هذا الكتاب هو في الأصل رسالة دكتوراة للمؤرخ الفرنسي المهتم بالتاريخ الموريسكي لوي كاردياك، وتميزت هذه الرسالة أنها من الأعمال الوثائقية التي استقت مادتها من وثائق محاكم التفتيش الإسبانية.
يبدو عنوان "المجابهة الجدلية" غير كاف للتعبير عما في الكتاب، فهو يوحي بأنه سيستعرض كيف جرت المجادلات بين الموريسكيين (بقايا المسلمين في إسبانيا) مع الإسبان الكاثوليك.
لكن قيمة الكتاب لا تكمن هنا فحسب، فما تكشفه الوثائق مهم في نقله تفاصيل صغيرة لا يلتفت إليها المؤرخ العام.
في الحقيقة جاءت الترجمة العربية رديئة للغاية، ولا أصدق أن الذي ترجمه هو د. عبد الجليل نفسه بل ربما أحد العاملين معه في مؤسسته البحثية، إذ ثمة أخطاء لا يمكن أن تفوت على متوسط العلم.. مثل ترجمة هاجر إلى "آقار" وترجمة آية قرآنية بمعناها الحرفي لا بردها إلى أصل الآية.
لكني -أكرر دائما- أني أثمن عمل المترجمين مهما كان رديئا لأن مجرد نقل المعلومات من لغاتها الأصلية إلى العربية يفتح لنا آفاقا لم نكن لنبلغها دون عمل المترجم.
فائدة الكتاب المهمة بالنسبة للقارئ العربي المسلم هو تعريفه بالمأساة الهائلة للموريسكيين وحياتهم التي عاشوها في الجحيم، وكيف تحولوا إلى لاجئين ومشردين ثم مطاردين ومتسولين وكيف استعملوا في بعض الأحيان كورقة ضغط بين فرنسا وإسبانيا.. إنها مأساة حقيقية وإن لم يكن لا المؤلف ولا المترجم أجادوا تصويرها كما ينبغي.
هو كتاب يسيل الدموع فقط إذا عاشه القارئ ولم يقرأه قراءة عابرة.
مما أعجبنب النقاش الجدلي بين البروتستانت و الكاثوليك..و كيف استفاد منه الموريسكيون أو استخدموه..لكن لم يكن كافيا لنقد أفعال الكاثوليك و أفكارهم المتعصبة للأسف. فكرة نقاش التعايش و التناحر بين مسلمين يخفون إسلامهم و مسيحيين يعتقدون بأنهم يتبعون التقية و يحتقرونهم.. أضاف المترجم فصلا عن الموريسكيين في أمريكا و هو ترجمة لورقة بحثية للمؤلف.