عاش معظم حياته بالمنصوره حتى وفد إلى الجيزة عام 1957 م وبقي فيها إلى حين وفاته ........... جمع بين الدراسة المدنية والدينية بالمدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد الدينية ........... كتبه: أضواء على السنة المحمدية* .... طبع ثلاث مرات فی حیاة المؤلف مدی السنتیَن، فی لبنان والقاهرة بأکبر مطابع الشرق دارالمعارف المشهورة. وممن قرظوا هذا الكتاب الدكتور طه حسين، فقد نشر عنه مقالا نفيسا في جريدة الجمهورية ذكر فيها أنه قرأ الكتاب مرتين وكتب على رأس هذا المقال هذه العبارة. "جهد وعبء ثقيل لا يقوم به في هذه الأيام إلا القليلون" وختم مقاله ببيت بشار وهو: إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى * ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه طبع هذه الکلمة تماما فی أول الکتاب(الطبعة الثالثة). .... أبو هريرة شيخ المضيرة* ... طبع ثلاث مرات مدی السنیَن فی حیاة المؤلف.اثبت فیه المؤلف أن هذا الصحابی قد صحب النبی عام وتسعة أشهر فقط ومع ذلك روی عن النبی کثیرة، واثبت فیها أیضا أنه أخذ أخبار وإسرائیلیات کثیرة عن کعب الأحبار الیهودی(أسلم في عهد عمر) ونسبها- إلی النبی. .... كتب اخرى : " السيد البدوي " " حياة القرى " " رسائل الرافعي " وهي مجموعة رسائل خاصة كان يبعث بها الرافعی إليه فی أسئلته عن نابغة الأدب، وقد اشتملت على كثير من آراء الرافعی في الأدب والسياسة ورجالهما. " صيحة جمال الدين الأفغاني " وترجمته بالفارسیة "ندای سید جمال الدین الافغانی" " جمال الدين الأفغاني " " دين الله واحد علی ألسنة الرّسل ; محمد والمسیح أخَوان" " قصة الحديث المحمدي " " "علي" وما لقيه من أصحاب الرسول "
وغيرها من الکتب والمقالات التی انتشر فی
الرسالة والمقتطف والنهج والأهرام تغمده الله برحمته الواسعة
من بداية قراءة الرسائل وفي بالي سؤال واحد "هل كان الرافعي سيوافق على نشر هذه الرسائل؟" وكلما تقدمت في قراءة الرسائل أجد أن الإجابة هي "لأ" لن يوافق على نشرها وحتى إن كان هدف النشر كما قال أبو ريه في المقدمة لما فيها من منافع كثيرة
خاصة عندما نقرأ في أحد الرسائل ان الرافعي رفض نشر بعض الرسائل والردود لأقاربه فقال ان فعلوا فإنه سيتبرأ منها !!
غير ان الرسائل نفسها تحتوي على الكثير مما اعتبره يخص الرافعي وحده كأزماته المالية وحالته الصحية ومرضه المستمر فلماذا لم يخفيها ابو ريه كما فعل في بعض الرسائل كما قال انه حذفها حتى لا تُثير المشاكل مع البعض في ذلك العصر؟ لماذا لم تقتصر الرسائل على ما يخص الهدف الرئيسي للكتاب وهو فائدة اهل الأدب ؟؟ وهذه الرسائل كان تظهر ان الرافعي وأبو ريه اصدقاء من الدرجة الأولى وكان الرافعي اعتمد عليه في الكثير في الأمور وسأله أبو ريه في الكثير وأعانه كثيراً في عالم الأدب بنصائحه القيمة فما الذي جعل القطيعة تحدث بينهم بهذا الشكل في النهاية ؟
على الرغم من هذه التساؤلات إلا أن الرسائل بالفعل تحتوي على كم هائل من المعلومات المفيدة والنصائح والأراء القيمة للرافعي كما انها تظهر الكثير من أحواله في كتابة مقالاته وكتبه المختلفة وما واجهه من عداء مع الشخصيات المختلفة ورأيه حولهم كالعقاد وطه حسين وغيرهم جاءت كل رسالة تحت عنوان يدل على مضمونها وعلى الرغم من أن أغلب الرسائل أغلبها قصيرة إلا ان بها من الفوائد الكثير لغة الرافعي المبهرة والمميزة
من هذه الرسائل خرجت بقائمة قيمة من الكتب سأذكرها هنا للفائدة ولعلي ارجع لها وابدأ في بعضها قريباً ان شاء الله
