يتطرق كتاب "المثقفون والجنس والثورة" للكاتبة الفرنسية لور كاتسارو، الذي صدر في لغته الأصلية، تحت عنوان "عاهرات وعُزَاب"، لنموذجين أثارا رعب المجتمع البرجوازي في فرنسا خلال القرن التاسع عشر، هما الدعارة والعزوبية، فتحول المجتمع بكل أطيافه جيشاً لمواجهة هاتين "الآفتين".
واحد من أكثر الكتب التي قرأتها ثقلاً، كمية من المعلومات والتحليلات متراصة، وبترجمة ليست بالجيدة للأسف. / بدايةً الكتاب ليس مدافعاً عن الدعارة، إنما شارحاً لموقف المجتمع البرجوازي الفرنسي، والنخبة الثقافية من الكتاب الفرنسيين في القرن التاسع عشر تجاهها.
تتلخص فكرة الكتاب في شرح حاجة الفن في القرن التاسع عشر للدعارة، فالفنان الأعزب والعاهرة اللذان خرجا على المجتمع البرجوازي أثريا الحياة الفنية الفرنسية، كلٌ على طريقته، فرغم أن المجتمع الفرنسي لم يكن متسامحاً تجاه الدعارة والأنشطة الإباحية في باريس القرن التاسع عشر وذلك نظراً لأن هذه الحياة أفسدت القيم الأخلاقية للمجتمع، وساهمت في نشر ظاهرة العزاب، إلا أنه يتغاضى عنها في حالات معينة حسب رأي ناقدي الدعارة في باريس ذلك الزمان، وذلك في تشريحهم لأسباب انتشار العاهرات وظاهرة العزوبية، الظاهرة التي حاول أبرز كتاب ذلك الزمان تبريرها والعيش من خلالها مثل بلزاك وبودلير وفلوبير والأخوان غونكور وسواهم من أبرز وجوه فرنسا الأدبية في القرن التاسع عشر، وما عالجوه في أعمالهم عن هذه الظاهرة، وانقسام مواقفهم، بدءاً من التبشير بالعزوبية كموقف فلسفي وفني تجاه الحياة والمجتمع البرجوازي الذي أشبعوه نقداً، لأنه يعتمد على فكرة المفيد النفعية واستمرارية النوع البشري وانتقال الميراث، الفكرة التي يعارضها أبرز أدباء فرنسا ذلك الزمان، كما يعارضها العزاب الذي كانوا يواجهون أوضاعاً اقتصادية سيئة تمنعهم من تكوين الأسرة، في الفصل الأول تناقش فكرة قبول المجتمع ونظرته للعاهرة والأعزب، وأثرهما السيء على الحالة الأخلاقية في المجتمع الفرنسي، وأسباب انتشار هذه الظاهرة، وموقف العاهرات المتعاونات مع الشرطة في سبيل مكافحة الدعارة السرية، باعتبارها خطراً أكبر على المجتمع الملتزم أخلاقياً، وكيف أن الدعارة في نظر الشرطة الباريسية وبعض نقاد ذلك الزمان أبرز حالة انحطاط اجتماعية، كما تنحى اللائمة على الحداثة وما أنتجته من وسائل مواصلات سهّلت انتقال الشباب الفرنسي إلى باريس ودخوله في معمعمة الحياة الفارغة إلا من المتعة. أما الفصل الثاني يغوص عميقاً في مسببات ودوافع الدعارة الاقتصادية والفكرية، فدخول الفنان إلى مظلة البوهيمية هي ما قادت إلى ظهور نمط من الحياة الاجتماعية في باريس بكافة مظاهرها كموضة الأزياء، والحياة الليلية ووسائل التعبير وارتياد نوادٍ معينة والتعاطي مع الآخرين، باعتبار لا شيء ذي قيمة، ولا شيء له من الأهمية ما يذكر. فيقرر حالة التشابه بين الأعزب والعاهرة باعتبارهما خارجين على نمط الاستمرارية وخارج مفهوم الزمان المستمر، بحيث لا يرى الفريقان أي قيمة للزمن سوى اللحظة التي يعيشونها، هذه الفكرة التي تبرز على نطاق واسع في أعمال بلزاك وبودلير وفي أحاديث العاهرات في الأعمال الأدبية أو الأعمال النقدية، تحاصر المجتمع الفرنسي وتخلق نمطاً من التعاطي مع العاهرات في بعض الأعمال الفنية التي تحقّر من العاهرات وتراهن واحداً