ابوعثمان عمرو بن بحر جاحظ که با عمر درازش با چندین حاکم دورۀ عباسی همدوره بود، برای آشنایان با حوزۀ ادبیات عرب آوازهای چنان بلند دارد که او را «پادشاه نثر عربی» خواندهاند و دامنۀ اطلاعات او چنان گسترده است که شناخت جامعۀ اسلامیِ آن عصر، جز با خواندن روایتهای گرم و جاندار و گزارشهای بیپروا و بیپردهاش از مناسبات اقشار مختلف مردمِ آن زمان امکانپذیر نیست. جاحظ با زبانِ فارسی هم چندان بیگانه نیست؛ او زاده و درگذشتۀ بصره است؛ کانونی اسلامی که ملتها را آبدیده کرده و آنها را در هم آمیخته و در یک طیفِ تمدنیِ چندوجهی اما همسو، گرد آورده بود. او در روزگار خود با گویشوَران فارسی هم میزیست و دوستان و استادان و شاگردان و هماوردانی فارسیگو نیز داشت؛ چه، در آن دورۀ عباسی ارتباط میان زبانهای عربی و فارسی نه ارتباطی از سر چالش و رقابت که پیوندی از جنس پشتیبانی و همافزایی بود. نویسنده در کتاب حاضر کوشیده در بصرۀ سدههای دوم و سوم، روایتی داستانی را پی بگیرد تا چندفرهنگی حاکم بر این شهر را، با محوریت شخصیت جاحظ نشان دهد.
هو كاتب أديب وصحفي موريتاني يعمل مراسلا لقناة الجزيرة في جنوب إفريقيا. كان ولد الدين أهم صحافيي قناة الجزيرة الذين غطوا كأس العالم الذي نظم للمرة الأولى في إفريقيا عام 2010. يتميز بين مراسلي الجزيرة بلغته العربية الصقيلة المستقاة من ثقافة شنقيطية أصيلة. حيث درس ولد الدين في المدارس الأهلية المعروفة في موريتانيا بالمحاظر. ثم درس الأدب في جامعة نواكشوط ودرس اللغة الإنكليزية في الولايات المتحدة الأميركية. يكتب ولد الدين في قضايا كثيرة مثل الأدب والسياسة وله مدونة خاصة تحمل اسم «كنّاشِ أحمد فال ولد الدين». اعتقل أحمد فال ولد الدين إثر تغطيته للأحداث الدائرة في ليبيا في مارس 2011، ثمّ أطلق سراحه ليعود إلى نواكشوط سالماً.
دیده ور یا صاحب بصیرت ، یا کسی که بینش دارد ، یعنی نه فقط چشم، بلکه چشمِ جان یا کسی که میبیند آنچه دیگران نمیبینند ، کتابی است از احمد فال الدین ، نویسنده موریتانیایی . او در این کتاب نگاهی انداخته به زندگی ابوعثمان عمرو بن بحر، معروف به جاحظ ، پادشاه نثر عربی ، نویسنده معروف که در آثارش ، از جانوران تا سیاست، از اخلاق تا بلاغت، از روانشناسی تا قومشناسی، تقریبا همهچیز را بررسی کرده . فال الدین هم چنین نگاهی بسیار کلی انداخته بر خلافت عباسیان ، در دوران هارون الرشید ، مامون پسر هارون و معتصم ، دیگر پسر هارون . یعنی زمانی که عباسیان در اوج قدرت و ثروت و بغداد و بصره شهرهایی رویایی و هزار و یک شب بودند تا زمان معتصم ، هنگامی که افول آنان شروع شد . نویسنده کاری به سیاست یا فتوحات عباسیان در این دوران ندارد ، گرچه فاجعه سر بریدن جعفر برمکی ، به دست هارون الرشید یا جنگهای امین و مامون برای جانشینی را کوتاه و مختصر اشاره ای کرده . آن چه منظور نویسنده بوده ، بحث های آزاد علمی و مذهبی بوده که در دربار خلیفه ، چه هارون الرشید و چه مامون صورت می گرفته و دانشمندان و علما ، با دین های مختلف به سوالاهای خلیفه پاسخ می دادند و یا در حضور او ، به بحث و جدل می پرداختند . این گونه علم در شرق برای دوران کوتاهی شکوفا شد و شرق را از جهات مختلف مانند شهر سازی ، بهداشت ، علمی ، فرهنگی و فلسفی در جایگاهی بسیار بالاتر از غربی قرار داد که هنوز درگیر فروپاشی امپراتوری روم و جنگهای داخلی بود . این گونه دانشمندانی مانند جاحظ هم ، نه تنها شکوفا شدند ، بلکه هم از جانب حاکم شهر و هم از طرف خلیفه ، پشتیبانی مالی می شدند تا فارغ از غم نان ، تنها به تحقیق و تالیف مشغول باشند . اما این دوران طلایی با مرگ مامون و قدرت گرفتن معتصم کم کم تمام شد و شکنجه دانشمندان ، جای بحث های آزاد را گرفت . شاید بتوان کتاب نویسنده را به سه قسمت تقسیم کرد ، دوران جوانی و گمنامی جاحظ ، زمانی که او در بصره جوانی دانشمند اما ناشناس بود . دوران میانسالی و اقامت در بغداد و شناخته شدن به عنوان یکی از علما و قسمت آخر ، سکته مغزی جاحظ و برگشتن او به بصره و زندگی دوباره میان کتاب ها و البته مردم عادی . بصره یا بغداد ؟ تفاوت میان بصره و بغداد را نمی توان تنها جغرافیایی یا تاریخی دانست . فالالدین از این دو شهر تصویری نشان داده که هرکدام نماد نوعی دیدن و نوشتن هستند؛ دو جهان، دو شیوهٔ بودن. بصره گویی شهری است که در آن زبانها با هم برخورد میکنند: عربی، فارسی، حبشی، یونانی، لهجههای محلی . اما بغداد، شهریست که در آن زبان تثبیت شده . جاحظ تا هنگامی که در بصره زندگی میکند، فردی است که هنوز در حال دیدن یا همان دیده ور است اما. هنگامی که به بغداد میرود، دیگر دیدهور نیست؛ بلکه نویسندهایست که باید بنویسد آنچه را که باید نوشته شود . در حالی که بصره نماد چندفرهنگی بودن است اما بغداد شهریست که در آن زبان تثبیت شده است . معتزله یا اهل حدیث : یکی دیگر از بحث های مهمی که فال الدین در میان بحث ها و مجادله های کتاب به آن پرداخته ، بیان دیدگاه های معتزله که جاحظ هم از پیروان آن بوده با اهل حدیث است . معتزله طرفدار عقل و خرد برای پیروی از اسلام بودند و در مقابل ، اهل حدیث ، قران و حدیث را کافی می داند . طرفداران این دو دیدگاه ، بارها نظرات خود را در درازای کتاب شرح می دهند و البته نویسنده هم نتیجه ای از درست و بر حق بودن هیچ یک نمی کند . در پایان کتاب دیده ور با ترجمه عالی آقای مروارید را باید از آن دست آثار نادر و عمیقی دانست که در مرز میان رمان تاریخی، روایت فلسفی و بحث های علمی حرکت میکند . این کتاب نه صرفاً داستانی دربارهٔ جاحظ، بلکه بازخوانی تجربهٔ زیستن در جهان اسلامِ قرون اولیه است ، در مواجهه با قدرت و معنا .
