القضية الحسينية من أكثر القضايا التي تعرضت إلى التشويه من قبل المحبين والمبغضين. وإذا كان للمبغضين أسبابهم المختلفة لتهديد الحسين لمصالحهم أو أيديولوجياتهم، فإن المحبين ونتيجة لجهلهم ساهموا أيضًا في هذا التشويه، ومن فرط حبهم نجدهم تارة يصوغون الأساطير حول الحسين والتي لا يقبلها عقل، وتارة يثيروا العواطف ليظهروا الحسين الضعيف المسكين الذي يتوسل أعداءه. وتارة يجعلوه مرددًا للنفس عن مبادئه، ومعلقًا قضيته، فيكون همهم أكثر ما يملكون، ويظلموه أكثر مما ظلمه أعداؤه.
وكل تلك الأمور أضرت بالقضية الحسينية، وأخرجتها عن أهدافها وغاياتها، وحصرتها في إطار تاريخي ضيق، فكانوا معينًا للأعداء من حيث لا يدرون. القضية الحسينية ليست طقوسًا مجردة فقط، بل هي عبرة وعِبرة، فالقضية الحسينية فيها خطان متوازيان متكاملان لا يمكن لأحدهما أن يسير من دون الآخر. الحسين لا زال وسيظل زلزالًا يهز عروش الظالمين، وقضية الحسين لها القابلية على أن تواكب كل العصور، لأن الظلم وإن تعددت أشكاله، فالحسين هو الحل لكل انحراف وكل طغيان. وفي هذا الكتاب طُرحت القضية الحسينية من منظور مختلف عما تناولته الأقلام الأخرى. فالحسين القائد، الحسين القدوة، الذي تُستقى الدروس المستفادة من حركته، والفخر من الدخول مع مدرسة الحسين وتعلم منها.