كان تدوين هذه السيرة بالنسبة للكاتبة ميشيل فيتوسي مساهمة في فضح العسف الذي أدى بأمّ وستة أطفال إلى عيش محنة مريرة. فما عانته هذه العائلة سيظل يستثيرها كما تستثيرها على هذه الأرض انتهاكات حقوق الإنسان. وهي ميشيل فيتوسي لم تكن تعرف الكثير عن تاريخ المغرب، ولم تكن مطلعة على خلفيات سجن عائلة أوفقير، كل ما كانت تعرفه أنها وخمسة من أشقائها وشقيقاتها ووالدتهم قد سجنوا طوال عقدين، كعقاب على الانقلاب العسكري الذي نظمه والدها.
ففي السادس عشر من شهر آب/أغسطس من العام 1972 حاول الجنرال محمد أوفقير، الرجل الثاني في النظام يومها، اغتيال الملك الحسن الثاني. فشل انقلاب الجنرال أوفقير وأعدم الرجل فوراً بخمس رصاصات استقرت في جسده، يومها قرر الملك إنزال أبشع العقوبات بعائلة الجنرال المتمرد. فذاقت العائلة أقسى ألوان العذاب في معسكرات الاحتجاز والسجون والمطامير. يومها كان عبد اللطيف الأخ الأصغر، لا يكاد يبلغ الثالثة من العمر. هذا عن سنوات السجن، أما طفولة مليكة فهي فعلاً متميزة، إذ تبناها الملك محمد الخامس وهي في الخامسة من العمر، وترعرعت مع ابنته الأميرة أمينة لتقارب عمريهما، وحين توفي العاهل المغربي أخذ ابنه الحسن الثاني على عاتقه تربية البنتين وكأنهما بنتاه.
أمضت مليكة أحد عشر عاماً في حياتها في القصر، وراء أسوار قصر قلما خرجت منه، أي أنها كانت منذ ذلك اليوم سجية الترف الملكي، وحين سمح لها بمغادرته أمضت عامين من مراهقتها في كنف أهل متنفذين ومتمكنين. حين وقع الانقلاب تيتمت مليكة مرتين، أو فقدت والدها الفعلي وعطف الملك، والدها بالتبني.
هنا تكمن مأساة مليكة أوفقير وحدادها المزدوج وسؤالها الكبير عن الحب والبغض. فهل للحياة معنى حين يحاول أعزّ من عندها (والدها الحقيقي) قتل والدها بالتبني (الملك)؟ وكيف يتحول والدها بالتبني إلى جلاد بلا رحمة؟!! عظيمة كانت محنة مليكة، هذه المأساة هي جوهر هذا الكتاب.
Malika Oufkir (Arabic: مليكة أوفقير) (born April 2, 1953) is a Moroccan writer and former "disappeared". She is the daughter of General Mohamed Oufkir and a cousin of fellow Moroccan writer and actress Leila Shenna.
فن السيرة الذاتية من الفنون الكاشفة، ليس عن طبائع النفوس وكوامنها فحسب، ولكن، وهو الأهم؛ عن أنماط الاجتماع وصور التديُّن وتحيُّزات السياسة وطبيعة المنظومات القيمية ومدى تجذُّرها، إضافة إلى تفاصيل إنسانية واجتماعية أخرى جد كثيرة. وحقيقة الأمر أني أعتبر السير والتراجم، وكُتب الطبقات والرجال، ومعاجم الأعلام؛ هي أهم ما أنتجته الإنسانية طوال تاريخها. أهم من كل السفسطات الفلسفية والجدالات الكلامية والنطاعات الفقهية. وما ذلك إلا لأن السير والتراجم وأخبار القوم هي جُلّ ما يبقى على الحقيقة من جملة اللغو النظري الذي يُنفق بني الإنسان أعمارهم القصيرة في تشقيقه. هي المرآة الحقيقية العاكسة لمدى إخلاصهم لما ادعوا، بل ولحجم تناقُض الظاهر والباطن، والمجبول والمكتسب. ولعل السيرة الروائية التي صدرت عن المغربية مليكة أوفقير، عام 1999م؛ هي من السير شديدة الكشف، ربما بغير قصد. وذلك رغم أن صاحبتها لم تُدوِّنها بنفسها، وإنما زوَّدَت الكاتبة الروائية ميشيل فيتوسي بقصتها وقصة أسرتها، لتتولى الأخيرة بناء النص نيابة عنها. ولا يمكن فهم قصَّة حياة مليكة أوفقير وأسرتها، إلا بوصفها قصّة "تغريبة" أسرة فرنسيّة في المغرب. أسرة حُرِمَت عائلها الذي كان أقوى رجل في البلاد (أقوى فعليًّا من الملك الحسن الثاني نفسه)، واضطُهِدَت في بلدٍ "غريب"... غريب ليس فقط لأنها تصِفُ نفسها في الصفحة الأخيرة بأنها فرنسيّة الهوى والثقافة واللغة والتفكير (برغم احتفاءها بانتمائها الإثني للمغرب)؛ بل لأن هذا فعلًا ما برهنت عليه طوال سردها لقصّتها. ابتداءا من نمط معيشتها قبل السجن، وزمرة أصدقاءها المقرَّبين (الممثل آلان ديلون، ونجل الملك السعودي فهد، وابن شقيق وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه دايان)، ومرورًا بالحياة في القصر الملكي طوال أحد عشر عامًا، إذ تبنّاها محمد الخامس ثم ولده الحسن؛ وحياتها في قمّة الطبقة المخملية بعد رجوعها لأسرتها، واعترافها بأنها تجهل كل شيء عن الشعب المغربي وحياته، وانتهاءا بنوع الكتب والبرامج الإذاعيّة التي كانت سلواها طوال عشرين عامًا من السجن. ثقافة فرنسيّة محضة، برغم تعلُّمها للعربية الفُصحى في البلاط الملكي. ومن ثمّ، لم يكُن مُستغربًا اعتناقها للكاثوليكيّة بعد إطلاق سراحها؛ فهي تعرف عنها أكثر بكثير مما تعرف عن الإسلام. وهي في ذلك تُشبه الإيرانية آذر نفيسي بدرجة كبيرة. وإذا كنت أعتبرُ نفسي خبيرًا إلى حد ما بأدب السجون، الذي قرأت فيه ما يربو على المئة كتابًا ورواية لجنسياتٍ مُختلفة؛ فإن هذا الكتاب أضعفها على الإطلاق من حيث القُدرة على إثارة تعاطُفك الإنساني المجرَّد والشامل، وإن كان لا يفشل في انتزاع قدرٍ من التعاطُف في مواقف محدودة ترثى فيها لأطفال أغرار فقدوا براءتهم، وتشوَّهت نفوسُهم تشوّهاتٍ عميقةٍ بيد القهر والعسف والجبروت الملكي. تشوّهاتٍ يصعُب إن لم يستحل علاجها. لكن ما أنا على ثقة منه أن كارهي الأنظمة الملكية عمومًا، والنظام المغربي خصوصًا؛ سيزداد احتقارُهم وكراهيتهم لتلك الأنظمة بعد قراءة هذه السيرة الروائية. ولا أظن القاريء قد يتمكَّن من تشكيل صورة حقيقيّة للوضع الإنساني المأساوي للمغاربة تحت حُكم هؤلاء الطواغيت، الذين تسمّوا بإمارة المؤمنين وتعاونوا مع اليهود وفتحوا البلاد لبعثات التنصير؛ إلا بقراءة عدَّة كتب أخرى على التوازي. أولها هي الرواية المُزعجة: تلك العتمة الباهرة، للطاهر بن جلون؛ والتي تحكي قصّة أحد الجنود الذين سجنوا في أقبية تزمامارت بعيد فشل انقلاب الصخيرات. أضِف إلى ذلك كتاب جيل بيرو: صديقنا الملك، وهو الكتاب الذي مُنِعَ في المغرب عشيّة صدوره بعد حرب الخليج الثانية أوائل التسعينيات؛ إذ هاجم وبشكل واضح الملك الذي كان قد نجح لحد ما برأب الصدع بينه وبين شعبه، وبتلميع صورته كراعٍ للبر ولمجالس