أمهل القدر "إبراهيم أصلان" وقتا ليشارك في ثورة الخامس والعشرين من يناير.. هو الذي ظل عمره يحلم بنزول أبطاله من شوارع الورق للميدان القابع تحت شمس القاهرة الكبيرة. وكان القدر كريما للمرة الثانية، عندما أمهل صاحب "بحيرة المساء" متسعا ليكتب عن يناير كتابا عنوانه الخفي: النشوة. لكن القدر لم يمهل الكاتب الاستثنائي فرصة ثالثة ليرى نصه الأخير، أو لنقل شهادته النهائية، منشورة بين دفتي كتاب. "انطباعات صغيرة حول حادث كبير" ليست محض كتابة نبعت من ثورة الخامس والعشرين من يناير ولهثت بموازاتها. إنها كتابة نادرة، جسدها أصلان، بطريقته الأثيرة، كحكايات تلتقط طرف الحدث الاستثنائي من التفاصيل الهشة والعابرة، من الأشخاص المنسيين الذين لا تعرف وجوههم الكاميرات، ومن الشوارع الجانبية التي تخاصمها الطرقات المضيئة.. صانعا محكية استثنائية تستعصي على التصنيف. نص بديع، خطته اليد الواهنة لأصلان في أيامها الأخيرة، متزودة بالقوة اللازمة من طاقة أخرى افتقدها الجسد الناحل، أو ظن.. طاقة زوده بها الحدث الهائل مثلما فعل مع جميع المصريين. اختار أصلان أن يوصف نصوص هذا الكتاب النادر بـ"الانطباعات الصغيرة"، غير أن قارئها سيدرك منذ الوهلة الأولى أنه أمام "انطباعات كبيرة" حول الحادث الكبير
Ibrahim Aslan ولد إبراهيم أصلان بمدينة طنطا بمحافظة الغربية في عام 1935، ثم إنتقلت أسرته الى حي إمبابة الشهير التابع لمحافظة الجيزة. بعد أن أتم دراسته عمل بهيئة البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية. بدأ أصلان الكتابة والنشر في عام 1965. وفي عام 1987 تم إنتدابه للعمل نائبا لرئيس تحرير سلسلة مختارات فصول وإستمر بها إلى أن خرج للمعاش في عام 1995. فى عام 1997 عمل رئيسا لتحرير سلسلة آفاق الكتابة وأستمر بها الى أن استقال منها في عام 1999 عندما اشتعلت أزمة رواية (وليمة لأعشاب البحر) للروائي السوري حيدر حيدر، لكنه إستمر فى العمل لبعض الجرائد الخليجية بالمكافأة، والحياة اللندنية بالقطعة.
من أهم الأعمال التي كتبها أصلان هى : بحيرة المساء ، ويوسف والرداء ، وحكايات من فضل الله عثمان ، ومالك الحزين (والمأخوذ عنه فيلم الكيت كات الشهير الذى لعب دور بطولته الممثل محمود عبد العزيز)، ووردية ليل، وعصافير النيل، ثم خلوة الغلبان. يتميز إبراهيم أصلان بالمحلية الشديدة في كتاباته، فهو يستمد شخوصه ببراعة تامة من الحى الشعبي الذى عاش فيه كل حياته وهو حي امبابة الشهير، إضافة الى انه يرسم بكتاباته الأزقة وحواري تلك المنطقة فتشعر وكأنك تعيش فيها وتتحرك داخلها، وهو في هذا الصدد شديد الارتباط بالأرض والواقع الذى عاش فيه.
"ولا مفر من القول بأن الجمال أو القبح المادي في أي مكان ما هو إلا تجسيد لما داخل الناس.."
انطباعات صغيرة حول حدث كبير كتاب عبارة عن خواطر و مشاهد للكاتب لإبراهيم أصلان بيتكلم فيه عن ثورة ٢٥ يناير والأحداث اللي حصلت بعدها بداية من مارس ٢٠١١ إلي ديسمبر ٢٠١١..
الكتاب بدأ بنظرة تفائلية جميلة وانتهي طبعاً بإحساس الكاتب بإحباط ويأس من كل اللي حصل سواء من مواجهات مع الجيش،كشوف العذرية للبنات،الأحداث دامية في المظاهرات المختلفة،حرق المجمع العلمي وحاجات كتير...