- أدب الكاتب لـ ابن قتيبة - عيون الأخبار لـ ابن قتيبة - الكامل في اللغة والأدب لـ أبو العباس المبرد - البيان والتبيين لـ الجاحظ - رسائل الجاحظ - البخلاء لـ الجاحظ - النوادر لـ أبي علي القالي - كليلة ودمنة لـ ابن المقفع - الدرة اليتيمة لـ ابن المقفع - رسائل بديع الهمذاني - رسائل أبو بكر الخوارزمي - الأغاني لـ أبو الفرج الأصفهاني - العقد الفريد لـ أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب لـ البغدادي - معاهد التنصيص على شواهد التلخيص لـ عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد - نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب لـ أحمد بن محمد المقري التلمساني - مقدمة ابن خلدون - ديوان الحماسة لـ أبو تمام - ديوان المفضليات لـ الضبى - المعلقات السبع - نهج البلاغة - تاريخ آداب العرب لـ الرافعي - المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لـ ابن الأثير - ﻧﺠﻌﺔ اﻟﺮاﺋﺪ وﺷﺮﻋﺔ اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺮادف و اﻟﻤﺘﻮارد لـ إﺑﺮاهﻴﻢ اﻟﻴﺎزﺟﻲ - الألفاظ الكتابية لـ عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني - يتيمة الدهر في شعراء أهل العصر لـ أبو منصور الثعالبي - زهر الآداب وثمر الألباب لـ أبو إسحاق الحصري - أساس البلاغة لـ الزمخشري - الكشاف لـ الزمخشري - القاموس المحيط لـ للفيروزآبادي - تاج العروس من جواهر القاموس لـ محمد بن محمد بن عبد الرزاق المرتضى الزبيدي - الصناعتين الكتابة والشعر لـ أبو هلال العسكري - تاريخ الطبري - الكامل في التاريخ لـ ابن الأثير - تاريخ ابو الفداء - المختصر في اخبار البشر لـ أبي الفداء - اخبار الدول و اثار الاول في التاريخ لـ القرماني - التحفه الادبيه في تاريخ تمدن الدول الاورباويه لـ كيزو - الوسيلة الادبية لـ حسين المرصفي - كشف الغمة في مدح سيد الأمة لـ محمود سامي باشا الباردوي - الحماسة لـ البحتري - تاريخ آداب اللغة العربية لـ جرجي زيدان - تاريخ العرب قبل الاسلام لـ جرجي زيدان - الأبطال لـ توماس كارليل - لطائف المنن لـ الشعراني - الريحانيات لـ أمين الريحاني - درة الغواص في أوهام الخواص لـ الحريري - ماجدولين لـ المنفلوطي - النظرات والعبرات لـ المنفلوطي - أرسطو لـ أحمد لطفي السيد - رسائل اخوان الصفا و خلان الوفا لـ احمد بن عبد الله - جمهورية أفلاطون - الشفا بتعريف حقوق المصطفى لـ القاضي عياض - ﺑﻼﻏﺎﺕ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ لـ ﺍﺑﻦ ﻃﻴﻔﻮر - اختيار المنظوم و المنثور لـ احمد ابن طيفور - شرح أدب الكاتب لـ أبي منصور الجواليقي - معجم الأدباء لـ ياقوت الحموي - حاضر العالم الإسلامي لـ شكيب أرسلان
الرافعي العظيم ... حسناً لا أدري هل كان من الصواب نشر هذه الرسائل "الخاصة" والتي لم يدر بخلد كاتبها أنها ستُنشَر يوماً ما؟ وهل كان سيرضيه ذلك؟ لا أظن ، ولا أستطيع تقييم الكتاب لأن الرسائل خاصة ولم تُكتَب بغرض النشر.
الرسائل لاتخلو من النصائح الأدبية التي قد تفيد القارئ والكاتب معاً مثل : العقد الفريد، جمهورية أفلاطون ، معجم الأدباء، كتاب الشفاء ، إخوان الصفا ، وغيرها.
هذه الرسائل سلطت الضوء قليلا على شخصية الرافعي ، فوجدته يطرب للمدح و يسعد بالتقريظ كأي كاتب آخر، وجدت أنه يعرف قدره ومكانته وعظمة كُتبه، ويتكلم عن ذلك بثقة قد تصل للغرور أحياناً -وحُقّ له ذلك!- فحينما يتكلم عن كتاب أوراق الورد مثلا تراه يقول: "فليس في العربية كلها مايشبهه" ، و "أول كتاب من نوعه في تاريخ هذه اللغة"، " الغرض الأول من هذا الكتاب إعطاء العربية هذا الكنز الذي ليس فيها"، وعن كتابه أسرار الإعجاز يقول: "أسرار الإعجاز فوق كل أفكار هذا العصر"..