العلم الحسنية، التي يحجّ لها من يرتزقون بالعلم من كل أنحاء بلاد الإسلام. فقط من خلال ثلاثيّة كهذه، يمكن للمرء الانطلاق نحو تشكيل صورة ما للوضع المغربي المأساوي، خصوصًا تحت الحسن الثاني عليه من الله ما يستحِقّ. أما كتاب مليكة أوفقير مُنفردًا، فهو لا يُتيح ذلك لكثرة ما به من تناقُضاتٍ وعوار، وكذب مفضوحٍ أحيانًا. فهي قد تذكر الحادث، ثم تنكر النمط ذاته فيما بعد، وقد تُقرِّر النمط ثم تُنكِرُ رسوخه من خلال تجليه في الحوادث؛ والأمثلة على ذلك كثيرة وفي متناول القاريء المتوسِّط الذكاء. فهي مثلًا لا تُفصِّل في ما تواتر عن خيانات أبيها وأمها لرابطة الزوجية، والتي تسبَّبت في طلاقهما؛ بل وللشائعات التي أحاطت بأبوة الملك الحسن لبعض أخواتها بسبب الزنا، لئلا تنجرفُ لحكمٍ قد يؤثر على منطِق الكتاب في وعي المتلقّي، سواء المغربي أو الغربي. كما أنها لا تتطرَّقُ لتفاصيل علاقة أبيها باليهود المغاربة، ودعمه لهجرتهم إلى الكيان الصهيوني بعد هزيمة 1967م؛ إلا في ملاحظةٍ عابرةٍ تنعي فيها على الملك رغبته في نفيها وأسرتها إلى بلدٍ قد يجِدُ فيها عشرات "المتعصِّبين" آلاف الأسباب لتصفيتها، رغم تمتُّع أبوها بسمعة ممتازة بين الصهاينة بشهادة صديقهم الملك، ومن ثم فجليٌّ أنها تقصد الفلسطينيين! وقد يُعجَب البعض لأني اعتبرت هذه السيرة الروائية قصة حياة أسرة فرنسية، ولكن ليس في ذلك شيء من العجب لمن عرف المجتمعات المخملية في الشمال الأفريقي، ومدى تبعيتها الثقافية والدينية والسياسية لفرنسا. لكن حالة آل أوفقير هي حالة أكثر تجذُّرًا من ذلك. فاﻷب نفسه كان ضابطًا في الجيش الفرنسي، قبل استقالته وصعود نجمه في عهد محمد الخامس وولده. هذا الأب يحيا حياة فرنسية بالكامل؛ فأبناؤه يدرسون في مدارس فرنسيّة، وزوجته لا تبتاع ملابسها إلا من أكبر بيوت الأزياء الفرنسية... إلخ. إنهم يُجسِّدون الطبقة المتغرِّبة، التي قادت عملية التحديث/العلمنة في الدول العربية والمسلمة؛ تجسيدًا نموذجيًا مثاليًا. تلك الطبقة التي كانت النخب العسكرية هي رأسها منذ منتصف القرن العشرين. والغرض البادي من الكتاب أنه "لطميّة" حقوق إنسان موجَّهة للقاريء الغربي في المقام الأوّل، فهو يُخاطبه بلغته التي يعرفها: حرمونا كل اللذائذ الحسيّة؛ فلم نأكل ما نحبّ، ولم نلبس ما تخرجه كُبرى بيوتات الموضة، ولم نملك حريّة ممارسة الجنس حتى انفجرنا نتيجة لذلك الكبت! أما في المقام الثاني فهو مكتوب للمغاربة؛ لأنسنة قصّة أوفقير الذي كان أكثر المغاربة يكرهونه. ومن يقرأ النص من هذا المنظور؛ سيكتشف لم كان الكتاب ضحل الإنسانيّة، باهت الملامح، ومُجدِب العاطفة، رغم قسوة الأحداث التي يسردها، وذلك على عكس رواية الطاهر بن جلّون المبهرة. لقد ارتضى أوفقير ترك ابنته مليكة أسيرة سيده محمد الخامس، طوال إحدى عشرة سنة؛ كمرافقة وصديقة طفولة لابنته؛ فساهَم في زيادة أزمتها النفسية والاجتماعية، وتمزُّقها بين مجتمعين وهويتين مختلفتين. فهل هي تنتمي للملك، أبوها بالتبنّي وجلادها وقاتل أبيها الحقيقي بذات الوقت؟ أم تنتمي لأبيها البيولوجي الذي لم تعرفه عن قُرب إلا في سن المراهقة؟ وهل تنتمي للقصر الملكي بلغته الفصحى وتقاليده القيمية التي تُماثِل تقاليد البلاطات الملكية في أوروبا القروسطية؟ أم تنتمي لأسرة في قمة المجتمع المخملي المغربي، الذي لا يتحدث سوى الفرنسية ولا يفكر أو يحب إلا بالفرنسية؟ هل يسكن قلبها وعقلها في القصر الملكي مع "الإسلام" المشوَّه الذي يخدم العبودية، كما تربَّت عليه في كنف الملك؟ أم مع الكاثوليكية الأقرب لحياة أبويها وثقافتهم؟ ***** لقد تواتر في الإعلام، قبل فترة قصيرة؛ خبر عن وزيرة العدل الفرنسية السابقة (من أب مغربي وأم جزائرية): "رشيدة داتي"، والتي كانت تُعاشِر ثمانية أشخاصٍ في نفس الوقت قبل حملها بابنتها، وعرضها لنفسها على القضاء الفرنسي لإثبات نسب ابنتها لصاحب مطعم من عُشاقها، الذين عدَّدت محاميتها ثمانية منهم، من بينهم ناشط تلفزيوني، ووزير، ورجل أعمال، ورئيس وزراء إسبانيّ، ومسؤول قضائي قطري رفيع المستوى، وأحد إخوة نيكولا ساركوزي، ووريث شركة كبرى تعمل في مجال الأكسسوارات الفاخرة. أقول رُبّما يُسهم مثل هذا الخبر في تكوين نموذج يُفسِّرُ الخلفيّة الثقافيّة لذلك الجيل من المغاربة، الذين مسخَهم الاستعمار وشوَّه نفوسهم؛ ومنهم آل أوفقير بطبيعة الحال. لقد كانت مليكة مُنسجمة مع ذاتها للنهاية. فقد تزوَّجت من صديقها الفرنسي بعد هربها إلى باريس، ليكتمل النموذج، ويُمسي أكثر وضوحًا؛ بل ويفتح الباب لدراسة ظاهرة الزواج الكثيف للمغربيّات من غير المسلمين. وبرغم الثلاثية التي نصحنا بها عاليه، للانطلاق نحو تشكيل تصوّرٍ عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية للمغرب؛ فإن الكثير من الحلقات تظلُّ مفقودةً بما أنها دُفِنَت مع أصحابها في قبورهم. فلا يكفي أن تعرف متانة علاقة النظام المغربي بالصهاينة، وأنه مثلًا هو الذي ساعد السادات وفتح له الباب للتحاور معهم، وأن أول لقاء لموشيه دايان مع مسئول مصري (حسن التهامي) احتضنه الحسن المغربي في عُقر داره. كما لا يكفي معرفة الطريقة المهينة ولا التقاليد الجاهليّة النجسة التي يختار بها الملك زوجته ويكوّن بها حريمه وجواريه، وهي الطريقة التي تواطأ عليها المجتمع المغربي وسكت عنها. ولا يكفي معرفة أن الملك الحالي (محمد السادس) لم يكن يسهر سوى في علب الليل. كل ذلك لا يكفي بطبيعة الحال لسبر أغوار نظام أشبه بالتراكم الجيولوجي تُغطّي بعض طبقاته الأخرى. فإذا كان الكثير قد طُمِرَ تحت الطبقات الجديدة، فإن تكسير هذه الطبقات وكشف الميكروبات والحشرات المتحجرة في قلبها ليس له طريق سوى إسقاط ذلك النظام الملكي بكل قذاراته.
لم انم لثلاثة ايام متواصلة من هول ما قرات في هذه الرواية الحقيقية .وكم اصابني من القهر للظلم الذي تعرضت له هذه العائلة المنكوبة من ذلك النظام القمعي الفاسد.كم من العبر تؤكد على ان التحدي وارادة الحياة تكون اقوى من اي جبروت وطغيان ارجوكم إقرأوا هذه الرواية ولن تندموا.
