Arguing for the idea of connected histories, Gurminder Bhambra presents a fundamental reconstruction of the idea of modernity in contemporary sociology, where modernity's origins are located in Europe. She criticizes the abstraction of European modernity from its colonial context and the way in which non-Western 'others' are regarded as having no contribution to make to understandings of modernity. It aims to establish a dialogue in which 'others' can speak, and also be heard.
يتعلق هذا الكتاب بالجدل الدائر في الغرب حول " الحداثة" و " المركزية الأوروبية"، أو هل ثمة حداثة أو حداثات، فيُعالج الكتاب هذه المسألة وفق الرؤية السوسيولوجية للحداثة حيث تتفق جلُّ النظريَّات الاجتماعيَّة على أنَّ الحداثة أوروبيَّة المنشأ، وهذه السردية من شأنها وفق ما أطلقت عليه " جيرمندر ك. بامبرا" التمركز حول السلالة الأوروبية، بمعنى أن ما سبق الحداثة الأوروبية هي عصور " تخلف" و " همجية"، وهي رؤية تبلورت عند بعض علماء الاجتماع الأوروبي مثل " فيبر"، فالكتاب يؤكد أن علم الاجتماع شكّل خصوصية في البحث حول مفهوم الحداثة، مع تداخل العلاقات الاستعمارية في تفسير نشأة تلك المجتمعات الحديثة.
بشكل آخر يمكن القول كما يحاجج الكتاب أن " سياسات إنتاج المعرفة" حول الحداثة كما يبرزها علم الاجتماع في قضية التمركز حول السلالة الأوروبية هي من منتجات " النزعة الاستعمارية الأوروبية"، فمفكرو القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من أهل الحداثة برروا الاستعمار في الهند؛ لأنه على حد زعمهم يعمل على إنشاء تنوير ثقافي، والكتاب يتخذ من حالة " الهند" مثالًا لسياسات إنتاج المعرفة الاستعمارية حول الحداثة، فهي تلك المعرفة التي صوّرت ما قبل الحداثة الأوروبية بعالم التوحش، ومن ثم ستأسس تلك المعرفة الكولونيالية لفترة وصاية استعمارية في الهند، لقد تم تشكّل الهند في تلك السياسات المعرفية بوصفها " طفلًا " ومحو أي تاريخ لها سابق على الحداثة وهو ما يُطلق عليه الكتاب " هيمنة التمثيل".
تعتمد " جيرمندر ك بامبرا" في نقد تلك السياسات المعرفية التي ألقت بظلالها السوسيولوجي على العلوم الإنسانية على نقد مدرسة ما بعد الاستعمار لتلك السياسات [وإن نقدت الباحثة تلك المدرسة فيما بعد في بعض الجوانب]، فترصد أنه حينما تفاعل العالم غير الأوروبي ضد الإمبريالية الأوروبية كان ذلك- وللسخرية!!- بمصطلحات أوروبية مثل: القومية، وثورة البروليتاريا..الخ، وهو ما يوضح إلى أي مدى تغلغلت تلك المفاهيم الكولونيالية في عقول المستعمَرين، ومن هنا لدحض السردية الكولونيالية حول التمركز الأوروبي احتفت المؤلفة بفكرة المؤرخ " سانجاي سوبراهمانيام" حول ما أطلق عليه إسم " التواريخ المترابطة" بمعنى أن الأشكال الثقافية تمثل هجينًا مختلطًا وممزوجًا، وهذا من شأنه دحض فكرة العالم المتخلف ما قبل الحداثة الأوروبية وتقويض سردية قطيعة العالم الأوروبي الحديث مع الماضي.
