من مقدمة المعلّق: حسين مؤنس تعلقت نفسي بإعادة نشر هذا الكتاب منذ أكثر من عشر سنوات، وقد كنت اذ ذاك قائما على تدريس تاريخ العرب قبل الإسلام، فحرصت على أن أجمع كل ما تيسر لى من الأصول والمراجع عن ذلك الموضوع المتشعب الأطراف،لاستخراج منها شيئا نافعا أقوله للطلاب، وكنت أعجب أشد العجب من أن أجد كتاب "جرجى زيدان" –على صغر حجمه وتقدم زمن تأليفه- قد حوي معظم ما تهم القارئ معرفته عن تاريخ العرب وحضارتهم قبل الإسلام، وجمع أطراف ذلك الموضوع على نحو أصبح بعد ذلك منهجا للكثيرين ممن يطلبون التأليف فيه في الشرق والغرب على السواء. وقد حرصت في هذه الطبعة التي قمت بمراجعتها على أن أدع متن الكتاب كما هو دون تغيير، ولم أمسه بالتعديل الطفيف إلا في الحالات التي دخل عليها خطأ بسبب عدم حرص الذين أشرفوا على طبع الكتاب على المراجعة والدقة اللازمتين، وربما صححت هنا تاريخا وهناك اسم علم، ولكنى أبقيت أصل الكتاب كما هو على كل حال. وأضفت ما رأيت أضافته من التعليقات والشرح والتفصيلات على هامش الكتاب، وقد حرصت على أن أحشد في هذه التعليقات جل ما انتهى اليه البحث والدرس فى كل موضوع، وذكرت المراجع الحديثة والنظريات الجديدة وما إلى ذلك، بحيث تصبح هذه الطبعة الجديدة من "تاريخ العرب قبل الإسلام" لجرجى زيدان مرجعا نافعا للباحثين في تاريخ العرب والإسلام.
Jurji Zaydan جُرجي زيدان: مفكر لبناني، يعد رائد من رواد تجديد علم التاريخ، واللسانيات، وأحد رواد الرواية التاريخية العربية، وعلم من أعلام النهضة الصحفية والأدبية والعلمية الحديثة في العالم العربي، وهو من أخصب مؤلفي العصر الحديث إنتاجًا.
ولد في بيروت عام ١٨٦١م لأسرة مسيحية فقيرة، ورغم شغفه بالمعرفة والقراءة، إلا أنه لم يكمل تعليمه بسبب الظروف المعيشية الصعبة، إلا أنه اتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وقد عاود الدراسة بعد ذلك، وانضم إلى كلية الطب، إلا أنه عدل إكمال دراسته فيها، وانتقل إلى كلية الصيدلة، وما لبث أن عدل عن الدراسة فيها هي الأخرى، ولكن بعد أن نال شهادة نجاح في كل من اللغة اللاتينية والطبيعيات والحيوان والنبات والكيمياء والتحليل.
سافر إلي القاهرة، وعمل محررًا بجريدة الزمان اليومية، انتقل بعدها للعمل كمترجم في مكتب المخابرات البريطانية بالقاهرة عام ١٨٨٤م، ورافق الحملة الإنجليزية المتوجهة إلى السودان لفك الحصار الذي أقامته جيوش المهدي على القائد الإنجليزي «غوردون». عاد بعدها إلى وطنه لبنان، ثم سافر إلى لندن، واجتمع بكثير من المستشرقين الذين كان لهم أثر كبير في تكوينه الفكري، ثم عاد إلى القاهرة، ليصدر مجلة الهلال التي كان يقوم على تحريرها بنفسه، وقد أصبحت من أوسع المجلات انتشارًا، وأكثرها شهرة في مصر والعالم العربي.
كان بالإضافة إلى غزارة إنتاجه متنوعًا في موضوعاته، حيث ألَّف في العديد من الحقول المعرفية؛ كالتاريخ والجغرافيا والأدب واللغة والروايات، وعلي الرغم من أن كتابات زيدان في التاريخ والحضارة جاءت لتتجاوز الطرح التقليدي السائد في المنطقة العربية والإسلامية آنذاك والقائم على اجترار مناهج القدامى ورواياتهم في التاريخ دون تجديد وإعمال للعقل والنقد، إلا أن طرحه لم يتجاوز فكرة التمركز حول الغرب الحداثي (الإمبريالي آنذاك)، حيث قرأ التاريخ العربي والإسلامي من منظور استعماري (كولونيالي) فتأثرت كتاباته بمناهج المستشرقين، بما تحمله من نزعة عنصرية في رؤيتها للشرق، تلك النزعة التي أوضحها بعد ذلك جليًّا المفكر الأمريكي الفلسطيني المولد إدوارد سعيد في كتابه «الاستشراق».
