الكتاب عباره عن سلسلة مقالات كانت قد نشرت سابقاً في صحيفه ألمانيه من قبل كاتبها الصحافي (س. ر. مارتين) ما يميز هذه المقالات وفكرتها المتكرره عن تجربة الكتابه انها قد كتبت على يد صحافي واسع الخبره في مجال عمله وليس على يد جامع معلومات او كاتب ومؤلف انتج روايتين وبرق اسمه فلجئ لأنتاج مجموعة كتب تحت عناوين تجربة الكتاب وكيف تكتب.. الصحافي مارتين هنا كان صاحب الاسبقيه في الإنجاز لأنه كان على علاقات شخصيه مقربه جداً بأكثر الأسماء التي تم ذكرها في المقالات وهذا ما وفر له معلومات دقيقه تتيح له الوصف الحق، من هذه الصداقات هم (أرنست همنغواي، مارغريت ميتشل، توماس مان، إريك ماريا ريمارك) سرد مارتين تجارب الكتابة من خلال عيون هؤلاء الكتاب - فالكتاب الملاكم الأمريكي همنغواي كان على صراع شديد اشبه بالصراع الذي دار بين الشيخ والسمكه في قصته "الشيخ والبحر" التي اسطرت نجاح همنغواي وأطلقت اسمه للعالم فقد عاش مثل الشيخ نزاعات وضياع مسوداته وفشل ذريع في حياته إلى أن برز نجمه. أوضح لنا مارتين مقدار التشابه الكبير بين حياة المؤلف والقصه التي رافق إنتاجها أبلغ سنين حياته. - وكيف كتب إريك ماريا ريمارك " لا جديد في الجبهه الغربيه" روايه اشبه بحياته نفسها فكانت على شاكلة المذكرات لأيامه التي مر بها بعد انتهاء الحرب للعالم ولكن ليس له فطال احساسه بأن الحرب لم تنتهي وعاش خوفها وحده. - أما قصة مارغريت ميتشل مع روايتها الوحيده، اليتيمه "ذهب مع الريح" فهي قصه حزينه ورافعه للآمال في ذات الوقت، التركيبه التي خشيتها عند التفكير بها واحببت مسارها، فلم أكن اعرف سابقاً بقصة حياة مارغريت وكيف تعرضت لحادث اقعدها السرير لثلاث سنوات جعلها تقرأ ابرز مؤلفات المكاتب ثم تعزف على كتابة روايتها وتقديمها للنشر دون توقع هذا النجاح الباهر وبعد وصولها للعالميه بروايه واحده يتيمه خاليه من فصل أول، ينتهي بها المطاف لتفارق الحياة بذات الحادث بعد عشرة سنين من الحادث الذي أبرز اسمها ووضعها ضمن رواد الأدب. - توماس مان وروايته "أسرة بودنبروك" التي تمثل حياة العائله الكامله لتوماس فقد كان شخص ضعيف يحلم أن يصبح كاتباً من دون أن يملك موهبه فيبدأ بالتخبط بالصحافه والتأليف إلى أن يحوز على فكرة كتابة قصة سلالة العائله التي انسل منها فيلاقي النقد والاستنكار منهم حتى يشق طريقه في العالم اجمع ليصبحوا فخورين به كقرائه. - كيف لربة بيت بسيطه تحلم بشراء ثوب حرير هي نفسها تشعل فتيل الحرب بين الولايات الجنوبيه والشماليه الامريكيه لتقضي على العبوديه الزنجيه ببضعة خطوط من قلمها عندما اسطرت "كوخ العم توم" او "حياة المعذبيه على الأرض" أصبحت قصة العبوديه هي قصة حياتها وما ساعدها انها عاشتها واللتمستها.. لتنال استحسان العالم ومنهم لينكولن،تولستوي، ديكنز، كارلايل. ويصبح كتابها ذو نسبة أعلى المبيعات في العالم بعد الإنجيل ذاته. - لا شك في أن الكتابه عمل إبداعي، لكن الكتابه ذاتها بأنتظام ودقه ستؤدي إلى أقصى حدود الإبداع، تعرفت على جورج سيمنون الآن في هذا الكتاب للتو قرأت عنه كم هو مبدع، لم أكن اعرفه مسبقاً، لم اسمع اسمه حتى، صاحب سلاسل من الروايات البوليسية والجرائم الجنائيه والتحقيقات، صاحب شخصية الكوميسار ميغري، نعم لقد عرفته للتو، جورج سيمنون من كتب أكثر من إربعمائة روايه خلال حياته، مبدع حقاً، رواياته مليئه بالتشويق والاثاره ولا تفارق الذات على قول المؤلف مارتين، نعم تعرفت عليه لكن لم اتعرف على كتاباته لأكتشفها بنفسي، ليس بعد. - منذ صغرها ولم تعرف شيئًا غير الكتابه، كتابة الجرائم والألغاز والتحقيقات انها "اغاثا كريستي" التي اتخذت مسار حياتها ككاتبه ولم تزل في ريعان شبابها، انطلقت