الساحة الإسلامية أحوج ما تكون إلى مناقشة تصوراتها عن الدولة الإسلامية ومراجعتها أكثر من أي وقت مضى، فقد غلبت العموميات البلاغية والتصورات التاريخية على رؤيتها حيناً، وطغت الإعتبارات العملية (البراغماتية) على حركتها حيناً أخر
والدعوة إلى المراجعة هنا لا تعني التراجع ولا النقض، ولا تحركها عقلية الانكسار ولا أوهام الاستكبار، بل هى واجب شرعي وتاريخي يقترن بمهمة التجديد وهى مسؤولية من يرفع لواء هذا الدين لعظم الأمانة التي يحملها حين يتحدث بلسان المرجعية الشرعية ويتحرك تحت مظلتها وبموازاة فتح حوار حول الدولة الإسلامية، نحتاج إلى مراجعة الدولة الحديثة في صورتها القومية كمتغير مفاهيمي، بمعنى: كيف نفكر في الدولة ونتخيلها؟ وكيف نحن في أمَسّ الحاجة إلى تجديد تصوراتنا لها بمثل ما نحتاج إلى تجديد أمر الدين؟
فالدولة كبناء هى أداة لرعاية مصالح الناس ومنتج بشري يمكن تحوّله إلى آلة هيمنة وأداة للإستبداد في يد من يملك المال ويحكم بالبطش، تلك كانت مسارات الجدل الفكري والنظري عبر التاريخ بشأن السُلطة والمُلك ونُظم الحُكم السياسي إن غاية هذا الكتاب هى بناء عقلية نقدية وفتح أفق لمتابعة الاجتهاد في النظرية السياسية، بهدف العودة إلى فهم الواقع بأدوات متنوعة، فالنظرية والواقع لا يفترقان لكن بينهما جسر، وعلى هذا الجسر يمكن للعقل أن يفهم خرائط الواقع ويستشرف المستقبل بشكل أفضل ليصوغ وجهته بمنهج أكثر رشداً وحكمة
د. هبة رءوف عزت * المهنة وجهة العمل: مدرسة مساعدة العلوم السياسية - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة. * المؤهلات العلمية: :: بكالوريوس العلوم السياسية تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف - جامعة القاهرة - مايو 1987م. :: ماجستير العلوم السياسية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف - جامعة القاهرة - ديسمبر 1992م. وموضوع الرسالة: "المرأة والعمل السياسي: رؤية إسلامية". :: دكتوراه العلوم السياسية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف في موضوع: "المواطنة دراسة تطور المفهوم في الفكر الليبرالي". * الخبرات السابقة: :: معيدة ثم مدرسة مساعدة علوم سياسية - جامعة القاهرة (1987م - حتى الآن). :: باحثة زائرة بمركز دراسات الديمقراطية بجامعة وستمنستر - لندن - سبتمبر 1995م إلى سبتمبر 1996م. :: باحثة زائرة بمركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية يناير 1998م إلى أغسطس 1998م. * الإنتاج العلمي: :: باحثة بالمعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن (فرع القاهرة) في مشروعات: - العلاقات الدولية في الإسلام (1988م - 1995). - التحيز: رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد (1992م - 1993م). - مجموعة تحليل المفاهيم 1992م - 1993م. :: باحثة مشاركة بموسوعة العلوم السياسية - جامعة الكويت (الصادرة 1995) بخمسة مداخل حول الفكر الإسلامي. :: باحثة مشاركة في العديد من الكتب المتخصصة والمجلات والدوريات بالعربية والإنجليزية.
أخيراً، يوفّقني الله في إنهاء هذا الكتاب الفوق-ممتاز، حقيقةً. فبعد أن كنتُ قد شرعتُ في قراءته منذ عدة شهورٍ وتوقفت عن ذلك، عدتُ مرّةً ثانيةً لأقرأه من جديد، وياللعجب، فكأنّي أقرأه لأوّل مرّة.. هو بالفعل، كتابٌ يُقرأ في كلِّ مرّةٍ وكأنّها أوّل مرّة.
قرأت، بل وترعرعت، بحكمِ أزهريّتي في وسط الإسلاميّن وتغنّيت بأناشيدهم وحلمت أحلامه وغمرتني آمالهم وتطلّعاتهم.. أفتح خريطة العالم لأرى اتساع الرقعة الإسلاميّة وأقول "لو أنّها عادت رقعةً واحدةً موحّدة مرّةً أخرى، سنصبح أسياد العالم"
عشت فترةً لا توصفُ بأقلّ من المؤلمة تلاطمني فيها أمواج من الشك والصدمات في التاريخ الإسلامي تارةً، وفي المفاهيم التي كنت أعتبرها من المسلمات تارة أخرى حتى قاربتُ على احتضان العلمانيّة بتمامها بدون تساؤل عن طبيعتها وهل نموذجها الغربيّ هو النموذج الماتع النافع أم لا.
يأتي هذا الكتاب، مع "الدولة المستحيلة" للدكتور وائل حلاق، ليجعل تمايلي الفكري بين التوجّهين الإسلامي والعلماني أشبه بالحركة البندولية أذهب هنالك تارة وأعود هنا تارةً لكنّي صرت اليوم، ومع كثرة قراءاتي في الموضوع، أعود وأذهب بتأرجح أقل في القوة حول نقطة المركز التي أظنّني أقترب منها مع الوقت.
كاتبتنا العزيزة هنا، جزاها الله كل الخير وزادها من علمه، في نقدها هنا للإخوة الإسلاميين أسعدتني وأثلجت صدري كثيراً لأنها دققت وحللت كثيراً من الأمور والأفكار التي جالت بخاطري وأهمتني كثيراً بخصوص الحركة الإسلامية التي، من وجهة نظري، أصابها عطب في بوصلتها فجعلها لا فقط تحيد عن وجهتها المقصودة بل تصبح نسخة من دول الاستبداد التي تواجهها.
تتناول د. هبة مجلّة المنار الجديد لتحاول قدر المستطاع رسم وتوصيف حدود الخيال السياسي الإسلامي فنجد أن التعميم في الخيال السياسي الإسلامي والأساطير المهيمنة عليه ومن ضمنها العلمانية وجدلية الدين والدولة وهي كانت من أكثر الأمور التي رأيتها من النواقص في الحركة الإسلامية.
تلفت الكاتبة النظر إلى الرفض المطلق للعلمانية وتناولها من تصوّر واحد وهو تصوّر العلمانية الغربيّة وعدم تناولها كأداة للتفكير والفصل (بمعنى التمييز) بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي/ديني وبين الثابت والمتغيّر لأننا حينما نتناول العلمانية بهذا الشكل الأخير (كأداة) حينئذٍ حسبما تقول د. هبة "يمكننا أن نصوغ نحن طريقةً ما، وتضحى العلمانية مرادفاً للسياسة وليس الكفر والإلحاد".
تشير الكاتبة أيضاً إلى أنّ تناول المفكّرين الإسلاميين للاشتراكيّة على أنّها مصدرٌ للإلحاد قد حرم الحركة الفكرية الإسلامية من أحد أهم المصادر التي تحوي وتشتمل على أقوى النقودات للرأسماليّة الأمر، وكذا التوجّس المرضي من العولمة التي يمكنها بكل بساطة أن تصبح أداةً طيعةً لنقل أفكارنا إلى عالم الغرب نفسه صانع هذه الأداة.
أكّدت الكاتبة ما تحدّث عنه وائل حلاق في "الدولة المستحيلة" عن أنّ المشكل في تعبير "الدولة الإسلاميّة" هو شقّه الأول لا الثاني.. دولة الليفاياثان الهوبزية التي تبسط أذرعتها العديدة على كل شيء كانت هي المشكلة وهذا لوجود العديد من الإشكاليّات حول الحداثة والقوميّة التي "آفاتها وكوارثها لا ينكرها اليمين ولا اليسار".
الكتاب وبحقّ هديّة "إلى الذين لايملّون من السؤال.. أبداً"
الإهداء إلى الذين لا يملّون من طرح الأسئلة ..أبداً وينتهي الكتاب بعبارة ولا غالب إلا الله. التقييمُ أسفله هو لشاب مستواه في علم السياسة أقلّ من المبتََدإ، لذا فإنّي أعتذر مسبّقاً -------------------------------------------------- هذا الكتاب وددتُ لو يقرأه النشطاء الفيسبوكيون الذين ينظّرون للسياسة وصاروا خبراء سياسة بعد جمع حفنة إعجابات، حين تقرأ الكتاب وتنتهي تستسلمُ للمصفوفة المعقدة والتي يحسبها الناس عملية حسابية أوّلية. السياسة ثقب أسودٌ، والداخلُ إليها عليه التزوّد بالسلاح إن هو أراد أقلّ الخسائر، إذ لا شكّ أنّه سيُضيع كثيرا من مكتسباته الأخلاقية. .