الكتاب بسيط ومكتوب بإسلوب سلس بس للأسف أحياناً بحس إني مش عاوزة أقرأ أي كتب عن الثورة من كتر مانا حافظة كل اللي حصل بعدها و مش دايماً بكون عاوزة أفتكره! التقييم ٢.٥
" إنها خيبة أمل كبيرة وكسرة خاطر شعب بأكمله. لقد بنى هذا الجيش مكانته التاريخية في قلوب المصريين على مدى سبعة آلاف عام، فكم نحن بحاجة من الأعوام لاستعادتها "
أصلان كالعادة يرتقع فوق المشهد وينظر عليه من فوق ويتحدث عنه ببساطته المعهودة دون تكلف أو مبالغة.. يحكي اللحظة ويغوص في تفاصيل دون الحديث عنها! انطباعات صغيرة حول ثورة يناير وما تلاها. أصلان شيخ، لكنك لا تجد فيه عجرفة الشيوخ ونبرتهم التي تخبرك بأنهم يعرفون كل شيء وأنت لا.. بروح الشباب وخبرة الشيوخ وعين المثقف يتحدث إبراهيم أصلان.
من نِعم الله عليه أنه توفاه في مطلع العام 2012 ولم يرَ ما نحن فيه الآن.
إنطباعات .. لمحات .. مشاهد أصلان عبر عنّا جميعاً كلنا كنا متفائلين ف البداية إلى أن بدأت الصورة تسوء منذ أحداث ماسبيرو وكشوف العذرية و محمد محمود و مجلس الوزراء و ... و ... و ... وكأي منّا يتحسر على تقسيم الشباب إلى 150 إئتلاف
"لقد قام الشباب بهذه الثورة التي تمناها 'اللهو الخفي' من دون أن يجد الشجاعة على القيام بها، هكذا راحت البيانات الأولى 'للمجلس العسكري' تساند الثورة وكان بعضها بمثابة التحريض عليها. وراحت دباباته تتجول وقد حملت مقدماتها كتابة كبيرة بيضاء تقول ((يسقط مبارك))!
ما أن سقطت العصابة الحاكمة حتى رأى 'اللهو الخفي' المتربص أن الشباب قد قام بما عليه، وآن أوان استبعادهم. ومنذ خلع المخلوع والعمل مستمر من دون توقف من أجل هذا الاستبعاد بكل الوسائل المشروعة، وغير المشروعة، وهي في مجملها فجة، وبشعة، ومكشوفة!"
أول ما عرفت ان أصلان ليه كتابين جداد السنة دي، حسيت بالفراشات في بطني حرفيا. بدأت بالكتاب دا. مش عارفة بالظبط كنت مستنية ايه. في الأول جاتلي حالة شديدة من الحيرة والارتباك. وحسيت بخناقة داخلية بتتصاعد بيني وبين اللي مكتوب، تقريبا لحد رُبع الكتاب كان فيه صوت مسيطر انه فيه حاجة غلط، حاجة مش متركبة على بعضها.وبعدين أدركت اني بحكم على الكلام -نظرة أصلان الوردية للأمور والأمل الزائد عن كل حدود الواقع- من الموقع اللي أنا واقفة فيه دلوقتي ب2015. حاولت أرجع بالذاكرة تاني لحد 2011 وأوائل 2012. ثم لقيت انه تون الكلام بالطريقة دي منطقي إلى حد كبير. كنت مستنية بس لحد ما اوصل للمقالات المكتوبة بداية من ابريل 2011، أو حتى من يوليو. وقت ما بدأ اصطدام حقيقي مع المجلس العسكري. أو وقت ما بقى الاصطدام دا أكثر وضوحا من انه مايتشافش. في الحقيقة ظني خاب بعض الشيء، ولقيتني بفكر تاني من زاوية أصلان. أو بحاول أتقمص مكانه وقتها عشان أقرب من رؤيته للأمور. الاستنتاج النهائي حسيته قاسي وتعيس بالنسبة لي. راجل بيفصله عن الموت شهور وهو أكيد مش مدرك دا، وبيحاول يكون على قدر الحدث الضخم اللي بيحصل في البلد بكل تبعاته. راجل عجوز رغم زخم حياته بالتفاصيل والتجارب، رغم احتكاكه بالواقع كل يوم، لكنه ماتخلاش عن حلم رومانسي قديم، انه الشعب دا يوحد صفوفه ويحكم نفسه بنفسه، انه يبقى فيه حرية بجد وكرامة بجد وعدالة اجتماعية بجد. ولسة الصورة الملحمية للجيش وأفراده بتشغل حيز