ترصد المؤلفة هنا بشكل تفصيلي " الخيال السوسيولوجي" في تصور الحداثة الغربية، فيؤكد البحث أن كتاب عصر التنوير الأسكتلنديين اتبعوا فرض لوك القائل: " كان العالم بأسره في البداية هو أمريكا"، بمعنى أنه شبّه حالة توحش وهمجية أمريكا قبل عصور الاستكشاف البرتغالي بأنها تماثل حالة العالم ككل قبل الحداثة الأوروبية، وهي رؤية في غاية التطرف، وكذا ترصد الرؤية السوسيو- اقتصادية التي تميز الحداثة الأوروبية وهي ربطها بظهور الثروة والرأسمالية، ومن ثم ترصد كيف قامت الحداثة الرأسمالية على اللصوصية عن طريق " تجارة العبيد"، إذن فكرة تراكم الثروة كما عند " أدم سميث" هي من محددات الحداثة الأوروبية، ومن ثم نظروا لما قبل الرأسمالية والمجتمع التجاري على أنها مجتمعات متخلفة، وبالمناسبة هي رؤية أوضحت تهافتها نللي حنا في كتابها المهم " مصر العثمانية والتحولات العالمية" ببيانها الدور التجاري والمركزي المهم لمصر العثمانية في العالم ككل قبل ظهور الحداثة.
تقوم " جيرمندر" بتطبيق عملي لفكرة " التواريخ المترابطة" عندما تقوض السرديات الاستشراقية حول النزعة الأوروبية، فتنقد ما أسمته بالأساطير حول " عصر النهضة" فهي ترفض المفهوم المقبول عن أصل الوحدة الثقافية لأوروبا وأنه عصر تحول إلى عالم حديث، وترفض القول بأنه " ساعة الميلاد" لأوروبا الحديثة؛ إذ تنقل الباحثة تأكيد العلماء على الوجود المستمر لسمات العصور الوسطى داخل عناصر عصر النهضة ذاتها.
بمعنى أن عصر النهضة لم يظهر كطفرة أوروبية بمعزل عن الاستمداد الثقافي من العالم الخارجي [ الإسلامي + الشرق أسيوي الصيني]، بل تؤكد كما أكد قبلها جونسون في كتابه الجذور الشرقية الذي سبق وكتبنا عنه، أن الطباعة عمدة عصر النهضة ظهرت في الصين قبله، كما ترفض فكرة كون "فن" عصر النهضة ظاهرة أوروبية داخلية، بل توضح انتشار حركة الأساليب الفنية في القرن الثالث عشر والرابع عشر بين المدن الإيطالية ومصر والمراكز الإسلامية والحضارة البيزنطية، كما أشارت لإستعمال " كوبرنيكوس" لمصادر غير أوروبية مثل أعمال العلماء المسلمين كناصر الدين أتاسي، مما يدل على وجود " تفاهمات مشتركة" بين الشرق والغرب ويدحض فكرة المركزية الأوروبية في صناعة الحداثة التي روجتها كتابات علم الاجتماع الكولونيالي.
أما على مستوى الثورة الصناعية التي كانت أساسية في بناء " هوية أوروبا" وفق المنظرين الاجتماعيين، فإن تفسير هذه الثورة جوهريًا نتيجة للخصائص الداخلية الأوروبية فيه تجاوز كبير، إذ يرى الكتاب أن هذه السردية لا تأخذ في الاعتبار تدفق الثروة من المستعمرات التي ساهمت في الثورة الصناعية، ولا المساهمة الإجبارية للعبيد، ولا الطريقة التي قُضي بها على التصنيع في مناطق مثل أفريقيا وأمريكا اللاتينية والهند التي أُفقرت عمدًا من أجل ضمان تفوق سوق السلع البريطانية.
بالنهاية الكتاب موضوعه مهم، وإن كان الإسهاب في الافتراضات المتضمنة داخل التشكلات السوسيولوجية للحداثة قد يصيب بعض القراء بالملل، ولكن ستكتشف أهمية هذا الإسهاب عندما تشرع المؤلفة في الاعتراض على هذه الافتراضات من خلال نقد مفصّل لنشأة وتطور ما اعتُبر بحقائق الحداثة.