لماذا هذا الكتاب؟ لأن كثيرًا من الشراح أخطؤوا ترتيب هيراقليط وموضعته في موقعه من تاريخ الفكر، فنظروا إليه بغير منظار زمنه، بل بمنظار الزمن الفلسفي الذي سبقه، الذي نزعم أنه (أي هيراقليط ) جاء لمجاوزته.. ولأنه لا مسلك إلى فهم فيلسوف إفسوس دون الإمساك أولًا بالهاجس الإشكالي الذي حرك التفكير الفلسفي في لحظته التاريخية.. فإن المؤلف سعى إلى تغيير لحاظ النظر إلى مقام الفلسفة الهيراقليطية؛ فربطها بخصوصية زمنها الفلسفي، الأمر الذي منحه المفتاح الذي ينبغي استعماله لفهم ذاك الزمن، وما اعتمل فيه من نواتج الفكر والنظر، وذلك بإعادة قراءة هيراقليط من خلال وصله بالإشكالية الفلسفية الجديدة التي استجدت في زمنه وانشغل بها الفكر في عهده. أي قراءته على نحو مناغم للحظته التاريخية، نعني لحظة فيثاغور وكزينوفان اللذين تجاوزا العتبة التي توقف عندها التأمل الفلسفي الملطي مع طاليس وأنكسيمندر، فدلفا إلى مقام جديد لا يكتفي بتعيين الأصل الذي صدر عنه الوجود، أو رد كثرة الموجودات إلى أصل واحد، بل البحث عن القانون الناظم للوجود في حالة كينونته؛ أي أن البحث الفلسفي في زمن هيراقليط انتقل من سؤال "ما أصل الوجود؟" إلى سؤال "ما القانون الناظم للوجود؟". ولأن المؤلف سعى إلى إدراك تفاصيل الإضافة المعرفية الهيراقليطية، مع مراعاة نمط لغتها ؛ فقد كانت منهجيته يحركها الاحتراس من القراءة الحرفية لنصوص هيراقليط، فأيقظ في دواخلنا حس تذوق اللغة الرمزية، بإحالاتها وانزياحاتها، بل وتناقضاتها الظاهرة في الخطاب. وهذا الكتاب هو الكتاب الرابع ضمن مشروع مركز نماء "تاريخ الفكر الفلسفي الغربي: رؤية نقدية"، والذي تناول من خلاله المؤلف تاريخ هذا الفكر تأريخًا وتحليلًا ونقدًا، سعيًا لإثراء المكتبة العربية في حقل البحث الفلسفي.
باحث وكاتب مغربي حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة، من كلية الآداب، جامعة محمد الخامس بالرباط. ويعمل حاليا أستاذا للتعليم العالي في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين/ طنجة، له مجموعة كثيرة من المقالات والدراسات منشورة في مجلات وصحف محلية ودولية. صدر له مجموعة من الكتب من بينها: كتاب "مشكلة الثقافة". كتاب "قضايا في الفكر الإسلامي المعاصر". كتاب "مقاربات ورؤى في الفن" كتاب "نقد الفكر الفلسفي من جزأين. يشرف الطيب بوعزة على التحكيم العلمي لبحوث قسم الدراسات الفلسفية والعلوم الاجتماعية بمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.
أجل ليس من السهل السباحة في نهر هيراقليط! هذا الكتاب هو الجزء الرابع ضمن سلسلة تاريخ الفكر الفلسفي الغربي:رؤية نقدية. تناول المؤلف في هذا الجزء سيرة هيراقليط وكتابه وخصائصه البنائية مع ضبط تعداد الشذرات ومظان ورودها،وتحقيق القول فيما هو شائع في لحظتنا المعاصرة تحت مسمي "هيراقليط العربي" كما تناول البحث دراسة الموارد الشذرية لاستعلام فلسفة هيراقليط بالبحث في نظرية الصيرورة التي لا يخفي علي قارئ الفلسفة،أن اول راو لفلسفة هيراقليط _أفلاطون _ركز عليها،كما تحدث المؤلف عن الحياة والنفس من منظور هيراقليط وكذا المسألة الدينية،برؤية تحليلة نقدية كما فعل الشئ نفسه في دراسة مفهوم اللوغوس في هذا الكتاب.
ثم بحث المؤلف أخيرا في اللغة الهيراقليطية وتاريخ تأويل الفلسفة الهيراقليطية بدراسة نقدية ليتبين سبب عنوان الكتاب "هيراقليط فيلسوف اللوغوس".
هيراقليط فيلسوف في زمن ما قبل سقراط له كثير من النظريات حول هذا الوجود على الصعيد الكوني والإنساني يحدثنا الدكتور الطيب بوعزة عن كثير من آراءه المتفردة وأهمها كما هو عنوان الكتاب اللوغوس ودلالته المختلفة من وجه والمتفقه من وجه آخر الا أن المؤلف لم يقصر فكر هيراقليط على انطباعاته الخاصة بل ذكر آراء كثير من الفلاسفة حول هذا الفكر المتفرد في عصره وبعد عصره فيذكر قراءة أفلاطون و أرسطو وغيرهم ،والنظر في فلسفة الصيرورة وآثرها في تفسير الوجود وعلاقتها بالنار ويوجد في الكتاب ما هو أكثر مما ذكرت فالمراجعة لاتعطيه حقه استمتعت بالكتاب واستفد منه الكثير ولا شك أنه بداية جديدة إن شاء الله في قراءة المزيد من كتب المؤلف وشكراً
أول تجربة لي مع كتابات الطيب بوعزة في تاريخ الفكر الفلسفي، والكتاب عبارة عن محاولات جادة للفهم ومقاربة الكلمة الهيراقليطية، ونقد لقراءاتها، ومن ثم محاولة الخروج بفهم خاص للكاتب يقوم على الجمع والنقد والاستقراء.