لو سألني سائل عن كتاب يصف البصرة في عصر الجاحظ رأي العين لأشرت عليه بقراءة هذه الرواية الباذخة. هنا نرى حواري البصرة ومختلف ساكنيها ونسمع تمازج اللغات واللهجات ونلمس جدرانها وأسوارها ونحضر حلقات العلم فيها. وازى فال في الرواية بين عصر الجاحظ وزمن الكاتب؛ وهنا تمنيت لو أن أستاذنا الكاتب المبدع أدخلنا إلى أغوار الدوحة، بصرة اليوم، كما فعل بنا مع البصرة. فقد اجتمع في الدوحة من أصناف الناس ولغاتهم ومثقفيهم ومعهم شتى العادات والأسرار ما يذكرنا ببصرة الجاحظ. أما القسم المتعلق بالجاحظ فقد أبدع فال في جعل لغته معبرة عن زمن أبي عثمان وأثبت لنا كيف يحلق البيان الرفيع بالرواية وأن المتصلين بتراثنا الثري أقدر على الإبداع في السرد من أوهام وأساليب الحداثة وأصحابها. وهل لي بالقول مرة عاشرة أن هذا انتصار آخر للقرويين ؟ فسلام على أبي عثمان وعلى فال الجميل
الحدقي، الجاحظ أو عمرو بن بحر.. يا ربي على جمال الرواية وجمال موضوعها وجمال لغة الكاتب. الرواية لمن يحب رؤية أجواء البصرة وبغداد أيام العلماء والشعراء، أيام الخليل بن أحمد والجاحظ وأبو نواس، ثم أيام المعتزلة وفتنة خلق القرآن.. ولمن يريد التعرف على حياة الجاحظ: نشأته مشاعره وحبه وأفكاره ومبادئه ونضوج وتطور تلك الأفكار، وكيف ألف كتبه وكواليس كتابة تلك الرسائل التي نعدها اليوم من درر الأدب العربي.. المرة الأولى التي أقرأ عمل للكاتب وأدهشني وجود نص مكتوب بمثل تلك اللغة القوية الجميلة في هذا الوقت القريب ولكاتب معاصر(بعد البحث عن الكاتب وقراءة سيرته الذاتية على جودريدز وجوجل عرفت سبب تمكنه من اللغة وحبه لها). فعندما كان يتحدث بلسان الجاحظ وأهل ذلك الزمان لم أشعر بحاجز اللغة يعيقني عن الاندماج في الأحداث ولكن كانت المشاهد كصور حية مكتوبة في ذلك الزمان. شجعتني الرواية لقراءة أعمال أخرى للكاتب أحمد فال ولقراءة كتب الجاحظ المؤجلة. Thu, Oct 14, 2021♥️📚
إرتكز الكاتب على نقاط القوة فيه والتي تتمثل في لغته العربية الباذخة المنسابة بسلاسة وإتقان من خلال سرد روائي فيه من أخبار القصص الغابرة من شعر الجاحظ وحياته الكثير تقاطعت الرواية بإنسجام معدوم بين حاضر قصة مدقق لغوي في إحدى القنوات التي تعني بالمادة الإخبارية السياسية ولعل هذه المفارقة تشي بأن الكاتب إقتبسها من حياته الشخصية كونه يعمل في قناة الجزيرة الإخبارية إقحام الفكر الثقافي السعودي من خلال شخصية حصة أتى باهت وغير مقنع كما أن السياق وحبكة السرد في الرواية "هذا إذأسميناه رواية لم يك مقنع البتة بل أنه كان عاملاً مساعداً في شتات النص وتقريب الفكرة كما أنه رهل النص وسطحه أجمل ما في الكاتب هي تلك السطور التي تحدث فيها عن الجاحظ وعرج من خلالها على حديث مقتضب عن بشار ابن برد كما أنه أنعش الذاكرة عن تاريخ البصرة وبغداد وتلك المناهل الثقافية واللغوية والشعرية التي كانت آنذاك..لغة عربية بإقتدار ضمن نص روائي باهت
الحدقي: رواية تاريخية تبرز صورة مشرقة للثقافة العربية الإسلامية في القرنين الثاني والثالث الهجري. تدور أحداث الرواية في زمنين ومكانين مختلفين بين الحاضر والماضي، بين أحياء البصرة وبغداد. وبين الدوحة وقناة العروبة. يربط بين بطليها حب اللغة العربية والانتصار لها. في الدوحة ( محمد القروي) موريتاني يعمل مدققًا لغويًا بقناة العروبة. كُلف بكتابة نصٍ لفيلم تاريخي عن أحد أعلام الأدب والبيان في التاريخ العربي، شيخه وقدوته " أبي عثمان عمرو بن بحر ( الجاحظ )" والذي كثيرًا ما يستشهد به فالرد على عجمة زملائه واستهتارهم باللغة، فهو يرى "أن الوجود البشري لا ماهية له خارج أسوار اللغة".
وعلى الجانب الآخر في حي العلافين بالبصرة، يجلس (الجاحظ) داخل بيته وعلى جانبيه الكتب والكراريس المتناثرة والفقر المدقع. يصحبنا الكاتب عبر صباحات (الجاحظ) ومساءاته على نهر سيحان المكتظ بالصيادين والباعة والفضوليين، إلى سوق البصرة العامر بالدكاكين والكتب المتناثرة ومدابغ الجلود والباعة والمكارين وعمائم الوراقين ومشايخ وطلاب، " يسترق السمع لأحاديثهم وللألسن واللهجات الصقيلة المختلفة". مرورًا بأخصاص الخليل بن أحمد الفراهيدي حيث نبغ وتميز، وصولًا إلى مناظرات الفرق الكلامية( أهل الحديث، المعتزلة، المجوس، النصارى) ومذاهب أخرى كانت تضج بها مساجد البصرة آنذاك. وأخباره مع أصحابه المسجديين وطرفهم، ومع شهرته التي طوقت الآفاق ينتقل إلى بغداد ليكون ضمن مجلس المأمون.
استطاع الكاتب بأسلوبه الرائع في الوصف وتوظيف الحوارات بين الشخصيات، ولغته البديعة، تقديم صورة جيدة لعصر اتسم بالحركة الفكرية والعلمية وتنوع الثقافات والأعراق والعقائد وكثرة المناظرات. وصراعات الدولة العباسية گ( نكبة البرامكة، وصراع الأمين والمأمون، ومحنة الإمام أحمد بن حنبل، وقتل المتوكل). كما نجح في إعطاء صورة شاملة لحياة "الجاحظ" ومراحل تدرجه في الحياة الفكرية والثقافية بين منافسيه وأقرانه من أدباء وعلماء ومشايخ وشعراء، وبعدما كان يجالس الدهماء، أصبح من جلساء الأمراء والخلفاء. ركز الكاتب على تبيان نبوغ الجاحظ الأدبي وفصاحته ودفاعه وغيرته على العربية، ون��رته للحب والمرأة، ولم يخض في فكره الاعتزالي إلا بعض الإشارة الطفيفة. الرواية في المجمل رائعة خاصة الجزء المتعلق بالبصرة. إلا أن الكاتب تشتت بعض الشيء في الجزء المتعلق بالقروي( ربما لكونه يعبر عن جانب ��ن حياته الشخصية والمهنية). #تمت😍
تنضم بخفة لقائمة الروايات المميزة,وجدتُ نفسي غارقة فيها ,أكثر ما أعجبني لغة الرواية وتعجبي لأنها رواية حديثة الإصدار لكنها رواية لموريتاني وهي كفيلة أن تعرب عن براعة الموريتانيين وتمكنهم من ناصية اللغة :))
"شيء عجيب" كما كان يقول شيخ المعتزلة "إبراهيم النظام" طوال الرواية 😍
أحب البصرة وبغداد جدًا جدًا أيام العلماء والشعراء واستمتع جدًا ببهائها وبهاء ناسها وهذه الرواية تقدم لنا هذا 😍❤️
من هو الحدقي؟ هو عمرو بن بحر المعروف باسم الجاحظ، و"الحدقي" وهي إحدى مفردات كلمة الجاحظ.
تدور أحداث الرواية حول شاب موريتاني يعمل مدققًا لغويًا في قناة "العروبة" في الدوحة، طُلب منه كتابة نص لفيلم وثائقي عن إحدى الشخصيات التاريخية، فاختار الجاحظ رائد النثر.
ومن هنا تسير الرواية بالتوازي بين زمنين مختلفين متباعدين، زمن الشاب الموريتاني ومحبوبته السعودية اللذان يعملان في الدوحة، وزمن الجاحظ - أواسط الخلافة العباسية - في البصرة، وقد انتقل الكاتب بين الزمنين بسلاسة.
يصور الكاتب مدينة البصرة في ذلك الوقت ببراعة تجعلك تعيش المشهد كأنك داخله، ترى الجوّ الذي نشأ فيه الجاحظ، حيث يحكي عن طفولته وتتلمذه على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي، وأبرز المناقشات والمناظرات التي شكلت شبابه، مرورًا بوصف حياته في بغداد ومجالسته للوزراء والخلفاء، وحتى فترة مرضه ومماته. اللغة هنا أكثر من رائعة، السرد سلس ومشوق، رسم شخصيات رائع، ووصف العصر العباسي كأنك تراه رأي العين 😍
"كيف تقول إن اللغة ليست كل شيء؟ بل هي كل شيء فالكون إنما خرج من العدم بكلمة واحدة هي "كن" .. وهذه الأمة الفاخرة - التي يجمعنا الانتماء لها - إنما وُلدت من كلمة واحدة في غار حراء "اقرأ" إن الوجود البشري لا ماهية له خارج أسوار اللغة".