تحكي الرواية سيرة حقيقية لحياة مليكة أوفقير ابنة الجنرال محمد أوفقير والتي عاشت في البلاط الملكي المغربي منذ طفولتها، ثم انتقالها من حياة الترف إلى حياة السجون حيث ��مضت فيها 15 عاماً هي وأسرتها، وأصغرهم كان يبلغ من العمر عامان ونصف
ثم بدأت تروي قصة هروبهم يعقبها محاولة تكيفهم مع المجتمع الرافض لهم، وتأقلمهم على الحياة من جديد
أسلوب الكتابة ووصفها لتلك التفاصيل الصغيرة سهل علي تصور الأحداث وكأنها أمامي
اخيراً وليس اخراً انتهيت من قراءة هالكتاب احمد الله لانتهائي منه لانه كان بالنسبه لي مهمه شبه مستحيله اولاً انا جداً متعاطفه مع ملكة اوفقير وعائلتها و ماذا اصابهم من معانات و القصة جداً مؤلمة لكن كالقارئه جداً مللت اثناء قرائتها 💔
ما زِلتُ تَحتَ تأَثير الصَدمة شيء يَدفعني للبُكاء كُلما تذكرت تفاصيل هذه الحكاية قَشعريرة تَنساب في جسدي كُلما تَخيلت هؤلاء الأطفال يتنقلون من سجنٍ لآخر بذنبٍ لم يَرتكبوه من أين أتت كُل تلك القَسوة أين العالم عن هذه الجَريمة !
أحاول مراراً و تكراراً أن أقنع نفسي أنها محظ خيال أحاول طرد الحقيقة لأن عقلي لم يستوعب كُل هذا الظلم ! بِصعوبة كُنت امنع دموعي من الإنهمار لا أظن أنني قرأت الرواية أنا عِشتها بِكُل تفاصيلها من البداية حتى النِهاية !
تختلف هذه المذكرات عن سائر ما قرأته قبلها من أدب السجون؛ ذلك أن الذي قرأته من ذلك الأدب يكون في العادة لشخص إسلامي أو متهم بكونه كذلك، ثم ينزل سجن النظام العربي الذي يحارب ما يسميه الإرهاب والتطرف، ثم يذوق الويلات المنكرة الشنيعة عبر سنواته التي تطول أو تقصر بحسب حظه العاثر.
أما هنا فالأمر مختلف من وجوه عديدة
فصاحبة هذه المذكرات مليكة أوفقير ليست إسلامية بحال، فهي وإن وُلِدت مسلمة إلا أنها لم تفكر في الإسلام كدين، ثم إنها ارتدت عنه واعتنقت الكاثوليكية في سجنها حين ظنت أن الإسلام لم ينقذها.. إلا أن شأنها مع الإسلام من قبل لم يكن ذا بال، فهي قد عاشت الحياة المنفلتة -التي يسميها أصحابها: المتحررة- فكانت منذ مراهقتها ترتاد الحانات وتصادق الشباب وترقص وتتمتع وتسافر وتعيش أياما بمفردها مع شباب آخرين في رحلات أو غيرها، حتى إنها لما صادقت -مرة- ابن موشى ديان لم يكن هذا مزعجا لوالدها بل مثيرا لسعادته.. وكان شرب الخمور في بيتهم أمرا عاديا، وكان والدها صاحب علاقات نسائية كثيرة، ثم والدتها أيضا في مرحلة هجرانها لزوجها ثم طلاقها حيث وقعت في غرام ضابط شاب وذهبت معه.
ثم إنها ابنة الجنرال محمد أوفقير، رجل الأمن المرعب في المغرب، والمتهم بقتل المهدي بن بركة، ووزير الداخلية في عهد الحسن الثاني ثم وزير الدفاع في عهده بعد انقلاب الصخيرات 1971.. وهو الرجل الذي يحمل له اليهود المغاربة جميلا عظيما لأنه سهل هجرتهم بالآلاف إلى إسرائيل.. فهي ابنة السلطة المغربية وربيبة الجاه والمال والنفوذ والأمر والنهي، تسير في وسط الحراسة وتنتقل وهي محفوفة بالخدم والحشم.
ثم إنها تربت في قصر ملك المغرب، إذ أعجب بها الملك محمد الخامس مذ كانت طفلة صغيرة لكي تكون صديقة لابنته الصغيرة أمينة، ثم أكمل ابنه الحسن الثاني رعايتها.. ومن ثم فقد نشأت في قصور المغرب الملكية، وكانت مقربة من الملك نفسه.. إلا أنها رغبت في العودة لبيتها ولم يمانع الملك عودتها، وذلك حين بلغت سن المراهقة.
ما الذي حدث إذن؟!
كيف تكون مثل هذه نزيلة سجن؟ وكيف تكون روايتها واحدة من أشهر ما كتب في أدب السجون؟
هنا يأتيك قول الله تعالى: قل اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيئ قدير
هنا ترى صورة من تقلب الدنيا بأهلها، وتحول أحوالها، وفجاءة أهوالها، وانعكاس ليلها ونهارها..
لقد وقع الخلاف بين الجنرال محمد أوفقير والملك الحسن الثاني، سعى كل منهما في اغتيال الآخر، نجا أوفقير، ونفذ محاولة اغتيال للحسن الثاني، فأخفقت، فقتل بخمس رصاصات، وأشيع أنه انتحر.
وإذا بانتقام الملك لا يتوقف عند عدوه، بل شمل أهله وأولاده الصغار.. أنزلهم السجن عشرين عاما في فصول مؤلمة لا أريد أن أوجزها هنا فأفسد متعتها لمن يريد القراءة.
وهكذا صارت أمهم وهي في مطلع الثلاثينات أرملة ومسجونة، ومعها أطفالها الخمسة.. بلغ من وحشية النظام المغربي أن جعلهم طوال أحد عشر عاما في سجن لا يكادون يجدون فيه مأكلا أو مشربا حتى شربوا أوراق الشجر المغلية، من هذه السنوات الأحد عشر ثمان سنوات لم يكونوا يرون فيها بعضهم البعض، وضعوا في زنازين مغلقة ويُفتح لهم بالتناوب بحيث يحرمون من رؤية بعضهم.. وفي فقرة حافلة بالحسرة كانوا يحاولون أن يشاهدوا ظلال بعضهم عبر سكب بعض الماء على الأرض إلى خارج الزنازين ثم الانبطاح لكي يعكس الماء ظلال المنبطحين فيطالعون أشباحهم الضبابية المنعكسة على صفحة الماء.
نفذوا قصة هروب مثيرة تسببت في تحسين أحوالهم في خمس سنوات أخرى، قضوها كأنهم في إقامة جبرية، ثم خمس سنوات أخرى من المراقبة.
إنها واحدة من الروايات التي تظهر مدى الوحشية التي تسكن هذا العالم، لا سيما قصور أنظمة الحكم، ورجاله قساة القلوب الذين لا يجد المرء وصفا أدق لهم من قول الله تعالى: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وإن منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما تعملون.
نعم، إن المرء يرجو الرحمة من كل شيء إلا أن يرجوه من الحجر الصلد الأصم.. ولكنه قد يعالج هذا الحجر فيحفر فيه ثقبا أو حتى نفقا، وقد يتشقق الحجر تحت عوامل التعرية، وقد ينبثق منه الماء، وقد ينهار هابطا.. أما ضابط الأمن في الأنظمة الحاكمة فلا.. إنه الحجر الذي مصيره إلى النار حيث قال الله فيه: نارا وقودها الناس والحجارة.. وحيث قال الله في فرعون: يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار، وبئس الورد المورود.
مع أن عائلة أوفقير عائلة مغربية كبيرة مشهورة، ومع ما كان لها من النفوذ الواسع، ومع ما كان لها من شبكة العلاقات الدولية النافذة، ومع الاهتمام الطبيعي للصحافة العالمية بقضيتهم ووقوف بعض مشاهير العالم وراءهم، إلا أنهم قضوا عشرين سنة سجنا ثم خمسا تحت المراقبة.. إنها سنوات يقضيها الإسلاميون أيضا في السجون، الإسلامي الذي ليس له من يسأل عنه ولا من يهتم له، بل يتواطأ عليه الجميع
أليس هذا مثيرا للتأمل؟!.. أليس يخبرنا هذا بأن الله هو المقدر المدبر، وأنه فوق كل شيء، وأن الأمور تجري بمقادير.. كم إسلاميا حقيرا -في ميزان الناس- وصفرا في ميزان القوى خرج بعد سنين أقل من هذه بإرادة الله وحده، بغير أن يتدخل لصالحه رئيس فرنسي ولا صحافة عالمية وبغير أن يملك علاقة مهمة؟!
أتيح لهذا الكتاب عوامل النجاح.. قصة مثيرة لشخصية مشهورة، وهي امرأة أيضا، لكن أهم عوامل نجاحه برأيي هو اللغة المتميزة التي كُتِب بها، وأن كُتَّاب أدب السجون في محنة؛ ذلك أنهم يتبارون في وصف نفس المعاني (مثلما يفعل شعراء الغزل) وهنا يكونون بحاجة إلى تميز فوق التميز لاشتباه مضمار المنافسة.. وقد كانت حاكية هذا الكتاب، وهي صديقة يهودية لصاحبة الرواية، ذات قلم رشيق، استطاعت المترجمة إلى العربية أن تنقله إلى لسان العرب بكفاءة واقتدار، فكأنما هو نص عربي أصيل إلا في بعض التعبيرات القليلة النادرة التي ظهرت عليها أثر الترجمة.