كبير من تصوراته الذهنية. مع مرور الوقت بقى فيه ضباب، الرؤية مش واضحة، وماحدش عارف مين بيعمل ايه. هو كمان ارتبك، ومابقاش عارف يشوف، للحظة حسيت انه واقف في منطقة وسط، مابين عدم تصديقه لكل القذارة اللي آلت إليها الأمور، ومابين رغبته على استحياء انه يفهم الدوافع الحقيقية ورا كل حدث كارثي أصاب البلد على مدار سنة من بداية الثورة والوقت اللي كان متاح ليه. الأمور بقت أصعب من انه يستوعبها ويفك خيوطها، زي ما بقت أصعب علينا نتحملها كلها دفعة واحدة. أمله خاب في كتير من الأشياء الجميلة واللي كان ليها معنى صادق وصافي عنده يمكن. فيه خلل كبير بدأ يحصل في طريقة النظر للأمور. كل حاجة كانت بتحصل بقت تقريبا أكبر منه، وهو الراجل العجوز اللي كانت ايده بترتعش وهو بيحاول يفتح إزازة مية. وصلت لمقال "الأحد الدامي" عن مجزرة ماسبيرو. وماقدرتش أنكر احساس بالغضب. احنا بس مين اللي شوهنا الصورة المتحضرة الجميلة اللي كنا عليها يا عم أصلان. أي صورة ومين اللي شوهها بالظبط. كان مقال ورأي محتاجة مراجعة وإعادة نظر ألف مرة، لأنه في ظني اللي حصل المرة دي ماكانش فيه أي التباس. كان واضح جدا مين اللي قتل ومين اللي سبب الفوضى والذعر. ثم تمر أحداث محمد محمود، ومجلس الوزرا، وأقرا مقال عن ذهابه للانتخابات. ثم آخر مقال في الكتاب، وكلامه عن كائن مسمى"باللهو الخفي" وماعنديش أي فكرة هل كتب المسمى دا لأنه فعلا مش عارف هويته الحقيقية ولا عارفها بس مش قادر يتكلم عنها صراحة. في نهاية المقال الأخير بيتكلم عن الصورة المثالية للجيش اللي اهتزت بشدة، عن ست البنات، وعن كشوف العذرية، وعن المنهجية في التخلص من الشباب اللي أشعلوا الثورة. والكتاب بينتهي وفيه قدر كبير من الارتباك جوا أصلان شخصيا. فيه شيء قاسي وتعيس فعلا في المضمون. حسيته محمل بكم من الغضب والخذلان وعدم الفهم وقلة الحيلة، كل حاجة جواه بتترج وتهتز بس مفيش متسع انه يعيد تقييمها مرة أخرى .. وبعدها بأيام قليلة بيسيبنا ويمشي، من غير مايلاقي أجوبة واضحة على كل الاسئلة اللي أكيد كانت بتنهش في عقله، أقلها ايه الصح وايه الغلط، ومين الصح ومين الغلط، احنا نفسنا صح ولا غلط دا شيء تعيس .. تعيس جدا بس يفضل الشيء السحري في كتابته لما تكتسب صبغة أدبية، زي قصة أبو مرسي والحاجة مراته. الممبار اللي عفاف نفسها فيه، وتفاصيل أم مرسي الدقيقة جدا، طريقة مشيتها وكلامها، وإزازة المية المركونة وهى بتطلب من أبو مرسي يرجعها مكانها. التفاصيل الصغيرة اللي دايما بتخلق حياة كاملة وبتخلي شخوصه من لحم ودم. الله يرحمه
ثاني عمل أقرأه للكاتب بعد "وردية ليل"، الكتاب عبارة عن نصوص قصيرة كتبها الراحل بعد ثورة يناير، و هي عبارة عن مقتطفات لرؤية خاصة بالكاتب، رؤية عين ثاقبة لفنان مرهف الحس للقطات عشناها في وقت ما بعد الثورة، حكايات مع أصدقائه عن حال الثورة و مآلها، و مقارنات بين مشاهد آنية و مشاهد قديمة، و كيف أن واقعنا العبثي يبدو عليه ظاهر التجديد، لكنّه ممل و يعيد نفسه باستمرار، كيف أن مسمّى ثورة يناير " ثورة الشباب" تحوّلت بقدرة قادر إلى ثورة الكهول أصحاب النفوذ.
إبراهيم أصلان حكواتي ممتاز، دائما ما بيكون عنده نظرة مختلفة للأشياء، يتحدث عن اشياء بسيطة بطريقة جميلة والفاظ شديدة العذوبة.