الخيال السياسي هي تلك الفترة التي تسبق الانضمام للأغلبية، فترة المعارضة ونشر الوعود المستقبلية التي تصطدم بالواقع المعقّد. الدكتورة هبة لم تكتب كتابها هذا انطلاقا من خيالها بل اعتمادا على مجموعة مقالات كتبها كتابٌ نزلوا للساحة السياسية بعد فترة في الحركة الدعوية، حلّلت ما وصلوا إليه وبيّنت ضعفه. بعض الأخطاء التي علقت في ذهني: - رد العلمانية مطلقا ورد الخبرة السياسية الغربية معها أيضا. - فصل الإسلام عن السياسة جدل أنشأه الاستعمار، وبدل تنفير الناس من العلمانية وجب مقارعة الحجة بالحجة لأخذ ما صفى وترك ما كدر. - اعتبار الأخلاق من شأن الدولة، وأفظع مثال هي الدولة السعودية حيث ضاع ظاهر الفرد من باطنه. - الضعف التكويني للممارسين للسياسة بالإضافة إلى ضعف المفكرين في الحركة الذين يجتهدون ويجدّدون بالاعتماد على الواقع المتغيّر. - اعتبار الدولة طرفا جامدا، والأصل مناقشة أدوارها وآلياتها وصلاحياتها. طبعا لا داعي أن نتحدث عن من لا زال يعتقد أن من السياسة ترك السياسة، " يلا بينا نروح ونسيبلهم الدنيا -_- " ---------------------------------------------------- خارطة الطريق : العودة بالمفهوم إلى أصوله (فقه التأصيل) وفهمه في ضوء شروط الواقع (فقه التنزيل) ففتح أفق مستقبلي له (فقه التأويل
اختم بأنّ الكتاب نُشر جزءٌ منه في سنة الألفين وأربعة ، بمعنى قبل أن يقع ما وقع في مصر وهو ردٌ على من يقول أنّ الكتاب هو مجرّد قراءة للواقع وتحصيل حاصل.
يبدو أن جميع كتب الدكتورة هبة، التي ألفتها أو قدّمت لها أو أشرفت عليها ستكون على قائمتي إن شاء الله فمن النادر أن تجد مؤلفا يتطرق لعدة أفكار أو مواضيع سبق أن شغلت جميعها بالك أو أنك فكرت بها أو استوقفتك يتناول الكتاب النظرية السياسية عند الاسلاميين وموقفهم من الدولة الحديثة ورؤيتهم للدولة الاسلامية ومفهومها عندهم تجلي المؤلفة بوضوح موضوع غياب النظرية السياسية المستقلة للإسلاميين وأن أقصى طرحهم إنما هو أسلمة الدولة في حين أن الدولة القومية القطرية الحديثة هي منتج علماني رأسمالي بل هي "دين" سياسي حداثي يحل محل الدين التقليدي الغيبي، وفق دايفيد أبتر وبالتالي فإنها تقوم على تقويض المفاهيم الاسلامية عن الشريعة والأمة والجماعة فبدلا من أن يكون العمل السياسي للاسلاميين منصبا على المشاركة في مؤسسات الدولة الحديثة أو العمل على أسلمتها، ينبغي أن ينصب جهدهم على نقد هذه الدولة وتقديم تصور بديل عنها، تصور يستلهم القيم الاسلامية المغيبة ويستأنس بالنقد الموجه لها من قبل المفكرين الغربيين الكتاب فيه الكثير من الأفكار التي كان بالإمكان توسيعها والاستطراد فيها على كل، هو بذرة مهمة وخطوة أولى أتمنى أن يتبعها خطوات
الإهداء إلى الذين لا يملون من السؤال أبدا ! الخاتمة ولا غالب إلا الله. أنصح قبل الكتاب أو بعده محاضرة الدكتورة "كيف نفكر في الشأن العام" وهي أحد محاضرات نماء الثلاثة التي عقدت منذ فترة في الأردن.
بدأت مع الكتاب وتحمست للفكرة ودخلت الى صفحاتة طلبا الى الحل الواقعي المخالف لخيال الاسلاميين .. ولكن للاسف لم اخرج بما تمنيته .
من ابرز ما فى الكتاب هو الاهداء "إلى الذين لا يملون من السؤال .. أبدا " ، جاء الكتاب دعوة الى الاجتهاد لتطوير الخطاب الاسلامي حتى يصبح متجانسا مع اصوله ومثاليته من ناحيه ومع واقعه المعقد المناط به تقويمه وتطويرة من ناحية اخري .
جاء الكتاب فى بدايته صعب الالفاظ واللغة بالنسبة الى ثقافتى المتواضعة وليس عيبا فى قلم الكاتبة بل فى قدراتي ، ولكنى اردت ان يكون الطرح ابسط من ذلك وخاصة ان نصف الكتاب استعارات من اقلام غربية وليس بقلم الدكتورة ، كذلك كان عرض الخيال السياسى للاسلاميين ممتاز وكيف كانوا يفكرون فى عالم ليس له علاقه بالواقع حتى جاءت الفرصة واصطدموا بالواقع فغرقت السفينه ، عرض مشكلة الاسلاميين مع الدولة الحديثة ايضا ممتاز لكن اين الحل ؟ كل تلك التساؤلات دخلت بها للكتاب لاصل لحل ولكن الكتاب اضاف الى مذكرتي تساؤلات اكثر فلم يعرض لى حل يرضي عقلى او يسد شغفى وكنت اظن ان الكتاب يطرح تلك الحلول .
الكتاب فى المجمل جيد وأى دعوة لاعادة صياغة مفاهيمنا من خلال الاهتمام بالدراسات المعرفية التي هي الغائب الحاضر فى واقعنا المشتت بالتأكيد أنا معها لكن من خلال قراءتي للكتاب وجدت الملاحظات التالية التي لم تعجبني وبالتالي جعلتني اكتفي بنجمتين فقط
* إستخدام مصطلح الاسلاموية والاسلامويين هو شئ مستفز قد يكون مقبولاٌ فى سياق الترجمة مثلاٌ فى كتاب اسلام السوق الذي قدمت الدكتورة نسخته العربية لكن فى حالتنا هنا فالكتاب عربي وموجه للقا��ئ العربي بالتالي يصبح استخدام هذا المصطلح غير مقبول حتي فى عرف لغتنا العربية وما اصطلحنا نحن عليه * فكرة الاهتمام بالدراسات الماركسية والرجوع اليها فى عملية نقد فكرة الدولة الحديثة التي تعتم علي المذهب الرأسمالي لهي فكرة ليست من السهولة ان نجعلها هي الاساس الذي نستخدمه فى نقد ومعاداة الفكرة الرأسمالية اذ أننا يمكننا ان نقع فى فخ التصور الماركسي نفسه لعلاقة الدولة والاقتصاد بما يعني التورط فى اشكاليات أكبر , وفى النهاية الامر يحتاج لدراسات أكثر وأعمق عما يمكننا به الاستفادة من الماركسية وليس بالصورة التي طرحتها الدكتورة بالطبع * فكرة استخدام مصطلح - الخيال - يطرح مشكلات متعددة مع المفاهيم السلبية التي يطرحها مثل هذا المصطلح فمثلاٌ قد يفهم منه الانسان العادي انه يشير الي أحلام وطموحات الاسلاميين عن تقلدهم السلطة ويعبر عن منهجهم وتصورهم لشئ لم يصلوا اليه لكن فى فترة حكم الاخوان المسلمين وان كانت بالطبع ليست الفترة التي يمكننا ان نحكم فيها علي الفكرة الاسلامية السياسية التي قدموها حتي الا فى سياق علاقتها بما سيليه من انقلاب وفشل فى ادارة العملية السياسية الا ان مصطلح الخيال هنا سيعني فتح باب كبير من سوء الفهم
ولكن فى النهاية الكتاب تدور أطروحته الأساسية علي العودة الي التخصص وان الدراسات المعرفية فى المجالات الاقتصادية والسياسية يجب ان تحكم الفكر والتصور الاسلامي السياسي بعد ذلك خصوصاٌ بعد تجليات الفشل الاداري والسياسي لادارة الاسلاميين ممثلين فى قطبهم الأكبر حركة الاخوان فى ادارة العملية السياسية وخوض غمار الصراع السياسي بالشكل الممكن حتي وليس المتعلق بتحويل الفكرة الاسلامية الي واقع
عن كتاب "الخيال الإسلامي للإسلاميين .. ما قبل الدولة وما بعدها":
- هو كتيب صغير للدكتورة هبة رؤوف عزت، يتحدث عن الفكر السياسي للإسلاميين (المصريين) وتصورهم عن الدولة، وفيه منطق قريب جداً لمنطق د. وائل الحلاق في كتابه الدولة المستحيلة.
- تحاول الدكتورة هبة في الكتاب إعادة "الاعتبار" إن جاز التعبير للفكر والتنظير قبل الغوص في العمل التنظيمي التفصيلي المباشر.