كبداية أعترض بشدة على تصنيف هذا الكتاب ضمن مؤلفات أدب السجون، واضح تماماً أن الموضوع هو تصفية حسابات بين الملك المغربي و أحد رجاله الذي كان مقرباً للملك ثم حاول الانقلاب عليه فيما بعد .
أوفقير لقي حتفه بعد محاولة الانقلاب الفاشلة تاركاً وراءه عائلة كانت لقمة سائغة ليحقق الملك انتقامه من خلالها إذ سجنها خمسة عشر عاماً تبعها خمس سنوات من الإقامة الجبرية بعد الإفراج عنها.
من خلال ذكريات مليكة و طفولتها الأولى ، يتبين لنا أن أوفقير كان أحد أكثر المتنفعين من صلته بالملك و كان يمتلك نفوذاً هائلاً في المغرب، في الحقيقة لا أستطيع التعاطف مع انقلابه بالرغم من كراهيتي الشديدة للنظام التعسفي في المغرب إلا أنني أكاد أجزم بأن أوفقير لم يكن لينفذ محاولة الانقلاب لولا أن واجه تحدياً يمسّ بمصالحه شخصياً ، في الواقع لا أستطيع أن أحمل نفسي على الاقتناع بأنه كان ينشد مصلحة الشعب و أنه كان يريد إعفاءهم من الظلم و التسلط لأنه ببساطة كان أحد رجاله الأوفياء .
هناك فقرة وردت في الهامش أثناء السرد تفيد بأن عائلة أوفقير السجينة كانت تلقى تعاطفاً من الجالية اليهودية المغربية في الشتات ، و مردّ ذلك إلى دور أوفقير البارز في تهجير اليهود عقب حرب 67 إلى كل من إسرائيل (ورد في الهامش أنها إسرائيل و ليست فلسطين) و بلجيكا .. فتخيلوا معي مدى وطنية هذا الرجل الذي ساهم بشكل فعال في الهجرة اليهودية إلى فلسطين و الذي يحاول هذا الكتاب إقناعنا بمدى رفضه لأساليب الملك في الحكم ! الخلاصة أن السياسة عالم قذر بالفعل ، مستنقع ضحل من يخوضه لا بدّ أن يتلوث ��أوحاله إلا من رحم ربي .
لغايات التوضيح أقول أنني بكل تأكيد ضد تحميل عائلة أوفقير جريرة تصرفات الأب، و ضد هذا الظلم و التعسف الذي رزحوا تحته دون أي مبرر إنساني أو قانوني ،الفكرة هي أنني فقط أربأ بنفسي عن تبني صف أوفقير أو الملك لأنهما كلاهما معجونان بنفس الماء .
جملة أخرى وردت في الكتاب أثارت حفيظتي للغاية ، تقول مليكة (ابنة أوفقير و الساردة لهذه المذكرات) أنهم و بعد خروجهم من السجن جلبت السلطات تلفزيوناً ملوناً لهم و كانوا من خلاله يتابعون صور المغرب الحديث الذي تغير كثيراً عما عهدوه ، تخيلوا أن السجينة حاولت إقناع عائلتها أن التقدم الحاصل إنما هو ثمرة تعب الملك و جهده ! نحن شعوب تعشق الذل بطبعها ، هذا كذب بواح و إجحاف بحق الشعب المغربي الذي عمل و اشتغل و دفع ضرائبه و اقتطع من قوت عياله ليكون المغرب كما هو الآن ، كيف لها أن تنسب هذا العمل بأكمله لملك كان يج��ر شعبه على الانحناء و تقبيل يديه لدى السلام عليه ؟ هذه الجملة كانت بمثابة صفعة لي و لم أستطع تجاهلها على الإطلاق .
بكل الأحوال ، هذا الكتاب جدير بأن يقرأه بطانات و حاشيات حكامناو زعمائنا ليكونوا على بينة من المصير الذي ينتظرهم ، ولو بعد حين
أنتهيت منه في المدرسة اليوم الساعة 9:30ص قراءته بسرعة عالية جدًا بالنظر إلى قراءاتي الطبيعية منعت من قراءتها من قبل ابي لكنني قرأتها خفيه أنا شخصيًا أكره السياسة لانها دائمًا ماتسبب في الظلم للناس ولا يوجد سياسة -حسب علمي - تبنى على غير ذلك تفاعلت مع السجينة كما لم افعل مع اي فيلم او رواية او اي شيء انا غالبًا لا اتأثر لكن في الصفحات الاخيرة ازدادت نبضاتي بقوة لا اعلم لماذا منعني ابي من قراءتها ضننت فيها تعذيبًا نفسيًا وجسديًا وسجناء آخرين لا انكر انها كانت مؤلمة لكنها لم تكن محزنة انا لم أشعر يالحزن والشفقة عليهم على العكس كنت اراهم أبطالًا وافكر هل كنت سأصمد في ظل هذه الظروف؟ عندي رغبة بزيارة المغرب واخرى بمقابلة مليكة لم أحب حياة الملك والبذخ في البداية هذه الرواية جعلتني افكر أكثر في قيم الاشياء والمبادئ التي يجب التمسك بها في أحلك الظروف لا احب ايمان مليكة فتاره هي مسلمة وتارة مسيحية وايمانها مهزوز موسسة الجديدين ازعجتني جدًا اعيدوا لنا ابلنا نحن القراء لا نهتم من الذي سرق من من ومن صاحب النسخة الافضل نريد رواية مترجمة بدقة وحسب. علمني أشياء كثير منها : 1-أتعاطف مع السجناء وافهمهم خصوصا السياسيين منهم 2- اكره السياسة اكثر 3- اقدر الاشياء من حولي الصابون وسائل الاعلام الطعام الماء الفرشاة والمعجون الشمس الخ 4-لا تفارقني فكرة المرور بشيء شبيه 5-ازداد اهتمامي بغريزة البقاء 6-عرفت عظمة التعاون وعظمة العائلة وعظمة الوفاء عند حليمة وعاشوراء 7- لم اكن اعتبر الراديو من وسائل الاعلام حتى اصبحت احترمه اكثر واشياء كثيرة يصعب صياغتها ,ستتعلمون منها الكثير
رواية مأساوية ومحزنة من أول صفحة إلى آخرها , أنواع المعتقلات والظلم واللا إنسانية والتجسس ترويها مليكة أوفقير ابنة الجنرال المغربي محمد أوفقير عنها وعن إخوتها , بداية وهي طفلة صغيرة حيث تبناها ملك المغرب بالقوة رغم وجود والديها أحياء!, ومنع أهلها من زيارتها إلا لفترات متقطعة ومحدودة .. بعدها بعدة سنين عادت إلى بيت أهلها وبدأت حياتها من جديد حتى حدثت حادثة انقلاب والدها على الحكم المغربي وإعدامه , حينها بدأت الأيام السوداء الحقيقية لعائلتها بسجنهم جميعاً بتهمة أنهم يحملون لقب والدهم اوفقير وتبدأ مليكة بسرد معاناة 20 سنة في أنواع السجون والمعتقلات والتعذيب .
** هذه الرواية تبث رسالة قوية بأن الحياة دوارة ولا تقف على حال معين , سأكتب اقتباسين توضح معنى ما أقول
الأولى " كل ما يمكن أن يحلم به طفل أو يرغب به ويشتهيه كان موجوداً بين يدي ورهن إشارتي, وطوع بناني"
الثانية " كان لا بد من الاستجداء والتسول, كي ننال بركات وحسنات السجانين "
**
" إن التجربة التي خضتها داخل السجن كانت أغنى ألف مرة من تجارب آخرين خارجه. لقد اختبرت الوجه الآخر للحياة من ألم, وخوف, ورعب, ومعاناة, وجوع, وبرد ..تعلمت ماذا تعني الحياة وماذا يعني الموت. وتأملت ملياً في الخلق والكون"
لو كنت -والله أعلم- في ظرف يشبه ظرف "مليكة" , لم أصمد كثيراً .. ولكن سأثق بشدة في قدرة الله على خلاصي من السجن والقهر، سأثق فيه بشدة وسأستنجد به بقوة وربما لن أتوانى عن تكرار الدعوات والاستغاثة لأن مفاتيح كل شيء بيده ..
