من أقدم المصادر المعتبرة عن مكة وأشهرها. وهو كتاب خطط وجغرافية أكثر منه كتاب تاريخ. تتبع فيه الأزرقي معاهد مكة المكرمة وما فيها من آثار وأماكن، وألمََّ بمجمل تاريخها وجغرافيتها. يرجح أنه فرغ من تأليفه سنة (244هـ). ولمكانته المرموقة وعلو شهرته قام عبد الملك بن أحمد الأرمانتي (ت722) بنظمه في أرجوزة، ذكرها ابن حجر في (الدرر الكامنة) والأدفوي في (الطالع السعيد). وكان الكتاب في أصله صغيراً فأضاف إليه رواة الأزرقي أخباراً كثيرة، حتى أصبح بحجمه الحالي، وفي هذه الأخبار ما يصل إلى عام (310هـ) مع أن في الكتاب مشاهدات للمؤلف تعود إلى سنة (126هـ) مما اضطر الباحثين إلى القول أن المؤلف الحقيقي للكتاب هو جده أبو الوليد الذي كان من أصحاب الإمام الشافعي، ثم قام هو بترتيب أوراق جده وزاد عليها، فنسب الكتاب إليه. ونذكر من الرواة الذين ساهموا في تطوير الكتاب: إسحق بن أحمد بن إسحق بن نافع الخزاعي المتوفى سنة (308هـ) ومحمد بن نافع بن أحمد بن إسحق بن نافع الخزاعي، كان حياً سنة 340هـ ولابد في هذه الترجمة من كلمة شكر للمستشرق الألماني الجليل وستنفلد (ت1899م) الذي بذل كل جهده في البحث عن مخطوطات الكتاب، حتى عثر على ثلاث نسخ منه في مكتبات أوربا، فضمه إلى نشرته: (مجموعة تواريخ مكة) التي أصدرها عام (1858م) وتقع هذه المجموعة في أربعة مجلدات، وتضم كتاب الأزرقي هذا في (518) صفحة، وخلاصات من تاريخ الفاسي وابن فهد وابن ظهيرة، والإعلام للقطبي، مع خلاصة تاريخية باللغة الألمانية، وخارطة لمكة المكرمة. إلا أن هذه الطبعة امتلأت بالتصحيف والتحريف، لشح المصادر العربية المطبوعة آنذاك، مما حدا بالمرحوم رشدي ملحس إلى إعادة طباعة الكتاب سنة (1352هـ) معترفاً بالمعلومات القيمة التي استفادها من تحقيقات وستنفلد. وأضخم ما ألف في مكة: كتاب (التاريخ القويم) لمحمد طاهر الكردي، ويقع في ستة مجلدات ضخمة. وانظر في مجلة العرب (س4/ 949) وصفاً ل(39) كتاباً في تاريخ مكة. وفي هذه المجلة مئات الأبحاث المتعلقة بمكة وتاريخها وحاضرها، سيما كتاب حمد الجاسر (في رحاب الحرمين من خلال كتب الحج) و(س12 ص321 وص406) كتب منازل الحج، وفيها (ص123) وصف لأكثر من خمسين كتاباً في تاريخ الحرمين، مما تضمه مكتبة جامعة استنبول من مخطوطات. وفيها (4/ 472) التعريف بكتاب (خمسة قرون من المغامرة) للفرنسية جاكلين. إلخ نقلا عن الوراق .
و الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي الغساني المكي. ولد بمكة المكرمة لأسرة عريقة وتوفى سنة 250هـ تقريباً. كان معلق إسلامي، ومؤرخ في القرن التاسع. ألف كتاب أخبار مكة. وهو كتاب يذكر تاريخ مكة بأكمله، ومعالمها، والمدن المجاورة لها، والطرق المؤدية لها، حتى أصبح دليلا جغرافيًا شاملًا.
عشتُ وقت شعرت فيها بالبهجة والدهشة البركة من التاريخ المروي عن ( الكعبة ) التي تعدى من شكلها المكعب إلى موضع و قطعة سماوية روحانية خالصة.
أمور كثيرة عرفتها لأول مرة ومنها جرّت المزيد. والأكثر حماسة لي هو معرفة الزمن الأقرب لظهور الدين الإسلامي، و سلوكيات وعادات أهل مكة أنفسهم. من المدهش وصف البقعة المباركة على مدى التاريخ المروي من نزول أبونا (آدم) إلى الطوفان ثم رفع القواعد من قِبل سيدنا إبراهيم وما تلاه من أحداث عظيمة شكلت ما عليه شعائر وعمارة مكة المكرمة اليوم في قرنين.
وددتُ كثيرا أن يُختصر الكتاب بفيديو وثائقي مصور يسرد كل ما ذُكِر بالكتاب. 💫
ملاحظة: أثناء القراءة ومروري ببعض الأسماء بحثت للتعرف عليها منهم ( وهب بن منبه) الذي يعرفه ويكيبيديا بأنه تابعي ثقة يروي الكثير من الإسرائيليات لعلمه العميق في كتب النصارى واليهود، لذا اعتبروه أقتبس (اهتم وهب بأخبار العرب في الجاهلية، وروى أخبار غير العرب التي استقاها من الكتب المقدسة، ويغلب على أخباره طابع القصص الشعبي الخرافي؛ لذلك يوصف بأنه «مؤرخ إخباري وعالم بأساطير الأولين). والأمر الذي جعلني أبحث هو نقله في باب (ذكر وحشة آدم في الأرض حين نزلها، ص ٤٦) حديث يبدو أنه قدسي لكن طويل ومفصل ولا يشبه بقية الأحاديث القدسية الشريفة المألوفة القصيرة ! و أخبار أخرى لا سند لها !
والإسم الآخر (محمد بن إسحاق) مذكور في الويكيبيديا، أقتبس : قال أحمد بن حنبل: «حسن الحديث، وليس بحجة» قال يحيى بن معين: «ثقة لكن ليس بحجة» قال مالك بن أنس: «دجال من الدجاجلة» وقال «نحن أخرجناه من المدينة» قال ابن البرقي: «لم أر أهل الحديث يختلفون في ثقته، وحسن حديثه وروايته، وفي حديثه عن نافع بعض الشيء» قال الذهلي: «هو حسن الحديث عنده غرائب"
لذا أتساءل إن كان المؤلف الأزرقي قد حاول التشكيك في صحة ما نقل عن وهب و بن إسحاق وغيرهم من أمثالهما من باب الأمانة الفكرية والدينية ؟!!
=======
( أخبار مكة، وما جاء فيها من الآثار) لمؤلفه الأزرقي المتوفاة ( ٢١٧ هجري وفقا للروايات) و الذي نقل أغلب ما ذكر من رواية جده. مطابع دار الثقافة، مكة المكرمة ١٩٨٨. .