هذا الكتاب : إن كتاب ( الأسس المنطقية للاستقراء ) قفزة نوعية لا مثيل لها في تاريخ الحوزات الدينية ولا في حياة التأليف والتحقيق لدى العلماء والفقهاء والمراجع الإسلامية، والسبب في ذلك أن العلماء كانوا ينتهجون في علم الكلام ومعرفة نهج الأدلة العقلية الفلسفية وإثبات وجود الله سبحانه من خلال مبدأ العلية والسببية. ولكن المدرسة المادية التجريبية التي أنكرت القوانين العقلية انحازت إلى الإلحاد بالله وجحود الخالق محتجّة أن منطلقاتها المادية لا تنسجم مع المبادئ الغيبية التي تثبت من خلال العقل والفلسفة. إن سيدنا الأستاذ رضوان الله تعالى عليه، أفحم الخصم وغلق أبواب الإلحاد لله سبحانه في وجوههم وسحب الأوهام التي تذرعوا بها للجحود ونكران الخالق طرح على الماديين وأصحاب المدرسة التجريبية الأسس المنطقية للاستدلال الاستقرائي الذي يضم كل ألوان الاستدلال العلمي القائم على أساس الملاحظة والتجربة. وهذه الأسس هي بنفسها منطلق المدرسة المادية القائمة على التجربة وتكرارها واستقرائها حتى يصل الإنسان إلى شاطئ القطع واليقين. وعليه يكون الإنسان إما مؤمناً بنتائج الدراسات المادية التجريبية فلا بد أيضاً أن يؤمن بالله سبحانه لأن المنطلق والاستدلال فيها واحد. وإما أن يلحد بالله عز وجل فيجب أن يلحد بنتائج التجارب المادية والعلوم الطبيعية والمدرسة التجريبية لأن الاستدلال العلمي هنا وهناك واحد. إن كبار أساتذة العلم في حساب الاحتمالات من الجامعات العربية انذهلوا عندما شاهدوا شخصية علمية فقهية تخوض بكل الدقائق والتفاصيل موضوعاً رياضياً معقداً وشائكاً وأبدوا اندهاشهم وإعجابهم في مقالات ورسائل بعثوا بها إلى السيد الأستاذ قدّس سرّه.
السيد محمد باقر الصدر فقيه ومفسر، ومفكر شيعي وفيلسوف، وقائد سياسي عراقي. درس العلوم الدينية عند كبار علماء الحوزة العلمية في النجف الأشرف واستطاع أن يصل إلى مرتبة الاجتهاد قبل سن العشرين. وبدأ بعدها بتدريس العلوم الدينية في حوزة النجف الأشرف. وفضلا عن تدريسه للعلوم الدينية، كان مؤلفاً في مجالات مختلفة من العلوم الإسلامية، كالاقتصاد الإسلامي، والفلسفة الإسلامية، وتفسير القرآن، والفقه، وأصول الفقه، إضافة لكتابه في نظرية المعرفة وهو الأسس المنطقية للاستقراء . ولم يكن الصدر غائبا عن الحياة السياسية، فقد أسس حزب الدعوة الإسلامية، وأصدر فتواه الشهيرة بحرمة الانتماء لحزب البعث العربي الاشتراكي، كما أنّه أول من دعى إلى اسقاط نظام البعث.
درس السيد محمد باقر الصدر فلسفة صدر المتألهين عند صدرا البادكوبي؛ كما درس الفلسفة الغربية إلى جانب الفلسفة الإسلامية. وللشهيد الصدر مطالعات كثيرة في مجالات مختلفة كالفلسفة والاقتصاد، والمنطق، والأخلاق، والتفسير والتاريخ. وهو المؤسس لمنطق الإستقراء.