وجدت أيضا أنه يجتهد في نقد الأدباء الآخرين مثل طه حسين، العقاد ، زكي مبارك ، شوقي .. الخ ، ثم حاولت الخروج من العاطفة التي أكنها له لأتساءل لم هذا الإصرار على النقد لدرجة تخرج عن حدود اللياقة وتصل للعداء؟ هل هو انتصار للغة و الأدب أم انتصار للنفس؟
كأني لمست من خلال هذه الرسائل أنه منغلق .. لايعجبه أحد .. متشائم .. ربما ، هذا ما وصلني !
هذا الكتاب جعلني أقترب أكثر من نفسية الرافعي ونجح تماما في إزالة تلك الهالة من العظمة التي أحطته بها منذ ما يزيد عن العشر سنوات، مع ذلك مازالت كتاباته بالغة البلاغة ، ولم أقرأ حتى الآن لكاتب في بلاغته ، سيظل أدب الرافعي أدبا رفيعا سواء أُعجبنا بشخصيته أو نفرنا منها، أعترف مازلت معجبه بكتاباته و لم أعجب به كشخص!
خارج النص: ماجاء في هذه الرسائل جعلني أتساءل .. هل يحق لكاتب ما أن ينتقد كُتابا آخرين؟ وكيف سينظر القراء و الكُتّاب لنقده؟ ، الإشكالية تكمن في أنه إن فعل سيتهم إما بالمجاملة إن مَدح أو بالغيرة والحسد إن ذَم! بالإضافة لذلك قد يُتهم بالتحيز واللاشفافية حين يمارس نقدا على كتاب ما ويتصيد لسقطات قد يكون وقع هو فيها في أحد كتبه ولم يتنبه لها ، وقتها قد يغيب عن القارئ أنه مهما كان محايدا و أميناً في نقده فهو لن يستطيع رؤية أخطائه بوضوح لأنه شديد القرب من كتاباته ، أما بالنسبة لكتابات غيره فقد تكون بينه وبينها مساحة جيدة تسمح له برؤيتها جيداً. هل من الممكن أن يكون الكاتب ناقداً في نفس الوقت؟ سؤال مُحيّر ، إن لعب الكاتب كلا الدورين سيُصبِح كمن يمشي على الشوك!!
مشكلة الكتاب في العناوين التي تم وضعها للرسائل أحيانا يبدو لك العنوان واعدا وأنك ستقرأ رسالة مذهلة لكن يتبين لك فيما بعد أنها مجرد خاطرة وسيعمل على بلورتها أكثر ماشدني في هذه الرسائل الايات التي كان يفوم الرافعي بتفسيرها وليت الوقت أسعفه لاخراج كتاب الاعجاز في القرآن كما كان يرجو صحيح أن هناك مبحث في هذا الموضوع في كتابه الآخر تاريخ العرب الذي أخذ جهده لكن هذا قدر الله ولعله خير في نهاية المطاف الرافعي كاتب له وزنه وقيمته ولغته العربية وأدبه مما لا يستهان به لتقويم اللسان والاخذ بناصية ملكة الأدب والتخيل رحمه الله وغفر له وعفى عنه ..
الرافعي طبعًا لا يُعلى عليه.. لكن مما رأيت بعد قراءة الكتاب أن هذه الرسائل (خلا مُقتطفاتٍ منها) لا تحمل في طياتها فوائد جليلة أدبية كانت أو اجتماعية أو دينية، هي مجرد خواطر وأفكار عابرة ومن صميم شؤون الحياة اليومية العاديّة.
يجمع الكتاب الرسائل التي كلن يرد فيها الرافعي على أبو رية؛ لغته جميلة وبسيطة ومرتبة الأفكار، إلا أنني لم أرى الحاجة أو الهدف من قراءة كثير من رسائله، فبعضها كان -بالنسبة لي- ذو فائدة قيمة، وبعضها كان مجرد معرفة أحوالهم آنذاك.
أعتقد أنا هذا هو الحال في أدب الرسائل، تعجبك فكرته وحميميته؛ إلا أن كثيرًا مما تحتويه هذه الكتب لا يهم القارئ.
كتاب جميل يتيح للقارئ أن يتعرف أكثر على شخصية الإمام الرافعي ونواحي حياته الاجتماعية وطريقته وأمزجته في الكتابة هذه الرسائل بحد ذاتها تأريخ لحياة الآمام رحمه الله .
