الوحشيات أو الحماسة الصغرى هو كتاب مختارات شعرية، اختاره الشاعر العباسي أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، تتضمن الوحشيات جانبا من المختارات الشعرية، صُنِّف فيها الشعر حسب المعاني والأغراض، وتحوي مقطوعات قصيرة لكثير من الشعراء المُقِلِّين والمغمورين، كما أن أبا تمام حرص على أن يختار للشعراء ابتداء من الجاهلية، وكثير مما يورده يُعَدُّ من الشواهد المعتمدة في العربية.
وهذا الكتاب اختاره أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، بعد اختياره كتاب الحماسة الكبرى، ولم يروه، ولكن وُجد بعده مكتوباً في مسودة بخطه مترجماً بكتاب الوحشيات.
وكانت الوحشيات قد صدرت في طبعتها الأولى عام 1963م عن دار المعارف بالقاهرة، وقام بتحقيقها والتعليق عليها عبد العزيز الميمني الراجكوتي، وشاركه محمود محمد شاكر، بإضافة المزيد من التعليقات والحواشي، وترتيب أوراق المخطوطة، واعتمد الميمني في تحقيقها على نسخة واحدة مصورة، محفوظة في مكتبة السلطان أحمد الثالث بمتحف طوب قبو سراي. ثم حقق الكتاب الدكتور محمد أبو شوارب والدكتور محمد غريب، وصدر عن مؤسسة البابطين، وأخيرا أعاد تحقيقه الدكتور عبد الله بن عبد الرحيم عسيلان معتمدا على عمل الراجكوتي وشاكر ومنتفعا بمخطوطة عتيقة للكتاب لم تقع للرجلين، وصدر الكتاب عن نادي المدينة الأدبي، وفي مقدمته نقد لعمل الدكتورين أبو الشوارب وغريب.
شاعر عربي كبير, كان أسمر، طويلاً، فصيحاً، حلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع. وفي أخبار أبي تمام للصولي: «أنه كان أجش الصوت يصطحب راوية له حسن الصوت فينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء».
في شعره قوة وجزالة، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري، له تصانيف، منها فحول الشعراء، وديوان الحماسة، ومختار أشعار القبائل، ونقائض جرير والأخطل، نُسِبَ إليه ولعله للأصمعي كما يرى الميمني.
ذهب مرجليوث في دائرة المعارف إلى أن والد أبي تمام كان نصرانياً من حوران في سوريا يسمى ثادوس، أو ثيودوس، واستبدل الابن هذا الاسم فجعله أوساً بعد اعتناقه الإسلام ووصل نسبه بقبيلة طيء وكان أبوه بعد قدومه إلى دمشق يعمل خماراً في أحد حانات دمشق وعمل (أبو تمام) حائكاً فيها لفترة من الزمن ثمَّ انتقل إلى مدينة حمص وبدأ بها حياته الشعرية واشتهر بعدها ب أبوتمام.
سافر إلى بلاد عديدة وثم ولى بريد الموصل وتوفى ودفن فيها. وشاعر الشام الكبير حبيب بن أوس الملقب بابي تمام الطائي الذي جايل الخليفة العباسي الشهير المعتصم بالله وناشده بقصيدة مدح مشهورة اثر انتصاره علي رأس جيشه في موقعة عمورية علي الاعداء البيزنطيين، ومطلعها: السيف أصدق انباء من الكتبِ في حدّه الحد بين الجد واللعب
ومن جزيل شعره أيضاً قوله في رثاء محمد بن حميد الطوسي: كذا فليجلّ الخطبُ وليفدح ِالأمرُ فليس لعين لم يفض ماؤها عذرُ توفيتِ الآمال بعد محمد وأصبح في شغل عن السفر السَّفرُ فتىً مات بين الضرب والطعن ميتةً تقوم مقام النصر إن فاتها النصرُ
وقال ابادلف العجلي عندما قرأ القصيدة "لم يمت من رثي بمثل هذا"
الوحشيات أو الحماسة الصغرى، هو كتاب مختارات شعرية جمعه الشاعر الكبير أبو تمام حبيب بن أوس الطائي رحمه الله، على منوال كتابه الآخر: الحماسة الكبرى حيث يجمع أبواباً من أغراض الشعر المختلفة
وسمّاه (الوحشيات) لأن جُل أبياته قليلة الشهرة لا تُعرف، أو لشعراء مغمورين أو مُقلّين
قال الفيّومي في المصباح المنير ص٥٣٤: "الوَحْشُ: ما لا يستأنس من دوابّ البِّرِ، وجمعه: وُحُوشٌ، وكل شيء يَسْتَوْحِشُ عن الناس فهو وَحْشٌ، ووَحْشِيٌّ، كأن الياء للتوكيد كما في قوله:وَالدَّهْرُ بِالإِنْسَانِ دَوَّارِيٌّ. أي كثير الدوران."