مؤلفاته: فدك في التاريخ غاية الفكر في علم الأصول فلسفتنا اقتصادنا الأسس المنطقية للإستقراء المعالم الجديدة للأصول بحث حول الإمام المهدي بحث حول الولاية الإسلام يقود الحياة المدرسة القرآنية دور الأئمة في الحياة الإسلامية نظام العبادات في الإسلام بحوث في شرح العروة الوثقى دروس في علم الأصول(الحلقات) الفتاوى الواضحة(رسالة عملية) البنك اللاربوي في الإسلام المدرسة الإسلامية موجز أحكام الحج حاشية على منهاج الصالحين للسيد الحكيم حاشية على صلاة الجمعة من كتاب شرائع الإسلام حاشية على مناسك الحج للسيد الخوئي بلغة الراغبين (حاشية على الرسالة العملية للشيخ مرتضى آل ياسين)
الاستقراء كمنهج معرفي يعتمد على الجمع بين ثلاثة مسائل: 1. اطراد الطبيعة (أي الحالات الطبيعية المتماثلة لها نتائج متماثلة) 2. السببية العامة(أي القاعدة نفسها) 3. السببية الخاصة (أي السببية بين الأمرين المدروسين => سببية أ إلى ب)
رد أرسطو #1 و #2 إلى أنّهما قضيتان عقليتان موجودتان قُبُلاً.
يحاول الكتاب إثبات ضرورة #3. أي بمعنى آخر يحاول الإجابة على السؤال الاستنكاري القائل: "إن تكرر حدوث (أ) بعد (ب) فما هي الضرورة العقلية القائلة أن (ب) هي سبب (أ)؟"
الإجابة التقليدية هي: أن "التكرار" هو الدليل. لكن التكرار بحد ذاته لا يورث اليقين. من مبدأ (Correlation doesn't necessitate causation) أي (العلاقة المتكررة لا تفيد السببية ضرورة).
لمعالجة هذه المسألة يقوم السيد محمد باقر الصدر بتصنيف أنواع اليقين إلى ثلاثة: 1. موضوعي 2. نفسي\ذاتي 3. عقلي رياضي
وأيضــًا يقسّم العملية الاستقرائية إلى مرحلتين:
1. مرحلة استنباطية: (مرحلة الاستدلال عن طريق الاحتماليات -والذي لا يفيد اليقين لكن يقرّبنا منه-) 2. مرحلة التوالد الذاتي (الانتقال من الاحتمال إلى اليقين)
================
هذا مختصر الكتاب.
الزبدة هو مرحلة التوالد الذاتي في تصوّري. إلا أني أرى أن ما تم تقديمه في مرحلة التوالد الذاتي بالإمكان إيراد العديد من الإشكالات عليه. وهذه المرحلة باختصار هو: دراسة سببية (أ) ل(ب) من خلال أكثر من سياق
ويسمّيه السياقات المختلفة (معرفة إجمالية 1 ، 2، إلخ). ومن ثمّ يقول: إن تتطابق أكثر من مجال (معرفي إجمالي) على عدم نفي سببية (أ) ل(ب) فإن (أ) و(ب) فعلاً مرتبطين بعلاقة سببية. وتكون هذه الدعوى يقينًا موضوعيًا.
================
الكتاب في غاية التعقيد. والتعقيد يعود لأمرين: (1) الموضوع نفسه معقّد (2) طريقة الكاتب.
الأمر الأوّل لا يد للمؤلّف فيه، أما الأمر الثاني ففي رأيي أنه كان بالإمكان أفضل مما كان.
