صدرت عن دار الأيام في عمان. جاءت الرواية في مئتين وخمسين صفحة من الحجم المتوسط، وتروي قصة طالبة تكتب رسالة ماجستير عن شخصية تاريخية محلية، عرفتها وهي صغيرة، وتحاول الطالبة تخليص «بطل الرواية» من الاسطورية التي احاطت به لتقدم وجهه الانساني، وفي اثناء بحثها وفي محاولتها هذه تكتشف الطالبة «اسراء» ذاتها وتتخلص من أزماتها. الرواية مبتكرة في أسلوبها، اذ تستنطق الطالبة الأشياء وتقابل الاشخاص الذين التقوا بـ «جبران» وتحاول ان توثق وتكتب بحثاً اكاديمياً تاريخياً تقدمه الى الجامعة، فهل تنجح في مسعاها ام لا؟ هذا ما تجيب عنه الرواية.
راقتني البداية جدا، بيد انني كلما تعمقت فيها ازددت ضجرا... طالبة دراسات عليا كرست بحثها العلمي لتسليط الضوء على شخصية محلية تركت اثرا بالغا في الناس والمجتمع يستحق بموجبه ان يخلد في التاريخ. تعددت حكايات الناس عن الكاهن جبران، الذي احبه الجميع لسمو اخلاقه ولحبه الحقيقي للناس بكل طوائفهم واجناسهم.
كنت مستهترا في قراءة هذه الرواية، اعترف، وانصب استهتاري في عدم تأمل او البعد عن التفكير في كيفية كتابة تاريخ محكي، بصورة بحث علمي، وهذا ما ادى الى شعوري بالضجر والملل والكثير من التعجب في كمية التهلهل الموجودة في هذا العمل. ولكني عندما امسكت بخيط الذاكرة ثم تمرجحت جيئة وذهابا بعمق الفلسفة الانسانية المطروحة وتعارضها الكبير وسطحية السرد، عرفت ان هذه السطحية لم تتعداني انا.
هذا عمل "متعوب عليه" جدا جدا، والعبقرية في التماهي بين السردين والقصدين لم اشهدهما الا عند القلة من الكتاب.
سبرَ جورج الفار أغوار البيئة الكنهوتية في عمله، ليخلق أفقًا فسيحًا في هذا العالم التي يستثير فضولي كشخص مسلم، سطرت حدوتة (أبونا جبران)، الطارئ على مجتمع افتراضي، من خلال دراسة بقلم الطالبة إسراء، الطالبة المسلمة التي تحضر لدراساتها العليا، روت سيرته من خلال استنطاق أناس عاشوا معه. فجاءت الرواية بسردٍ سطحي تقريري، فاتر في استعراض الأحداث، ويعود السبب للقالب المُختار، لم أرهُ في بادئ الأمر يخدم الفكرة، فاصطبغ النص بهذا المظهر الباهت، خاصة بعد تمهيد عاصف، قبل ان يتبين لي ان العمل سيدور حول فلك جبران. شابَ العمل تكرارٌ ممل أحيانًا. تكرر ليرسم صورة أسطورية لجبران، واستطرد إلى أن وصل للأسباب التي جعلته يتمرد، ويتجرد من ردائه الأسود، بعد صراعٍ عاشه مع ذاته التي ترفض الإنصياع للكبت التي يحتمه واقعه كقسيس. عاد التكرار مرة أخرى، والذي جاء بسبب أن العمل كما ذكرت آنفًا، سرد خُلِقَ بلسان شخوص عدّة. فضاع الزمن والمكان في العمل برمّته. لربّما شفع للروائي أن النص كان مشروع دراسة، فـ تاهَ ما بين التقريرية والقالب الروائي الذي زُج به. من وجهة نظري، أتت النهاية متوقعة، ولو كنت أتمنى أن تكون صادمة لتحرك الركود الذي استوطن الصفحات.
رسالة جامعية، عن أسطورة حية.. من هنا تبدأ الرحلة. شهادات ووثائق وحوارات مع كل من له علاقة بـ "جبران"، ابن الإنسان.
عمل روائي جميل وبالتأكيد مختلف. حيث هناك الباحث وموضوع البحث، إسراء والشهود؛ الأقارب والمدرسين، الشماس والبدوية، الضابط والبطريك.. والكثير الكثير
في رواية الدكتور جورج الفار تقرأ رواية لكنها ليست رواية، والسبب نقص عناصر مهمة "متعمدة" من قبل الكاتب، وهي أيضاً ليست رسالة ماجستير أو بحثاً تاريخياً خالصًا لغياب بعض العناصر المهمة كذلك.. رواية ابن الإنسان بين الرواية والرسالة، عمل كُتب بمجهود جبار ويحسب بلاشك لمؤلفه
قد تعجب البعض، وقد لا.. عن نفسي أحببت العمل، خاصة مع الفصول الأخيرة
السرد غريب حيث ان اسراء البطلة تقرر ان يكون بحث رسالة الدكتوراه عن الاب جبران خوري في حيهم القديم
فتتحول الرواية مقابلا بين اسراء وشهود تعاملوا مع الشخصية الجوهرية جبران، يتكلمون عنه ولا يظهر بمشهد مباشر، بطل الرواية سراب نلاحقه حتى نكتشف كل جوانب حياته