"إن كل ما ترينَه لن يبقى منه للتاريخ إلا ما يُخلده قلم مبين، أو يفتَكّه شاعر بليغ من بين أنياب الزمان!"
رواية ماتعة، انتشلتني من عالم العِيِّ واللَّحنِ والركاكة، وسافرت بي إلى عالم الفصاحة والبلاغة والبيان.
تدور أحداث الرواية حول قرويّ موريتاني يعمل مدققا لغويا في قناة "العروبة"، طُلب منه كتابة نص لفيلم وثائقي عن إحدى الشخصيات التاريخية، فاختار الجاحظَ فاتِق النثر وأبرز من أمسك القلم العربي وكتب به. وبذلك تسير أحداث الرواية في تناسق ذكي بين زمنين مختلفين متباعدين، وفّق الكاتب كثيرا في الربط بينهما بسلاسة، زمن القروي المثقف الغيور على اللغة العربية الذي يعيش في الدوحة، وزمن الجاحظ إمام الفصاحة ورائد النثر، الذي عاش في البصرة حاضرة العراق ومهْد النحو والأدب، وعاش أيضا في بغداد عاصمة العلم والدولة العباسية آنذاك.
تكمن جمالية الرواية في اللغة الأنيقة والراقية لكاتبها، وفي رقة تعابيره، وقدرته الوصفية البديعة، الذي استطاع من خلالها رسم شخصيات أبطالها بشكل رائع، ووصف العصر العباسي كأنك تراه رأي العين، بدءا من وصف حياة الجاحظ ومعاناته في حيّه الفقير، ورحلة طلبه للعلم، مرورا بوصفه لأسواق البصرة وشوارعها، ومساجدها وما كان يدور فيها من مناظرات وحلقات علمية، ووصولا إلى وصف حياته في بغداد ومعاشرته ومنادمته للوزراء والخلفاء. وأيضا وصفه لحياة القروي المثقف الذي يقع في حب زميلته وتبدأ معاناته معها، ومع زملائه بسبب غيرته على اللغة العربية واستهتارهم بها. وكذلك إدراجه لعدة شخصيات تاريخية ودمجها مع حياة الجاحظ، أضافت للرواية لمسة سحرية زادت من روعتها.
رواية جديدة عن شخصية عتيقة. رواية عن شخصية هي الجاحظ، وعن مكان هو البصرة، وعن زمان هو أواسط الخلافة العباسية. وإن شئتَ قلت هي رواية عن حضارة إسلامية، أيامها تشبه خيال حالم. والتطواف مع الجاحظ وفي زمنه تطوافٌ ماتع بديع، لما كان في حياته وأعماله من غنى. وقد أجاد الكاتب في قفزاته التاريخية في ما يزيد على التسعين عامًا، هي سنوات عمر الجاحظ، وما ذلك باليسير! تتوازي قصة الجاحظ في الرواية؛ مع قصة الراوي الذي يعرض لقصة العربية اللغة التي باتت تشكل عبئًا على قناة فضائية عربية اسمها "العروبة"! ويعرض لقصة العربي الشخص الذي ما عاد أصله العربي ولا علمه وأدبه كافيان ليجد ترحاباً أو مُقامًا ومَقامًا بين العرب، وإنما عند العجم. في صورة معاكسة تماماً للجاحظ وزمانه لغة الرواية جزِلة، تعجب شغوفًا بالعربية. لكنهّا تُناسب الجاحظ كاتبًا، لا مكتوبًا عنه. وقد تُناسب زمن الجاحظ، لكنها لا تناسب قالب الرواية المعاصرة. العمل بشقّه الجاحظي، لا أراه رواية بقدر ما هو تطواف قصصي في سيرة الرجل. وقد عجز الكاتب عن الدخول إلى أعماق الجاحظ، واعتمد على إنطاقه أفكارَه، فجاءت سيرته باهتة. أما شقه القروي (كما يصف الراوي كاتبَ قصة الجاحظ) فلا المساحة ولا الشخوص ولا الأحداث تجاوزت حجم ومستوى القصة القصيرة العادية.
"الآن هنا" وبعيدًا عن الرواية ونصها، هل سبق لك أن كنت فخورًا بقراءة رواية عربية كليًّا؟ -وأقصدُ بكليًّا هنا؛ فكرةً وسبكًا وحَكْيًا وكل شيء-
نعم، أنا كنتُ فخورًا أيّما فخر بقراءة هذا العمل لفال ولد الدين ذي الروح الجميلة والثقافة الواسعة والذي أتابعه منذ سنوات في أسمار وأفكار.
"الآن وهنا" في داخل البصرة !
إن لم يكن في الرواية -أي رواية- أن تسافر بك كل هذه السنين وتضعك في قلب هذه المدينة التي لا يضارعها في نظري غير قرطبة في أوج مجدها، وبكل تنوع ثقافتها ومثقفيها، بكل ما فتشاهدها عيانًا بيانًا كأنك من ساكنيها، فتعيش معهم أفراحهم وأتراحهم، وتنزل معهم سوقهم وتشري وتشتري من حوانيتهم، وتحضر مناظراتهم من كافة طوائفهم واختلاف مشاربهم وأديانهم، فتلكم غاية لا تدرك إلا بقلم رشيق من فتى الصحراء.
ربما يكون أصعب ما في الكتابة التاريخية هي النقطة التي بها يبدأ الحكي، إذ كيف تتغير مجريات الماضي؟ بالطبع لا تتغير، لكن تتغير النظرة إليها.
وهنا يحضر بيجوفيتش في هروبه الكبير بمقولة: التاريخ الشعبي تصفه رواية. وهذا ما نجح فيه المؤلف، غير أن المأخذ الوحيد الذي لم أفهم زيراده هو تداخل الحاضر مع الماضي؟ لمَ أورد الكاتب حبكة محمد وحصّة هنا؟ لم أفهم إيراده.
رواية ممتعة تعيد للنّص الرّوائي العربي مكانتَه الأدبيّة من حيث لغتها العربيّة الفصيحة ونثرِها السّردي الجميل، أجاد الكاتب (مراسل قناة الجزيرة) في الكتابة بلغة قريبة من لغة عصر الجاحظ الذي تتمحور حوله أغلب الأحداث والتي تعنيه أساسًا بعنوانها "الحَدَقي" وهو بالمناسبة أبو عثمان عمرو بن بحر البصري (ت255ه) وليس محمد بن بحر كما هو مكتوب في وصف الكتاب هنا، ثمّ إنّ الكاتب راوح بين فصول حياة الجاحظ وفصول حياته داخل أروقة قناة "العروبة" من خلال شخصية "محمد القروي" العاملِ مدقّقًا لغويًّا المولعِ بالجاحظ والذي أوكلت له القناة مهمّة إعداد نصّ روائي ليتمّ إنتاجه فِلْمًا وثائقيًّا عن الجاحظ فكانت السّرديّات والحوارات الشّيقة بعد ذلك الّتي أظهرت معرفة الكاتب القويّة بالعقائد والثّقافات والسّياسات وصراعاتها في تلك الحِقبة من بدايات الدّولة العبّاسيّة، وممّا أفادتني به هذه الرّواية فكريَّا هو ازدياد قناعتي بفكرةٍ صارت تجول كثيرًا بخاطري، وهي أنّ أمثلَ بناءٍ تأسيسيٍّ للفرد المثقّف المسلم ما قام على المزاوجة بين تسنّن أهلِ الحديث وصحّةِ معتقدهم وتسليمِهم لنصوص الوحي وبين آداب المتكلّمين وإتقانهم للعلوم العقليّة واللّغويّة.
. . دعنا نتفق بأني لست من عشاق قراءة السير التاريخية المدمجة في الأعمال الأدبية كالروايات تلك التي يخلط بها المؤلف ما بين الحقيقة ومابين الخيال ! وأعتقد أن التطرق لهذا الطرح وهذا الأسلوب خطيرًا جدًا وشائك خاصة إن كانت الشخصية ذات بعد ديني وثقافي عميق يضرب في صميم التكوين العربي أو حتى الإسلامي، فأنا لا أحب هذا الخلط أبدًا وأحب أن أقرأ السير مكتوبة كما هي حادثة فعلاً بعيدة عن " شطحات " خيال المؤلفين أنفسهم.
