واحد من أهم المثقفين الذين أرسوا قواعد الثقافة العربية الحديثة في النصف الأول من القرن العشرين. درس في الأزهر، وعمل قاضيًا، ومدرّسًا في مدرسة القضاء الشرعي، ثم أستاذًا للنقد الأدبي بآداب القاهرة، وعميدًا للكلية نفسها. كان أحمد أمين يكتب مقالًا أسبوعيًّا في مجلة "الرسالة"، كما رأس تحرير مجلة "الثقافة" التي كانت تصدر عن لجنة التأليف والترجمة والنشر والتي عمل رئيسًا لها أيضًا. اختير أحمد أمين عضوًا في مجامع اللغة العربية المصري والعراقي والسوري. صدر له عدد من المؤلفات كان أهمها "فجر الإسلام" و"ضحى الإسلام" و"ظهر الإسلام" و"هارون الرشيد
ولعل كلمته: "أريد أن أعمل لا أن أسيطر" مفتاح هام في فهم هذه الشخصية الكبيرة.
نهكتاب جميل كعادة احمد امين لكني لم أراه في روعة الجزئين الأولين لكن به عدة مقالات هامة ، التلقيم والتطعيم في الادب والتلقيم والتطعيم في اللغة اهم ما ذكره في الكتاب ومن أهم الأفكار التي قرأتها لاحمد امين ورغم بدأهتها نوعًا ما لكن تعود أهميتها في أنها معاكسة للواقع الذي لا يعتني كامل العناية بمعني الأبيات الشعرية بقدر ما يعتني ببلاغتها ولفظها فالي اليوم اقوال جميلة اللفظ خاطئة المعني مثل الوقت كالسيف فان لم تقطعه قطعك بل ومكتوبة علي الكتاب المدرسي واللغة العربية التي نفخر بعدد كلماتها التي بالملايين رغم أنها تخلو من العديد من المصطلحات العلمية بل والدراسة في الجامعات العلمية تكون بالإنجليزية لقلة الكلمات العربية التي تقابل الأجنبية في هذا المجال بينما لدينا العشرات والمئات من الأسماء للأسد والسيف والعسل والداهية والعديد من الكلمات وكان من الأولي وضع خمس أو ست معاني لهما بدلًا من كل هذا الكم، أيضًا مقالة القانون الطبيعي التي تتكرر تقريبًا في كل كتبه لكن بصيغ مختلفة فهي في الجزيئن الاولين وفي كتاب الشرق والغرب باسهاب في شرحها ويقصد بالفكرة تلك أن نعتمد في تفسيرنا للامور والحوادث والظواهر تفسير يعتمد علي القانون الطبيعي اي لكل شي مسبب وهذا المسبب يكون واقعي وليس خرافي فالمرض ليس سببه فعل سي قام به الشخص بل لأسباب طبيعية وهي بكتريا معينة أو فيروس ما أصابه ويتوسع في تلك الفكرة ويضم إليها تعليل الظواهر بالقضاء والقدر فهذا فقير لقدره وليس لأن الحكومة لم توفر له فرص عمل أو مسكن يحميه ، والرؤية الثالثة في الفكرة هي التوكل علي الله دون الأخذ بالاسباب وهذا تظهر جدًا في مجال التجارة فبدون دراسة للمشروع وعوامل نجاحه أو فشله وبدون رؤية مستقبلية له يختصر الكاتب تنفيذه في جملة توكلت علي الله وليس الاعتراض علي الجملة بل علي ما يصاحبها في غالب الأحيان ، يوجد العديد من المقالات الهامة الأخري مثل الاغاني المصرية والمثقفون والسعادة ووليام لين والشيخ الدسوقي لكن بالطبع هناك مقالات لم اوافقه فيه كالنظام الاجتماعي في تركيا وكيف عرضه دون إبداء أي رأي فيه مع أن ما قام به اتاتورك في منع الحجاب والعمامة والغاء الاذان أو التساوي في الميراث أو التعدد الخ لم تكن لتمنع التقدم ولا علاقة لها به بل بالعكس فهو اضطهاد للمسلمين وقمع لحريتهم في ما يلبسون وما يحتكمون فأخذ النموذج الغربي بشكل كامل وكأن التراث العربي ليس به خيرًا قط وهذا قد أُوحي له من تأخر العرب وتخلفهم فأعتقد أن كل ما يعتنقوه خاطئ وهو ليس بنموذج يحتذي به في وجهه نظري.
تأكد لي في هذا الجزء أن أحمد أمين كتابته جميلة وملهمة في المقالات الأدبية والدينة والسير الذاتية أو محاولته لتجديد بعض الأراء في الأدب العربي، أو استعراض كتاب أو حادثة تاريخية، أما كتابته السياسية فهي مقالات مملة أو بالأحرى كوني لا أحب السياسية وقراءتها، لكن ولا شك ، سيظل عندي أحمد أمين أجمل من كتب المقالات حتى الآن أو حتى ما قرأت وأطلعت، ومجموعة فيض الخاطر بأجزاءها العشرة، من أجمل ما أقتنيت وقرأت.
كتاب رائع بكل المقاييس ليس رواية طبعاً بل مجموعة مقالات كتبت ونشرت أسبوعيا على ما أظن فجاء مَنْ جمَعَها ونشرها في كتاب واحد ليشكّل مجلّداً قيّماً جداً، مرآةً لعصره وتحديات عصره، ويطرح تصوّراً لما يجب أن يكون عليه حال الأمة وتوجّه المجتمع العربي لينهض من كبوته ويحقق طموحاته لغته رائعة ومتينة وغنية بالمفردات دون إطناب أو ملل... اللهمَّ بضعة أخطاء مطبعيّة وقعت سهواً لكنها لا تؤثر في المعنى ولا تقلل من المضمون لكنّ بعض مقالاته تدفع القارئ إلى الإحباط واليأس وذلك لأنه أحمد أمين يكتب عن مصر والأمة العربية في الستينيات من القرن الماضي، لكن القارئ يشعر أنه يكتب عن الواقع العربي اليوم ونحن عام ٢٠١٧، فلم يتغير شيء ولا تحسّن شيء ولا تقدّم شيء، بل بقينا علي ما نحن عليه إن لم نكن تقهقرنا وتراجعنا... وهذا مؤلم جداً
من المقالات الجميلة في هذا الجزء قصة الشيخ دسوقي ومستر لين ، وقصة علم الدين، ومقال عن لغة الأزهار والثمار ، وصور قضائية تاريخية، وقصة أبو ذر الغفاري، والعلماء في حضرة تيمورلنك، و قصة يوسف الكيماوي.