- ترى د. هبة أن فكرة الإسلاميين عن الدولة تتماهى مع تصورات الدولة القومية الحديثة رغم كل الشعارات المرفوعة، في حين أن الثاني تصور بعيد عن "المنظومة العقدية والتشريعية الإسلامية".
- ولذلك تعطي الدكتورة حيزاً مهماً لتحرير المفاهيم والمصطلحات الفكرية والسياسية المتعلقة بالدولة ودراستها و"خيال" الإسلاميين عنها.
- بينما في الجزء الثاني من الكتاب تتناول الدكتورة بشيء من النقد نصوصاً نشرت في مجلة "المنار الجديد" التي يبدو أنها كانت مساحة لأقلام عدد من الإسلاميين (المصريين مرة أخرى) من مختلف التيارات.
- في الكتاب جهد مشكور من الدكتورة في بيان إشكالية الإسلاميين (الواضحة) في رؤيتهم السياسية، وفي تصورهم للدولة، وهي الإشكالية التي كانت أحد أسباب الانتكاسة العملية اللاحقة.
- وبين طيات الكتاب رصد لما يمكن أن أسميه اقتصار الرؤية السياسية عن "الدولة" بين الإسلاميين على "الحكم"، في إغفال - أو إقلال - واضح لسبر أغوار جزئيات مفصلية أخرى، مثل النظرة للعالم/العولمة، والآخر، والتركيبة المجتمعية، فضلاً عن الإغراق في العموميات، والبعد عن التفصيل أو الكفاية في "العملي" في أمور/ملفات/إشكاليات تهم الشريك في الوطن.
- ومن الجميل في الكتاب أنه لا يغرق في تفاصيل اللحظة الراهنة، ولا يكبل نفسه بالحدث السياسي المباشر، بل يحوم على تخوم الأحداث الحالية من خلال نظرة نقدية تنظيرية تقدم تصوراً - أو مدخلاً لتصور - عن المشهد الحالي، باعتباره قصوراً في النظرة في أحد زواياه، وليس مجرد انتكاسة في العمل السياسي.
- لكن الكتاب فيه إشكاليتان منهجيتان من الصعب تجاوزهما برأيي: الأولى، ذلك التعميم الغريب "الإسلاميين" في حين أن الحديث في الغالب عن الإسلاميين المصريين أو بعضهم. الثانية، الحكم على هؤلاء الإسلاميين من خلال بعض النصوص في مصدر واحد (مجلة "المنار الجديد")، وهو اختزال غريب من الدكتورة، ليس فقط لأن المجلة كمصدر وحيد للدراسة لا تشمل كل التيارات الإسلامية المصرية، ولا لأن هناك بالتأكيد مصادر اخرى "مكتوبة" عن تصورات الإسلاميين للدولة، ولكن أيضاً لأن الدراسة اكتفت بمصدر "مكتوب". وقد أشار المستشار طارق البشري في كتابه "التجدد الحضاري" إلى أن النظر في النصوص فقط منهج قاصر عن الفهم والشرح والتحليل في العلوم الإنسانية، سيما المتصلة بعلم الاجتماع السياسي، إذ هناك "خبرة عملية" أو ممارسة تاريخية يجب أخذها في الاعتبار في هذا السياق.
- المهم، الكتاب مهم جداً في سياق حالة النقد للفقر - بل الشح - التنظيري بين الإسلاميين، ودعوة للمراجعات الفكرية والعمل على بصيرة، وهو كتيب صغير سهل على القراءة والفهم والإحاطة. ولكنني أعتقد أنه يجب اعتباره مجرد مدخل لهذا الباب، وأعتقد أن لدى الدكتورة - فيما قرأت وشاهدت لها - أكثر من ذلك بكثير لتقدمه في هذا السياق.
إن غاية هذا الكتاب هي بناء عقلية نقدية وفتح أفق لمتابعة الاجتهاد في النظرية السياسية ، بهدف العودة إلى فهم الواقع بأدوات متنوعة، فالنظرية والواقع لا يفترقان .. لكن بينهما جسر، وعلى هذا الجسر يمكن أن يفهم خرائط الواقع ويستشرف المستقبل بشكل أفضل .. ليصوغ وجهته بمنهج أكثر رشدا وحكمة.
يمكن اعتبار هذا الكتاب واحدا من أدبيات النقد الذاتي والمراجعات التي تشهدها الحركة الإسلامية أو الفكر الإسلامي بمعناه الواسع. الأطروحة المركزية لهذا الكتاب هي أن الحركات الإسلامية قد تمركزت حول طموح أسلمة الدولة الوطنية الحديثة، أو ما تطلق المؤلفة عليه ’’أسطورة الدولة الإسلامية‘‘، بسبب هاجس العلمانية الذي سيطر على العقل الإسلامي. وتقترح المؤلفة الانتقال من التمركز حول الدولة، إلى الانشغال بالأمة والشريعة بمعناها الحضاري الواسع. يعبر هذا الكتاب عن توجه جديد في العمل والفكر الإسلامي يطرح تساؤلا حول مستقبله هو نفسه واحتمالات تطوره أو انحساره.
أنهيت الكتاب وقد وجدت ما أريده ولم اكن أظن اني سأجده في هذا الكتاب ..
كانت تضيرني الفترة الماضية فكرة اننا ندخل في سجالات مع العلمانيين ومتشدقي رفض الدين ومركزيته، ودومًا يخرسوننا بسردهم لأخطاء الحركات الاسلامية وما حوته من كوارث فكرية وعَقَدية تناقض المنهج القويم .. والتي تشي بفقر وعقم " الخيال " التي تحدثت عنه د. هبة في الكتاب ...
بالفعل ضعف التصورات او خطأها هو أكبر الاخطاء التي سقط فيها الاسلاميون، حيث حاربوا الدولة وهم جزءٌ منها، كانوا دومًا يطالبون بالشريعة ليحطوا من قدرها ... فلنحسن النية ولنقل انه عن عدم وعى .. وهذه هى الكارثة ...
وجدت في هذا الكتاب -وان لم يكن موجهًا لهذا بالأساس- تأكيده على اولوية النظر لأنفسنا والانشغال ببنائنا كمسلمين نفهم الدين فهمًا صحيحًا - بما فيه التصورات التي تحدثت عنها الدكتورة في الكتاب، موقفنا من الدولة الحديثة ودولتنا المنشودةوغيرها - ونعلم كيف نعود به منهجًا لحياتنا نقرأ به ماضينا ونعيش به في حياتنا ونرسم على أساسه مستقبلنا ..
الكتاب رائع وان نقصته نجمة بسبب ان الدكتورة لم تضع أقدامنا على أول الطريق ... فلنفتح باب الاجتهاد والنظر في التصورات والسير نحو إعادة بناء الخيال ... ولكن أين بداية الطريق ؟! .. ( لا أعلم هل كان هذا واجبًا على الدكتورة أم لا .. لكني كنت احتاجه )
لعلي أستعير عبارة الدكتورة هبة رءوف عندما وصفت كتاب (طبائع الإستملاك) للكاتب البحريني نادر كاظم في مقالها " طبائع الاستبداد... طبائع الاستملاك... طبائع الاستهلاك" بصحيفة الوسط البحرينية 2009 بأنه(من أفضل الكتب التي أنتجها العقل العربي في القرن الأخير) وكذلك أصف كتابها (الخيال السياسي للإسلاميين : ما قبل الدولة وما بعدها) بأنه أهم كتاب مصري كُتب مؤخرا وذلك لعدة أسباب :
أولا : تمكن الباحثة المذهل من أدوات التحليل السياسي والاجتماعي ، وعدم الجمود علي مناهج تحليل صلبة وجامدة وإعمالها علي وقائع وأحداث رخوة وأفكار متغيرة.
ثانيا : الوقوف طويلا عند (المفاهيم) في المساحات المختلفة وكشف ما تحمله من معاني وتجليات في الواقع المعاصر وما يثقلها من أعباء تاريخية أو تنظيمية ، علقت بها حتي صارت كأنها جزء منها وهي ليست كذلك ، وكذلك دراسة تطور المفاهيم السياسية وتحليل الخطاب والوعي بالتاريخ والسياق المقارن وصيرورة الفكر فيه) لذا استخدمت الباحثة المدرسة التفسيرية في المدرسة الألمانية (هوسيرل ، هايدغر ، غادامير ..)و كانت أكثر ابتعادا عن المدرسة الفرنسية التفكيكية (فوكو ، وديدرا) ، حيث أن المنهج التفسيري كما قالت ( يقوم علي تحليل الأنساق المفاهيمية في تطورها إلي تجاوز الرصد المحض إلي فهم التصور والخيال وتشكلاته ... وما الذي يستمر وما الذي ينقطع وأين علي خريطة الخطاب يتواصل الفكر مع جذور قديمة ومتي ولماذا يتفاعل مع أنساق مناقضة له بالإستبطان والتلبيس ...) وليس مستغربا ميل الباحثة لهذا المنهج التفسيري للمدرسة الألمانية فهي قضت زمنا طويلا في قراءة مسحية وحفرية لرواد هذه المدرسة وباللغة الألمانية عند عملها علي أطروحتها لنيل رسالة الدكتوراة حول تحليل مفهوم المواطنة ..وأذكر أن الباحثة في أحد حلقات نقاش أحد الكتب قالت لأحد تلاميذها (إذا كنت ديكارتي فأنا كانطية) .
