيطي مصطلحات غير شرعية كـ "المبدأ والشخص، التاريخ والوحي، المثلية والمثال" .. فيقول مثلا عن المثلية والمثال: "وهذا لا شك مصطلح فلسفي لم يطلبه الله من العباد وإنما طلب منهم التقوى"!! ويقول عن مصطلح "التاريخ والوحي": لم أفهم إطلاقا هذه الفقرة من الكتاب ولا ما أراد الكاتب منها، فهو لم يشرح فكرته ولم يبينها، وإنما قال كلاما إنشائيا فلسفيا زاد المسألة تعقيدا، وقربها من ألا معقول من المعقول".
إجمالًا الكتاب ينبه على أخطاء فنية وقع فيها مختار الشنقيطي في الاعتناء بالأحاديث، ونبّه إلى بعض الأحاديث الضعيفة التي أوردها، ولكن لا أرى أن النقد يؤثر على الفكرة العامة لكتاب خلافات الصحابة.