في هذا الكتاب انطباعات إبراهيم أصلان عن الثورة، وانطباعاته بالرغم من انها نفس انطباعات معظم من عاشوا الثورة الا ان عينه كانت دائما بترصد اشياء بسيطة وبعيده عن المألوف لكنها في النهاية بتكون موصلة للمعنى. رحم الله الحكواتي الجميل إبراهيم أصلان.
هذا الكتاب هو احنا امال الثورة، احباطات، شكوك، لحظات انتصار و انكسارات متتالية،... احمد الله جدا ان اصلان عاش حتي رأي الثورة رؤية العين، و عاش ايامها، و كتب الملحمة دي عنها الكتاب حكاوي او هامش للثو��ة و احداثها ، الناس في الكتاب ده أبطال احنا الكتاب، احنا الثورة بنجاحها و اخفاقها، بايمانها و كفرها
أعترفُ أنني حين اشتريت الكتاب لم أكن مدركًا محتواه، فعنوانه واسم كاتبه هما ما دفعني لشرائه، في قراءة أولى لأصلان.
ما إن عرفت محتواه، وأن الحادث الكبير مقصود به الثورة المصرية، حتى فكرتُ في نفسي لو أنني تريثتُ قبل شرائه، فأنا لستُ مهتمًا بقراءة انطباعاتٍ حول حدث يعرفُ مجرياته كل أحد.
ولكنني بعد قراءة صفحاته الأولى علمتُ أنني أخوضُ تجربةً مختلفة، استمتعتُ بجميع تفاصيلها.
ابراهيم أصلان واحد من الكتاب الكبار المناضلين والمبشرين بالثورة في كل كتاباتهم وإللي استني بيهم العمر – كـ مكفاءة نهاية الخدمة- عشان يشوف ويعيش أحداث الثورة ويكتب عنها. وزيادة في الكرم كان الموت أرحم عليه من إنه يشوف ايامنا الحالية اللي لا تسر عدو ولا حبيب. ككل كتابات ابراهيم اصلان بسيطة ومباشرة وصادقة تماما. بتركز دايما علي انسانية الأحداث وتفاصيلها الهامشية بعيدا عن كل اللعبكة والحشو والتجويد والتكرار والكلام المُعاد اللي لا بيودي ولا بيجيب. في وسط الكتاب ابراهيم اصلان بيقول ان صعب جدا تكتب عن الثورة إلا بعد وقت طويل وبعد ما تحقق أهدافها وتتعمل دراسات عليها وان الكتاب محاولة لكتابة انطباعات بسيطة عن الثورة وأحداثها وما تلاها ومش تفسير لكل اللي جري ولا كل اللي هيحصل. بينتهي الكتاب بالكلام عن ما فعله الجيش بالثورة وخيبة الأمل وكسر الخواطر وأد ايه احنا محتاجنين سنين عشان ترجع صورة الجيش ومكانته في قلوب المصريين.
بدأت الكتاب وحسيت انه خلص بسرعة غريبة ووقفت أدام اخر صفحة ومش عارف ازاي خلص؟! ليه الكتاب صغير! وليه الكتب الحلوة بتخلص بسرعة!
متوسط تقييم الكتاب 4 نجوم، والنجمة ال5 عشان انا بحب ابراهيم اصلان.
ليس هناك شيء أجمل من أن نستعيد ذكريات ثورة يناير بكل تفاصيلها من كاتب بحجم و قيمة إبراهيم أصلان و ليس هناك أسوء من أن يرحل (مالك الحزين ) عن عالمنا بعد عام واحد فقط من تلك الثورة لا أستطيع أن أصف مشاعري بدقة بعد الانتهاء من هذا الكتاب الذي يعد بمثابة شهادة للتاريخ قدمها إبراهيم أصلان عن ثورة يناير الطاهرة هل أنا سعيدة لأنه رحل قبل أن يري الثورة و هي تجهض علي يد الإخوان و المجلس العسكري ؟؟ ربما لو عاش و علمبما حدث لتألم كثيرا مما قد يتحمل قلبه الواهن أم ترني حقا حزينة لأن كل ما حلمنا به لمصر قد صار أدراج الرياح ؟؟ حقا لا أعلم
«انطباعات صغيرة، حول حادث كبير» يتحدث فيهإبراهيم أصلان عن حيثيات ثورة 25 يناير وما بعدها، بأسلوب جميل لذيذ، يكتب عن ذلك بنشوة الصغار، وانتصارات الكبار. عندما تنتهي من هذا الكتاب، تتلقفك الخيبة لما آلت إليه الأحوال، لكن العزاء إن كان هناك عزاء، هو أن العم إبراهيم مات وهو يتقلب في تلك المسرات الصغيرة،والتي أعقبها بعد موته حوادث كبيرة محبطةا.