ثالثا : العنوان ذكي وموحي للغاية لذلك قالت الباحثة أن اختياره عن قصد وان استخدام هذه المفردة أو المصطلح نادر في التحليل السياسي ، والعنوان يتضمن بشكل إشاري "المشكلة البحثية" التي تعاملت معها الباحثة بالتحليل ..وهو انعدام الخيال والجمود علي آليات تنظيمية أو الجمود علي تراثيات قيّدت الخيال فيما يتعلق بالمتغير لا الثابت أو بمعني آخر استصحاب خيال قرون مضت لوقائع خلت ، وتغليب السياسي التنازعي علي الدعوي التراحمي ، وتصدير اللغة أو اللهجة السجالية علي الاجتهادية .
رابعا :اختيار مجلة (المنار الجديد) كعينة او كمادة للتحليل موفق للغاية والباحثة ذكرت أسباب اختيار هذه المجلة . والقراءة المسحية كانت جيدة وكذلك تحليل الباحثة كان متقنا ودقيقا للغاية ووصل إلي ذروته في ا��فصل الثالث : (ما وراء الخطاب : خريطة النسق وفضاء المرجعيات وحدود الخيال) .
خامسا : استخدام الباحثة منهج استشرافي بجانب التفسيري وهو (التحليل المخالف للوقائع) في دراسة المفاهيم وهو أن نقول مثلا ( لو أن الإخوان لم يشكلوا التنظيم السري ودخلوا معترك العمل الحزبي أو ماذا كان الوضع لو أن مراجعات الجهاد والجماعة الاسلامية تمت مع مطلع التسعينات وليس مع نهايتها فالسيناريوهات المحتملة كثيرة ، وميزة البحث فيها ليست بالنظر إلي الوراء بل بتعلم الدروس واستكشاف آفاق الفعل والاختيار ، لأن التجارب التاريخية زاد يمكن أن يقينا عثرات مستقبلية نحن في غني عنها علي طريق الإصلاح المنشود من أجل النهضة )
سادسا : الكتاب أفصح عن نفسه منذ البداية أنه (ليس تحليل سياسي للنزاعات الجارية بالتواريخ والأسماء ...بل هو غايته بناء عقلية نقدية وفتح أفق لمتابعة الاجتهاد في النظرية السياسية) وهذه النوعية من النصوص تكون في غاية الثراء والتكثيف والتركيب .
سابعا :الكتاب يخرج من مشكاة انسان مهموم بمسار ومسيرة الحركة الإسلامية ، فهو صوت ناصح أمين وليس العكس ، فالهمّ والإجتهاد للإصلاح وللتناصح والتجديد يظهر جليا ، والقاريء النابه سيدرك ذلك من خلال ذكر وقائع وأمثلة عملية وشخصية ذكرتها الباحثة بأن مضمون هذا الكتاب ورسالته الأساسية عملت عليه طوال مشوارها العلمي والعملي تارة تدريساً و أخري بنشر مقالات وإشراف علي رسائل علمية مقاربة للمضمون الكتاب ، واشتراك في مؤتمرات وإجراء حوارات وأسفار واقتحام مساحات يشتبك فيها التنظير مع التطبيق ، فهو ليس تنظيرا جاء علي عجل من برج عاجي ، بل تنظير استمر لعقود أكل من لحم ودم الباحثة قبل أن يصير مطبوعاً بين دفتيّ كتاب .
ثامنا : أظهرت الباحثة أهم ما يغيب عن خيال الإسلاميين السياسي وهو تصورهم واجتهادهم التجديدي عن الدولة وطبيعة العمران .. والذي صدر منهم عبارات وشعارات عامة عن دولة الخلافة ثم التماهي في الدولة الحداثية باعتبار ان ذلك وسيلة للوصول للحكم ولم يدركوا أن هذه الدولة الحداثية تلتهم مساحات الرشد والعدل في صالح مصلحة السوق وتحتكر القوة المطلقة وتقطع الوشائج مع المجتمع ووظائفة التراحمية بل تعمل علي تأميمه وتدجينه ، وتُهيمن علي مساحات مثل مساحات الأوقاف والقضاء والفتوي والتعليم التي كانت تكمن فيها قوة الأمة ، لذلك لم يكن مستغربا أن تكتب الباحثة عن (إعادة بناء الخيال حول مفهوم الأمة ، واللامؤسسي ، وما بعد العلمانية).
تاسعا:التمهيد والمقدمة والفصل الأول( من ظاهرة الجدل السياسي إلي البحث في آفاق المعني) ، أي أول 44 صفحة بجانب الصفحة 110 و 111 متن ثري ونفيس عن مناهج التحليل وكيف نستخدمها ونطورها ونُضمنها جانب الخبرة الذاتية والتجربة الإنسانية(وقد طبقت الباحثة كل ذلك في بحثها بشكل فائق) وأن نتتبع السرديات الصغيرة ونفحص حفرياتها من خلال اجتهاد جماعي لتخصصات متعددة. عاشرا : الخاتمة جاءت ملخصة بشكل جيد لمضمون الكتاب وأعادت طرح المشكل بشكل أكثر وضوحا واختصارا مع تقديم حلول وان كانت غير سهلة لأن مشكلة فقر الخيال السياسي ليست كذلك أيضا وأختم بقول الباحثة ( والخلاصة : نحتاج عقلا مختلفا لا يسير علي قضبان السلطة ولا يُغيّب خلف قضبان الاستضعاف والمظلومية ؛ فيولع بالغالب ويستنصر بالطغاة ويركن لدين الظالمين وديدنهم وهو لا يدري وينتظر دوماً أن يكون القائد : كيانا مستبدا مأمولا عدله ..)
-ليس المهم نقد و نقض الإسلاميين لأجل إشباع حاجة نفسية بل هو واجب شرعي لتطوير خطاب يعتبر الاول و الأكثر حضورا سياسيا و اجتماعيا في عقول العامة ،،،،
-هي دراسة ترتجو ان تكون باب لتطور المفاهيم السياسية في الفكر الاسلامي و غربلته من ما كان منها و ما ادخل عليه بفرض الواقع ليتجلى ما نراه حاليا من خطاب و ممارسات تظهر نتيجة لنسق المفاهيم الحالي،،
-محاولة لتوضيح و مناقشة المفاهيم اذا هي من حيث الاساس ما يتم خلالها بناء الصرح الفكرية هي المرآة التي تعكس منطق النسق النظري الى واقعي بعد تشكله،،،،و للأسف من أشد ما يعانيه الاسلاميون هو الفقر مفاهيمي في حقول الظواهر الانسانية،،،فاكتفوا باسدال الجلباب الاسلامي على المفاهيم الغربية،،،للساحات الفارغة،،،
-الدولة القومية هي كالثقب الأسود يسحب كل القوى و السلطات و المقدرات الى داخله ليشكل دولة عميقة تحكم ما يظهر لنا ،المصيبة اننا نحاول اعطائها صبغة اسلامية،،،،
-في الدولة الحديثة يتم استبدال المطلق الديني ((في الحالة الاسلامية عبادة الله )) الى وثن الدولة المطلق،و لن نستغرب حين نرى تسرب أفكار الدولة الحديثة الى عقلية الاسلامي و ان كان يتناقض مع فلسفة اجتماع العمران الاسلامي تحت وطأة سيطرة الواقع الغربي و ممارسات الاٍرهاب الفكري و حروب المزيادة بين التيارات المختلفة،،
نعم صدقت حين قالت: ((إننا نحتاج عقلاً مختلفًا لا يسير على قضبان السلطة ولا يغيب خلف قضبان الاستضعاف والمظلومية؛ فيولع بالغالب و يستنصر بالطغاة و يركن لدين الظالمين و ديدنهم،،،و هو لا يدري،،،،و ينتظر دائماً ان يكون القائد : كيانا مستبدا مأمولا عدله،،، ))
سلاسة الاسلوب ووضوح الافكار وترابطها من اول صفحة لاخرها مع نقد قوى وعالى جدا للحركة الاسلامية وتطور تفكيرها وبيان مدى تقصير الافراد والجماعات والمرور على فترة جريدة المنارة الجديدة وتنوع المشاركين فيها ومدى اختلاف افكار كتابها والختام الممتاز بتفكيك فكرة ارتباط النصر بالوصول للحكم اللى اثبتت فشلها
من أين نبدأ الإصلاح ؟ سؤال صعب لكنه المفتاح للطريق الصحيح يبدأ الإصلاح بالفكر السليم القائم علي توخي الحق و إن كان علي رقاب المصالح الخاصة الضيقة من نحن و ماذا نريد و ماذا سنفعل لكي نحقق ما نريد : هذا هومضمون الكتاب في ثلاثة أسئلة تأخذنا دكتورة هبة للكشف عن الخيال السياسي للطيف الإسلامي بكل طوائفه و حسن الختام و لا غالب إلا الله "كنتم خير أمة أخرجت للناس "
بالرغم من اللغة الأكاديمية للكتاب ، وإستخدام اللغة الفلسفية الجافة .... إلا أنه من الكتب التي يشعر القارئ أنه بقراءتها يعبر الحاجز بين مستوى ومستوى أعلى من مستويات الوعي . فبعد الفشل والسقوط المدوي لمشروع الإسلام السياسي في الأعوام الماضية كان لا بد من تسليط الضوء على أسباب القصور ومواطن الخلل وأظن أن هذا الكتاب وفق في هذا الأمر إلى حد بعيد .
