كتاب يشرح العقيدة الكبرى وهي عقيدة أهل التوحيد التي دعا إليها جميع الأنبياء وهي الشهادة لله تعالى بالوحدانية وأنه لا إله إلا هو، وأن يعرف الخلق أنه هو الخالق لكل شيء ويعرفوا عظمته، ويفردوه بالعبادة، ويؤمنوا بصفاته... الخ.
الإمام أبو عبد الله السنوسي هو محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي ويلقب أيضاً بالحسني نسبة للحسن بن علي بن أبي طالب من جهة أم أبيه، وهو تلمساني أيضاً نسبة إلى بلدة تلمسان. وهو عالم تلمسان وصالحها وزاهدها وكبير علمائها ومن كبار المشهورين فيها، حتى قيل فيه «إنّ سمعته تغني عن التعريف به».
لم يحدد تاريخ ولادته بشكل دقيق إلا أنه من المتفق عليه بين أغلب المؤرخين أنه ولد بعد سنة 830 للهجرة.
له في العلوم الظاهرة أوفر نصيب، جمع من فروعها وأصولها السهم والتعصيب، كان لا يتحدث في فن إلا ظن سامعه أنه لا يحسن غيره سيما في علوم التوحيد والعلوم العقلية، كان لا يقرأ في علوم الظاهر إلا خرج منه لعلوم الآخرة سيما التفسير والحديث وذلك لكثرة مراقبته لله تعالى كأنه يشاهد الآخرة. قال تلميذه الملالي: «سمعته يقول ليس من علوم الظاهر يورث معرفته تعالى ومراقبته إلا علم التوحيد وبه يفتح في فهم العلوم كلها وعلى قدر معرفته يزداد خوفه». وكان حليماً كثير الصبر ربما يسمع ما يكره فيتعامى عنه ولا يؤثر فيه، بل يبتسم، وكان هذا شأنه في كل ما يغضبه. وقال الملالي: سمعته يقول: «ينبغي للإنسان أن يمشي برفق وينظر أمامه لئلا يقتل دابة في الأرض».
العقيدة الكبرى للسنوسي صراحة، أنا من محبي الشيخ السنوسي وذلك لبساطة أسلوبه واختصاره في التدليل ووقوفه على العديد من الفوائد والحكم وتقريبها للقارئ بشكل كبير
وتوسع الشارح في مباحث النظر، والتقليد في العقليات، وأفعال العباد
ملخص للكتاب مقدمة للإمام أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي الحسني ( 832 - 895 هـ) الشارح: أحمد بن العاقل الديماني (1244). الشارح السنوسي نقل عن: ابن المقترح، الجويني، الباقلاني، الفخر الرازي، التلمساني.
النظر أول ما يجب على المكلف شرعاً النظر، وذلك يتوقف عند التمكن من العلم. الفكر: حركة النفس في المعقولات. التخيل: حركة النفس في المحسوسات. النظر: هو عمل الفكر. السنوسي: ترتيب معلومين فصاعداً على وجه يتوصل به إلى المطلوب. البيضاوي: ترتيب أمور معلومة على وجه يؤدي إلى استعلام ما ليس بمعلوم. الربط بين الدليل والنتيجة فيه الخلاف المعروف من كونه عادياً أو عقلياً أو تولدياً. هناك أضداد للنظر: أضداد عامة: كالموت والنوم. أضداد خاصة: كالجهل جهلاً مركباً. أول واجب عند الأشعري: النظر، الأستاذ وإمام الحرمين: القصد إلى النظر، القاضي: أول جزء من النظر. علّل السنوسي: اختار أن أول واجب على البشر النظر لتكرار الحث عليه في الكتاب والسنة كأنه مقصد. الدليل: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري. المعتزلة: النظر واجب عقلي لا شرعي، قالوا: لأن المكلف لا ينظر ما لم يعلم وجوبه. قلنا: النظر لا يتوقف على العلم بالوجوب، لا عادة ولا شرعاً.
الحجة والبرهان العقلية: البرهان، والجدل، والخطابة، والشعر، والمغالطة. البرهان: ما تركب من مقدمات يقينية. اليقينيات: الأوليات. المشاهدات أو الحسيات. قضايا قياساتها معها: الأربعة زوج. تجريبيات. حدسيات. متواترات.
حكم التقليد مؤمن غير عاص: المقترح، عز الدين، الآمدي، الغزالي، الفخر الرازي، ابن فورك. مؤمن عاص بتركه النظر. كافر.