بلغته الجذابة الرقيقة يرسم أصلان الشيخ صورا لأحداث الثورة و يطلق عليها انطباعات صغيرة حول حادث كبير و هي في الحقيقة رصد بديع بعدسة قاص لماح و خبير بناس مصر..حتي إنه يثبت في أكثر من موضع عمق حدسه و عدم انتمائه لطائفة مهرجي المللك و هو يشير في معرض الكلام لتهاوي ثقته في قيادات المجلس العسكري بعد تنحي مبارك و انهيارها بشكل تدريجي من حادثى ماسبيرو و حرق المجمع العلمي.. الكتاب خليط من المقالات و فن القصة القصيرة و الذي يجذبني شخصيا ..خاصة مع شخصيات يصعب نسيانها كجارته التي تنظف الأتربة من فوق الدبابة و بائع الخضرة المتسائل عن أموال مبارك و صديقه العجوز الحالم بأسنان جديدة تنبت له و الآخر الذي يسخر منه و يخبره أنه أوشك يطلع لينا ديل مش أسنان..الموظف المتقاعد الذي يأكل من أكوام القمامة و يختفي أثناء الثورة و بعدها بأشهر يعود للظهور..أي إبداع هذا سيدة تتباهي أمام زوجها بمعرفتها لآخر الأخبار..و أخري تعدل بين المصريين في الداخل و الخارج في أكلة فشة و ممبار يتحول أصلان لعدسة مرنة تراقب انفجار النجوم و انقسام المخلوقات الدقيقة و تفتح الزهور مع بزوغ شمس الثورة .. و الله خسرنا كثيرا بعد رحيلك يا أصلان
اختار أصلان أن يصف هذا الكتاب بأنه ( انطباعات صغيرة عن حادث كبير ) إلا أن القارئ سيدرك منذ الوهلة الأولى أنه أمام ( انطباعات كبيرة ) لحدث للأسف أصبح ( صغير )
فليرحم الله ابراهيم أصلان .. فقد منحه القدر وقتاً ليشارك في ثورة ٢٥ يناير ... وكان القدر كريماً معه أن أهداه أجمل حقبة ليكتب انطباعاته عن هذا الحدث الكبير ... وما أرحم القدر به أيضاً أن توفاه الله قبل أن يشهد ما أل إليه ( حادثه الكبير )
أحد كتابين أنهى بهما أصلان العظيم - قسرا بسبب القدر - حياته الإبداعية والإنسانية . من يعرف أصلان وإسلوبه يدرك أن عنوان الكتاب ليس ذريعة لشيء مغاير، فلا يوحي بأنه تأريخ منهجي للثورة لسياسي مشهور، بل هو التأريح للثورة بعيون أبطال أصلان في كل أعماله وفي نظرته للحياة عموما، أبطال أصلان الذين يقضون حياتهم في الظل . استوقف روحي واعتصرها حديث أصلان العابر عنه كعجوز ، يتكلم بمنتهى التصالح والرضا واللامبالاة وعدم الاعتبار لهذه الدنيا، كل ما يهمه فعله بانتصاره للإنسان في أعماله .
لا اعلم لماذا لا استسيغ الكتابة عن يوميات الثورة او اراء الكتاب اللحظية عن الثورة ، اشعر دائما بطفولتنا و سطحيتنا او تفائلنا الذائد عن الحد امام عدو يلعب الشطرنج منذ الصغر و يحركنا جميع كيفما يريد.
يظن عبد الفتاح أن البلد انفلت عياره، و صار مستباحاً، بل بدأ ينحل و يتآكل. أنا لا أطن ذلك طبعاً. ثم أنه يتحدث عن الأحزاب و الجماعات حديثاً لا يليق، و يقول أنها تأتلف و تختلف ليس على أساس من المبادئ، لأنها واضحة و لا تستوجب أي خلاف، بل على أساس من حجم المكاسب المتوقعة. و ما يحزن عبد الفتاح أيضاً أن الجميع نسى رجل الشارع الصغير، الذي هو جسد الثورة. بل راحوا يعملون على سرقة حلمه و حرمانه من وذن حر و عادل يصون كرامته و يسود فيه القانون و تتكافأ الفرص أمام كل أبنائه. و يظن عبد الفتاح، أخيراً، أن جهود هذه القوى الخفية نجحت في دفع المواطن الصغير العادي إلى السخط على الثورة، اعتقاداً منه بأن الثورة هي السبب في هذا التردي الذي يعيشه! مع أن الثورة ليس بيدها قرار، و لا تحكم.