أما بعد… في رواية الحدقي يُروي لنا أحمد فال ولد الدين الكاتب والصحفي الموريتاني حكاية قسمها على زمانين اثنين، حاضر معاصر وقريب وماضي بعيد، تناول في القسم حكاية لشاب يعمل في قطاع الأخبار وهنا يحضرني سؤال كون الكاتب مراسل في قناة الجزيرة هل كان ولد الدين هنا يتحدث عن نفسه ؟. خلال سرد هذه الحكاية يتطرق ولد الدين للعديد من القضايا العاطفية وا��إنسانية والسياسية والإجتماعية ولعل أهمها النظرة الدونية التي يكنها البعض تجاه الجنسيات الأخرى والتي نُعاني منها حتى هذه الساعة، أحببت طرح المشكلات ولكنني لم أحب الطرق التي عالجها المؤلف بها. أما عن الزمان الثاني وهذا هو الزمان الأكثر صعوبة كان الحديث عن شخصية الجاحظ ( الحدقي )، اذا يبدو لي أن ولد الدين قد استعان بخياله الأدبي بشكلٍ مبالغٍ فيه هز من خلاله هيبته العديد من الشخصيات التراثية التي نعرفها!. إذا أردت أن تقرأ الرواية، افعل ولا بأس ولكن إياك أن تعتمد عليها كمرجع تاريخي يروي سيرة هؤلاء. تذكر أنها رواية.
ماذا بعد القراءة ؟ انظر لِمن تَهِبُ قلبك، واحذر من أن تهبه لمن لا يستحق.
ثقافة الروائي _أحيانا_ تشغب على سرده.. بدأت الرواية بفلتات استعراض معرفي كادت تودي بالسرد، ولكنها تجاوزتها وأخذ السرد ينضج ويشتبك ويختفي صوت ولد الدين تاركا المجال للوحتي البصرة والدوحة المحبوكتين من تأملات في الزمان والمكان والخلق وأوجه التشاكل والتباين بين كل معروض وقرينه.. مع هنات تنقلك من انغمارك اللذيذ بالرواية إلى صوت رسالي لديه ما يقوله حتى ولو ضحى بالفن في سبيل القيمة. من المآزق التي تعثرت فيها الرواية_وتواجه أي رواية تاريخية_ هي الإحساس بالحاجة إلى التعريف عن الأحداث والشخصيات، فبين الاعتماد على ثقافة القارئ، والتوجس من قصوره عن حسن التلقي؛ تأرجح السرد بين الانسياب الأنيق والتعريفات المنثورة بشكل فج في ثنايا الحوارات.
رواية الحدَقي في خضمّ البحر/ حمود الفاضل على متن سفينة "العوّام" قافلا من غينيا بيساو إلى انواذيب، في طريق بحري مضطرب، كانت رواية الحدقي رفيقا لي. الحدقي رواية تاريخية للكاتب الموريتاني أحمد فال بن الدين صدرت قبل أيام، تحكي طرفا من حياة الأديب العربي الكبير أبي عثمان عمر بن بحر الجاحظ. أهداني أحد الأصدقاء الرواية بصيغة بي دي أف، ومع أني كنت أُفضل قراءتها ورقيا، إلا أن التّشويق الذي قدّم به الأخ عبد الحبيب للرّواية في مقال على موقع الجزيرة نت، وكذا الملل والرّتابة اللتان تغلبان على راكب البحر، نتيجة الفقر الكبير في التنوع؛ فلا شيء على ظهر السفينة ستراه في الاتجاهات الأربع سوى زرقة السماء والماء! كل ذلك دفعني لأن أبدأ القراءة فورا، مع تسجيل بعض الملاحظات والانطباعات الأولية؛ الرواية في أغلبها، رواية كثيفة متراقصة الأحداث، تسير في تناسق ذكيّ بين خطّين زمنيين متباعدين جدّا، لكن الكاتب استطاع إيجاد وحدة موضوعية طوت فارق الزمان والمكان بين شخصية الجاحظ في القرنين الثاني والثالث الهجريين، متنقلا بين البصرة وبغداد، ومحمد القروي في القرن الحادي والعشرين الميلادي في قناة العروبة بالدّوحة. كما نجح الكاتب في اختيار الأسلوب السّردي المناسب لكل فترة؛ ففي يوميات محمد القروي في قناة العروبة، تحسّ حركية الزمن وسرعته في قاعة الأخبار، فهذه مقدمة أخبار تركض، وذاك منتج أخبار يقفز... بينما تشعر بالزمن وكأنه يتمدد في يوميات الجاحظ. لقد وُفّق الكاتب أيضا، بمستوى كبير، في المُزامنة السّردية بين القصتين، مما يجعل القارئ أحيانا يشعر بأن للرّواية بطلا واحدا وروحا واحدة تسري في مجمل النص، وهذا اختبار صعب في الروايات التي تُحاول التحكم في خطّين زمنيين متباعدين جدا، وهو نمط من الروايات آخذ في الحضور، نجحت فيه بشكل كبير الرّواية البديعة "قواعد العشق الأربعون" ولعل الحدقي نحت ذلك النحو. تبدأ قصة محمد القروي من غرفة الأخبار في قناة العروبة بالدوحة مدققا لغويا، يدفع به تعصّبه للغة العربية وحساسيته الشديدة من الأخطاء، وما جلبه عليه ذلك من معارك مع زملائه في العمل، إلى أن يستقرَّ به الأمر على مشروع كتابة رواية عن الجاحظ، وهو العمل الذي يجد فيها راحته وذاته المهنية "اكتب ياعم ففي عالم الجاحظ لن يشْغَب عليك أحد" لكن غرفة الأخبار ستُورّطه في قصة حبّ غريبة، مع فتاة سعودية تعمل في أمن المعلومات بالقسم التقني في القناة، أو من يُسميهم الكاتب في إبداع طريف "النفّاثات في العقد". حصة أو "مطوعة بريدة" هي فتاة سعودية "وجهها طويل قليل اللحم، عيناها عميقتان وشفتاها مُحايدتان، مع قامة مربوعة أقرب للقصر، وجسم يشي الجينز الضاغط له بأن لاشيء فيه يدعو للأهمية أو ليّ الأعناق، أورثها الجو الدّيني المكثف في منطقتها بالسعودية ضيقا شديدا بالمتدينين، وفهما خاصا للإسلام؛ فهي تسخر من المتدينين لكنها تخشى من العين خشية مجنونة، تدعو إلى الليبرالية الاجتماعية لكنها ضد الحرية السياسية، تنتقد الحركات الإسلامية السياسية لكنها تدافع عن المدرسة الوهابية بعقلية بدوي يطلب ثأر أبيه" هي باختصار "حنبلية في مسلاخ ليبرالية وقبَليّة في لحاف مواطنة" ولأن محمد القروي "يضيق بالفتاة الباهتة العادية التي تخلو حياتها من تعرجات أو نتوءات، ويبحث عن فتاة تفاجئه طول الطريق حتى ولو كانت مفاجآت سلبية" تمكن منه حُبّها، كما أحَبّته هي أيضا، رغم غرابة شخصيته بالنسبة لها، لقد "كان من أكثر ماجذبها إليه تدينه المخالف للتدين الذي عرفته، فعندما رأته أول مرة لم تتوقع تدينه، لكنها مع طول الصّحبة هَجَمتْ منه على خصائص غريبة، فقد اكتشفت استحالة التواصل معه ببعض الأماسي وبعد تتبع وكيد فهمت أنه يعتكف في مسجد منعزل في ضاحية من ضواحي الدوحة"! أما الجاحظ فتبدأ قصته من اليوم الذي قُتل فيه الشاعر بشار بن برد بتهمة الزندقة، كان يومها "طفلا في عامه التاسع، متشبثا بيد أمه، وعيناه الجاحظتان الواسعتان تدوران بسرعة متأملتين كل التفاصيل، كانتا تخترقان الحشود وتعودان إلى هامته، وقلبه يكاد ينزُو من بين أضلاعه فرقا" تبحرُ بك الحدقي بعد ذلك، في بناء سردي شائق وماتع، فتنقلك بسلاسة من غرفة أخبار قناة العروبة ويومياتها المتسارعة المكتظة بمطاردة الأخبار، إلى صباحات الجاحظ ومساءاته على نهر سيحان بالبصرة، المُكتظّةِ جَنباته بالسّماكين والصّيادين والباعة والفضوليين، حيث الجاحظ يتلقف سمك الشّبوط، إلى سوق البصرة العامر، حيث حركة الناس من كل الأصناف لا تتوقف، من باعة ومُكارين