منشأ احتياج الحادث إلى الصانع الفرق بين الاستدلال بطريق الإمكان المجرد وبين غيره من الطرق: أن العلم بحدوث العالم يتأخر في طريق الإمكان المجرد عن العلم بالصانع، وفي غيره يتقدم. الإمكان: العالم ممكن وجوده وعدمه، لا أرجحية لأحدهما على الآخر بذاته، ويدل ذلك على افتقاره. أن كل ممكن بذاته من حيث هو هو قابل للوجود والعدم، فالوجود ليس له من ذاته. وكل ما ليس له الوجود من ذاته، فالوجود له من غيره. حدوث العالم: صانع العالم إما أن يكون أوجده لذاته، أو أوجده بطبعه (الطبيعة)، أو أوجده باختياره. فنقول: العالم وجد بالاختيار، وكل ما وقع بالاختيار حادث. بهذه الطريقة نرى كيف تأخر العلم بحدوث العالم عن العلم بوجود الصانع. اعتراض: لا أسلم أني لم أكن ثم كنت. نقول: كنت نطفة، وما زاد عن النطفة كان عدماً ثم وجد.
يقع العلم بالنتيجة: النتيجة عقب الدليل. ابن سينا والبيضاوي والتلمساني: معرفة الصغرى والكبرى والتفطن لاندراج الصغرى في الكبرى.
كيفية النظر المخرج من التقليد اختلف المتكلمين في علة افتقار الحادث إلى محدث، منهم من ذهب أنها حدوث العالم، ومنهم من قال بالإمكان المجرد. الفرق بين الاستدلالين: أن العلم بحدوث العالم يتأخر في طريق الإمكان المجرد عن العلم بالصانع، وهذه طريقة البيضاوي والفلاسفة.
إبطال الزائد عن الجواهر والأعراض كل طرق إبطالها ضعيفة، ومحققي المتأخرين قالوا بالوقف. من أشهر طرق الإبطال هي طريقة التقسيم: كل موجود إما متحيز أو غير متحيز، وغير المتحيز إما أن يقوم بمتحيز أو لا. وما ليس بمتحيز ولا قائم بمتحيز هو الله تعالى، ولا دليل أن هذا منحصر في الله تعالى.
دليل الحدوث دليل أن التغير يستلزم الحدوث: إن كان من عدم إلى وجود كان وجوده طارئاً بعد عدم، وهو عين الحدوث. وإن كان من وجود إلى عدم، كان وجوده جائزاً بدليل قبوله العدم، وكل ممكن لا يقع بنفسه، فيلزم أن يكون وقع بمقتض. اعتراض الفلاسفة على حوادث لا أول لها: يلزم أن يكون دخل في الوجود وفرغ، من حركات وغيرها. فيلزم الجمع بين الفراغ وعدم النهاية. أن يقارن الوجود الأزلي عدمه. برهان القطع والتطبيق.
القدم معنى صفة سلبية: أي يفسر معناها بالسلب والنفي، القدم: أي سلب البداية والحدوث. الزمان: مقارنة متجدد لمتجدد.
استحالة كون الصانع طبيعة أو علة موجبة عرفت أنه من يتأتى منه الفعل والترك يسمى مختاراً. ومن لا يتأتي منه الترك يسمى: علة، أو أمكن منه الترك يسمى: طبيعة. وبيان لزوم ذلك أي عدم الاختيار، أن الطبيعة والعلة لا يخلو إما أن تكونا قديمتين أو حادثتين. والقديم يستلزم قدم العالم، والحادث يستلزم التسلسل.
كونه تعالى قادراً الله تعالى موجد بالاختيار، وكل موجد بالاختيار فهو قادر، فينتج أن الله قادر. كونه تعالى مريداً الله جل وعلا خصص الحوادث بأحد الطرفين الجائزين عليها، وكل من كان كذلك فهو مريد، فينتج أن الله مريد. كونه تعالى عالماً لو لم يكن صانعك عالماً، لم تكن متصفاً بما أنت عليه من غاية الإحكام. الجويني: الدلالة بالإحكام ضعيفة، لأن معنى الإحكام عنده هو تخصيص الجواهر بالأحياز حتى تنتظم هكذا، إذن الاختيار هو دليل كونه عالماً. إذن يصح الاستدلال على كونه جل وعلا عالماً بوجهين: الاختيار والإحكام. كونه تعالى حياً أن تلك الأوصاف من كونه قادراً وما بعده مشروطة بكون حياً، فلو قدر عدمه لوجب عدمها.
الصفات الواجبة لله تعالى معنى الصفات المعنوية: عبارة عن كل حال ثبتت للذات معللة بمعنى قائم بالذات. صفات المعاني: كل صفة قائمة بموصوف موجبة له حكماً. المعتزلة: أنكروا الصفات مع موافقتهم لكونه قادراً، عالماً. استثنوا صفة الكلام، فوافقوا بكونه متكلماً بحرف وصوت مخلوقان في غيره. معتزلة البصرة وصفة الإرادة: قالوا مريد بإرادة حادثة لا في محل. والنجار: عرفها أنه غير مغلوب ولا مستكره. الفلاسفة: أنكروا الصفات كلها. قالوا: لا يتصف الله تعالى إلا بسلب، عاقلاً لذاته أي تجرده عن المادة.