من الانهيارات الأخلاقية للحضارة البشرية، انهيارات اختيارية لذا فالنهايات يجب أن تكون على شكل عقوبات، لا مكفرات للذنوب، وتظهر هذه الثمية لدى إيميل زولا بالذات في روايته نانا، يغوص الكتاب أكثر بحثاً عن مساواة ٍ بين العاهرة والأعزب بوصفهما شكلاً واحداً لنمط اجتماعي احتجاجي يتمثل بالثورة، فالعاهرة وليدة الثورة وأمها في ذات الوقت باعتبارها احتجاجاً على النظام الاجتماعي كذلك الأعزب الذي يرى في الخلاص من النظام القائم خلاصاً شخصياً له، فالثورة في هذه الحالة هي تعليق العمل بالقوانين والأعراف القائمة، لذا فإن حكومة كومونة باريس أعطت للجميع بمن فيهم الأعزب والعاهرة حق الدفاع عنها، والموت في سبيلها، بوصفها مجتمعاً متساوياً، رغم أنها ألغت الدعارة وأغلقت بيوت الدعارة بوصفها نتاج للانحطاط البرجوازي. خاتمة الكتاب تأتي لتناقش أفكار فورييه الذي يرى وجوب قيام نمط اجتماعي جديد قائم على عدم استمرارية الزواج والإنتاج البشري، بوصفه معيقاً للسعادة التي هي غاية الحياة البشرية، من خلال نظام اجتماعي يراه استمراراً للعلاقة بين آدم وحواء، من خلال إلغاء الزواج والمشاعية الجنسية.
/
إضافة أخرى:
الكتاب ثقيل وممتع في ذات الوقت ولنفس السبب، كمية المعلومات والتحليلات تشبه المطرقة التي تسقط على رأس القارئ بطريقة مقلقة، على غرار قطرات الماء في فن التعذيب الصيني - كما يقال -، المهم أن الكتاب يعرّف العاهرة والأعزب في فرنسا القرن التاسع عشر بخطين متوازيين فالعاهرة في البداية تكون حالةً اقتصادية ثم اجتماعية فثقافية لينتهي بها المطاف كحالة ثورية، أما الأعزب يبدأ كحالة ثقافية اقتصادية، فحالة ثقافية اجتماعية لينتهي به الأمر كحالة ثقافية ثورية، تصبح العاهرة نتاجاً للوضع الاقتصادي الذي تحياه في باريس العاصمة الثقافية والثورية للعالم، فحالة النفي التي تعانيه في البدايات مردها انتقام اقتصادي من المجتمع البرجوازي الفرنسي، نظراً لكون هذه المهنة توفر المستوى الاقتصادي المطلوب بالنسبة لها، غير أن هذه الحالة سرعان ما تتداعى إذ تصبح العاهرة مدينة للقوادة صاحبة بيت الدعارة، فتتحول إلى أداة بيد القوادة وزبائنها، غير أنها تعاني إقصاءً اجتماعياً إذ تُرى على أنها السبب المباشر في انتشار ظاهرة العزوبية في مجتمعٍ يطمع بنقل الميراث العائلي سواءً كان اقتصادياً أم ثقافياً، على الرغم من هذا النفي فإن أغلب الباحثين والنقاد الذي عنوا بدراسة حالة الدعارة في باريس القرن التاسع عشر رأوا العاهرات على أنهن ضحايا نزوات الشباب المهاجر من الضواحي نتيجة دخول المجتمع لمرحلة الحداثة، فالأعزب المنتقل إلى باريس يشكّل حالةً من اثنتين إما مصطحباً حبيبته أو مرتاداً لبيوت الدعارة. تصبح العاهرة حالة ثقافيةً في تعاطي الأدباء في أعمالهم مع مهنتها وأبرزهم بلزاك، الأخوة غونكور، فيكتور هوغو، ألكسندر دوما الابن، فلوبير، ونهايةً بإميل زولا الذي كان مختلفاً عمن سبقوه، فمن سبقه من الأدباء حوّلوا العاهرة إلى شخصية رئيسة في حياة الإنسان، يجب التعاطف معها والعيش معها كإنسان يتمتع بكافة الحقوق، منتقدين في هذا الأمر المجتمع البرجوازي الذي يحاول إقصاءها ويطالب بالخلاص منها، هذا الخلاص الذي يمارسه زولا في روايته "نانا" إذ يرى أن العدالة تقتضي أن تموت العاهرة في نهاية روايته