------------------------- غاية الكتاب والهدف منه
فغاية الكتاب القصوى هو توجيه السؤال التالي ما طبيعة رؤيتنا للعالم وماذا يقدم الإسلام للبشرية اليوم ؟ هي ضرورة البحث في طبيعة التمدن الذي نريد والحاجة إلى فهم صيغة التدين في هذه المرحلة الراهنة . غاية الكتاب بناء عقلية نقدية وفتح أفق لمتابعة الإجتهاد في النظرية السياسية . وتطوير الخطاب الإسلامي حتى يصبح تحريريا ومتجانسا مع أصوله ومثاليته في ظل تحول العلمانية إلى هاجس أكبر للإسلاميين وحصر المقارنة بين الشورى والديمقراطية وحصر الفكر في ثنائية الحاكمية والعلمانية .
-----------------------------------------
لماذا هذا الكتاب من الكتب المهمة في مجاله ؟ الجواب هو ما معالجته لما يلي :
1.بيان تماهي تصور الدولة عند التيار الإسلامي بدرجة كبيرة مع تصورات الدولة القومية الحديثة على الرغم من كل الشعارات والعناوين . 2.بيان تعامل التيار الإسلامي مع الدولة على أنها حصن ينبغي الإستيلاء عليه دون إدراك العلل الكامنة في الدولة الحديثة 2.غلبت العموميات البلاغية والتصورات التاريخية على رؤية الحركات الإسلامية للدولة وطغيان الإعتبارات العملية على حركتها . 3.البحث والنظر في الدولة كمفهوم وتحليل نموذج الدولة القومية القطرية الحديثة السائدة اليوم ومحاولة الإسلام السياسي إلباسها واجهة إسلامية دون إدراك منطقها الداخلي المختلف عن المنظومة العقدية والتشريعية الإسلامية . 4.ضرورة الإحاطة بالنقد الذي وجهته أيديولوجيات تعرف هذه الدولة من داخل منظومتها الحضارية التي نشأت فيها وأجادت فك شيفرتها مثل الماركسية وما بعد الحداثية من دون التعامل معها كمرجعية بل التعامل معها على أساس فكر نقدي واجب الفهم والمتابعة . 5.ترك العلم لصالح الأيديولوجيات والتنظيمات والخسارة الفادحة التي حاقت بالإسلام السياسي بسبب هذا المنهج . 6. مشروعية السؤال المطروح أي إسلام ؟ طبعا على المستوى الجدل السياسي لا على مستوى العقيدة والعبادة
-------------------------------------------------- الجزء الأول هو مجموعة مقالات في جريدة الدستور للكاتبة من عام 2006-2010 وتعالج هذه المقالات ضرورة تحرير الفكر السياسي من نموذج الدولة الحديثة .
الجزء الثاني هو تحرير لنصوص كتبتها المؤلفة عام 2012 في مجلة السياسة الدولية
-------------------------------------------------- مراجعة مبسطة للمحتوى غير شاملة ولكن تحوي نقاط إستفدتها من الكتاب :
جدل العلمانية والدين الحاضر بشكل أكير من غيره في الصراع السياسي لأنه يتعلق بالدولة والسلطان وليس بالإدارة السياسية وهذا الصراع ينبع من مجموعة من الأفكار الحاكمة لخيال الإسلاميين : 1.إن العلمانية تعني إنكار الوحي وتحكيم العقل المحض والتخلي عن الحاكمية الإلهية . 2.إن العلمانية مرادف إفقاد الدين قوته وإخضاعه للدولة . 3.إن العلمانية وفصل الإسلام عن السياسة جدل أنشأه الإستعمار لإضعاف الأمة منذ بداية القرن العشرين وتصاعد تجدده مع نمو حر��ة الصحوة حتى لا تسترد الأمة شرعيتها وتعود إلى الإسلام ريادته فدولته فخلافته . 4. إن هدف العلمانية تكريس الفردية وغايتها نسبية الأخلاق وهو ما ينقض القيم الإسلامية ويؤدي إلى هدم العقيدة وإنها صنو الليبرالية التي يراد لها أن تنتشر في العالم الإسلامي دون معارضة .
*****
من ظاهر الجدل السياسي إلى البحث في آفاق المعنى
الحاجة إلى إستعادة التحليل المفاهيمي والمعرفي في قراءة النصوص السياسية لكي نستطيع فهم الرؤية الحاكمة لفكر الإسلاميين السياسي للوقوف على حدود هذا الخطاب و أفاقه كيف يتحول النسق من الإنسانية إلى العداء للقيم الإنسانية وما هي مساحاته المفاهيمية الرخوة التي تسمح بتسرب مثل هذه النزعة فتحليل المفاهيم ينفي الخصوصية المبالغ فيها عند وصف فكر الإسلاميين وأطروحاتهم السياسية المعاصرة فالمقدس حاضر في المنظومات الديمقراطية المختلفة وكذلك الظرف الزمني أيضا مما يجعل فكر الإسلاميين قابلا للإختبار والتحليل .
تحليل المفاهيم يساعد على معرفة مناطق القوة والهشاشة في فكر الإسلاميين . وتجنب الوصول إلى مأزق في وجود عقد إجتماعي سياسي بين الأطراف المتعددة
سبر الأغوار وإستيعانب الأساطير كيف يتحول إلى مفهوم ما إلى أسطورة لا تتم مراجعته ويتقبله الجمهور الذي يتبى هذا الخطاب على أنه أيقونة . والأساطير هي التصورات السائدة عن المفاهيم والمستقرة لفترة طويلة وليس المفاهيم ذاتها لابد من تجديد يعود بالمفهوم إلى أصوله من ناحية فقه التأصيل ويعيد فهمه من ناحية شروط الواقع فقه التنزيل وفتح أفق مستقبلي جديد له فقه التأويل
***** مساحة المنار الجديد: خرائط التفكير ولغة التعبير
يعرض الكتاب مجموعة من مقالات الإسلاميين في مجلة المنار الجديد لإستكشاف مقومات الخيال السياسي للإسلاميين كما يتجلى في خطابهم ومفاهيمهم .
هذا الجزء من الكتاب يتناول تحليل لمقالات تنتظم حول ثلاثة محاور هي: 1.هموم الداخل الحركي ومراجعات الحركيين لمسيرة العمل السياسي وعلاقتهم بالدولة . 2.بعض الأفكار حول المشروع السياسي الذي يقدمه الإسلاميون . 3.العلاقة بالعالم بالمعنى الواسع وإدراك مستجداته
******
ما وراء الخطاب :خريطة النسق وفضاء المرجعيات وحدود الخيال .
هذا الجزء يهتم بمعالجة الخطاب الإسلامي من خلال النصوص في مساحة المنار الجديد . ويركز على أهم ما جاء فيها من معضلات في الخطاب الإسلامي وهي كالتالي : 1.مركزية أسطورة الدولة الإسلامية 2.غلبة الخطاب السياسي التشاوري على التصور الإجتهادي الجدلي . 3.كلية النظر إلى الآخر – الغرب وتعميمها وغياب النظر إلى الآخر الجنوب والشرق . 4.غلبة المركزية العربية وغياب المتابعة للحركات أو المجتمعات أو الأفكار الإسلامية غير العربية . 5.غياب النظرة المقارنة والإطلاع على الفكر الغربي في أدبياته الأصلية أو التعرف إلى خطابات المراجعة النقدية داخل الليبرالية . 6.الحاجة إلى إعادة بناء مفهوم السياسة الشرعية بتحرير الديمقراطية ونماذجها من الليبرالية ،ثم إعادة النظر في الليبرالية بفك الإرتباط بينها وبين الرأسمالية . 7.الحاجة إلى إعادة ترسيم الحدود بين الشريعة والدولة والخروج بأفق المعنى ومساحات الإجتهاد من أسر العقلية السجالية . 8.غياب التخصصية الشرعية والنظريتين الإجتماعية والسياسية
******
نحو إعادة بناء الخيال: ثلاثية الأمة والامؤسسي وما بعد العلمانية
إعادة بناء مفهوم الأمة من خلال أربعة مفاهيم وهي مفهوم الفطرة ومفهوم العالمين مفهوم المجتمع المدني العالمي ومفهوم المجال العام .