لا أدري كيف يتخلى الإنسان عن ربه في أحلك الظروف .. كيف يفلت اليد التي طالما كانت ممدودة له بل حتى هي من أعطته الوجود !
سبحان الله~ رغم قوة الحدث والعبرة لم أتعاطف مع المظلومة كثيراً بل لعلي وجدت أن أهم ما لابد أن يستقيم في القلب لازال على علته ..
"إذا لم تعيدنا المحنة إلى الله فماذا ننتظر ..؟! صاعقة من السماء؟!"
أسأل الله لي ولها الهداية .. _____
"لا حال يدوم .. كل شيء يزول .. كما الليل .. وأحاديث البارحة .. وكالأمنيات المستحيلة .. وكحزن خيم ليلاً فلما بزغ النهار حمل حقائبه ومضى .."
-كوثر المسلم
هذه الرواية تعد من أقوى الروايات أو السير الذاتية .. والذي تركت في نفسي أثراً عميقاً ورؤية مختلفة للنفس الحياة.
هذه الرواية لم أنس أبدا كيف أثرت بمشاعري بل وببرنامجي اليومي حيث لم أتناول العشاء من شدة اندماجي وسهرتت حتى أتممتها .. برأيي أعتبر هذه أفضل رواية قرأتها على الإطلاق جمعت بين : قصة ذات قيم عظيمة - أسلوب أدبي رفيع - والأهم واقعيتها .. أن تقرأها وأنت تعلم أنها حدثت بالفعل يجعلك تتأثر بكل حرف لأنه واقع وليس خيال فرضه القاص عليك ، اخخخخ منك يا مليكة عشت بين سجنيك الذين أثبتا لنا أن السجن قد يكون محاطا بالأسلاك الحديدية وأحيانا بالأثاث الفاخر ! إذا أردت أن تعرف مدى تأثرك بكتاب فانظر بعد الانتهاء هل بحثت عنه وعن صوره وحياته هل وددت لو كنت صديقه هذا ما فعلته بعد انتهائي منه التساؤل الذي ثار في مخيلتي بعد الانتهاء منها : هذه القصة خرجت للفضاء فكم من قصة لم تخرج ولم تصلنا بعد ؟ ما يحدث خلف الأسوار الملكية غامض ومليء بالدماء والظلم أعاذنا الله وإياكم دخولها ! ملاحظة : هذه المشاعر أكتبها وقد مر على قراءتي سنوات ومع ذلك لازالت أحمل المشاعر ذاتها كنت أتمنى لو كتبتها حينذاك ولو فعلت لسبق الدمع "الكيبورد"
تُرَى أي مشاعر تلك التي رافقتني وأنا اقرأ سيرة مليكة أوفقير؟ منذ أن بدأت قراءة الكتاب وأنا لا أستطيع أن أتركه إلا مجبرةً. اندمجت في التفاصيل، فرحت وضحكت على بعض المواقف الطريفة والمسلية، وحزنت كثيرا على ما مرت به عائلة أوفقير. لا أنكر أبدا أني أحببت الكتاب فهو سيرة لامرأة مناضلة، مكافحة، تأبى أن تنصاع لكل الظروف الحالكة من أجل البقاء!
في هذ الكتاب تعلمت معنى البقاء من أجل العيش، وتعلمت مدى أهمية الصبر والمثابرة والإصرار على تحقيق الرغبات وأهمها عدم اليأس حتى في أصعب الظروف. تعلمت أن دوام الحال من المحال فمن الغنى والترف انقلب الحال إلى الجوع والخوف واليتم.
حياة مؤلمة، أن تسلب طفلة من حضن أمها الدفين وترمى في ترف القصر وتعيش حياة الترف والبذخ وهي مقيدة وراء الأسوار، تعيش عقداً من الزمن في حياة مزيفة. ولكن، لكل شيء حكمة في هذا الكون فلم تكن هذه الحياة إلا تمهيداً للأيام المقبلة وكأنها منهل تتعلم منه وتفيد وتستفيد منه لتستطيع مقوامة الصدمة بالقوة والصبر.
ما هو ذنب ذرية الأب؟ وكيف لهم أن يحملوهم ذنب أبيهم ويدفنوهم في قعر السجون؟ أسرة عاشت الاحتفالات والضوضاء ثم تعيش العزاء بلا أضواء، كانوا أسرة واحدة ولكنهم حرموا من رؤية بعضهم لسنين طويلة ولا تفصلهم عن بعضهم سوى جدران لأنهم مقيدين في كل حالاتهم لا يستطيعون عيش الحياة المعتادة، وبالرغم من هذا كله تصمد الأسرة لكل الآلام وتدفعها غريزتها للبقاء والصمود من جديد.
كمية الحزن المتراكمة في هذا الكتاب دفعتني لتجنب القراءة مدة أسبوعين، بعد هذا الكتاب تحتاج إلى فترة نقاهة كي تعود للقراءة من جديد بذهن صافي!
ملاحظة: هناك بعض الأمور التي لم ترق لي كالسرد المسبق للأحداث، وليلة السكاكين الطويلة، واعتناقهم للديانة المسيحة وأمور أخرى ولكن عموماً فإنه كتاب يستحق القراءة.
حُرمت مليكة منذ صغرها من أهلها وبيتها وحريتها، فقد قرر الملك محمد الخامس أن يتبناها لتكون رفيقة ابنته، ومن هنا بدأت حياتها بالتحول.
"أمرّ ما في التبني أنه يجتثك من جذورك ويُجردك من هويتك الحقيقة ويحرمك من حقك في الحرية والاختيار" .. عاشت مليكة طفولتها سجينة في قصر الملك وعاشت شبابها سجينة في سجونه!
"كيف يتحول والد بالتبني إلى جلاد بلا رحمة؟"
يتحول الوالد إلى جلاد حينما يخاف على مُلكه ومنصبه. .. ما ساعد مليكة على تحمل أعباء السجن وكانت أقل أخواتها تأثراً بل أنها كانت تحاول التخفيف عنهم -خاصة الصغار منهم- حتى لا يفقدوا طفولتهم، لكن هيهات!
"إذا كنت قد تأقلمت بسهولة مع واقع السجن فلأنني كنت معتاد�� عليه منذ طفولتي الباكرة" .. عاشت مليكة حياة سندريلا ولكن بالعكس فهى كانت أميرة في بداية حياتها ثم تحولت إلى سندريلا!
"تباً للجوع وسحقاً له كم يذل الإنسان ويحط من قدره؛ إنه ينسيك أهلك، عائلتك، وأصدقائك، ويجردك من كل قيمك وحياتك وينتزع منك كرامتك" .. "كل شيء يمضي ويمر إلا أن يكون عدوك جزءً لا يتجزأ منك وتلك هى المصيبة"
مرة أخرى مع قصة آل أوفقير، هذه المرة مع مليكة، البنت البكر للجنرال، وابنة القصر الملكي بالتبني.. أحببت طريقة سرد مليكة للأحداث التي كنت قد قرأتها من قبل ولكنها لم تصبني بالملل على الرغم من ذلك لما في سرد مليكة من شد للقارئ، كما أن الترجمة كانت رائعة ولم أحس ولو للحظة بأي فرق أو نفور منها، كانت أقرب ما يكون إلى نص أصلي غير منقول عن لغة أخرى.
ابتدأت القصة بسرد مليكة من كونها ربيت طوال أحد عشر عاما في كنف العائلة الملكية كجزء لا يتجزأ منها بعيدا عن عائلتها التي لم تعرفها حقا إلا بعد أن طلبت الرجوع للسكن معها.. مليكة التي تنازعها حبها للملك الذي كان أبا لها بالتبني وحبها لأبيها البيولوجي الذي قام بمحاولة فاشلة لاغتيال أبيها بالتبني...
فـ الجزء الأول عند وصف الترف عند الملوك وحياة أبناء الطبقة البرجوازية من تتحكم في أموال الناس ، تمنيت أن أعيش الترف المطلق وهل فيه حد ماتمناش هذا !!، آن يكون لك القدرة علي التعلم في اي جامعة تريد ،تتعلم كل شئ ،
كأنك تشاهد حياة ملوك كسري والروم مالفرق بين ملوك الإسلام"الخلافة" وغيرهم سوى أنهم يحكمونا بجملة .."الفقراء أهل الجنة" ، وهم أهل الدنيا ..يصادف القارئ قصة نجل إبن الأمير فيصل في باريس عندما تصف المجون يجب أن يكون أبناء الملوك المسلمين على الواجهة. يقال أنه من سلالة محمد الرسول ..وكآنه من حقهم أن يحكمونا لإنهم من سلالة الرسول .،لو أراد محمد الرسول أن تحكم سلالته لم كان ابوبكر خليفة من بعده
. لا يوجد في الحياة أسوأ من الظلم والقهر والاستبداد. ولا يوجد في التاريخ أسوأ وأحقر من الحاكم المستبد. فما بالك لو كان هذا الحاكم عربياً وينتسب لبيت النبوة شرف الله أصحابه؟.