في مثل هذا اليوم 9 أبريل سنة 1980 الموافق 23 جمادى الأول سنة 1400هـ أعُدِم السيّد محمد باقر الصدر على يد النظام السابق أثناء حكم الرئيس صدام حسين بتهمة العمالة والتخابر مع إيران. محمد باقر الصدر مرجع ديني شيعي ومفكر وفيلسوف إسلامي عراقي، يعد من أبرز مؤسّسي حزب الدعوة الإسلامية ومنظّري أفكاره. ولد في مدنية الكاظمية في 1 مارس عام 1935 الموافق 25 ذو القعدة عام 1352هـ، والده السيد حيدر الصدر، ووالدته كريمة الشيخ عبد الحسين آل ياسين أخت المرجع الديني المحقّق الشيخ محمد رضا آل ياسين. ينتمي إلى عائلة الصدر العلمية التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، وقد برز منها عدّة شخصيات منهم شقيقته بنت الهدى وابن عمه السيّد محمد محمد صادق الصدر والسيّد موسى الصدر. رفض الصدر في كتابه (فلسفتنا) جميع المدارس التجريبية التي تعتبر التجربة مصدراً أساساً للمعرفة، تؤمن هذه المدارس بأنّ الاستدلال يكون دائماً من الخاص إلى العام طبقاً للعملية الاستقرائية. وهي مخالفة صريحة للمذهب الأرسطي الذي يقول إنّ المعرفة تنمو وتتدرّج من العام إلى الخاص، حتى في قضايا الاستقراء التي تستخدمها العلوم الطبيعية. ولكن ما ذهب إليه الصدر في كتابه الآخر (الأسس المنطقية للاستقراء) يخالف النتيجة الأخيرة، فهو يؤكد على أن الاستقراء يسير من الخاص إلى العام دون العكس. إذن كتاب الأسس المنطقية يبحث في مشكلة الاستقراء المعرفية، فمثلاً (الحرارة تسبّب تمدد الحديد) جاء نتيجة عدة اختبارات أكدت ظاهرة التمدد تلك، ومنها تم استنتاج القانون الكُلّي، وبالتالي فقد قفزنا بالاستدلال من أفراد خاصة معدودة إلى حالة عامة تشمل الأفراد جميعهم! يعالج الكتاب ثلاث مسائل لا بد من التغلب عليها للوصول إلى النتيجة النهائية المتمثلة بالتعميم. وهي 1-مشكلة إثبات مبدأ السببية العامة. 2-مشكلة تعيين السببية الخاصة. 3-مشكلة التعميم. هذه هي المشكلات الأساسية التي ارتكز عليها الصدر في بحث الكتاب في معالجته للاستقراء. وهي محاولة جريئة تتضمن اثبات القضايا العقلية عبر الدليل الاستقرائي، باستثناء مبدأ عدم التناقض بالطبع، والمصادرات التي يحتاجها هذا الدليل. ملحوظة مهمة جداً الكتاب صعب جداً وعميق ويشكّل تحديًا لأي قارئ، يحتوي الكتاب مصطلحات دقيقة وعلمية، لا يعرفها للقارئ العادي، لذلك أنصح أن يقرأ قبله كتاب (الاستقراء والمنطق الذاتي) للباحث يحيى محمد، كذلك اجتياز دورة في علم المنطق بشكل جيد كمنطق الشيخ المظفر مثلاً.
قرأته بس مش كله الكتاب يستحق منى انى اكمله بس سيبته لوقت فراغ لانه كتاب دقيق الكتاب بيتكلم عن ثغرة الاستقراء اللى هو استنباط احكام عامة من استقراء قضايا جزئية بيعرض فيها الثغرة المنطقية فى الانتقال من الخاص للعام وازاى الفلاسفة والمناطقة حاولوا يسدو الثغرة دى بدءا من ارسطو هرجع ليه تانى لانه يستحق التركيز ومحتاج روقة
هذا الكتاب لغته صعبة، ودسم أيضًا لكنّه عمل لابد من قراءته. يحاول المنطيق الصدر بحل ثغرة الاستقراء الناقص على ضوء نظرية الاحتمال وقانون السببية في جميع أنواع القضايا في المنطق الأرسطي وكيف نستطيع أن نصل به إلى درجة اليقين، أي نأخذ به كعلم لا شكّ فيه. للذي يريد قراءة الكتاب عليه أن يكمله وأن يركز في قراءته.