وبذلك سَمّى أبو تمامٍ مُختاراتِه بـ الوَحْشيّات، لأنه اختار من الأبيات ما غَرُبَ معناها، ولم يألفه الناس، وهذا الكتاب لم يُرَوّه أبو تمام كما روّى «الحماسة»، فكأن هذا الكتاب اختصّه أبو تمام يُنبوعًا يستقي منه لشعره، والشعر الذي فيه لا تكاد تسمعه يدور في كتب الأدب لأنه قد يكون أقلّ جودةً من أن يُختار في كتب الأدب، وشعراء الوحشيات مقلون مغمورون في الجُملة، قال العلامة عبد العزيز الميمني في المقدمة: "وإنما سماه أبو تمام الوحشيات؛ لأن هذه المقاطيع أوابد وشوارد لا تُعرَفُ عامةً، وأغلبها للمقلّين من الشعراء أو المغمورين منهم.
وقرأت مرةً عند الدكتور عبد الرزاق الصاعدي تفضيله حماسة أبي تمام على الوحشيات، أنها "أجود" فوجدتُ أن الدكتور طالبَ الوحشيات بما لم توضَع له، فإن أبا تمام (كما ظهر لي) جعل معيار الجودة في الحماسة، ومعيار غرابة المعنى في الوحشيات، فلا اتفاق بينهما ليُقارنا.
ولعلي أقول إن الوحشيات هو تمثيلُ لو قال شعراء الجاهلية وصدر الإسلام شعرًا كشعر العبّاسيين.
وهذه أمثال من الوحشيات: قال خالد بن علقمة بن علاثة في قوم قد قبلوا الدية، فجعل اللبن الذي يحلبونه من نوق الدية يحول دمًا، وهذا معنى غير مألوف عند القدماء: إن الذي أصبحتمُ تحلبونَهُ دمٌ غيرَ أن اللون ليس بأحمرا
إذا سكبوا في القعب من ذي دمائهم رأوا لونَه في القعب وردًا وأشقرا
وقول الفرزدق وقد عُيّر بقلة ولده: فإن تميمًا قبل أن يلدَ الحصى أقامَ زمانًا وهو في الناس واحدُ وهذه التقاطة عجيبة، يقول لا تعيروني بقلة ولدي فإن تميم بن مر كان يومًا ما رجلًا فردًا، والآن صارت تميم أكثر القبائل عددًا، (قبل أن يلد الحصى) جعل بني تميم كالحصى كثرةً. وقول السموأل: ميتًا خُلقتُ ولم أكن من قبلِها شيئًا يموتُ فمتّ حيثُ حَييتُ هذا ليست طريقة الجاهليين!
التقييم: ★ ★ ★ ★ ★ الصفحات: ٣٠٦
والتقييم كامل لأني وجدت فهم الكتاب فتحًا كفتح دمشق 💚 والحمد لله رب العالمين.
سامح الله حبيبَ بن أوس وطيب ثراه وذكراه وغفر له فقد اهلك القلوب وفت في الأكباد ، بين الفينة والاخرى اذهب فأعيد مختاراته واخص بها باب المراثي في الحماسة الكبرى والصغرى وأعود من هذا الباب كمن فقد أهله اجمع