إن الكتاب الذي بين أيدينا هو مجموعة أحاديث نبوية في موضوع الزهد والعزلة والتعفف، للعالم الشهير، إمام جامع القرويين في عهد دولة المرنيين في المغرب الأقصى، سيدي محمد بن إبراهيم بن عباد الرُنْدي، المشهور بابن عباد. جمع فيه أكثر من مائتي حديث، وهي رمّا صحيحة وإما حسنة. وغالب الأحاديث الموجودة في هذه المجموعة وجدها ابن عباد في كراسة صغيرة سماها صاحبها «تحفة المُوَفَّقين المُحبّيِن لسُنَّة سيّدِ المُرسلين» كانت تتداول بين أيدي الناس في فاس في أيامه، فأخذها الشيخ ابن عباد ورتبها وبوبها وزاد فيها أحاديث وأبوابا مما يليق بالموضوع، ثم قام بكتابة مقدمة لها وبشرح غريبها، وسماها «فتح التحفة وإضاءة السُّدْفة». وقبل أن نتكلم عن هذه المجموعة نفسها، والأسباب التي دفعت ابن عباد أن يقوم بهذا العمل، وفوائدها لأهل زماننا، لا بد من ذكر نبذة عن حياة المصنف ومؤلفاته.
Ibn 'Abbad Rundi(of Ronda) نهج ابن عباد الرندي، منهج الصوفية في السلوك والاعتقاد، فسلك طريقهم، وشرب من مشربهم، وجاد بعلمه الذي نال منه التصوف الحظ الوفير، حيث لقي كبار الصوفية والمشايخ، الذين سقَوه من علمهم، وأحوالهم، ومقاماتهم. ومما ساعد على ذلك، زهده وصلاحه، وحماسته واستعداده، لاستيعاب العلوم والمعارف، والأذواق والحقائق. (كريمة بن سْعاد)