ومشايخ وطلاب، إلى أزقة درب الطويل والسوق الكبير "التي تُظِلُّ سُحنا مختلفة وأمشاجا وأخلاطا لا تجتمع بمكان في الدنيا إلا في هذه المدينة". كان الجاحظ يتنقل في درب الوراقين بسوق البصرة حيث الكتب المتناثرة والدكاكين الغاصّة بالناس، "يسمع للّسان الفارسي بمطّاته الحلوة واللّهجة البدوية الصقيلة وسط لهجات ولكنات هجينة أخرى" إلى يوميات أخصاص طلاب الخليل بن أحمد الفراهيدي، حيث نبغ الجاحظ وتميز، إلى أجمل وأمتع مافي الرواية حيث المناظرات بين مشايخ المعتزلة وأهل الحديث وعقائد المجوس والنصارى، وغير ذلك من الملل والمذاهب والمدارس والأفكار التي كانت تضجّ بها البصرة أيام الجاحظ، لقد كان ذلك العصر عصرا غنيا بالمناظرات وحركة العقول وتدوين العلوم، بين هذا وذاك تُعرّج بك الرواية لتنقل لك طرفا من يوميات وأخبار "جماعة المسجديين" ممن ينتحلون الاقتصاد في النفقة والتثمير للمال، فلا تتمالك نفسك من الضحك الشديد. من البصرة ينتقل الجاحظ إلى بغداد، بعد رواج بعض رسائله، ويتبدّل حاله من فقر مدقع إلى يسر وسعة في العيش، بغداد حيث المأمون وبيت الحكمة وحركة الترجمة والمناظرات التي لا تتوقف بين المعتزلة وأهل الحديث وغيرهم من المدارس الأخرى. في بغداد زادت عزلة الجاحظ مع كتبه، فبغداد المدينة السّاحرة المضطربة بالأحداث ورغم كل ما تضج به هذه المدينة فإنه "لن يبق منه للتاريخ إلا ما يُخلّدُه قلم مُبين، أو يَفْتَكَّه شاعر بليغ من بين أنياب الزمان". فهم الجاحظ هذا المعنى، فانكبّ على كتبه وخلّد بقلمه الأصيل ذلك التاريخ في أروع ما كُتب بالعربية. نجحت الرّواية في نقل صورة "ملونة" من البصرة وبغداد في القرن الثالث الهجري، الزاخر بالحركية العلمية، المتنوع بالثقافات والأعراق والعقائد والمدارس والمناظرات.. وفي كل ذلك كان الجاحظ في خضم تلك الحركية، حاضرا في كل الميادين، منافحا بفكره المتقد مع شيوخ المعتزلة، مسايرا أعلام البخلاء وأهل الإصلاح والاقتصاد، مسامرا الشعراء، مُتسمّعا لأحاديث الأعراب حيث الأصمعي والكسائي يحرشان بينهم، حتى نحل جسمه وضعف وأصابه الفالج فألقى به مٌتكوّما بين آلاف الكتب داخل غرفة معزولة في زاوية من زوايا البصرة. أما محمد القروي فقد انتهت قصّة حبّه الغريبة إلى الفشل بعد رفض والد حصّة تزويجها منه، وإلى طرده من العمل مُكبّلا بقروض بنكية، ليعيش أياما صعبة في الدوحة، قبل أن يأتيه الفرج من سويسرا حيث سيعمل مستشارا لشركة غوغل بزيورخ تقديرا لجهوده في تصحيح الترجمات الآلية. نجحت الرواية في "القبض" على صورة حية من حياة الجاحظ الزاخرة بالحضور العلمي والتآليف البديعة، غير أنها لم تتوسع في ذلك، واكتفت بعناوين كبيرة دون الغوص أكثر فيها، وحتى الحوارات الداخلية الشائقة المحتدمة في نفس الجاحظ، والتي تناثرت بأقدار يسيرة جدا في ثنايا الرواية حول العلاقة بين سلطان العقل والقلب ومايتبع ذلك من مباحث، لو غاصت فيها الرواية أكثر لكانت عرضت لمبحث عظيم، لم ينل بعد حظه من الكتابة، لكن "مطوعة بريدة" -سامحها الله- والتي يبدو أنها جاءت على غير تخطيط أصيل من الرّاوي، ساهمت في تقليص ذلك الجانب الجميل من الرواية لتملأه بيوميات عادية في مساحة محدودة، قليلة التنوع، ليس فيها إلا مشهد دوام مُمل، يتكرر من غرفة الأخبار، وإن أراد التوسع فصعودا إلى الدرج العلوي حيث الكافتريا وحوارات "القيقة الخطيرة" صاحبة "نوكيا أبو المصباح" مطوعة بريدة، والتي لم تثمر شيئا ذا بال في حياة محمد القروي. ختاما، يبقى الأسلوب الروائي، خصوصا هذا النمط منه، الأقدر على ترسيخ الصّور وتقديم تراث الشخصيات الكبيرة، بأسلوب شيق يناسب أكثر زمان الناس هذا، ولقد نجح ابن الدين في جزء كبير من ذلك في روايته الحدقي، مقدما للقارئ في أسلوب لغوي أصيل، وبقلم أنيق رشيق، طرفا من حياة الأديب الموسوعي الجاحظ وزمانه الزاخر بالأحداث والحركية العلمية.
على الرغم من أنها في قائمة ما أود قراءته منذ سنوات! إلا أنني ولحسن الحظ لم أقرأها إلا اليوم. اليوم فقط كنت مهيأة لقراءتها. مازلت وبعد إنهائها في جلسة واحدة تحت تأثير ظُرف محمد القروي وتعصبه للعربية والكلمة والذائقة الرفيعة؛ وعالم الجاحظ الموازي وتعصبه للعرب والعربية؛ يا لعبقرية المقارنة وتوازي سير الأحداث في العالمين وخفة السرد وحلاوته! لم يسبق لرواية عربية أن استلبتني من ذاتي ومحيطي وألق�� بي تارة بين غرف الأخبار ونقاشات صُناعها وناقليها وكواليس طاقمها وأخرى بين جدران قصور الخلفاء ودواوين النساخ وأزقة المدن العريقة وضجيج سكانها وروائح دكاكينها وعطور نسائها وغنج جواريها كما فعلت رواية الحدقي.
أرفع رأسي مشدوهًا وكأنني كنت في عالم آخر بعد كل مرة أنتهي فيها من قراءة عدد من الصفحات، تعجبت، أي وحي يتنزل على المؤلف عندما يمسك قلمه، كيف ألانت اللغة جيادها لما تخطه يراع المؤلف.
ارتباط الإنسان بثقافته في الأوساط المختلفة يجعله محترمًا في أعين الناس وإن انتقدوه، قروي يعمل في قناة عصرية تتشابه تفاصيله بإمام الأدب الجاحظ، هل عشت في البصرة في زمن العباسيين؟ هل شممت بأنفك اختلاط روائح المواد من خضروات وعطور وفواكه طازجة ومتعفنة مع الغبار والنقع المثار من حوافر البغال والحمير؟
أكاد أجزم لك أنك ستخرج من واقعك مسافرًا إلى ذلك الزمان والمكان لترى وتعرف مدى قيمته لتجمع عدد هائل في مكان واحد وحقبة زمانية واحدة، ما سيكون شعورك حينما تعلم أن المجلس الذي ستدخله يضم الجاحظ والأصمعي والنظام والعلاف وسهل بن هارون؟
تعال معي نرى أسعار السلع ونعرف أنظمة سوق النخاسة وتجارة الجواري، ستدرك مدى التشابه في طريقة الحكم ومجالس الخلفاء في ذلك الزمان مع هذا الذي نعيش فيه،وستعلم أن اللحظتين لا فارق كبير بينهما وأن العقلية العربية في جذورها لم تتغير كثيرًا في ما عدا بعض التغييرات التي يحكمها الزمن بتغير أدواته.
علي بن المديني شيخ البخاري يحظى بمكانة كبيرة في نفوس أهل الحديث، أعتقد أنه لم يأخذ الصورة اللائقة به، انحياز المؤلف إلى المعتزلة واضح، رغم أن إدانتهم واجبة لأنهم لم يتسقوا مع أنفسم وهم أهل العدل والتوحيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في فتنة خلق القرآن وتعذيب الإمام أحمد.
ربما اكتفى الروائي بتجسيد مشهد تعذيب الإمام أحمد وهم جلوس في مجلس الخليفة في قضية رأي بإدانتهم بذلك.
أخيرًا : أعجبني حوار القروي مع والد الفتاة التي أراد أن يتزوجها، وهو مشهد صارخ عن واقع الناس.