منبوذةً مصابةً بكافة الأمراض الجنسية والعقلية، كعقوبة على إفسادها لطمأنينة المجتمع، غير أن فورييه يرى في العاهرة حالةً ثورية إذ تحولت على يديه أيقونةً للحياة الاجتماعية الاشتراكية، في وضع أسس مجتمع مشاعي يحيا بطوباوية غرائبية، وبعيداً عن أفكاره التي اكتشفت متأخرة فإن العاهرة الباريسية صارت رمزاً ومدافعاً عن كومونة باريس، حيث ألغيت الدعارة واعتبرت كجريمة، وتم رفع العاهرات المنبوذات إلى وضعٍ مساوٍ بالجميع، مما حدا بها إلى أن تموت كشهيدةٍ في الدفاع عن الكومونة قبل سحقها من الجيش الفرنسي. / يمثل الأعزب الخط الموازي للعاهرة فهو في كل الحالات ظاهرة ثقافية، منبوذة اجتماعياً في سن معينة، يتمتع بمستوى حرية أوسع من العاهرة، وذلك لأنه الفرط المنوط به نقل تراث المجتمع البرجوازي، وإن كان هذا المجتمع لا يتسامح مع الأعزب إلا في حدود ما هو مفيد للميراث البرجوازي، ينتهي الأعزب في الكتاب إلى شخصٍ عدميٍ حدود تعلقه بالحياة لا تتجاوز اللحظة التي يحياها، في منافاةٍ تامة للمجتمع الذي يعوّل عليه كما كان يعوّل على المرأة قبل أن تصير عاهرةً بنقل الميراث، وإعمار فرنسا والسعي من أجل وطنه، أقول ينتهي به إلى شخصٍ عدميٍ حتى في ممارسته الجنسية، إذ تصبح هذه الممارسة حالة انتهاك للآخر وخلاص من كل ما هو خارجها، فالعلاقة التي لا تؤدي به إلى إكمال ما يرغبه المجتمع، لا تعبر عن حالة شبقية فقط بل احتجاجية إذ يعرّف الاحتجاج في هذا الكتاب على أنه فعل ثوري والفعل الثوري فعل عدمي.
في البداية، عنوان هذا الكتاب هو "عاهرات وعزاب" وهو ما اكتشفته في المقدمة، وهو الأنسب ولا اعلم لماذا غيّره المترجم وارتكب خطأً شنيعا بعنوان لا يمت للموضوع ولا يمسّه إلا بشكل طفيف من ناحية المثقفين والجنس فقط
كنت اتوقع كتاباً يتحدث عن ظاهرة العربدة الفرنسية والاوروبية في القرن العشرين وخلال فترة مابعد الحرب العالمية الثانية مع انتشار المذاهب المشهورة
لكن الكتاب يتحدث عن تاريخ العزوبية والمواخير في فرنسا عبر القرون السابعة والثامنة والتاسعة عشر، وتحديدا في باريس، مع نظرة المجتمع للأعزب التي كما تصفها الكاتبة توازي نظرته لبائعات الهوى..
هل انصح بالكتاب؟ لا انصح به، ولكن للمهتمين في متابعة هذا الموضوع من باب الفضول او البحث الاكاديمي، فنعم، كتاب فيه فائدة لكم وقد يرضي فضولكم ويقودكم نحو مغامرة أوسع...
" أن العاهرة تعرف كيف تصنع من جسدها مادة فنية مستفزة وبربرية: مشيتها وملابسها وزينتها التي تكتسب طبيعة خاص بنظرات عينيها، ويمنحها شغفاً مضاعفاً من الأخرين، فهي تمشي وتتزلج وترقص وتلتفت بتنورتها المطرزة التي تعد بمثابة قاعدة تمثال تمنحها الثقة والتوازن وتوزع السهام الصادرة من نظرات عينيها من أسفل القبعة التي ترتديها، فهي تمثل الهمجية بأمتياز في الحضارة، فصورتها تبرز على خلفية فيض من الألوان الصاخبة كالاحمر والبرتقالي والروز والبنفسج".
أنه البرجوازيين يذهبون للفراش في ساعة مبكرة من الليل، عكس الشباب الأعزب والفتيات العاهرات فنانون بويهميون، لا يعيشون إلى على اضواء المصابيح الليلية التي تضي الشوارع، ومن جهة نظر العزاب (( فإن البرجوازيين والحيوانات البرية فقط هم الذين يعشقون الشمس )) " هكذا كتبت ديفلين دي جيراردان ساخرة 1844" فهي أديبة وصحفية فرنسية ولدت سنة 1804.