التحولات في المجال العام وضرورة مراعاتها وهي : 1. أن الفعل السياسي لم يعد مقتصرا على على نخبة أو قيادات رأي عام أو صفوف معارضة بل بدأت الحركات الإجتماعية تشكل قواعد حركتها على الأرض في الشارع . 2. إعادة النظر ومحاولة إستجلاء معنى الزمن في المفهوم الإنساني وأبعاده الوجودية العميقة . 3.التغير في طبيعة الحركة الفردية في المجال العام وكذلك نوعية الفعل السياسي التي تتسم بظهور الأفعال الإحتجاجية الرخوة التي تتسم بسهولة الإنضمام أو سهول اتخذا قرار الخروج من الحركة ومفارقتها .
شرح معنى ما بعد الإسلاماوية الذي يساعد في إعادة فهم وتركيب الخطاب الإسلامي والمسارات المتوقع السير فيها بعد فشل وسقوط الإسلام السياسي .
كتاب تساؤلي للدكتورة هبة رءوف عزت حول النموذج المتخيل للدولة الإسلامية في أذهان الإسلاميين. تشير المؤلفة إلى استفاضة كلام الإسلاميين على مختلف توجهاتهم في مقالاتهم وكتبهم (استعرضت مجلة المنار الجديد مثالاً) حول أخطاء الدول القومية وعثراتها، وأن الإصلاح يتم بوضع أشخاص أكفّاء في المكان الصحيح ليأدوا عملهم بأمانة، ولكن كلامهم توقف عن وصف طبيعة الدولة الإسلامية، فهل ما سيقومون به هو أسلمة الدولة؟ أم سيغيرون من بنية هذه الدولة الحداثية؟ لكون مفهوم وعمل الدولة الحداثية يتنافى مع فكرة وتصور الإسلام عن الدولة. وتتطرق المؤلفة الى مفهوم الأمة وضرورة إعادة التعريف له ولمصطلحات شبيهة أيضا. كما تعرّج على التغيير الذي أحدثته ثورات الربيع العربي في تغيير بنية تجمع الناس، فهم يتجمعون لهدف واحد يصهر جهودهم معًا برغم اختلافاتهم الأخرى، وسرعان ما ينفضون إلى أماكنهم السابقة. وتتبنى الدكتورة الرأي القائل بعدم جهوزية الإسلاميين لمرحلة ما بعد الدولة وهو ما تناولت بخصوصه مصر كنموذج. يعاني الكتاب من لغة فلسفية جافة في قسمه الأول، وكما ذكرت فإنه كتاب بنمط تساؤلي، بحيث يثير القضايا ولا يضع الإجابات، وهو إعادة طرح وتجميع لمقالات سابقة للدكتورة هبة رءوف عزت بنمط موحد قامت بإعادة صياغته وقولبته مع المتغيرات التي حدثت في النصف الأول من العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. أعتقد أن الإجابات المنتظرة على هكذا قضايا وأسئلة مُثارة قد وضعتها المؤلفة في كتابها اللاحق "نحو عمرانٍ جديد"، وهو ما سيتبين لي فور قراءتي له.
حسنا .. فلأعترف أني استصعبت لغة دكتورة هبة وأسلوبها في التعبير عن أفكار أزعم أني أدركتها من خلال قراءات سابقة ومع ذلك فمن الجيد أن أتدرب على قراءات أكاديمية متخصصة كهذه .. الفكرة الرئيسية هي وقوع الإسلاميين على اختلاف تنظيماتهم في أسر التصور الحداثي للدولة رغم مناقضته أصلا لمرجعيتهم الإسلامية فقصور خيال الإسلاميين السياسي كما تراه المؤلفة توقف بهم _ في معرض بحثهم عن نهضة الأمة واستعادة الخلافة _عند أسلمة البنية الحالية للدولة دون استيعاب لمدى بعد خلفيتها العلمانية المادية من ناحية والليبرالية الرأسمالية المتوحشة من ناحية أخرى عن قيم الدين وأخلاقه ، وهذا ما يوقعهم في تناقض يائس لايصل بهم إلى شيء سوى الخذلان والفشل . تشدد المؤلفة إذن على وجوب دراسة الواقع جيدا وفهم تاريخ وفلسفة نشأة الأبنية السياسية الحالية والنقد الموجه لها والبحث عن بديل يتواءم مع قيم ديننا الحنيف .
الكتاب يسلط الضوء على علاقة الاسلاميين بالدولة الحديثة من خلاله وعيهم الذائف بها وبطبيعتها وافتقارهم لنظره كلية للدولة و ماهيتها وبناها ووظيفتها والسياق التاريخى التى نشأت فيه من خلال رصد الالتباس الواضح فى مفاهيم السلطة والشرعيه والقانون والشريعه والأخلاق تقوم بذلك من خلال تحليل الخطاب السياسى للإسلاميين معتمده فى ذلك على مجلة المنار الجديد التى كانت منبرا للاسلاميين
تؤكد الكاتبة في بداية الكتاب على أن اختيارها لمفهوم “الخيال” بدلاً من “الخطاب” (وهو مفهوم غير معتاد في الأدبيات السياسية) قام على أساس شمولية الأول واتساعه حيث يشتمل على الأطر الحاكمة للخطاب الإسلامي (المتغير بطبيعة الحال) ويحدد حدود منطقه وآفاقه وهي في هذا السياق تولي أهمية كبيرة لتحليل “المفاهيم” وصيرورة الفكر فيها، وبمعنى آخر فالكتاب يهتم بالمشكلة البحثية والنظرية السياسية للحركة الإسلامية أكثر من اهتمامه بالممارسة في الواقع.
وكنتيجة لاختيارها مسار اللغة والمفاهيم كمدخل لعالم الفكر السياسي الإسلامي كان على الكاتبة تبني أدوات أحد المدارس المتعددة التي تنتهج هذا المنهج وقد وقع اختيارها على المدرسة التفسيرية والتي يعد كلاً من (هوسرل – هايدجر – غادامير) أبرز روادها ومنظريها نظرًا لما تتميز به هذه المدرسة من قدرة على تجاوز الرصد المحض للتغير والتطور الخطي للمفاهيم، وصولا إلى فهم التصور والخيال وتشكلاته، وما الذي يستمر وما الذي ينقطع، وأين على خريطة الخطاب يتواصل الفكر مع جذور قديمة ومتى، ولماذا يتفاعل مع أنساق مناقضة له بالاستبطان والتلبيس؟ وكذلك القدرة على الإحاطة بمسارات تطور الخيال السياسي، أو بمعنى أدق تفسير عدم تحقق المسارات المغايرة للتطور وسبب إجهاضها.
تطل الكاتبة على أدبيات الحركة الإسلامية من خلال بعض المنابر أهمها مجلة المنار الجديد (وهو اختيار موفق نظرًا لتنوع محتوى المجلة واتساعه لأطياف إسلامية متباينة)، وتصل من خلال أدواتها التحليلية إلى أن نظرة الإسلاميين للدولة لا تختلف كثيرًا عن النظرة الحداثية وأنهم اندمجوا في المجريات والسجالات السياسية ومنحوها الأولوية الأولى، مما أثر على الجانب التنظيري والبحثي فلم يستطيعوا أن يخرجوا من قبضة الدولة الحديثة ومنطقها الداخلي المبني في الأساس على العلمانية، والذي يعمل كآلة جبارة للهيمنة وفرض السيادة والمحافظة على مصالح رأس المال غير مكترثة لقيم العدل والأخلاق، وانحصر اجتهادهم في محاولة أسلمة الدولة مع الحفاظ على آلياتها وأدواتها ونفس فضاءات الحركة بداخلها.
بل قد جاء طرحهم الاقتصادي طرحًا رأسماليًا ليبراليًا متشحًا بديباجة إسلامية لا تغير من جوهره، كما اتسم حديثهم عن الدولة الإسلامية بالعمومية البلاغية والتصورات التاريخية الفضفاضة وأيضًا تبين من خلال النظرة المتأنية معاناة الخيال الإسلامي من التباس كبير وقصور في التعامل من الأنساق المعرفية المغايرة كالعلمانية والديمقراطية بل الماركسية أيضًا وتعامل الإسلاميين مع هذه المفاهيم على أنها شر محض ولم يستطيعوا الاستفادة من بعض جوانبها الإيجابية مثل النقد الماركسي للرأسمالية، أو مثل إمكانية تحجيم الدولة وتضييق مساحات هيمنتها عن طريق تبني بعض مفاهيم وأدوات العلمانية.
ولم يقتصر التحليل على الحاضر الإسلامي، ولكنها نجحت في استشراف بعض ملامح المستقبل أيضًا من خلال انتهاج تحليل يسمى (تحليل مخالفة الوقائع) وهو تقليد اتبعته مدرسة فقهية تسمى (الأرأيتيين) حيث يقوم الباحث بافتراض بعض التغيرات في الوقائع ومحاولة استشراف المستقبل بناء على هذا الافتراض، وهو تحليل بالغ الأهمية في تلافي عثرات الماضي وتخيل أداء الأيديولوجيات المختلفة تحت الظروف نفسها أو العكس.
