إن التوجه إلى المستقبل، يتم عبر اعتبار المعتمد إرثا حضاريا – إنسانيا مشتركا. هل في ذلك من جديد، خصوصا أن الأندلس تسكن الجميع على مستوى الخيال، كما على مستوى الواقع في مختلف تجلياته الحضارية ؟؟ إن الإرث الأندلسي، و في قلبه المعتمد، يشكل مقوّما رئيسيا من مقومات الهوية العربية. فإذا كانت الجغرافيا قد آلت إلى ما آلت إليه، فإن الأندلس باعتبارها المعنوي – الحضاري ما تزال حية في نفوسنا
أثناء صدد كتاباتي لمادة بحثية عن المعتمد بن عباد – إن شاء الله ترى التنور – وجدت هذا الكتاب أمامي في نسخة إلكترونية فسارعت بتحميل الكتاب فقد شدني العنوان المثير وهو يتحدث عن السنوات الأخيرة من حياة المعتمد بن عباد الملك الأخير في عصر ملوك الطوائف أي يفترض أنه يتناول سنواته بعد أن سلب منه ملكه في الأندلس فحفزني وأثارني الموضوع وتمنيت أن لا يكون العنوان مضلل... وبعد القراءة.
ربما لتخصصي في التاريخ وأنني قد تجوزت بفضل الله وحده مرحلة أن أكون هاوي – وليس هذا غرور بقدر ماهو تسمية الأشياء بمسمياتها - .. هل هذا تجاوز وغرور؟.. لا أعلم كيف هي نظرتكم لكن إن شاء الله ليس هذا هو الواقع.. إنما لا أقصد غير أن أبين أنني أطمع للزيادة فوق ما قرأت من المصادر والمراجع التي بين يدي في هذا المجال. دومًا أرغب فيما لا أعرفه لأعرفه. لذا ما لا يعجبني أنا على ثقة أن سيعجب غيري فلا تعيروا كل مراجعتي قدرًا كبيرًا في مغالاتها وكثرة نقدها.
الكتاب في (183) وهو صغير الحجم في ثلاثة فصول : في التواصل الثقافي المغربي - الأندلسي عند قبر المعتمد بن عباد : قصائد السجن
وزبدة الكتاب تكمن في الفصل الأول حيث وفّق فيه المؤلف كثيرًا وهو من بداية الكتاب حتى ص (73) الكاتب هنا غلّب ذكر الجانب التاريخي إستنادًا على إرث المعتمد/ الشاعر أكثر من المعتمد / السياسي فجاء أشبه بدراسة تحليلية لحياته بين الأندلس والمغرب معتمدًا أكثر على قصائده وتوجعه وحزنه على ملكه الذي كتب له الضياع، ومناقشة حياته وعلاقته بصاحب المرابطين يوسف بن تاشفين الذي سلبه ملكه مع بقية ملوك الطوائف نصرة لدولة الإسلام في الأندلس، ثم حديث التوجع عل» حياته بعد النفي - وهي محزنة دون شك - حيث تحول حياتهم للشقاء والعمل بعد العزة والملك.
هنا يرقد المعتمد بن عباد وزوجه إعتماد الرميكية
فمن صفحة (120) إلى صفحة (146) هو مما كنت لا أرغب به حيث أن هذه القصائد رغم ملازمة القصائد لحالة النفي التي عاشها المعتمد كملك لكن دون شك سأجدها كاملة وبالشرح في ديوانه كثير الطبع، ثم مابعد ذلك مباشرة أي من صفحة (147) إلى (181) حيث يذكر قصائد الوافدين علي قبر المعتمد في المغرب.
فخّ كبير .. هو أقل ما يقال عن الكتاب!فلا هو قصَّ حياة المعتمد ولا هو قدَّمَ شيئًا ملموسًا نستطيع بعده أن نستنتج معلومة! ولا أعلم حقيقة ما الذي كان يدور بخاطر المؤلف وهو يسرد تلك السطور السابقة لفصل القصائد .. ولكن ما استنتجته هو محاولة للتذوّق لشعر المعتمد وما أفلح فيها أيضًا!
يُقرأ الفصل الأخير الذي فيه قصائد المعتمد الماتعة وما قيل فيه من شعراء عصره أو مَنْ بعدهم!
الفصل الخاص بالقصائد فيه طَرَب لكل محب للشعر !
ثلاث نجوم لفصل القصائد فقط ولو كانت القصائد وحدها لأعطيتها الخمس نجوم.
الكتاب يعتبر فخ كبير نقع فيه بعد قراءه العنوان ,حيث وضع الكاتب عنوان براق مغرى للقراءة و خاصة لعلاقته بالفصل الاخير فى حياة اشهر ملوك الطوائف "المعتمد بن عباد ", فالكتاب جاء مخيب للامال ضعيف فى مجمله ليس به نهج واضح فلا هو سرد لقصة المعتمد ولا هو تجميع لاشعار الرجل و ما قيل حوله , افضل ما جاء فيه قصائد المعتمد التى قالها فى معتقله بالمغرب
الكتاب مخيّب للآمال بحق وقد أطلت القراءة فيه رغم حجمه الصغير. توقعت أن أقرأ قصة وأحداثًا وحقائق عن شخصية المعتمد بن عباد، فوجدتها اقتباسات وبضعة قصائد في مديح المعتمد من الشعراء الذين طالما أسبغ عليهم الجود والعطاء، وهذا لا يدلنا على شيء مهم يخلده التاريخ كبطولة أو فضيلة.
