يتناول الإمام الشاطبي في مصنفه هذا موضوع البدعة. وقد جعل مباحث ما كتبه في عشرة أبواب جاءت عناوينها على التوالي: 1-تعريف البدع ومعناها. 2-ذم البدع في سوء منقلب أهلها. 3-في أن ذم البدع والمحادثات عام، وفيه الكلام على شبه المبتدعة ومن جعل البدع حسنة وسيئة. 4-في مأخذ أهل البدع في الاستدلال. 5-في البدع الحقيقية والإضافية، والفرق بينهما. 6-في أحكام البدع وأنها ليست على رتبة واحدة. 7-في الابتداع يختص في العبادات، أم تدخل فيه العادات. 8-في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان. 9-في السبب الذي لأجله افترقت فرق المبتدعة عن جماعة المسلمين. 10-في الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه المبتدعة.
موضوع هذا الكتاب العظيم هو البدع بأنواعها وأحكامها وكيف تنشأ وما يترتب عليها وكيف يواجهها العلماء ... أول قراءة لي من هذا النوع وبالرغم من بعض الصعوبة إلا أن ما وجدته فيه من متعة وإفادة كان أكثر ... أدهشني أسلوب الإمام الشاطبي الواضح السلس القريب من واقعنا ومشاكلنا بشكل يفوق الكثير من العلماء المعاصرين ... أهم ما تعلمته هنا أن أبشع ما نواجهه اليوم مر على من كان قبلنا فنحن لسنا بدعا من الأمم لكن الفرق _ ربما _ أن عمق غربتنا وتفرقنا وبعدنا عن هويتنا العقدية أغرقنا في يأس من الإصلاح خاصة أنه بمرور الزمن يقل حظنا من العلماء الراسخين الذين يحفظون دين هذه الأمة ودنياها ... اللهم إنا نعوذ بك من رؤوس جهال يفتون بغير علم فيضلون ويُضلون .
(إِذا ثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْمُعْتَبَرُ دُونَ الرجال، فالحق أيضاً لا يعرف دون وساطتهم، بل بهم يتوصل إليه وهم الأدلة على طريقه). آخر كلمة في الكتاب.
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم.
حديث عن البدع بنكهة أصولية من عالم نحرير سرى في دمه علم الأصول حتى رشح من مسامه وفاح منه ريحه وانقدحت فيه الحمية للسنة في مواجهة المبتدعة من متكلمة ومتصوفة ومتفيقهة، لو أكمله المؤلف لزاد حسناً على حسن وضياء على ضياء، ولكن "وما يمسك فلا مرسل له من بعده" فسبحان مقدر الأقدار ومحوِّل الأحوال...