ترجع معرفة محمود أبو رية بالرافعي إلى عام ١٩١٢م، بعد أن قرأ له الجزء الأول من تاريخ آداب العرب، فأحب أبو رية أن يَمُد حبال الوصل بينه وبين الرافعي، فأرسل له رسالة وجاءه الجواب الأول من الرافعي في ٢٠ ديسمبر ١٩١٢م، تعمّقت العلاقة بينهما وتبادلا الزيارات، من طنطا إلى المنصورة، وكانت بينهما مراسلات بلغت ٣٥٠ رسالة، ما يصلح للنشر منها -بحسب كلام أبو رية- ٢٦٣ رسالة، ثم كانت جفوة بينهما فتوقفت هذه المراسلات عام ١٩٣٤م.
رسائل أمير البيان مصطفى صادق الرافعي إلى أبو رية، رسائل تعرفنا بالقليل من المعارك الأدبية التي خاضها وبالجهود التي بدلها محامي العربية دفاعا عنها، أغلبها اخباريات عن مقالات كتبها أو يكتبها أو سيكتبها وعن الجهد والنصب الذي يلقه في سبيل إخراجها للنور..
من الملاحظات السريعة على حياة الرافعي:
- كان قليل الصحة سقيم البدن، اشتكى لأبو رية منها في ثلاثة أربع الرسائل على مدى ربع قرن.. - كان كارها لوظيفته في المحكمة ومفتقرا إليها، كان معلقا بين ما تسرقه منه وما توفره له..تسرق تفرغه للأدب وتوفر له قوت العيال.. - كان كثيرا الإعجاب بنفسه، وبما يكتبه، ويطلب من أبو رية تقريض مقالة أو كتاب له..
في الحقيقة هي ملاحظات كثيرة لكن اكتفي بما ذكرته..
أحببت الكتاب لأني محب لأدب الرسائل عموما، يستحق القراءة.. ولو على دفعات أو جلسات بعيدة 💛
أحسن أبو رية بنشره لرسائل القامة العملاقة في تاريخنا وأدبنا الحديث،فإن فيها ما ينبيك عن ما يفكره فيه هذا الرجل الذي نذر قلمه ووقته ووجهده للدفاع عن القرآن ولغة القرآن وبيان إعجاز القرآن ،وليس بغريب طعنه في بعض الأعلام من معاصريه فهذه طبيعة المتعاصرين في كل زمن،لفت نظري كثرة ما يشكو -رحمه الله-من صحته المعتلة دائما والتي كان يتعالى عليها ويواصل الكتابة حتى يجهده مرضه فيتوقف عنوة.
وأيضا ما آلمني هو شكواه المتواصلة من وظيفته التي لا تليق بمكانته وتعاقب أزماته المالية،ما يشعر بكوننا أمة لا تقدر مبدعيها ولا تكفل لهم سبل العيش الهنئ ليعيشوا،فتجدهم يطحنون تحت ضغوط المال والأولاد والوظيفة بل حتى الفصل والنقل من الوظيفة ان قال كلاما لا يعجب السلطه! وكنت قرأت في الرسائل المتبادلة بين شكيب أرسلان والشيخ رشيد رضا مثل ذلك فلم يكونا بأحسن حالا من الرافعي.
الرسائل في مجملها قصيرة ولا تخلو من فرئد مهمة في الكتب وتاريخ الفترة وأسلرب الكتابة وغيرها.
هذا الكتاب يعطيك شيئا من الرافعي، ومن يريد الرافعي حقا فليقرا كتبه ويأتي من بعدها حياة الرافعي، تجد في هذه الرسائل كلام الرافعي اليومي لانها ردود ولكن اسلوب الرافعي موجود، ولاني متيم بكل ما يدور حول الرافعي قراته وبكل امتنان وفيه بعض توصيات الرافعي للكتب
من أين أبدأ والحديث غرام فالشعر يقصر والكلام كلام ولا أقول إلا كما قال أبا رية نقلاً عن الشاعر: ماكلام الأنام في الشمس إلا أنها الشمس ليس فيها كلام فإن هذا الكتاب في نظري كان بمثابة الصندوق الأسود للرافعي بيد أنه السواد الأنيق والجميل الذي يظهر الرافعي الإنسان بجميع حالاته وتقلباته البشرية التي لايخلو منها بشري من فرحٍ وحزنٍ ورضىً وغصب. وهذا يعتبر أكبر فائدة من فوائد الكتاب فضلاً عن الفوائد الأدبية الجمة التي لاغنى عنها لكل أديب أو مهتم بالأدب. وقد ساعدت هذا الرسائل على كسر الصورة النمطية للأديب الذي يسكن في برجه العاجي وأثبت إمكانية العطاء والنجاح في الأدب ولم يبقي عذراً لأحد حيث أن الرافعي رحمه الله كان مع كثرة إنشغاله بقوت يومه وعدم إمكانية تفرغه للأدب لضعف الجانب المادي منه ،قد أعطى الكثير ونبغ نبوغاً قل نظيره.