وقد اتضح من هذا التحليل تعاظم احتمالات فشل الحركات الإسلامية في تنزيل تصوراتها على الواقع في المستقبل طالما ظلت تتبنى الرؤى نفسها، وتحمل الخيال السياسي الحالي ذاتها.
تخلص الكاتبة في النهاية إلى ضرورة انتشال الخيال السياسي الإسلامي من دوامة أسطورة الدولة الإسلامية التي خلقها الفزع المبالغ فيه من العلمانية، ذلك الفزع الذي سيطر على الإسلاميين وأسقطهم في قبضة ثنائية (الحاكمية/ العلمانية) الأمر الذي دفعهم للاستماتة في محاولات عقيمة لتركيب رأس إسلامي على جسد الدولة القومية الحديثة، غير منتبهين إلى أن منطق هذه الدولة القومية ذاته يقوض ويناقض العديد من القيم والمفاهيم الإسلامية.
وكذلك فهي ترى أن عملية الانتشال تلك سوف تتحقق عبر إحداث تغيير جذري في الخيال السياسي الإسلامي بحيث يدخل المعترك السياسي محملاً بأسئلة قبلية عن منطق الدولة الحديثة وفلسفتها ويطور رؤيته ومفاهيمه عن الأمة والدولة والسلطة والشريعة وحدودها وعلاقة الحاكم بالمجتمع والهياكل والبنى الاقتصادية والفضاءات المتاحة للحركات الرخوة والعمل الأهلي والمدني والنقابات، وكثير من المفاهيم الأخرى، وكذلك ضرورة إحداث تغيير جذري في التعاطي مع الأنساق المغايرة نحو نظرة أكثر انفتاحًا وأكثر استعدادًا للاشتباك معها في علاقات جدلية متعمقة.
كما تؤكد على أن سعي الإسلاميين للوصول للحكم وإن كان مشروعًا إلا أنه ليس الطريق الوحيد للتغيير المنشود لإحداث النهضة، بل على العكس فإن توازنات السياسة وحرص الحركات السياسية على اكتساب المؤيدين يعوق الدور التجديدي والدعوي الذي يجب أن ينال الأولوية لدى الإسلاميين من أجل إحداث تلك النهضة المنشودة؛ لأن الإجابة على سؤال النهضة حسب رؤيتها يجب أن يتم الوصول لها عبر الأمة الإسلامية وليس من خلال الدولة الإسلامية.
وأخيرًا تؤكد على أن الأمر لا يقتصر على تطوير الخيال السياسي وفهم منطق الدولة الحالية والمنشودة وما بينهما من فصل ووصل وانتقال، ولكنه لابد وأن يمتد لفهم أعمق للدين وأشكال التدين والثقافات الحاضنة له وتأثرها بالعولمة، والظروف الزمنية والمكانية والعالمية والانعتاق من سيطرة الثنائيات الصلبة (الحرام والحلال – الخير والشر – الحاكمية والعلمانية) نحو فضاء أكثر رحابة ومرونة وفهمًا لتفاصيل الواقع شديدة التعقيد والتركيب.
وفي نهاية المقال أود التأكيد على أن هذا الكتاب وإن كان يحتوي على نقد قوي ولاذع للحركات الإسلامية إلا أن أهميته تتأتي من كونه يصدر عن قلم محب يروم النصح الصادق الأمين باعتباره أحد الأبناء الواعين للصحوة الإسلامية، وهو في الوقت نفسه قلم متعمق في علوم السياسة والاجتماع بحكم تخصص الكاتبة وطبيعة عملها كأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
ولا أملك قبل الختام سوى الدعاء الصادق أن يجد هذا الكتاب طريقه نحو المعنيين به من أبناء الحركة الإسلامية، وأن يستقبلوه بصدر رحب وعقل متفتح ويمعنون النظر في أطروحته لعله يعينهم على المراجعة والنقد الذي لا ينكر عاقل ضرورتهما العظيمة في هذا الوقت على الأخص أكثر من أي وقت مضى.
وحتى أكون صادقة منذ البداية، فقلبي يسبق دائما عقلي في القراءة للدكتورة هبة. فلا يمكن أن أمر على ما تكتب إلا مرور المحب وإن حاولت دائما عقلنة هذا المرور.
أما عن الكتاب فدعنا نفصل قليلا، قرأته مرات قبل هذه ولم أكتب عنه باستفاضة ليس كسلا وإنما عجزا. فالكتابة مقالات متفرقة جمعت بعد نشرها في هذا الكتاب، فرغم وحدة حديثها عن الخيال السياسي للاسلاميين إلا أنني لم أجد رابطا لمراجعة الكتاب اجمالا دون الحديث عن كل مقالة على حدة.
إلا أن الكتاب يدور حول فكرة رئيسية كون أن ما يصرح الإسلاميون بنققده في المنظومة السياسية الحداثية هو عينه ما يقعون في محاولات دائمة لأسلمته. من خلال ما ينشر في المنار الجديد، نظرت الدكتورة هبة رؤوف في التماهي بين تصور الدولة عند التيار الإسلامي مع تصورات الدولة القومية الحديثة. رغم قسوة اللغة وتعميمها أحيانا، إلا أن الدكتورة نجحت في تبيان محدودية الخيال السياسي عند الاسلاميين، وموجة الجدل التي أثارها عند مساحات عديدة خير دليل على ملامسته ولو بشكل طفيف أصل المشكل. فهرب الكثيرون من النقاش حول الكتاب إلى التخوين والطعن دون أن يكون الكتاب فرصة لكثير من الإسلاميين لمراجعة نظرياتهم حول الدولة الحديثة ومبناها الفكري والفلسفي بعيدا عن صناديق الاقتراع وديمقراطيتها.
لا يشبه هذا الكتاب الدولة المستحيلة لوائل حلاق! وليس من قبيل الترف الفكري الذي يلتهي بالتنظير عن العمل وإنما هو كما قالت كاتبته في الاهداء فرصة للتساؤل "إلى الذين لا يملون من السؤال.. أبدا"
منذ أن بدأت الشك منذ عدة سنوات في صواب المنظومة الفكرية بشقَّيها السياسي و الديني لدى جماعات الإسلام السياسي (كشابٍ نشأ في الإخوان) وكان سؤال ماهية الدولة الإسلامية داخل المخيلة الإسلامية السياسية يراودني و لا أجد له عند الإسلاميين جوابًا كافيًا، ثم جاء هذا الكتاب لا ليجيب عن تساؤلاتي و لا ليعطيني حتى مفاتيح البحث عن الأجوبة، بل كان بمثابة التأكيد على شرعية التساؤل ذاته، و أن التساؤل حول الأصول و الجذور و المنابع الفكرية و المُسلّمات هو تساؤل إنساني قبل كل شيء، و أنه تساؤل كان يفترض له أن يتواجد في الساحات الفكرية و الحركية قبل عشرات السنين قبل أن تُهدر الأعمار و الأرواح في ملاحقة السراب الذي حين جئناه بعد الثورة لم نجده شيئًا.
قدّمت الدكتورة كتابها بإهدائه إلى: "الذين لا يملون من السؤال .. أبدًا"، لهذا كان مفهوم "السؤال/ التساؤل" مركزيًا في الكتاب كحقٍ شرعي و إنساني لكل إنسان عاقل، و للتأكيد على أن التفكير فريضة.
يُتبع بالكثير و الكثير من الكتب و القراءات حول الإسلام السياسي و منظومته الفكرية و مخيلته السياسية و الدينية، نسأل الله التيسير و الفهم و الإخلاص و أن يكون سبحانه هو الصاحب في رحلة المعرفة.
بغض النظر عن ما ستنتهي إليه من رأي بخصوص ما ورد في الكتاب إلا أنني أعتبر أن قراءته من قبل الحركيين الاسلاميين أمر واجب.
وعن الكتاب نقول الاتي:
أولا هناك اشكال منهجي في ظني في الكتاب، وهو أن التجربة الأساسية محل الدراسة (المنار الجديد) لم تكن تجربة كافية للحكم على تصورات الاسلاميين، فضلا عن أنها بالتأكيد لم تضم كافة صنوف الاسلاميين، ومن ثم كان هذا النقص مدعاة للتريث في الأحكام الصادرة في ظني بناءا على دراسة هذه التجربة.