بعد حياة الترف انقلبت حياة مليكة الي قهر ومهانة والذل ، بعد انقلاب أوفقير على ملك الحسن الثاني ، تعرضت عائلته الي الإعتقال وتعذيب والخ ..الغريب أنه بعض القراء يصف أنه الجنرال أوفقير كان قاتل ، …إذا كان أوفقير مجرم "وهذا شيء واضح "..فما ذنب الأطفال ..طفل صغير خش السجن وطلع راجل وماشاف شيء من الدنيا، ولم يشاهد كائن بشري واحد غير أهله وسجانيه ولم يرى في حياته سيارة او كلب او تلفزيون …تخيل؟ لكن مش غريب على من تعود على تمجيد الملوك ،وتكبير عند يسمع بخبر القضاء على معارضي ولاة الأمور
عشرون عام داخل سجن ، ٨ أعوام لم يشاهد بعضهم ، بعض . عاشوا مع الفئران والأمراض وكل شئ …لو كنتٌ مكانهم لكآن الإنتحار أهون علي قلبي من حياة الذل
. جانب السلطان واحذر بطشه لا تعاند من إذا قال فعل إن نصف الناس أعداء لمن ولي الأحكام هذا ان عدل.
. تباً للجوع وسحقاً له .. كم يذل الإنسان و يحط من قدره .. إنه ينسيك أهلك و عائلتك و أصدقاءك و يجردك من كل قيمك و مبادئك و ينتزع منك كرامتك و إنسانيتك !.
قصة فاقت الخيال ..إلاانه الخيال أحيانا أهون من الواقع المرير …
أي ظلم هذا؟ وأي قلب هذا؟ أين كان قلب هذا الملك ليسجن امرأة وأطفالها عشرون عاماً ليس لهم ذنب إلا أنهم كانوا أفراد عائلة وزيره الخائن…مش متأكد من شيء الا "سحقا لكل الملوك".!
ومن جهة الكتاب أري جمالية ورونق الكتاب لإنه تكلم عن ..ترف الملوك وحياتهم .وحياة السجون التي تحت الارض وواقعية أنواع التعذيب
. قال صديقي بعد عرضه لكتاب السجينة بقوله ..وقت ممتع ياصديقي …ولكن لم يحدث ان شاهدت متعة في الكتاب ..بل شهدت الويل ..لم أنم طيلة الليل وأنا أعيد سرد الأحداث في مخيلتي لتنتج أعظم الكوابيس السجون …فلا شكرا علي المتعة ..
. -------- ان الكراهية تنهش الروح .. وتضعضع الجسد .. انها لا تجدي نفعاً و لن تعيد الي الذي مضى
-------- إني لأرثي لكل هؤلاء البشر الذين يعيشون خارج قضبان السجن .. ولم تتسن لهم الفرصة ليعرفوا القيمة الحقيقية للحياة
كانت الحياة تتحرك أمام أنظارنا بفرح وحبور .. وببساطة وتيسير .. وكنا نحن خارج معادلاتها و نعيش مطرودين على هامشها .. كل شيء يدفعنا الى ان نكون من بين الاموات .. ونحن كنا نناضل ونأمل أن نكون من بين الاحياء
تباً للجوع وسحقاً له .. كم يذل الإنسان و يحط من قدره .. إنه ينسيك أهلك و عائلتك و أصدقاءك و يجردك من كل قيمك و مبادئك و ينتزع منك كرامتك و إنسانيتك !
كانت الحياة تتحرك أمام أنظارنا بفرح وحبور .. وببساطة وتيسير .. وكنا نحن خارج معادلاتها و نعيش مطرودين على هامشها .. كل شيء يدفعنا الى ان نكون من بين الاموات .. ونحن كنا نناضل ونأمل أن نكون من بين الاحياء.
لا انصح الاشخاص الحالمين الحساسين بقراءتها لان كل احلامك ستتدمر سترى العالم بصورة اخرى ستسقط كل افكارك عن المبادئ القيم الاخلاق الانسانية بعد الانتهاء من قراءتها ستكتشف انك تعيش بغابة ستعرف ان المبدا الوحيد الذي يطبق في عالمنا هو مبدا البقاء للاقوى و الاصلح ربما ستبكي لانك خدعت بالافلام التي ينتصر الخير فيها دائما هذه الرواية ستغيرك بعد قراءتي لها قرات صديقنا الملك ههه في تلك الايام كان اي شخص يتحدث معي اقول له الحوت الكبير ياكل الحوت الصغير هذه هي الخلاصة لا داعي لرفع الشعارات لكن تاثيرها لم يدم طويلا اظن مر اسبوع و عدت لطبيعتي ربما بالغت قليلا في نهاية الامر ليس من السهل ان تحكم شعبا بكامله ربما لوكنت مكانه كنت سافعل نفس الشيء حسنا القوانين الموجودة في هذا العالم غير عادلة لكن من قال ان هناك وجود للعدالة في هذا العالم لدي لكم خبر مفرح كلنا سنموت لا احد سيبقى ظالما او مظلوما للابد اعتذر مازلت قارئة مبتدئة لم اتعلم بعد استخدام عقلي و استخدام المنطق اتكلم كطفلة بلهاء ساذجة تتحكم فيها العاطفة
أول تجربة لي في أدب السجون قرأتها قبل سنتين أو ثلاث، لا أتذكر، كانت مُقضّة متعبة و مؤلمة جداً قصة ذات بُعد إنساني جميل.. أشعر بأنني أنسانة أكثر بعد قرائتها (إن صح تعبير إنسانة أكثر) كرهت ما أضافته الكاتبة الفرنسية من تبجيل فائض للأعياد المسيحية، شعرت بأنها مُقحمة في النص ، أشفقت على أخو مليكة الصغير .. و لا آزال أشفق عليه .. حينما بحثت عن صور مليكة و رأيتها مع طفلها و زوجها كدتُ أبكي، كانت جميلة و طفلها بدى جميلاً و أحببتهُ كما لو أن الله رزقني أنا به ! باختصار تجربة رائعة، أدخلتني لعالم أدب السجون.
رواية مؤلمة مكتوبة بلغة شديدة الثراء والواقعية، تثير لدى القارئ مشاعر عدة في آن واحد رواية تفضح الأنظمة العربية وتؤرخ لجانب مظلم من تاريخنا العربي الملئ بالسواد
كتاب السجينة هو صرخة ألم، هو وصمة عار على كل الأنظمة العربية التي ما تزال تعذب السجناء بوحشية متناسية أدنى الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الانسان. مليكة أوفقير، احتجزت مع والدتها وامرأتين من عائلتها وإخوانها الخمسة لمدة عشرين عاماً تحت التعذيب والعنف وأقصى درجات الوحشية وذلك بعد اعدام والدها لاتهامه بتنفيذ عملية انقلاب عسكري على الملك. أنسيَ الجلّاد أن ضحيته كانت الفتاة المدللة لديه؟! أنسيَ رفقتها وضحكاتها ومقالبها؟ أي قلب يملك ليعاقب العائلة بهذا الشكل الهمجي؟ الرواية مؤلمة جداً، خاصةً أنها قصة حقيقية بكل شخصياتها وأحداثها، إنها السيرة الذاتية لعائلة أوفقير.
اقتباسات: -هنالك من هم بالداخل وهنالك من بقي في الخارج، هناك عالم يفرق بيننا وأسوار تفصلنا. حتى في أعناقنا لا شيء يجمع بيننا... -إني لأرثي لكل هؤلاء البشر الذين يعيشون خارج قضبان السجن ولم تتسن لهم الفرصة ليعرفوا القيمة الحقيقية للحياة.💔
قصة مؤثرة جداً جداً وحزينه جدا جدا ، و طريقة سردها تجبر الواحد على البكاء و التاثر بها... اللي اثر فيني اكثر شي اخوهم الصغير عبداللطيف ، دخل السجن وعمره 3 سنوات و طلع وعمره 18 سنة تقريبا، ما كان يعرف شي عن الدنيا كان مستغرب لما شاف الطريق المعبد اول م��ة، و لما دخلو القطار مااستوعب فكرة وسيلة النقل، العالم الخارجي كان صدمة بالنسبة له.