#مراجعة رواية #الحدقي للكاتب الموريتاني #أحمد_فال_الدين 📝 :
📝من أجمل و أرقى الروايات التاريخيّة التٌي قراتها. رواية ساحرة،مبهرة وبارعة وثّق فيها الروائي بشكل مبدع وبحث بعمق في التاريخ وفي جميع التفاصيل الدقيقة للحقبةالمعنّية. جمع التّاريخ والخيال الأدبي فجعل من النصّ متعة في بنائه وسرده وأسلوبه وخاصّة في لغته. فاللغة كانت أحد أبرز نقاط قوّة العمل،لغة عربيّة فصحى متقنة ومتمكنّة. النصّ ككلّ،بشخصيّته الرئيسيّة وبيئته إنّما هو إلاّ إحتفاء جليل بلغتنا العربيّة الثريّةوالغنيّة وإنعكاس لتاريخنا المجيد في الأدب و ادب الحركة المعاكسة في النّثر . ينغمس القارئ ويبحر في عوالم اللغة وقوانينها وقواعدها والبلاغة والشعر والفقه والبيان والصرف والنحو وجماليٌة الأبيات بصدرها وعجزها. حكايات وقصص،دروس وحكم،عِبَر ومواعظ. إذ يبدأ النصّ بالجاحظ وينتهي بالبُحتريّ.
📝"الحدقي" إنّما هو إلاّ كنية ولقب يستعمله الجاحظ كمفردة لينعت بها نفسه ويجعل من حوله ينادونها بها فكان العنوان مميّزا جدّا. الرواية هي سيرة أبو عثمان عمرو بن بحر ،الملقّب بالجاحظ لبروز عينيه من حدقتيهما الواسعتين. سنشهد ابرز محطّات حياته ومسيرته.
📝تتراوح الرواية ببن الماضي والحاضر،فنعيش تارة أحداثا تدور بالدّوحة عاصمة قطر سنة 1438 و1440هجري الموافق للفترة ما بين 2016 و2020م وطورا احداثا بالبصرة وبغداد اواسط الخلافة العباسيّة إمتدّت منذ سنة168-170 إلى سنة 255 هجري. فترتين متباعدتين زمنيّا يفصلهما إثنا عشرة قرنا ،عرف الكاتب كيف يجمع بينهما بكلّ ذكاء ويجمع بين قدر ومصير الشخصيّتين الرئيسيّتين إحداهما من الحاضر والأخرى من الماضي.
📝تبدأ الحكاية بالدّوحة حين ينظمّ 'احمد القروي'،وهو شابّ بدويّ موريتاني من أسرة بسيطة ،للعمل كمدقّق لغويّ بقناة إخباريّة تدعى ب قناة "العروبة". احمد غيور جدّا على اللّغة وينزعج من الثّقافات الدّخيلة ويعبّر عن ذلك بكلٌ عفويّة،تعرفّ على فتاة سعوديّة إسمها حصّة وإنجذبا إلى بعضهما وسنشهد إن كانت هذه العلاقة ستنجح ام لا.؟ واجه صعوبة الإندماج في المجموعة ومع زملائه بسبب 'تعصّبه المفرط' للّغة العربيّة فأقتُرِح عليه ان ينتقل إلى قسم آخر يكتب فيه سيناريو لعمل تلفزيوني حول شخصيّة تاريخيٌة فقبل بكلّ سرور وفكٌر في شخصيّة الجاحظ التّي كانت موضوع اطروحته في الدكتوراه. ومن جهة اخرى ،نعود إلى الوراء وإلى الصبيٌ "الجاحظ"بعمر التّاسعة وهو يشهد على موت الشٌاعر "بشّار بن برد" بامر من امير المؤمنين و الخليفة المهدي.صبيّ يتيم الأب،فقير جدّا. يعيش مع والدته بحيٌ العلاّفين وهو من الاحياء الاكثر بؤسا بالبصرة. ماللذي يجمع بين هاتين الشّخصيّتين وماهو هذا القدر الذٌي دائما ما يجعل التاٌريخ يُعاد.؟
📝من الصٌفحات الاولى ننتبه لفطنة الجاحظ وإهتمامه الشٌديد باللّغات واللهجات المختلفة وبنباهته وشدّة إستماعه ماهر في إنتقاء ألفاظه وبناء حججه. سنتابع الجاحظ في تطوّره وحياته و مجالسه وخيباته وآماله.نتعرٌف على محيطه وعلى علاقته بالمسجديين والبخلاء، نتعرّف على أهمّ الشخصيّات التي عاصرها كصديقه المقرّب والمخلص سهل بن هارون وابو نواس وابا العتاهية وإبن خلدون . وإختلاطه بالوسط العبٌاسي كعبد المالك الزيٌات والمامون وزامن المعتصم بالله. إستغراقة في كتابة 'كتاب الحيوان'و'البخلاء' و 'البيان والتبيين'.
📝أسلوب فال الدين فيه طرافة في وصف الشخصيّات بملامحها الجسديّة و طباعها بأسلوب ساخر وظريف يعكس ظرافة الجاحظ في وصفه ونثره.
📝كان الوصف انيق ومميّز للبيئة في ذاك العصر إجتماعيا،سياسيا،إقتصاديا.. فراح القارئ يجوب في أجواء البصرة بذلك الوصف الدّقيق للأزقّة المبلّطة بالحجارة و الأسواق باشكالها من سوق النخّاسين سوق العطاٌرين،درب الورّاقين حيث تجّار الكتب والاوراق والجلود والكاغذ والسّمرقندي والحبر و دكاكين البقّالين المختلفة الغاصّة بأصناف الحبوب والفواكه والخضراوات المجلوبة من العراق و مدن خراسان ،الصيّادين والسمٌاكين والباعة المتجوّلين. تروح تشمّ روائح العنبر الهنديّ والبخور والعطور ورائحة البهارات وحتىّ روائح ورث الحمير والخيول والإبل والدّابة.
📝هناك تركيز شديد لتنوّع العقائد والاعراق والديانات والطائفات من نصارى ويهود ومجوس واحباش وهنود وصقالبة وزنج وعرب وروم وفرس.إلى جانب ذكره لصراعات المذاهب وتعدّد الملل من خوارج وروافض وغيرها. 📝ركٌز ايضا على قضايا تخصٌ العبيد والجواري والغلمان والخدم والمخصيّين.
📝نعرف أنّ تلك الفترة كانت مزدهرة خاصّة في المجال الثٌقافي والعلميٌ.وقت امر فيه الخليفة هارون الرشيد بإحصاء العلماء والطلاٌب في البصرة فوجدوا فيها 700 عالم و11 ألف متعلّم. وقت يجتمع فيه المتعلٌمون والعلماء بالمساجد ويناظرون بين من يقول بالثنويّة ومن يقول بالوحدانيّة. خاصيّات التّدريس القائمة على النّحو والصّرف والموسيقى والرياضيّات والانساب والدّين. اهميٌة "ببت الحكمة" التٌي مُلِأت آنذاك بالتٌرجمات من سيريانيّة وهنديّة وعبريّة ويونانيّة وقبطيّة وفارسيّة وحبشيّة وذكر لأهم المترجمين كإبن إسحاق والحجّاج بن مطر.