الوحدانية معنى الوحدة: البيضاوي: كون الشيء بحيث لا ينقسم إلى أمور متشاركة في الماهية. الجويني: هو الشيء الذي لا ينقسم. استحالة اتصاف الله بالعجز: لو اتصف الإله بالعجز لكان ذلك العجز إما قديماً أو حادثاً. لكن كونه قديماً محال لأنه يؤدي إلى استحالة اتصاف الإله بالقدرة. أيضاً اتصاف الإله بالعجز الحادث محال لما سبق من وجوب القدم لجميع صفات ذاته واستحالة أن يتصف بصفة حادثة.
الرؤية: إثباتها بالدليل العقلي ضعيف. قالوا: أن الوجود هو المصحح للرؤية (الأشعري)، ولا يصح أن يكون علة للرؤية لأن الوجود هو عين الموجود.
خلق أفعال العباد نقل عن الجويني: القدرة الحادثة تؤثر في الأفعال لكن لا على سبيل الاستقلال كما تقول القدرية، بل على أقدار قدرها الله تعالى. نُقل عن القاضي أيضاً: أنها تؤثر في أخص وصف الفعل. السنوسي: قال بتنزيه الأئمة عن هذه الأقوال، لأن الجويني في الإرشاد دافع بقوة عن مذهب الأشعري، و ممكن أنه نقل عنهم في مناظرة جدلية للإفحام.
النبوات مهموز: من النبأ، وهو الخبر: أي منبأ بالغيوب. غير مهموز: من النَبوة، أي من الشيء المرتفع مثل: نبا الشيء أي ارتفع، وبذلك يكون النبي مرتفع عن البشر. الفرق بين المعجزة والسحر: أن السحر له سبب عادي مرتبط به، أما المعجزة فهو أمر خارق للعادة مقرون بدعوى النبوة، والسحر يظهر على أيدي الفساق والكفرة. حكم المعصية قبل البعثة: أكثر الأشاعرة والمعتزلة: لا يمتنع عقلاً ارتكابهم المعاصي كبيرة وصغيرة، لعدم وجود الشرع بعد. بعض الأصحاب والقاضي عياض: المعاصي ممتنعة قبل وبعد البعثة. الروافض وأكثر المعتزلة: امتناع المعاصي قبل وبعد النبوة. اختلفوا في تعيين وجه إعجاز القرآن: أسلوبه ونظمه الخاص، أو فصاحته وجزالته، أو المجموع، أو الصرفة. أحسن هذه الأقوال: قول القاضي وإمام الحرمين، وهو الجزالة والأسلوب الخاص. السورة المتحدى بمثلها: الإعجاز إنما يتعلق بقدر ما من الكلام بحيث يتبين فيه تفاضل ذوي البلاغة، وهذا لا يتبين إلا فيما طال من السور بعض الطول.
قرأتها قراءة اطلاع أكثر من قراءة تدقيق ومقارنة. قلت لأحد أصحابي أثناء قراءتي أن الكتاب كأنه رجعة في التاريخ الاستدلالي عند مدرسة الأشاعرة. المتتبع لكتب الجويني ثم الغزالي ثم الرازي ثم السعد .. إلخ، يلاحظ أن خطوات الاستدلال والبحث تقصر، وصار البحث عن الدليل الأخصر في إتمام المطلوب، بدلا من تطويل المقدمات. ثم بعدها يلاحظ السنوسيات، وهي رجعة إلى طول الاستدلالات عند المتقدمين.
الكتاب كثير النقد للإمام الرازي والمنهج الذي بناه وتابعه عليه البيضاوي مثلا. لكنه ينقل منهم، إما ناقدا أو مباحثا، وأحيانا مشنعا فقط. أيضا كثير النقل عن المقترح وابن التلمساني شارح المعالم. والحاصل، الكتاب مفيد جدا، مع نقوله ونقده. فهو مفيد في التعرف على مختلف الآراء في المذهب.
في منهجية الشيخ سعيد فودة لتعلم الكلام، ينصح أن يُقرأ معالم الرازي ومعه كبرى السنوسي؛ وأظن هذه أفضل طريقة لقراءة الكتابين. سيكون هناك الكثير من المقارنات والتحليلات التي يُمكن أن تُتَتبّع (واو، ما عرفت أكتب الكلمة) خلال دراسة الكتابين.
أحد أهم مختصرات علم الكلام عند المتأخرين و من أشهر المتون الدراسية في المدارس الاسلامية، لعل هذا الكتاب مع باقي كتب السنوسي شكلت التصور الكلامي الأشعري عند المتأخرين .. خصوصاً في المغرب الاسلامي