جميلة تلك الاسس لكنها معقدة فتارة اراها بسيطة ميسرة وتارة اراها مزدحمة متراكبة في ذلك الكتاب الذي اخذني شيئا فشيء ...للاستقراء أهمية كبرى في مناهج البحوث العلمية حيث يتوقف عليه تأليف القواعد العلمية العامة، والتوصل إليها. فعالم الفيزياء لا يستطيع أن يتوصل إلى قواعد علم الفيزياء حول الظاهرة الطبيعية ما لم يدرس مختلف جزئيات كل ظاهرة من تلك الظواهر التي يحاول إعطاء قواعد عامة حولها. وكذلك عالم اللغة العربية لا يستطيع أن يعطي قواعد عامة في اللغة العربية ما لم يستقري، ويدرس مختلف المفردات والجمل في شتى استعمالات العرب اللفظية.
وهكذا في كل علم من العلوم الأخرى.
فالاستقراء هو الذي يزودنا بالقواعد العامة التي نستعملها في التطبيقات العلمية عن طريق القياس لمعرفة أحكام الجزئيات.
معضلة الاستقراء الذي أثارها ديفيد هيوم - ومن قبله فلاسفة كثر- والتي هيضت محمد باقر لكتابة بحثه هذا هي كون أن الاستقراء يحمل معضلة الدور المنطقي والتعميم بناءً على وقائع فردية لا تسلتزم ذلك وهذا مصادرة عن المطلوب. وباقر لم يحل هذه المشاكل ولم يطرح حتى مقاربات لها وإنما تجاوزها! فيقول (وجود اليقين الذاتي بالقضايا الاستقرائية - عند كثير من الناس - مما لا يشك فيه أحد) !!! وطرح أمثلة حول أنه إذا تكررت الحوادث أو تراكمت الاحتمالات على نفس المحور نستبعد الاحتمال المضاد. فارسطو وراسل عندما حاولوا تقديم حلول لهذه المعضلة رغبوا بحلول برهانية بمعنى إقامة اثباتات رياضية منطلقة من مسلمات حتى يتحقق اليقين لكن الصدر اكتفى بأن قال تكرار التجارب أو تراكم الاحتمالات كافي ودورنا هو فقط التحليل ووضع الضوابط للوصول لذلك اليقين والذي يسميه المؤلف اليقين الذاتي وهو التصديق بأعلى درجة ممكنة. لكن يحترز بمسألة تراكم الاحتمالات بأنها تكون على نفس المحور فمثلاً أوراق اليانصيب وحتى النرد لا تسلتزم ذلك اليقين الذاتي.
الكتاب حقيقة ( overrated ) وهناك من يقول بأن باقر حل معضلة الاستقراء الي طالت لأكثر من ٢٠٠٠ سنة وهذه نكتة لكنها سخيفة. وربما المبالغة في هذا المدح ضرت البحث ولم تنفعه تماماً فنظرية الصدر مرتكزاتها مقبولة بل وربما جيدة لكنها ليست في مصب منطقة الخلاف الذي آثاره ديفيد ��يوم مرورا براسل وحتى كارل بوبر ومحمد باقر كان واعياً لذلك جيداً فيقول ( تكرار الأمثلة والتجارب لا أثر له بالنسبة للقضية الرياضية) ولا حتى منطقياً. لذا برتراند راسل يقرر في كثير من كتبه منها مشكلات الفلسفة بأن الاستقراء لم يزل مشكلة منطقية بلا حل وكثير من الأحيان تستشف منه اليأس المطلق للوصول لحل أو يقين كامل.
ومعضلة الاستقراء هي بحق عصية استعصت على عقول فلاسفة كبار على مر التاريخ ولم يستطيعوا تقديم حل لها. المؤلف يستعين كثيراً بنصوص زكي نجيب لأقوال الفلاسفة الغربيين فلم يكن حتى يتقن الانجليزية.