بقصة "مقتل آكرويد" وانطلقت قصتها وهي لم تقف بل استمرت بخلق "هيركول بوارو" لتنطلق عليه عالمياً. اغاثا كانت ولا تزال من الأسماء القريبه للمدح والثناء حتى بالنسبه لي، لكن قد جربت قراءة روايه (اختيار خاطئ) من روايتها قبل أيام ولم اتذوقها ولم تشدني، اما الأعمال التلفزيونيه والسينمائيه لا تزال هي المفضله لدي عندما يتعلق الإبداع بأسم "اغاثا كريستي". كل اسم من هذه الأسماء التي اختارها مارتين يمثل قصه، كلٌ على حدا له قصته، وكلهم يمثلون قصه واحده كبيره، قصة الكتابه، دروس تعطى على لسان مارتين بحياة مؤلفين كبار ليمثلون مدرسه لكاتب جديد ليشرق اسمه. على ما كان عليه "ادغار والاس"، الكتابه كانت تمارين رياضية ليس إلا، بل انها رهانات، اقضى أيامه بعلو السرعه في الكتابه، يتكلم الروايه كخوض حديث داخل الباص، ينهي الروايه خلال ثلاث أيام ويستلم اجورها ويعيش حياته، إلى أن إنتهت، وما هي الحياة غير ذلك! - ادغار رايس بوروز كان فاشلاً في كل مهنه يقدم عليها، لم يفلح بفعل اي شيء، حتى في الحرب لم يصبح جندياً، ثم من خياله الواسع واضغاث أحلامه التي تهاجمه عندما يغيب الارق قليلاً، تبزغ لديه فكرة الكتابه فيخرج ب"طرزان" ويغلب مبيعات العالم وخلال سنين معدودات يصبح أسطورة حقيقه في كتاب والكتاب يصبح سلسلة كتب فيحقق فيها ادغار بوروز كل ما حلم به. - فرانسوا ساغان تشعر بالكسل والضجر وتخاف من الوحده فتقرر كتابة روايتها الأولى الجديله التي ستؤدي بها إلى نجاح باهر وهي لا تزال في الثامنه عشر من عمرها وبعد حياة طويله مترنحه تنتهي فرانسوا بالوحده ذاتها والخوف من استمرارها. ينتقل مارتين من اسم إلى اسم برشاقه ليظهر للقارئ (هذا ما ظهر لي) انه أراد أن يوضح قصة الكتابه بحب، حب هؤلاء الإعلام، جامع قصصهم يكون منها هذا الكتاب الغني رغم فقره وبساطة طباعته، قرأت "في تجربة الكتابة" بنسخه عتيقه من النسخ التي طبعت ووزعت مجاناً مع جريدة المدى، الآن منشورات المدى ترتقي حديث الشارع بالأسعار المفزعه لمطبوعاتهم، اختلاف الأزمان قد يتيح لنا الكثير من الرفاهية، أو يبصق علينا كأننا لا شيء! شكراً لك س.ر.مارتين على هذه الرحله التي لا تضاهى في عالم الكتابه والاسماء المثيره للأعجاب، تعرفت على بعضهم للتو وبعضهم الآخر عرفت عنه معلومات لم أكن لأعرفها.
كتاب ممتع، يحكي قصص عشرة روائيين مشهورين جدا منهم من توج بجائزة نوبل، ومنهم من باع عشرات ملايين النسخ من أعماله الأدبية.
ما أعجبني هو المنطلقات المختلفة التي أدت بهؤلاء إلى اقتحام عالم الرواية، في الغالب كانت الصدفة البحتة، والغريب أن الكثير منهم عانى من فيروس انعدام الثقة، ولم يستوعبوا النجاح الساحق الذي أحرزوه لدرجة عدم معرفتهم لكيفية التعامل مع معجبيهم من القراء والنقاد على حد السواء.
كتبوا ولم يضعوا نصب أعينهم الثراء أو الجوائز، لكنهم نالوا منهما الكثير!
الكتاب كان ممتعا وهو عبارة عن مقالات يتحدث فيها الكاتب عن تجارب كتّاب كبار في كتابتهم لأفخم رواياتهم، وعن ظروفهم التي أنتجت لنا أعظم الأعمال الأدبية، مشيرا بذلك إلا أن كل كاتب كان يستمد وحي الكتابة من ظروف خاصة ساهمت في خلق هاته الأعمال الخالدة، مع تحليل بسيط لها.. والكتاب هم :
أرنست همنغواي
أريش ماريا ريمارك
مرغريت ميتشل
توماس مان
هاربیت ستاو
جورج سیمنون
أجاثا كريستي
ادغار والاس
ادغار رایس بوروز
فرانسواز ساغان
الكتاب مفيد جدا لكل هاو للكتابة ولمن يريد أن يحترفها أيضا..يعطيك معايشة لأعظم الكتاب، ولربما تجد في حديثه عنهم من تستلهم منه فكرة أو تأخذ منه طقسا كتابيا يساعدك في الإبداع .. لا شك أنني سأعيد الكتاب مرة أخرى حين أدخل عالم الكتابة لأستلهم من هؤلاء الكبار.....