أن حياة العاهرة باهظة الثمن، لتظل دوماً في حالة من العبودية المطلقة، وهو ما فسره "أوجين سو" وكان معروفين بأثنتين من أشهر رواياته المتسلسة (( اسرار باريس)) 1843، والثانية (( اليهودي النتنقل ))1845، غي "اسرار باريس" على لسان احداهن بمعاناتها في بيت الدعارة الذي كانت تعمل فيه بقولها: " حتى الملابس التي كُنت ارتديها تخص تلك الغولة، بل أنا مدينة لها بطعامي وبالصحل الذي آكل فيه، لا يمكنني مغادرة هذا المكان ولو فعلت لاوقفتني كلصة... إنها تتملكني، ويجب إن أؤدي ما علي."
لور كاتسارو من كتابها (( المثقفون والجنس والثورة))عاهرات وعزاب في القرن التاسع عشر
"لقد قيل لي عدة مرات بأنه يجب أن أفعل شيئا، وأن أفكر في مستقبلي...كانوا يقولون لي:ينبغي أن يكون لك وضع في المجتمع ولو لمجرد لقب، فلتعتبره دواء من الصيدلية وعليك ابتلاعه، وإنه لا يمكنني ألا أكون شيئا، فذلك شيئة لم يراه أحد من قبل" في نظر المجتمع البرجوازي تم اعتبار الاعزب والعاهرة على الهامش التاريخي ف " مصير الأعزب دوما هو أن تكون نهايته مبتورة، والعاهرة والأعزب كلاهما قرر ألا يكون له نسل، وليس له هدف توريث تاريخ أو تراث، وكلاهما يعيش حياة غامضة ولا طائل من ورائها، ولا يتركان فيها إلا قليلا من الأثر".
كتاب مثير للاهتمام وغني بالمعلومات، يفتح الافق لفهم افكار الطبقة البراجوزية ومدى انحلال المدن الاوربية خصوصا فرنسا، في زمن كان الجنس شاغله الاول والاخير، ورخص الادب حيث كان الادباء يتنافسون لوصف حياة العاهرات فاصبحت معاناة العاهرات مصدر لنجاحهم الادبي فكان الادب تجارة على حساب حيوات. مارايته في هذا الكتاب المتكون من ٥ فصول سرد بحثي ادبي عن حياة الادباء العزاب، شخصيات روايتهم، الرساميين،الشعراء،الطبقة البراجوزية، الثورات. لمعرفة ارائهم واراء الطبقة البراجوزية ضدهم. يتطرق الى تناقضات عديدة مستمرة لحد واقعنا الحالي وكيف يتم النظر للعاهرة وللاعزب الرجل؛ رغم انهم كانوا انذاك متساويين بلنبذ من المجتمع لكن يبقى الرجل هو الاقل تهمشيا. المؤلفة نجحت بنقل الاراء رغم المعلومات المتتالية، لكن لا يوجد وقت زمني كافي لتدفق المعلومات، مما يجعلك تاخذ المزيد من الوقت لحفظ اسماء الادباء وروايتهم وشخصياتهم فمن هو بلزاك، ماهي رواية الجلد المسحور، ومن هو سارتر وماهي رواية غادة الكاميليا...الخ. فتحتاج الوقت ل هضم هذا الكم الكبير من المعلومات. . تبدأ المؤلفة الفصل الاول بلتطرق الى نظرة المجتمع للعاهرة والأعزب، وأثرهما السيء على انحطاط المجتمع الفرنسي، لتعود في الفصل الثاني الى الغوص بعمق في اسباب الدعارة الاقتصادية وافكار العزاب والعاهرات، لتنتقل للفصل الثالث "الموت بلتقسيط" وماهو المصير المتوقع للعاهرة والاعزب ونكران المستقبل. اما خاتمة الكتاب "عالم جديد من الحب" يقوم على مناقشة اراء فورييه المفكر الاقتصادي والفيلسوف الفرنسي، الذي رى ان تاسيس نظام اجتماعي جديد ينص على إلغاء الزواج. الذي وصفه من اسباب التعاسة، حيث كان هذا الفصل مبني على مناقشة من وجهة شخص اعزب مات وحيدا.