رحل عن عالمنا عام ١٩١٤م، ورثاه حينذاك كثير من الشعراء أمثال أحمد شوقي، وخليل مطران، وحافظ إبراهيم.
الكتاب مدهش، أي نعم لا يقارن بموسوعة الأستاذ جواد علي (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) ولكن جرجي زيدان الأسبق ويكفيه فخرًا أنه كان أحد مصادر الأستاذ جواد علي في موسوعته
وعلى صغر حجم هذا الكتاب إلا أنه بحق ينحسر عن مجهود جبار قام به جرجي زيدان، فنلمس في المقدمة سعي جرجي زيدان لجمع مصادر كتابه من أعمال المؤرخين العرب والأشعار الجاهلية والأمثال العربية، ثم من مؤرخي اليونان بداية من هيرودتس إلى ستيفانوس البيزنطي، ثم أعمال المستشرقين الإنجليز والفرنسيين والألمانيين، وقرأهم جميعًا باللغة الأصليةالتي كُتب بها، ثم النقوش والآثار التي تركها الأجداد القدماء المكتوبة بالخطوط المسمارية والنبطية
ورغم كل هذا المصادر إلا أنه لم يكتف بالنقل الأعمى من ذا وذا، وإلا لأندثر ذكر هذا الكتاب منذ زمن سحيق!، ولكن جرجي زيدان أستنبط نظريات وأفكار جديدة متفرقة في كتابه، أعظمها نظريته التي أنتهى بها إلى أن حضارة الآشوريين والبابليين وما أنشأه الهكسوس في مصر من أسرات جعلهم جمبعًا من أصول عربية، أي ان هذه الحضارات الأساسية تنتمي للحضارة العربية، وبذلك حسب كلام المعلّق على هذا الكتاب (د.حسين مؤنس) قد وسّع نطاق تاريخ العرب قبل الإسلام وزاد في عمقه إلى درجة لم يذهب إليها مؤرخ آخر، وجعل العرب أصلا من أكبر أصول الحضارات في العالم القديم
ويضيف د.حسين، أن هذا أكبر دليل على قومية جرجي زيدان العربية وهو رأي جدير بالتقدير
في رأيي بأن هذا الكتاب يعد من الكتب الأكثر دقة فيما يخص تاريخ العرب قبل الإسلام لما ينتهجه المؤلف من طريق للبحث بوعي بالقرائن فضلاً عن اهتمامه بما كتب حول تلك المرحلة من كتابات للمؤرخين العرب وأشهر المؤرخين المستشرقين بالإضافة إلى ما وصل لزمنه من نقوش وآثار دالة ، فقد اعتمد في بحثه على الأعداد التالية من المراجع:
٢١ كتاب عربي ٣٤ كتاب انجليزي ٢٠ كتاب فرنسي ٢٥ كتاب ألماني
وهذا ما جعل الكتاب أقرب إلى الدقة بالإضافة لتفنيد الكاتب للكثير من المبالغات التي أوردتها كتب التاريخ العربية لما يتمتع به من قدرة على التحليل والاستنباط وما يحمله من معرفة عميقة وموسوعية. كتاب يستحق القراءة للمعتمين بالتاريخ العربي وخصوصاً فترة ما قبل الإسلام ولمن هم اعتمدوا على كتب التاريخ العربية في استقاء معلوماتهم.
كتاب جميل يمتاز بالحيادية التامة المطلوبة خاصة في كتب التاريخ ويعد مصدر من المصادر القليلة المؤرخة لتلك الفترة من تاريخ العرب قبل الاسلام هو ومؤلفات د. جواد العلي في الترتيب التاريخي يأتي ذلك الكتاب أسبق من كتب د. جواد وقد أعتمد عليه د. جواد
قد يعيب ذلك الكتاب عدم بته في بعض الأمور ولكن قد يعزو ذلك لقلة المصادر والحفريات في تلك الفترة ولكنه كتاب جيد وخاصة انه يعطي فكرة عامة عن تاريخ تلك الفترة
كتاب مفصل كثيرا يتحدث عن تاريخ العرب حتى وصول الاسلام, جازف الكاتب فيه بادعاء ان البابليين كانوا عربا. ملاحظة: الكتاب تأليف سنة 1907 اي ان المعلومات قد تكون متغيرة بشدة منذ ذلك التاريخ.