رسالة بحثية علمية لنيل الدرجة العلمية (الماجستير) في العلوم الإسلامية من قسم الحديث الشريف وعلومه مادة الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، حيث حرص المؤلف أن يشارك بجهده العلمي التوثيقي لمرحلة هي الأهم في إثبات حجية السنة النبوية المطهرة وهي التي يدندن حلوها جل منكري السنة النبوية والمستشرقون وأذنابهم في ردهم للحديث الشريف، وهي مرحلة ما قبل تدوين السنة النبوية.
وقد بدأ الباحث هذه الدراسة بذكر تعريف حدي للسنة النبوية، موضحًا أن هذه السنة تنقسم إلى سنن فعلية وسنن قولية وسنن تقريرية، ثم مبحث آخر في مقدمته يعد من أهم مباحث الكتاب الذي استقصى فيه الباحث آيات حجية السنة النبوية من القرآن الكريم، موضحًا مكانة السنة النبوية في كتاب الله عز وجل، وإثبات حجيتها، وطرق توضيحها وشرحها لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن العظيم.
كتاب جميل ونافع .. قرأت الكثير منه أثناء إعداد كتاب أزمة البخاري فهو أحد مراجعه الرئيسية أسلوبه صعب لحد كبير على غير المتخصص مثلي بطبيعة الحال فهو دراسة أكاديمية .. لكن مع بعض الإطلاع على علم المصطلح والتركيز في القراءة ستستخرج الكثير من الفوائد بإذن الله
من خلال قرائتي للكتاب أدركت كم من اللغط الذي لحق بأصول الدين ومصادر التشريع في فترة الفتنة زمن الخلفاء الراشدين ويعد الكتاب مصدر مختصر شامل لكيفية تعريف السنة وكيف رواها الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف ابتدئ الوضع وكم كانت جهود الصحابة مكثفة في جمع الحديث وتمحيصه وتبيان ما وضع منه ... يستحق القراءة كبداية لعلوم الحديث ومصطلحاته ..
عجاج الخطيب "مراجعة الكتاب" منذ عهد السول صلّى الله عليه وسلّم مروراً بعهود الخلفاء الراشدين الى عهد التابعين تباينت الآراء في عملية تدوين وكتابة السنة النبوية، ففي عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم نهى بعض الصحابة عن كتابة أحاديثه وسمح للبعض الآخر، وفي عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كذلك نهوا عن كتابة أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام في بعض المواقف وسمحوا بل كتبوا هم أنفسهم في مواقف أخرى. تباينت أسباب المنع في العصور الاولى للاسلام وكانت في مجملها حتى لا يختلط القرآن بالسنة ولكون الرسول عليه الصلاة والسلام حاضراً بينهم يوضّح ويشرح ويفسِّر لهم ما استعصي عليهم. ومضى الصحابة على هذا المنهج في المحافظة على سُنَّته صلّى الله عليه وسلّم في تعليمهم للتابعين وتحفيظهم حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فخرج جيل التابعين محافظا على السنة النبوية متعطِّشا لمعرفتها فتنقَّل في الأمصار الإسلامية بحثاً عن صحابي يروي لهم سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فجالسوهم وتعلّموا منهم وحفظوا أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام. لم يكن في عهد الصحابة رضوان الله عليهم من يجسر على أن يكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكانوا رواةً عدولاً ثقات، ولكن بعد ازدياد الفتن وبعد فتنة علي كرّم الله وجهه ومعاوية رضي الله عنه، ظهر بعض الوضّاعين الذين استسهلوا الكذب على رسول الله خدمة لقضيتهم السياسية من كلا المعسكرين، وظهر القصّاصون الذين طلبوا رضى الناس بوضعهم الاحاديث الكاذبة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وظهر بعض اولي الرأي الساذج من المتفيقهين الذين حاولا ان يحضوا على مكارم الأخلاق وحث الناس على العبادة بوضع الاحاديث على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهنا انبرى لجميع هؤلاء العلماء الربانيّون الذين وهبوا حياتهم لحفظ السنة وتنقيتها من هذه الشوائب، فوضعوا أصول علم الجرح والتعديل وحفظوا الاسانيد والمتون. وبذلوا في ذلك شأناً عظيماً لم تشهده أمة من الأمم في حفظ شريعتها. تطرق الكاتب الى بعض المدونات التي تم كتابة الحديث فيها وفي أي عصر بدء هذا التدوين، وأثبت أن أول مدونة هي الصحيفة الصادقة التي كتبها عبدالله بن عمرو بن العاص على عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ثم الصحيفة الصحيحة لمنبه بن همام والتي كتبها عن أبي هريرة، واثبت أن تدوين الحديث كان في بدايات عهد الاسلام وأن المصنفين قد كتبوا في أبواب الحديث واهتموا بسنده ومتنه، ورازوا رجاله ووضعوا كل واحد في مكانه من حيث عدالته ونزاهته وحفظه من عدمه. ثم خلص الكاتب ان التدوين الرسمي للحديث بدء في عهد عمر بن عبدالعزيز حين أمر الزهري بكتابة الحديث، فدوّن له الزهري السنن في دفاتر ثم وزّعها أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز على أمصار المسلمين. ثم تعرض الكاتب للشبهات التي أثيرت حول بعض رجال الحديث كالصحاب أبو هريرة رضي الله عنه والزهري ودحضها ونفى عنهم جميع التهم التي أثارها المستشرقون ومن لف لفهم من بعض الكتاب المسلمين. كتاب رائع أنصح قراءته بشدة ليتعلم المسلمون كيف تم حفظ سنّة نبيهم وكيف ساهم الصحابة والتابعون في هذا الحفظ وأن تدوين الحديث لم يبدء مع كتب الصحاح أو السنة كما يدّعي بعض المغرضين الذين يريدون هدم السنة وزعزعة دعائم الاسلام.