الآن .. الحيرة غالبة!، فما أردت أن أقرأ قصة المعتمد بن عبّاد، فقد قرأتها من قبل وبتفاصيل تاريخية وافية في كتاب تاريخ الأندلس، وما أردت أن أقرأ كذلك نكبة حياته بأسلوب شجي أو مثلما ظننت إنه سيكون كذلك من عنوان الكتاب المؤثّر " المعتمد بن عبّاد في سنواته الأخيرة بالأسر"، فشوقي له مسرحية جميلة كتبها في منفاه بالأندلس عن نكبة المعتمد
ولكن الكتاب لم يكن كما ظننته في البدء، فقد أسعدني في الصفحات الأولى، فلم يبد عليه إنه سيتعرض لرواية الأحداث التاريخية فقط، بل كان هناك علامات على منهج سينهض بعد حين في الصفحات التالية، وإرهاصات على رؤية مختلفة لقضية الأسر سيتم طرحها في تالي الصفحات كذلك، وهذه الفقرة مثلاً زادت من حماسي في انتظار ما ستأتي به هذه الصفحات المطوية في علم الغيب: تُعدّ قضية المعتمد من بين القضايا القليلة، التي حازت اهتمامًا كبيرًا منذ اندلاعها إلى اليوم، من لدن كثير من المؤرخين والأدباء والنقّاد، ولعلّ السبب يعود في ذلك - بالإضافة إلى بعدها الأدبي - إلى بعدها الثقافي/التاريخي، الذي ما فتئ يفرض على البعض الحسم في "تركة" المعتمد الثقيلة أدبيًا وإنسانيًا، ولانها كذلك، فقد توزّعتها مناطق نفوذ عدة، شملت المشرق إلى جانب المغرب، مثلما شملت العرب إلى جانب الأوروبيين، وفي هذا الإطار يمكن أن نتخيل مختلف الاعتبارات الأدبية، الدينية، الوطنية، القومية، والتي يمكن ان تتدخل لتنتحي بالقضية انتحاءً أكثر التباسًا، ومن ثم أكثر إثارة
ثم مجرد كلام!، أو لم أره إلا كذلك، أدوات المنهج ظاهرة جدًا للعيان، فهي ما نعرفه جميعًا من تفتيت الأحداث التاريخية وإطعامها للمنهج ذاته لأجل أن يحيا وينمو، ومن أجل أن يقال أن هناك منهج أصلاً وفقط!، والعملية يسيرة: نأتي بالحادثة التاريخية وندخلها قسرًا بين فكّي المنهج، ثم نستخرجها منه، وننظر إليها فإذا مكونات خروجها هي هي نفس مكونات دخولها، ولكن في كتلة غير مهضومة، أي لم يتم استخراج أي عصارة أوفائدة دقيقة منها، كما أنها ستُخرج وقد فقدت تناسق أبعادها في شكل أقرب للمسخ، ولكن حسبها أنها قد صارت الآن ممنهجة وهذا يكفي!، وفسّرَ الماءَ - بعد الجهد - بالماء
فالكتاب إذن سار بين طريقين، طريق عرض للأحداث التاريخية المعروفة، بأسلوب حداثي لم يضف إليها شيئًا سوى بريق المنهج، وطريق عرض أبيات متعددة من القصائد التي قالها المعتمد خلال أسره أو قالها الوافدون عليه وخلصاؤه، وذلك بعد تصنيفها وتبويبها - حسب حاجةالمنهج - ثم استخراج المعاني المتشابهة منها وسلكهن معًا في نظام واحد، ثم سدّ الفراغات بين الأبيات المستشهد بها بكلام له ذيّاك البريق المعهود!
ولكن هل أتى بجديد قد يدلّ به قارئ هذا الكتاب الممنهج، على قارئ آخر لم يقرأ هذا الكتاب وإنما قرأ الأحداث التاريخية الواردة فيه من مصاردها الأولى أو من مصادر وسيطة لم تتلاعب بالنص من خلال الميكنة الممنهجة؟!
أعتقد أن هذا هو الفيصل!، وهذا هو السؤال!، وأعتقد كذلك أن الإجابة هنا هي: لا!
وسبب الحيرة التي ذكرتها، إنه قد بان أن فائدة الكتاب هي نصفه الثاني: قصائد السجن، التي قسّمها إلى قسمين، قسمًا جمع فيه أشعار المعتمد التي قالها في محنة أسره، وقسمًا جمع فيه ما توصّل إليه من قصائد الوافدين إليه وهو في سجنه في العزاء والتصبّر، أو ما أنشده زائري قبره بعد وفاته في رثائه أو أخذ العبرة، وأعجبني هذا الإيراد!، وكأني رضيت في النهاية بما لم أرد أن يكون عليه الكتاب منذ البداية!، ربما ذاك لأن الإنسان سريع التكيّف مع واقعه!، مع أن بيده تغييره حقًا لا مجرد الرضا به
كتاب ليس سيئا عن رمز من الرموز ,تعريفى وهو من نوعية الكتب التى تروقنى كثيرا بس فى رايي كان يحتاج بعض من الاضافات لاثرائه و لمساعدة القارىء على التشويق عموما كتاب كويس