وادعوكم لقراءة القصة لانها بجد قصة مؤثرة جدا و فيها تفاصيل كثيرة وحزينه ، طريقة سجنهم كانت غير انسانية و معاملة بعض السجانين كانت غير انسانية. اطفال ماكان لهم أي ذنب بس قرر الملك معاقبتهم لانهم اولاد اوفقير ..
في البداية، أنا مُمتن جداً لصديقي الذي أهداني هذا الكتاب الرائع، رغم عدم اهتمامي بمديحه اللامتناهي عنه في البداية.
رواية السجينة، سجنت بالي وسيطرت على أفكاري طوال مدة قرائتي لها. تجربة حقيقية مؤلمة مليئة بالعواطف، بالحزن والفرح، بالقهر والإصرار والأمل. بالحزن مرة أخرى والكثير من السخرية والطرافة والمرارة. ولا ننسى الوفاء. بدا لي من الصعب تقبّل أن ما أقرؤه حقيقي، وأنه بالفعل هناك من عاش هذه المصائب والأحداث على غرار الأفلام. حتى أني لعدة مرات أتوقف فجأة عن القراءة واسأل نفسي: كيف يكون هذا واقعاً ؟! كيف تحمّلوا كل ذلك؟ وكيف...
انغمست في ال��حداث كشاهد مختبئ في الرواية، فالأسلوب أوصل شعور مليكة ووصف الأحداث بدقة مبهرة. فنرى مفعول الخمس عشرة سنة في السجن وفعلتها بالعائلة(لا سيما الراوية مليكة)، وتأثيرها العميق على شخصياتهم. كإقصاء الطفولة من أحدهم، أو التحوّل المفاجئ لمراهقة مدللة ومتمردة إلى أم ومربية لأخواتها. وحرمانهم من فترة الشباب أو المراهقة، وخروجهم فجأة إلى العالم المتغير.
في فصول البداية كان هناك الكثير من السرد عن حياة القصر مما تسبب لي بالضجر لكن بصراحة ساهم هذا بانغماسي أكثر في الأحداث، وعرّفني لحياة القصر. كما أن سرد الأحداث في الفصل الأول كان مشتت بعض الشيء.
تحكي مليكة أوفقير في هذه الرواية عن قصة حياتها منذ أن ولدت لوالدين من ذوي السلطة والنفوذ في المغرب، الأب محمد أوفقير الجنرال واليد اليمنى للملك والأم فاطمة أوفقير سيدة المجتمع والطبقة المخملية. نشأت مليكة في قصر الملك الحسن الثاني الذي تبناها لتكون رفيقة لابنته للا مينا. عاشت بطلة القصة طفولة تمزج الحزن لفراقها عن والديها والسعادة بما توفر لها من رفاهية وارستقراطية في قصر الملك. ولكن تدور الأيام وتنقلب حياة الدعة والغنى فيرالقصور إلى بؤس وشقاء تجاوز عشرين عاما في السجون. فقد تورط الأب أوفقير بالانقلاب على العرش الملكي فتم الانتقام منه بتصفيته مباشرة وسجنت زوجته وأبناؤه الستة ومن ضمنهم مليكة في غياهب السجون. أمضت مليكة زهرة شبابها وفقدت حريتها في الزنزانة ولكنها لم تفقد قوتها وإصرارها وعزيمتها وخرجت في النهاية متسامحة مع الماضي متطلعة للمستقبل.
عشت معها احداث لا توصف ، حزنت ، بكيت ، ابتهجت تذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :(( حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعهُ )) مهما كنت غنياً او فقيرا فالدنيا لن تدوم على حالِ واحد
سأتجاوز تفاصيل المعاناة حتى لا أقع في فخ التكرار فتفاصيلها أشهر من نار على علم و مجرد التطرق لها من اليوم فصاعدًا سيفطر قلبي .. أحاول هنامناقشة أبعاد المأساة بموضوعية ..
لأولئك الذين آمنوا أن الحياة لا تزال تقبع على الجانب الآخر من كل مأساة.
السجينة هي السيرة الذاتية لمليكة أوفقير، سيرة تروي معاناة أسرة الجنرال أوفقير بعد محاولته لإغتيال ملك المغرب السابق الحسن الثاني، هل تم تصفية هذا الرجل جسديًا بوابلٍ من الرصاصات كما تبين مليكة في سيرتها أم إنه أقدم على الإنتحار بنفسه كما تقول الحكومة المغربية و ماهو السبب الذي نمّى فيه نزعة التخلص من الملك وهل يعقل أن تنمو دون حقد شخصي حيث أن أوفقير الذي يعرفه القارئ على لسان ضحايا تزممارت - أولئك الذين صدقهم كقلوبهم بلغ الحناجر من ناحية هذا الرجل بالذات - ليس ممن يحركه الهم العام أو الشأن السياسي للشعب بل المصلحة الشخصية و هنالك أيضًا مسيرته المهنية الدموية التي أرعبت القلوب و أثارت الجدل و كانت سبب في معاناة أسرته بأكملها بهذا الشكل الإنتقامي الذي يرفضه الضمير الإنساني السّوي ( حتى وهي على المحك) هنالك آراء متناقضة حول كل تلك المسائل ستزيدها هذه السيرة غموضًا للأسف .. يصعب تقييم هذه السيرة خصوصًا بعد قراءة كتاب "صديقنا الملك " ل جيل بيرو ، كتاب جيل بيرو كان الأكثر إقناعاً برأيي و الأدق في تجميع أطراف الحقيقة في داخل عقلي من غيره و الأنسب إن كنت ممن يرغب في معرفة مكمن الترابط بين كل الشهادات المتباينة حول وقائع و ضحايا إنقلاب الصخيرات٧١ انقلاب٧٢ الذي قام به أوفقير، و رغم إني اوافق مليكةأوفقير نسبيًا في وصفها للكتاب بكتاب الشائعات رغم معطياته الدقيقة في كثير من الأحيان، لأن بعض الحقائق التي كشفها يشتبه العقل في كونها أقرب للقذف و تصفية الحسابات منها لإبراز وجه الحقيقة المطموس، لكن التفسير المنطقي لدوافع والدها يقبع هناك في سطور جيل بيرو رغم قسوة الحقيقة التي تريد انكارها بلسانها وبوحها بتفاصيل حياتهم يؤكدها تمامًا، لأن الكتاب زلزل عرشً أسرة أوفقير كما زلزل عرش الحسن الثاني وهو مدرج في قائمة الكتب الممنوعة فلماذا تم تسليم نسخة منه فور صدوره لمليكة وعائلتها وهم لازالوا في الإقامة الجبرية معتقلين و مبعدين عن الحياة و الأصحاب في مراكش في فترة اعتقالهم الأخيرة التي أطلقت عليها مليكة مسمى السجن الذهبي - ربما سبب ذلك لأن لسان الضحية موثوق به أكثر من لسان الجاني وتبقى اتفاقية الذود عن فضائح الكتاب تهم كلا الطرفان بالتساوي- دامت فترة اعتقالهم في السجن الذهبي هذا أربع سنوات و هي كانت أقل وطأة عليهم من ال ١٥ عام الأولى التي قضوها متنقلين من سجن مظلم و موحش لآخر أشد ظلمة و وحشة، من واحة إسّا و أكدز لقصر الكلاوي لبير جديد في الصحراء كانت الزنازين تتناوب في نهش روحهم وكلما حفروا نفق الصبر في الزنزانة طالعتهم زنزانة أخرى، حتى واتتهم الشجاعة لحفر النفق الفعلي الذي لا زنزانة بعده، ذاك الذي تعلم أنك إن لم تحفره اليوم ستهلك لا محالة ، هروب مليكة مع أخواها رؤوف و عبداللطيف وأختها ماريا، وتركها لأمها و أختيها سكينة و ميمي و كذلك مرافقتيهما حليمة و عاشورا .. كل تلك الأحداث التراجيدية التي يصعب عليك تقبل حدوثها في الواقع، جاءت هنا واقع لا يقبل الإنكار، المؤسف فقط كون هذه التجربة نمت فيهم جشع دون وعي لمباهج الحياة و زعزعت إيمانهم ب الله بدل توطيد العلاقة معه.
بداية ترددت كثيرًا قبل قراءتها, ربما أربع مرات أنوي قراءتها ثم أخشى ألا تناسب مزاجي فأعيدها. أخيرًا قررت وبدأت قراءتها. أول رواية في أدب السجون أكملها مشكلتي الوحيدة رغم حرصي الشديد على مناسبتها لنفسيتي ومزاجي أني قرأتها خلال شهر ما قبل الإختبارات النهائية, كل ضغوط الفصل تنحصر الآن, كنت استرق دقائق لأكمل قراءتها ويزداد التشويق, كنت أتركها وأنا أخمّن الأحداث.