ثانيا قد أتفق كثيرا من الناحية الفكرية على ما أطلقته الدكتوره هبه من أحكام فيما يتعلق بخيال الاسلاميين الحركيين، إلا أن النواحي الأخرى للأحكام ربما أختلف معها كثيرا، خاصة أن ظروف نشأة وتطور وسياق الحركة الاسلامية كان في كثير من الأحيان مؤثرا فيما أبدعته من خيال سياسي، وربما حتى مهيمنا في بعض الأحيان، كذلك فإن تبعات هذه الأحكام، والتي ربما لا ترتبها الدكتورة هبه نفسها ولكن يرتبها بعض مريديها، هي تبعات قاصرة للغاية في ظني فيما يتعلق بجدوى الحركة الاسلامية نفسها والحكم عليها إجمالا، وهو أمر يفتقد لكثير من العمق في ظني. وربما يرجع الأمر ، بالنسبة للدكتورة هبه تحديدا، لاختلاف منظور الرؤية بينها وبين الحركيين وقادتهم، فما يهمها هو الإطار الفكري بينما كان اهتمامهم هو الواقع العملي، وبين هذا وذاك من افتراقات توازي تقريبا ما بينهما من تشابكات.
ثالثا في رأيي أن الفصل الثالث هو الأهم في الكتاب، حتى ولو اختلفنا مع بعض ما جاء فيه، حيث يعتبر نقدا جيدا للحركة الاسلامية من داخلها.
رابعا هناك مسألة يعن لي قول رأي فيها، وهي تتعلق بإلقاء اللوم على الحركيين في عدم إبداع خيال سياسي معمق حول مسألة الدولة، وهو في ظني طلب في غير محله، فأفق الحركيين في الخيال يعتمد كثيرا على ما يطرحه المفكرين الاسلاميين، ومن ثم فإن كنا سنلقي باللائمة على أحد في هذا الأمر، وهو ليس مقصدي البتة، فالمفكرين والاكاديميين هم من يجر إلقاء اللوم عليهم فيما يتعلق بطرح أفق بديل لخيال الدولة، بينما يقع اللوم على الحركيين فيما يتعلق بفقر الاستراتيجيات والوسائل.
خامسا مسألة أخرى تتعلق بتعريف التيارات الاسلامية نفسها، وهو يخص الحكم عليها بمركزية الدولة في تصوراتها، والاشكال في ظني هو في أمرين الأول هو في حصر التيار الاسلامي في الحركيين ( والحزبيين) بينما لا تقع تصوراتنا وأحكامنا على غيرهم من تيارات الحركة الاسلامية، من تربويين وعلماء ومفكرين ودعاة وغيرهم، حيث أنه يمكننا القول أن في بعض هذه الفئات تقع المركزية على نقيض الدولة، أو بعبارة أخرى فإن فقدان الدولة هو المركز في تصوراتهم. الثاني يتعلق بشمولية بعض التنظيمات الاسلامية وتحديدا الاخوان المسلمين، وهو ما يجعل تحولاتها نحو الدولة والسياسة (خاصة الحزبية) مؤشرا مهما على تناقص بقية الجوانب الأخرى في فكر مثل هذا التنظيم ومن ثم مركزية الدولة بل وفي بعض الأحيان أحادية الدولة كعنصر وحيد في المنظومة الفكرية للتنظيم.
أخيرا، أظن أن قراءة كتاب " نحو عمران جديد" هو أمر مكمل لهذا الكتاب وشارحا لكثير من المفاهيم الواردة فيه.
إلى الذين لا يَمَلون من السؤال أبداً، بهذه الكلمات أفتتحت وأهدت د. هبة كتابها والكتاب رغم صغر حجمه إلا إنه عميق جداً في طرحه وأسلوبه وهو كما أسلفت للذين لا يَمَلون من السؤال فهو لم يُكتب ليقدم إجابات أو حلول وإنما غايته بناء عقلية نقدية وفتح أفق لمتابعة الإجتهاد في مسائل غابت كثيراً عن العقل والخيال السياسي الإسلامي مما شكل النصيب الأكبر فيما وصل إليه الواقع الإسلامي اليوم من حال ومآل
ولذا جاء الكتاب كدراسة حالة وتشريح للحركة الإسلامية متضمناً التصور والخيال الإسلامي وأسلوبه في قراءة الواقع والتعامل معه والخطاب السياسي الصادر عنه مستلهماً ومستخدماً لمجلة المنار الجديد كنموذج بالإضافة إلى أنه لم يغفل عن شرح وتحليل الدولة الحديثة والركائز التي تستند إليها
والكتاب لا تكفيه قراءة واحدة وبه الكثير من الإحالات والإشارات إلى أفكار وأعمال مُفكرين وفلاسفة وكُتّاب أخرين تستحق مطالعتها وإستيعاب ما فيها وسيُدرك القارىء لهذا الكتاب أننا مازال أمامنا الكثير لنقوم به وأن الطريق ليس باليسير مما يتطلب من العاملين في الحقل الإسلامي والذين تشغلهم قضايا وهموم هذه الأمة -الشباب على وجه الخصوص- الكثير من الصبر والبحث والعمل
فجزى الله "أمتاذتنا" الغالية كل خير وزادها علماً وبصيرة :)
تحاول د.هبة رؤوف عزت في هذا الكتاب رصد المشاكل وتوطيد الأسئلة أكثر من الخوض في الإجابات والحلول , فتقرر أن أبعاد إشكالات النظرية السياسية الإسلامية تبتدئ أساساً من ضعف تواصل الإسلاميين مع النظرية الحديثة للدولة وقصور فهمهم لها , ثم بناءهم عليها كمرجعية نهائية للإدارة السياسية برغم أنها قائمة في الصلب على ما يخالف الروح الإسلامية وما دعا إليه القرآن , انتهاء بأن صورة الدولة الإسلامية الغائمة وغير محددة المعالم هو ما يداعب خيالهم طول الوقت ويصدهم عن فهم الواقع والتنظير للمستقبل ووصل ما بينهما , تقرر ذلك وهي ترصد كتابات الإسلاميين على مختلف مشاربهم , لتحلل السبب في غياب نظرية سياسية إسلامية واضحة المعالم. يوجد ملاحظات ذكية حول ما يغفله الإسلاميون خلال تعاطيهم مع النظرية السياسية فيما قد يفيدهم ويفيد العالم إن تم الاعتناء به , مثل القوى الشعبية غير المنظمة والسائلة , والنقد الماركسي للرأسمالية والمابعد حداثي للحداثة, وأن سبب هذا الإغفال هو الضغط الخانق لصورة الدولة الحداثية كنموذج نهائي للدولة وغاية ما يصل إليه البشر في إدارة اجتماعهم .. لذا فمجمل ما تلمح إليه هذه الإشكالات من حلول , هي حلول معرفية في الأساس , تظهر فقراً في الفهم والتنظير قبل أي شيء .
انهيت قراءة الكتاب بصعوبة بالغة..الكتاب من الكتب الأكاديمية البحتة ..لا تكتفى الكاتبة بالمصطلحات الصعبة فقط بل الوضع يصل لبنيه الجملة نفسها ..بصراحة شديدة اصابنى بعض الملل فى أجزاء من الكتاب نتيجة عدم الفهم ..إلا أن الصبر آتى ثمره فى الجزء الثانى منه ..الكتاب يعرض فكرة غاية فى الخطورة من وجهة نظرى تضاهى فكرة الشهيد سيد قطب فى كتابه الرائع معالم فى الطريق ..الفكرة ببساطة هى إن الدولة القائمة الآن بشكلها القطرى القومى الحداثى لا تتماشى مع منهج الدولة الإسلامية . تصل قمة وضوح فكرة الكتاب فى الصفحة رقم 75 حيث توضح د.هبة أن العلمنة قد تسربت إلى الخيال الإسلامى وحاول الفكر الإسلامى "أسلمة" الأفكار والمناهج العلمانية فى إشتباك دفاعى دائما لبيان عقلانية الإسلام. الكتاب لم يطرح حل للمعضلة إلا أنه وضع العربة أمام الحصان
هذا تقييم مبدئي للكتاب لان لم استوعب الكتاب كاملا وسأقرأه مرة اخرى فى السنوات القادمة , حيث تبين لي ان الكتاب يحتاج الى تحصيل مستوى معين فى العلوم السياسية قبل قراءته وأنا لم أحصل هذا القدر بعد . الكتاب كان يؤسس لقواعد تصلح لتكون أرضية صلبة لأسئلة محورية يلزم قادة الحركات الاسلامية او الصحوة عموما الاجابة عنها لاصلاح شأن الصحوة سياسيا , فقد انكشف فى الفترة الاخيرة ضعف جميع الجماعات والاحزاب السياسية الاسلامية فى الحياة السياسية والسبب لا يرجع الى نقص الخبرة فى الممارسة بل النقص والعجز مكمنه فى الفكر السياسي والنظرية السياسية . اللهم دبر للصحوة الاسلامية فانها لا تحسن التدبير.
من أبرز الكتب في تحليل الواقع السياسي للحركات الاسلامية و تنقدها بشكل تحليلي منطقي بناءا على منهج بحثي رائع في طرح متميز و تحليل دقيق و عميق و ان كان يتسم بصعوبة الالفاظ و عدم وضوح المعنى في بعض الأحيان