What do you think?
Rate this book


205 pages, Kindle Edition
First published January 1, 2015
سيخرج علي البعض الآن ليقول لي: "خسئت.. إن صوت مصر لم يخرس أبدا ولا يجرؤ أي حاكم على أن يتمكن من اسكات مصر التي لن تتوقف أبدا عن النداء على ابنها لكي يأخذ بنصرها"، ورأي هؤلاء مع احترامي له هو اتهام صريح للمواطن المصري بعقوق الوالدين لأنه يسمع أمه تنادي عليه ومع ذلك "مطنش"، وهو أمر فعله الكثيرون منا مع امهاتهم هروبا من النزول لإحضار العيش من الفرن أو انتظار بتاع الأنابيب في البلكونة، والحقيقة أنني أعتقد أن هذا الاتهام غير دقيق؛ لأنه يفترض أن صوت مصر وهي تنادي مسموع لدى المصري .... ــ
الرئيس مبارك لم يحنث أبدا بوعده تحقيق المساواة بين المصريين جميعا. في برنامج (90 دقيقة) يشكو ثري يمتلك فيلا في مدينة الشروق الجديدة خالص بأنه اظطر لشراء عربية مياه بخمسة وسبعين ألف جنيه لكي يستطيع أبناؤه الخمسة أن يستحموا قبل ذهابهم إلى جامعتهم، وفي برنامج (القاهرة اليوم) ثمة تقرير قنبلة يفضح بالصورة كيف تحفر نساء كفر الشيخ الرمال بأيديهن لتخرجن المياه الجوفية التي تلغ فيها الكلاب؛ لكي يشرب أبناؤهن الرضع منها مياها ستفتت أكبادهم وتنحر كُلاهم التي لن يستطيعوا حتى بيعها بعد ذلك،.... ــ
وإذا كان لدينا نخبة مهترئة تظن أن الحريات العامة والخاصة يمكن أن يتم تحققها دون الحاجة إلى معارك فكرية وثقافية وتربوية طويلة الأجل، ... ــ
الدساتير لا تصنع لإجبار الناس على السير في طريق الحرية والعدل والعقلانية، بل يصنعها الناس بأنفسهم بعد أن يتوافقوا على أنه لا طريق لتقدمهم سوى الحرية والعدل والعقلانية؛ ولذلك لم يعش أبدا في تاريخ الشعوب دستور تمت كتابته في ظل حالة صراع أو استقطاب؛ لأن الدساتير التي تعيش طويلا هي التي تكتب بتوافق شعبي بين الناس على المبادئ التي يريدون أن يعيشوا في ظلها أطول فترة ممكنة، (...) وإيمانا بأنك لو أتيت بأعظم دستور في العالم ينظر إليه جميع سكان الأرض بعين الغبطة وطبقته في مصر، فستندب في عين الغبطة رصاصة من باشا جدع يرى نفسه أعلى من كل دساتير الأرض. .. ــ
ثم قل لي بعد كل هذا : أين ذهب الذين كانوا يطربون لحديثه عن العدل حين احتاج إليهم؟ ألم تر بعضهم وقد أشاح وجهه لكي لا يرى هول الفاجعة، بينما وقف بعضهم صامتا مذعنا لكي لا يدفع ثمن رفضه لما يجري، أما أغلبهم فقد شارك في التهليل والتصفيق والمباركة والتأييد لما يجري بعد أن تأكد أنه لا يملك أصلا ما يقدمه له سوى موته؟
صدقني لا تحتاج إلى أن تكون نبيا لكي تدرك أن الناس أوغاد .. ــ