📝تعالج الرواية أيضا موضوع السلطة والخلافة ،فذكر الصّراعات السياسيٌة والخلافات حول السٌلطة ،منها إشتداد الحرب بين الامين والمامون. طرح موضوع الهويّة وتشتتّ الهويّة. لكن الاهم في هذه الرّواية هو موضوع اللغة وأهميّتها عبر العصور. فيجب الإشارة ايضا أنٌ قناة 'العروبة' جمعت العديد من الجنسيّات بمختلف لكناتها ولهجاتها وهكذا إستهلّ احمد فال الدين روايته بالتّركيز على اللغة بمساحة جمعت بين كلٌ من (تونسي،مغربي،لبناني،فلسطيني،فيليبيني..) كما هو الحال أيضا في زمن الخلافة العباسيّة فقد كانت مسرحا ومزيجا من الجنسيّات من هنود وسنديين وروم وزنوج وغيرها.. ربّما ليبرز تعايش الحضارات وجمع اللغة بينهم. قناة العروبة تسمية رمزيّة جدا ورسالة للنّظر في أصولنا وعروبتنا فهي عادة ما تنقل الاخبار وتصوّر الحقيقة لتنقلها للمتلقّي . ولكن بدت تنقل صورة مخالفة وتراجعا في زادنا اللغويّ منه وغيره وبذلك يعكس تقهقر مجتمعاتنا بعدم عودتها إلى تاريخنا المجيد وأخذ العبر منه،بعدم البحث في هويّتنا.عالم طغت عليه الصّورة والإستهلاك والتصنّع والزّيف ولم يعُد يأبه للعُمق والإجتهاد ومحاولة الرُقيّ وتطوير ما خلّفه لنا أجدادنا واخذ الدّروس من تاريخنا وتفادي الاخطاء السّابقة والإنسياق الاعمى نحوى ثقافات حضارات اخرى ببنما نحن لدينا ارقاها. رواية رائعة ولوحة فنيّة ادبيّة من أفخم ما قرات❤️ #ادب_موريتاني #العهد_العباسي #اللغة #البيان #الفقه #البلاغة # النحو #الصرف #التاريخ #novel #l #littérature #literature #lecture #lecteur #bookstagram #booknerd #booklover #bookish #explore #قراءة #كتاب #مطالعة #دراسة #إكسبلور
"شيء عجيب" هكذا باختصار وبهاتين الكلمتين أصف رواية "الحَدَقي"، وهي سيرة متخلية عن حياة الجاحظ، للزميل العزيز الصحفي والأديب أحمد فال ولد الدين. وهاتان الكلمتان اللتان لا تبرحان لسانه أثناء حديثه اليومي منسوبتان في الرواية لشيخ المعتزلة إبراهيم النظام. أبدعت يا أحمد أولاً في اختيار العنوان "الحدقي" وهي إحدى مفردات كلمة الجاحظ لتقدم لنا من زادك اللغوي والمعرفي ابتداء من الغلاف. ولا شك أن هذه الرواية البليغة المتينة اللغة والوصف تليق كل اللياقة بأن تبدأ حكايتها بالخليل بن أحمد الفراهيدي لتنتهي بالبحتري وما بينهما من أعلام. يا لمتعة تقليب صفحاتها الأربعمائة تقريباً والقارئ يبحر بين الأصمعي والكسائي وأبي نواس وأبي الهذيل العلاف وإبراهيم النظام والإمام أحمد بن حنبل وشخصيات عظيمة جمعتها أزقة وحواري وقصور وسجون البصرة وبغداد. في هذه الصفحات يتلذذ القارئ بطيب اللغة ومفرداتها وأبيات شعرها وبلاغة نثرها. يدل الوصف الدقيق لأحياء البصرة وبغداد وأنماط العيش على عمق البحث التاريخي للمؤلف خصوصاً في فترة الخلافة العباسية الأكثر حساسية أي في عهد الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والمتوكل حيث ضاعت خلافة العرب بين دهاء الفرس وتسلط الترك وهو ما تشير إليه الرواية. يشير الاستعراض الواضح للقضايا الخلافية في تلك الفترة على تدقيق الرواي في أمهات الكتب والمراجع خصوصاً بين أهل الكلام من المعتزلة وأهل الحديث والصوفية ومظاهر الشعوبية في معاداة العرب، حيث كانت مكتبات ومساجد البصرة تحفل بالمناظرات وأدب الحوار ولو بين موحدين وغير موحدين. تتطرق الرواية أيضاً إلى عالم المرأة والعشق بين حرة وجارية سواء على لسان الجاحظ نفسه أو المؤلف إذ تحضر شخصية المرأة منذ وقوع الجاحظ أو أبي عثمان عمرو من بحر في حب تماضر بنت الخليل بن أحمد ثم عُريب "علية" جارية المأمون السابقة. وتحض�� المرأة في الرواية من خلال شخصية الفتاة السعودية حصة أو "مطوعة بريدة" كما اشتهى زميلها محمد القروي الموريتاني تلقيبها منذ تعارفهما ووقوعه في حبها. فالقروي هو مدقق لغوي في قناة "العروبة" القطرية حيث يكلف بكتابة فيلم وثائقي عن الجاحظ وهكذا تسير الرواية في خطين متوازيين. من مآخذي على الرواية هي محاولة تشبيه البصرة في الأمس بالدوحة عاصمة قطر في يومنا هذا. ربما كان يريد الإشارة إلى تنوع السكان من حيث الألسن والأعراق أو إلى قوانين العمالة بين عبودية الأمس ونظام الكفيل والترحيل اليوم لكن التشبيه برأيي في غير محله بين عراقة الماضي والحاضر الهجين. وأسجل على الرواية مأخذاً آخراً باختيار شخصية فتاة سعودية مقيمة في قطر لمقاربة إشكالية رفض أهل الخليج لتزويج بناتهم من جنسيات أخرى. فالأولى برأيي أن يختار شخصية قطرية طالما أن الرواية يدور جزء منها في قطر وخصوصاً في قناة العروبة حيث يعمل القروي الموريتاني ومحبوبته السعودية. يستمتع العامل في مجال الصحافة وخصوصاً التلفزيونية في بعض تفاصيل الرواية خصوصاً أن المؤلف يقدم دروساً في المهنة لجهة التجويد في الكتابة للصورة واختيار الألفاظ والمفردات ويضيء على سير العمل في غرف الأخبار ويركز على سطحية صحفيين محترفين وثقافتهم الضحلة. وختاماً أرى أن القائمين على قناة العروبة يحتاجون إلى قراءة "الحدقي" لعلّهم يدركون حجم المصائب التي تناولتها الرواية لجهة النفاق والرياء والمكائد والدسائس واللوبيات التي رفعت من شأن المتملق وحطت من شأن المحترف، إضافة إلى تراجع جودة المحتوى ربما يكون بينهم حيّ يسمع ويقرأ ويفعل.
الروايه جميلة وجزى الله خيرا الكاتب الروايه تناولت جانب من سيرة الجاحظ أحد أهم أدباء العصر العباسي بالإضافة إلى تناولها جانب حياتي حديث فجمع بين القديم والحديث الروايه لغة عربيه بليغه كثيرا ما نفتقدها في تلك الأيام الروايه افادتني جدا خاصه انني قرأت أخرى بعنوان " الوافد إلى دمشق" كانت تتناول سيره ابن تيميه رحمه الله والظاهر أن لكلامها موقف تجاه محنه الإمام أحمد - رحمه الله - كل دي محفزات اني اقبل اكثر على القراءة في التاريخ الإسلامي إن شاء الله
رواية على قائمتي منذ زمن، كُتب لها ان اطالعها على أبجد :) أعجبت بفكرة الرواية، والجاحظ بطلها الاوحد وان تراوحت بين زمنين ، عصره في البصره وبغداد ، وزمن الكاتب في الدوحة ..
أظنني وجدت حكاية المدقق والمحرر بلا داعي ، مقحمة كمدخل لاجل الكتابة عن الجاحظ، أجاد الكاتب بالمراوحة بين الزمنين ، توازي القصص وتباين اللغة إشارة لتمكن الاستاذ أحمد من خيوط الرواية، فقد نجح بالحكايتين من تسليط الضوء على افكار هامة ، كالمحسوبيات والتقاليد في حكاية المدقق، المعتزلة وسلطة الحكم بسردية الجاحظ .. لم تقنعني نهاية محمد القروي، رغم ماتبدو عليه من واقعية ، هل من فرص عادلة تصادف الانسان بعدما يتعرض لظلم يحطم حياته ؟! لا أدري
لغة فاخرة، وقلم بهي … استعدت عبره كل ماطالعت عن الجاحظ زمااااااااان
# فدموع البشر لاتختلف عن احاديثهم في شئ فمعظمها كذب وتصنع، بعضها مجاملات.. ونادرا مايتدفق الدمع خارجاً من معين القلب # الذاكرة مولعة بتقديس لحظات ونسبان اخرى دون سبب مفهوم. فقد تخزن الذاكرة موقفاً لتبني منه عالماً من الخيال الجميل، وان لم يكن بذلك الجمال. قد يمر بالانسان يوم يشعر فيه بالتعاسة، لكنه اذا مر وانقى تزخرفه الذاكرة جاعلة منه يوما لا كالايام
أجمل ما يمكن أن يبدأ به المرء عامهُ.. جميلةٌ جدّاً، كلّ ما فيها جميل؛ تغيّر الأسلوب عند تغيير الحقبة الزّمنيّة، فخامة اللّغة وعراقتها عند الحديث عن الجاحظ، إحياء ما في اللغة من جمالٍ وجلالٍ ظننّاه ذهب مع الأقدمين، مداعبةُ أحلامٍ في نفسي كانت دفنت واستدعائها للحياةِ من جديدٍ، الحديث عن المذاهب والأديان، نقل الحياةِ بالبصرة وبغداد نقلاً بديعاً يجعل المرء يسمع وينصتُ ويرى لا يقرأ مادّة جامدةً لا روح فيها..
بديعة.. بديعة.. وأحسن للمرء أن يقرأها فيحسّها، من أن يقرأ عنها..
فاكتشفوا ولن تندموا!