أما إنقطاع حبل الود بينه وبين أبو ريا ففي النفس منه حاجة وبداخلي فضول كبير عن أسبابه ودوافعه ،أقول أسبابه وليس سببه ليقيني أن مثل هذا الود على مدى أكثر من عشرين سنة لابد من قطعه لأسباب وليس سبب واحد والله أعلم وأعود لأسأل أما كان يشفع للرافعي كل ماقدمه للناس بصورة عامة ولصاحبه بصورة خاصة أن تحفظ له يده عند صاحبه لآخر رمق؟! وإني مع هذا لا أشك في إخلاص أبا ريا لصاحبه طرفة عين والتمس لهما العذر تلو الآخر فإن مثل هذا الكلام لم يعد يجدي نفعاً وقد أفضى كل واحد منهما إلى ماقدم. لايسعنا إلا أن نقول رحم الله شيخنا الرافعي وصاحبه وأسكنهما في فراديس جنانه.
من عجيب المقالات التي قرأت في حياتي عن الموت! يقول الرافعي:" من يهربْ من شيءٍ يتركه وراءه، إلا القبر، فما يهربُ أحد منه إلا وجده أمامه، هو أبدًا ينتظر غيرَ متململ، وأنت أبداً متقدمٌ إليه غيرَ متراجع".
يذكرني بقول الامام العالم الحسن البصري:"يَا ابْنَ آدَمَ إنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ فَإِذَا ذَهَبَ يَوْمُك ذَهَب بَعْضُك، وَإِذَا ذَهَبَ الْبَعْضُ يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ الْكُلّ".
واما بالشعر الفصيح اعتقد نمير البيان قال فأبدع بقوله كما يروى عنه : ما أقصَرَ الأعمَار عِندَ رَحيلِنا فَكأنَّهَا وَمْضٌ مِنَ اللَّحَظاتِ.
هنا ترى الرافعي في بيته، في الباحة، أو في مكتبه، بالبيجامة أو ملابس النوم تقريباً، بروحه العارية من الأبهة والمظهر الذي يبدو به الكاتب للناس، تستمع له، تتحدث معه وركبتاك لصق ركبتيه. هنا الرافعي أبسط من ظهوره الصعب والمهاب في بقية كتبه، هنا يتحدث من القلب إلى معجب يتحول بفعل الوقت والرسائل إلى صديق، يجاذبه أطراف الكلام، وينصحه، ويوصيه، ويقص عليه يومياته، وما يهم من أمره، ويشتكي عليه أحياناً، بل ويحتد معه في طرف من الكلام. الرسائل بالنسبة لنا كقراء ومحبي للرافعي تشبع ذلك الشغف في النهل من كل ما يكتبـ، حتى وإن بدت تلك الخصوصية التي نقف عندها أحياناً لتتشكل لدينا المزيد من شخصية الرافعي الحقيقية، كإنسان له ما له وعليه ما عليه؛ لكن في ظني أنه رحمه الله ما كان ليرضى لناشر هذه الرسائل بأن يفعل ذلك. رغم ما بدا بينهما من صداقة ثم جفوة، وإن كانت نية أبي رية حسنة سليمة. في الكتاب شيء لا يغفل من آراء الرافعي عن أقرانه كتاب ذلك العصر، عفويته وطبيعته تتجلى هنا. استمتعتُ بالكتاب.
الرافعى؟ أقرب ما يظن من الحكمة أنه قد وقف على لغة الأنبياء و خيال الشعراء. حيث يمتلك حظ وافر من فصاحة العبارة و قوة البيان. إذا ما سولت لى نفسى تصنيفه فحقاً سأعتبره إمتداداً لشيخ البلاغة و الأدب العربى الجاحظ. و ما ذهبت فى وصفى إلا بناء على ما رأيته فى نصيحته لصاحبه " إقرأ كل ما تصل إليه يدك، و ليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلة و فكر واسع و ملكة تساعد على الإبتكار. فيما يرى الرافعى أن الإنسان لا تكون القوة فيه إلا عن تعب طويل فى الدرس و ممارسة الكتابة و التقلب فى مناحيها و البصر بأحوال اللغة و هذا كان عمل المرحوم محمد عبده.