رواية جمعت الأضداد الترف والبذخ وحياة الهناء والراحة والألم والجوع والقهر والذل جمعت بين القوة والقسوة وبين الحنان والرحمة
أكثر من تعاطفت معهم هما مليكة وعبداللطيف، مليكة لأنها عاشت بين نارين والدها ووالدها بالتبني وهو الملك، وكيف أن انقلب حالها وأسرتها بين ليلة وضحاها. عبداللطيف لأنه دخل السجن وعمره تقريبًا سنتين ونصف ! كل هذه السنوات قضاها وهو لا يدرك من الحياة إلا السجن والألم ومرارة العيش.
من أقسى أجزاء الرواية ولا شك أن أغلبها قاسي جدًا! البداية السيئة الجوع الأمراض والآفات ليلة السكاكين الطويلة النفق الهروب
وصفها لأكلهم شيء صعب جدا لم استطيع تخيل موقفهم! والنفق وإصرارهم على الهروب وكيف أن الحاجة أم الاختراع! لم تكن لديهم وسائل تساعدهم على حفر نفق خلال مدة قصيرة, كيف عزمهم وقوة صبرهم رغم كل الرعب المسيطر عليهم.
كيف أنهم بالرغم من تواجدهم في حجرات متلاصقة إلا أنه مُنعوا من رؤية بعضهم ما يقارب سبع سنوات! يا إلهي وحين سمحوا لهم برؤية بعض كانوا قد تغيروا وكبروا وكل هذه المدة لم تراهم والدتهم!
عبداللطيف واستغرابه من كل الأشياء الروتينية العادية إلا أنه لم يراها! يتفاجئ من شكل البحر ومن السيارة والتلفاز ويبدي دهشته!
..
لا استطيع كتابة كل ما كنت أنوي كتابته. الرواية تستحق الكثير. ..
رواية رائعة بكل ما تحتويه, وقصة تستحق الخلود.
الترجمة مذهلة بشكل يفوق الوصف! لم أشعر مرة واحدة أنها مترجمة, مفردات جميلة ومنتقاة.
.... بعد انتهائي تمنيت مقابلة مليكة وعائلتها. وسأكتب رسالة لمليكة!!!
:)
خمس نجوم لا شيء أمام عشرون عامًا من السجن والمعاناة التي نقلتها هذه الرواية!
من القصور الى الجحور ، من القصور الباذخة المترفة الى غياهب السجون و المعتقلات المظلمة ، سيرة ذاتية حقيقية بقالب ادبي روائي ، تحكي سيرة حياة مليكة بنت محمد اوفقير وعائلتها ، اوفقير احد ابرز و اهم الجنرالات المقربة من العرش الملكي المغربي. مليكة هي البنت البِكر للجنرال اوفقير ، و قد تبناها الملك محمد الخامس وهي في عمر أربعة سنين ، و نقلت الى قصور الملك بمعيّة ابنته اللالي امينة. مرحلة طفولة مليكة مَلكية مترفة و مترعة بالبذخ و الانتعاش في القصور الملكية المغربية او في بيت ابيها الجنرال ، مربيات أجنبيات خاصات لتربية أبناء الملك ، حديقة حيوانات و مدينة ألعاب ملحقة بالقصر الملكي ، و تدريس خاص ، نشأت مليكة في الأجواء الملكية ، و كانت ربي��ة للملك محمد الخامس الذي حكم البلاد فترة اربع سنوات من ١٩٥٧ و لغاية وفاته ١٩٦١ ، ليتولى العرش من بعده ابنه الحسن الثاني .
استمرت حياة مليكة اوفقير بعد موت الملك في ظل فترة حكم الحسن الثاني ، الذي نفذ وصية ابيه في استمرار رعاية اخته اللالي امينة، و كان القصر يتبنى بعض من اولاد أبناء العامّة، و اختيرت مليكة بصورة استثنائية كونها لا تنتمي للطبقة العامة ، لكن سنها مقارب لسن اللالي امينة. الرواية ليست فقط سيرة ذاتية للفتات مليكة اوفقير ، إنما سيرة بلد يحكمه نظام ملكي قمعي وحشي ، منحدر من سلالة علوية على غرار سائر البلدان العربي التي ترزح تحت سلطات ظالمة قمعية و تأن من ويلاتها و جورها ، وتصف حياة القصور الباذخة و جواري و نساء محضيات للملك و الأمراء على شاكلة قصص وراوايات الف ليلة و ليلة .
رجعت مليكة البنت الكبرى للجنرال الى بيتها في سن الخمسة عشر ، بعد حياة الجاه و العز التي دامت احد عشر سنة، عاشتها في قصور الملك و مرافقة أميرة المغرب امينة . شهدت البلاد انقلاب عسكري على الملك كادت ان تؤدي بحياته في قصر الصخيبات ، انقلاب عسكري قام به الجيش للحد من الفساد المستشري الذي اصاب البلاد ، تمكن الملك الحسن الثاني من النجاة بأعجوبة من الإنقلاب الذي اراد الإطاحة برأسه ، ليقوم بحملة تطهير في صفوف الجيش و الانتقام من الحركة الانقلابية الفاشلة بنصب المشانق و زهق الأرواح .
محمد اوفقير احد الجنرالات المقربين من القصر الملكي ، اتهم في عملية تصفية المعارض لنظام الحكم الملكي (المهدي بن بركة) الذي اختفى في فرنسا عام ١٩٦٥ ، وكان اوفقير يشغل منصب وزير الداخلية فيحينها .
جرت محاولة انقلاب ثانية او بالأحرى محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني ، اطلق صاروخين على طائرة الملك و فشلت محاولة الاغتيال ، اتهم الجنرال اوفقير ، و تم تصفيته دون محاكمة عادلة بإطلاق الرصاص عليه .
وبأوامر ملكية ، عوقبت عائلة اوفقير - زوجته فاطمة بن شنة و ابنائها - نكاية بأبيهم الذي اتهم بمحاولة الاغتيال ، سجنت العائلة المكونة من سبع نفرات او نفيت الى معتقلات و سجون مختلفة ، و عانت العائلة من عقوبة لم يرتكبوها او يقترفوها ، جرمهم الوحيد انهم عائلة للجنرال المتمرد على الملك . سؤال مطروح على الطاولة ، ماذا لو نجحت محاولة اغتيال الملك على أيدي جنراله اوفقير وساعده الأيمن ، هل سيترك العائلة الملكية على قيد الحياة ؟ ام سيتم ذبحهم و نحرهم على غرار جميع او معظم الانقلابات العسكرية على الأنظمة الملكية .
معاناة عائلة اوفقير دامت عشرين سنة ، اصغر الأبناء عبد اللطيف الذي ترعرع في سجون المعتقلات ، كان عمره فيحينها سنتان ونصف ، نقلت العائلة جبراً الى اكدز مؤقتاً ومن ثم الى تامتاغت ، الى ان استقر بهم الحال في معتقل بير جديد. رحلة من العذاب و الوهن و العوز اصابت العائلة المنكوبة ، لا لذنب لهم اقترفوه سوى صلة القرابة و الرحم لجنرال فشل في انقلابه و اغتياله للملك الحاكم ، بعد ان كان اليد الطولى و الضاربه لسيده الملك .
بعد قضاء خمسة عشر سنة في السجون و المعتقلات ، أعدت العائلة المنكوبة خطة محكمة و مدروسة للفرار من سجن بير جديد عبر حفر نفق بسواعدهم الهشة ، فرت مليكة و اختها و شقيقيها رؤوف و عبداللطيف ، بينما بقت الام فاطمة بنت شنة بمعيه اثنين من بناتها ، نجح الفارون من تنفيذ خطة الهروب و التنقل من الدار البيضاء الى طنجة ، و التواصل مع وسائل الاعلام لفضح أركان النظام المغربي و رفع الجور و الظلم الذي اصابهم .
اكثر ما جذبني و شدني للرواية هي شخصية مليكة التي كيفت حياتها في معتقلات السجون ، اصرارها على استمرارية الحياة و بث روح الأمل و التفائل في أفراد العائلة ، و أضحت اماً ثانية لهم و زاولت تدريسهم و تعليمهم داخل اقبية و غياهب السجون الكالحة و المظلمة، و ما اثار حفيظتي ، تركها لدينها الاسلامي و اعتناق الديانه المسيحيّة ، ظننا منها او توهماً، ان رب المسيح ارحم من رب الاسلام ..!!!