اأمّا عنّي، سأعود إليها لاحقاً للبحث عن معاني ما تعسّر عليّ من الكلمات والألفاظ :")
الحدقي ،أو حين تنتصر الإيديولوجيا على الرواية : يقال أن الثوب الأبيض تظهر فيه النقطة السوداء و العكس صحيح ففقرنا العربي -خاصة الروائي- يجعل أي رواية تدغدغ أمجاد الماضي و تلعب على جوهر الهوية مقدمة على غيرها و إن ضعفت فنيا ،أظن أن هذا هو السبب في رفع سقف تقييم الرواية من قبل الأصدقاء هنا ،حيث أتت معظم التعليقات على شاكلة : رواية عربية خاصة ، استعادة للزمن المزدهر ... جعل الكاتب روايته في 440 صفحة في شكل سرد متناوب بين قصة الجاحظ و قصة الصحفي القروي المتشبث بلغته العربية الفصيحة مع زميلته حصة ،حيث نشأت بينهما علاقةحب صبيانية تقليدية جدا و موغلة قي السطحية -تحسبها هاربة من إحدى روايات المراهقات- و يمكننا تجاوز الصفحات المخصصة لهذه المهزلة دون أن تتضرر الرواية . نأتي إلى حكاية الجاحظ التي و إن كانت جيدة كحكاية و ليس كرواية ، فإن القارئ سيلاحظ كيف جعل الكاتب الجاحظ لسانا لتمرير معتقداته مثل رأيه في الشيعة و الانتصار لما يسمى لمحنة الإمام أحمد ... ،و قد حاول الكاتب كذلك نقل ظروف العصر الذي جرت فيه أحداث الرواية بشكل دقيق ،و هذا ما يحسب له لولا أنه أوغل في المحاكاة ، فالكلمات غير المفهومة مبثوثة في النص كله مثلا : كراديس أي عِظم المنكبين و أردان أي أكمام الثوب !!( ألم يكن يستطيع ان يستعمل كلمات مستعملة بدل هذا التقعّر) تركت الجزء الأقبح للأخير حين يشبه الرجل الدوحة بالبصرة !! و ينتقد حصة السعودية بكونها ليبيرالية لكنها تساند الملكية و متحررة دينيا لكنها تدافع عن الوهابية بعقلية قبلية ، هذا ما يدفعنا دفعا إلى الربط بين الظروف التي تمر بها المنطقة و بين كون الكاتب صحفيا في قناة الجزيرة ،و هذا التوظيف السياسي أبشع ما قد يحصل لرواية ،و لعل حجز كل نسخ الحدقي في معرض جدة الأخير دليل على هذا البعد في ثناياها.
إئا لم تكن قرأت الرواية بعد: أنصحك أن تقفز الأجزاء التي يتكلم فيها الكاتب عن الدوحة، لا يوجد فيها أي شيء يستحق القراءة.
كنت محتارا جدا بين الـ٣ نجوم أو النجمتين بصراحة. ولكن يمكن أن نحسم الأمر ونقسم الرواية إلى قسمين رئيسين:
قسم أحداث البصرة (أربعة نجوم): أبدع الكاتب في وصف أيام البصرة وزقاقها وأحوال أسواقها أيما إبداع، واتخذ من أبي عثمان الجاحظ مدخلا له وسبيلا لكل هذا، وكأنها سيرة مختصرة له، مع استعراض لطيف لبعض الشواهد الشعرية مع توظيف أنيق لها. واستعرض بعض الأحداث التاريخية في أسلوب قصصي جميل (مثل نكبة البرامكة، وفتنة الأمين والمأمون، وفتنة الإمام أحمد رحمه الله). عكر صفو كل هذا الابداع انتهاز الكاتب لأي فرصة صغيرة أو كبيرة للذم والتنقص من أهل الحديث (يمثلهم علي بن المديني في البداية، والإمام أحمد في النهاية -رحمهم الله)، ومع توظيف ناقص وطعن سامج لا يصلح أن يكون في محل العرض بهذا الشكل الموجه، وكنت أتمنى لو أعرض عن هذا أو طرح الإختلاف بصورة العارض لتلك النقاشات لا المتعصب المتزمت لها.
قسم أحداث الدوحة (عُشْر النجمة): أتممت الرواية في وقت طويل نسبيا -قرابة الأسبوعين- بسبب هذا الجزء بالذات، تدور الأحداث في ما يشبه قناة الجزيرة محل عمل الكاتب، وتدور معظم الأحداث بين رجل قروي وفتاة سعودية (يسميها "مطوعة بريدة"). أما أحداث القصة ففي قمة التفاهة والسطحية، مع تمطيط ممل بشدة، فلا يوجد غير حدثين يتكرران كل مرة: إما خطأ لغوي في القناة، أو الفتى القروي ينتظر مطوعة بريدة. وتكرر هنا نفس السيناريو الأول؛ حيث لا يمل الكاتب من معاودة "الضرب من تحت الطاولة" في عادات وتقاليد أهل الخليج، فمرة يدعوهم بالتزمت وأخرى بالجهل ومرات بتفاهة الأفكار ومرات بالتنصل من الماضي وترك العربية. ولو ترك الكاتب كل هذا لخرج لنا عمل رائع يليق بمستوى القسم الأول.
*ان تقرأ للجاحظ يعني أن تقرأ لعصر مليء بالعلم و العلماء، عصر يُشعرك بعزة لغتك و فخر تاريخك و قد آبدع الكاتب الشنقيطي - الشناقطة الذين أسميهم سدنة اللغة لله درهم - لقد أبدع في وصف ذاك العصر و بعض أحداثه و خلفائه و وصف علماء كثر كالخليل و الكسائي و الأصمعي و النظام و.. و.. و *الرواية أقرب لسيرة ذاتيه عن بعض حياة الجاحظ من الرواية *و كانت روح الجاحظ في النصة جلية و روح ذلك الزمن الغابر و روح الكاتب نفسه - أحمد فال الدين- رأيتها في شخصية محمد القروي الشخصية التي نسب لها الكتابة عن الجاحظ *و حزّ في نفسي أن رغم ازدهار العلم و مجالس العلماء و تقريب الخلفاء للعلماء في ذاك الزمان إلا أنهم معتزلة قد استبدّوا بآرائهم و مشهد قصة أحمد بن حنبل و موقف الجاحظ منها محزن جدا رحمهم الله جميعًا *و مما أمتعني أن الكاتب في كل مكان وصف فيه المرأة و طباعها و صفها أيما وصف لله دره * و لفت انتباهي حديث الكاتب عن (الحرائر و الجواري) هذا التركيب العجيب و السر الدفين في تاريخ الاوائل ما بين مقارنة و رأي الجاحظ فيه و بين وصف لعلاقة الجارية مع سيدها و هي تتذكر مراتع أهلها ملتاعة و هو يظن أنها له تفديه، ألم يكن يعلم أنها تمثل..؟! وألم تكن تعلم أنه لا يأمنها.. ؟ و كيف تفي و كيف تخون و كيف تحب و كيف تكره..؟! *و على الجانب الآخر قصة ذاك القروي القبلي الذي أتى من زمان غير زماننا و قصة حبه لعربية حرة بنت قبائل عربية إلا أن العرب قد نسوا و تناسوا ما معنى انت تكون عربي و أن تكون ذو نفسٍ عظيمة فانتهت قصة حبه بالفشل.. *و كما ترى أسئلة كثيرة طرقت رأسي في هذه الرواية و أفكار جديدة و أحداث تاريخية ربطها الكاتب بالنص بكل سلاسة بلغة جزلة رائعة، لغة أنيقة و راقية و فخمة، لغة الكاتب أعادت على مسامعنا أسلوب كدنا ننساه، لغة نظفت آذاني و شرحت صدري حينما عشت معها..
محمد شاب موريتاني قروي..ذهب إلى الدوحة للعمل في قناة العروبة للأخبار كمدقق لغوي..لغته العربية قوية جدا و هناك العديد من المواقف الطريفة يظهر فيها و هو يصحح أخطاء زملائه اللغوية يتعرف محمد على بنت سعودية تدعى حصة و تنشأ علاقة حب بينهما تقرر قناة العروبة انتاج مسلسل تلفزيوني عن الجاحظ و طلبوا المساعدة من القروي لان دراساته العليا كانت عن الجاحظ.. بدأ القروي الكتابة عن حياة الجاحظ بأسلوب شيق جدا لقد استمتعت بهذه الرواية للغاية و اريد قراءة المزيد لهذا الكاتب المبدع … ريفيو مصور على حسابي فالتيكتوك (book.noire)(رواية)