جمال ابراهيم اصلان انه بيلقط تفاصيل ومواقف انسانية يومية بسيطة ويركز فيها .. تبان انها علي هامش حدث ضخم زي الثورة لكن في الحقيقة هي مهمة وبتقول حاجات عن الناس وقتها كان شعورها وانطباعها ايه وتأثير الموضوع علي حياتهم اليومية زي قصة بياع الفاكهة او الست العجوزة او الصحاب العواجيز. فهو هنا بيقول ان مش شرط في الأدب نتناول الحدث الكبير بشكل ملحمي وبطريقة شاملة لكل تفاصيله لكن التركيز علي تفصيلة انسانية صغيرة في حياة الانسان العادي حصلت له نتيجة للحدث الكبير يكفي
ابراهيم اصلان من الكتاب اللي بشروا بالثورة واتمنوها وعاشو عشانها في خيال ابطالهم، لغته الرقيفة وتعبيراته الجميلة دايما بتأثر فيا. هو حس زينا برضه مع بعض التفاصيل الزيادة، تفاؤل، توجس، أمل، وبعد كده حس ان في حاجة غلط ايام المجلس العسكري تحفظ العواجيز كان باين برضه في الاخر لكن ظني لم يخب اطلاقا ولو احبط من آرائه الكتاب حلو للي عاشو التفاصيل دي ولم يدع احد انها محاولة للتأريخ، كل اللي قرا الكتاب لمس جزء منه، ودايما نقول (كان يمكن أن تنتهي الأمور بشكل أفضل من ذلك) تلات نجوم ونجمة لاني احب ابراهيم أصلان وشكرا للي اهداني الكتاب
اخر نصوص عمنا ابراهيم اصلان لا جديد يُذكر و لا قديم يُعاد نصوص حميميه و صادقة كالعادة و ذكرياتنا مع يناير .. ذكرياتنا التى عاشها اصلان و فرح بها و مات وهو لا يدرى ان الايام ستنقلب و ستعود الدنيا شيئا فشئ للاوضاع التى كرهها .. او ستحاول ان تعود ------- من العظيم و المدهش نهاية النصوص .. بعد مذبحة ماسبيرو .. بعد احداث مجلس الوزراء بعد تعرية ست البنات 23 ديسمبر و ما بعدها .... نبوءة عم ابراهيم الله يرحمه و يرحمنا :)
كتاب رائع بأسلوب إبراهيم أصلان كنت خايف وأنا بقرا الكتاب أحسن أصلان يسقط من نظري زي ما غيره كثير وقعوا من نظري بسبب آرائهم في الثورة، لكن أصلان ما خيبش أملي فيه أبدا. كتابة جريئة وممتازة وبينتقد فيها تصرفات المجلس العسكري والبلاوي اللي عملها الجيش في الفترة الانتقالية. استغربت ان كتاب زي ده طالع من هيئة حكومية زي الهيئة العامة للكتاب.
بسيطة ومباشرة وصادقة تماما.. هكذا هي كتابات إبراهيم أصلان.. تنتهي إنطباعاته بعد حادثة ماسبيرو و أحداث التحرير عندما قامت القوات المسلحة بضرب و دهس الناس أمام أعين الجميع..
مات إبراهيم أصلان و لم يعلم أن الحلم أصبح كابوس و أن العادلي الآن طليق و أن جمال و علاء يقومون بتأدية واجبات العزاء.. وأن مبارك لم يعد حبيس القفص
من الطريف في النهاية أن الكتاب من إصدار لهيئة المصرية العامة للكتاب
نصوص اقرب إلي المقالات ..عن الثورة ومن داخل تفاصيلها ..تتسم بالقرب من الموقف دون الخروج عنه ومحاولة الرؤية لابعد ..وفي هذه الحالة نشترك جميعا الغوص في التفاصيل التي لم نستطع ان نلاحقها . يبدأ "أصلان" نثوصه فى مارس 2011 وينهيها ديسنبر 2012 ..بين امل ونشوي وفرح وفخر وخيبة ..واحباط يأبي ان يعلنه ..ينهي قصته دون ان تنتهي ..ويتركني لاتسائل :كيف كانت نظرته اﻵخيرة !