من تناقضات القرن التاسع عشر المستمرة لحد هذه اللحظة: - "الفتاة العاهرة المسجلة على قوائم مديرية الأمن إذا أرات أن تتزوج فإنها تذهب للشرطة طلبا لحذف اسمها، ولكن الشرطة لا تبدي حماسة لفعل ذلك مثلما تفعل حين تسجلها على قوائمها"
-اما " الرجال عديمو الخبرة الجنسية، الذين يتزوجون من بكر، يكونون موضوعات شائقة للسخرية ليلة زفافهم، وفي حال ممارسة الجنس مع عاهرات فإنهم يحصلون على الضمانات التي يريدونها، علما بأن المجتمع البرجوزاي الذي كان يحمي نقاء فتياته العذارى فيما يشبه القلعة، كان يقبل ضمنا بلجوء الشباب البرجوازي للعاهرات للحصول على الخبرات المطلوبة قبل الزواج".
كتاب يستحق الاطلاع عليه.
This entire review has been hidden because of spoilers.
المثقفون والجنس والثورة – لور كاتسارو ترجمة: محمد عبد الفتاح السباعي تقييم: ٠ من ٥
كتاب يحمل عنوانًا يوحي بالعمق، لكنه في الحقيقة جاء مثقلًا بالملل والتشتت. لور كاتسارو حاولت أن تجمع بين الفكر والجسد والسياسة في سياق القرن التاسع عشر، لكنها غرقت في السرد الأكاديمي البارد الذي لا يلمس القارئ ولا يثير فكره، بل يغرقه في تفاصيل متراكمة بلا نبض.
تتناول الكاتبة العلاقة بين المثقفين والثورة والجنس والعزوبية في أوروبا القرن التاسع عشر، لكنها تفعل ذلك بأسلوب أقرب إلى مقالة جامعية ممتدة لا روح فيها. اللغة مترجمة بشكل جاف، والمصطلحات متشابكة إلى درجة تجعل القراءة عبئًا لا رحلة. وكأن النص يصرّ على أن يظل معقّدًا ليبدو ذكيًا، فيفقد بذلك روحه تمامًا.
الكتاب يَعِد بالجدل، لكنه لا يقدّمه. لا تحليل نفسي حقيقي، ولا رؤية فلسفية تُحدث أثرًا، فقط تتابع لأسماء وأحداث دون خطّ شعوري أو فكري واضح. لا شيء فيه يلامس الوعي أو يفتح بابًا للفهم، بل يتركك في النهاية تتساءل: ما الفكرة التي أراد إيصالها؟
هو من تلك الكتب التي تشعر معها بأنك أكملت الصفحات بدافع الانتصار على الملل، لا بدافع الشغف. لم يضف شيئًا، ولم يترك أثرًا، وربما كان عنوانه أعمق من محتواه بكثير.
"أعيش في وحدة قاتلة، لدرجة أنني فكرت في الانتحار أكثر من مرة، ولكن ما منعني من هذه الفكرة، هو أن لا أحد، وأقصد المعنى الحرفي بكلمة “لا أحد”، سيتأثر بوفاتي، ما يعني أنني سأكون بموتي وحيدًا أكثر مما كنت حيًّا."
"وطبقًا لملاحظة «فيليب آريس» Philippe Ariès «الموت الملعون هو موت الرحالة الذي هجره الجميع على الطرق أو غرقًا في المياه»، ويضيف «آريس»: «في القرن التاسع عشر، وبالرغم من علمنة الأخلاق، فإن ذلك الموت الذي يحدث دون شهود ظل مثيرًا للفزع، ووجب التخلص منه بأي ثمن"
لم اتوقع هذا الطرح الكتاب يتحدث عن شخصيات بروايات لكتاب عالمين ولكن لم يتحدث عن هؤلاء الكتاب ليست دراسه ولا تحليل لا اعلم ماهي ؟! ولكن الطرح لم يرضي عقلي !!!! اغلب الكلام سطحي من وجهة نظر محددوده بالمقارنه مع حال الكتاب والمرحله الزمنيه التي مرت بها فرنسا !!
تذكرت برتراند راسل حين تحدث عن دور العاهرات بأن المجتمع يضع طبقة خاصة من النساء لإشباع حاجات الرجال التي يخجل من الاعتراف بها، ولكنه يخشى في الوقت ذاته من تركها دون إشباع، فالعاهرة لها ميزة خاصة تكمن من أنها متاحة في التو واللحظة لأن ليس لها حياة خارج هذه المهنة وتستطيع أن تظل مختفية دونما صعوبة.