الحرف والصورة في عالم قرطاج

by محمد حسين فنطر

373 pages, Paperback

First published January 1, 1999

Reviews

[فاروق الفرشيشي · Rating 4 out of 5]

يشتمل الكتاب على معلومات قيّمة بخصوص مختلف وجوه الحضارة القرطاجية التي تركها الزمان لنا. وهي وجوه متعلّقة أساسا بالموت، والطقوس الدينية، والفنون اليدوية من زخرفة ونحت ورسم وحفر. وقد حاول المؤرّخ محمد حسين فنطر ـ مثلما حاول الكثير من المؤرّخين المهتمّين بالعالم البونيّ من قبله ـ أن يستشفّ ملامح الحضور القرطاجيّ في الالف الاخيرة قبل الميلاد، ولكنّها ملامح شاحبة لاتزال غير مكتملة، لشحّ الوثائق المادّية رغم التقدم الكبير الذي حصل في السنوات الأخيرة في مجال الاكتشافات الحفرية.
فلا يزال علم التاريخ إلى اليوم عاجزا عن الفصل في مسألة قرابين التوفاة فصلا حاسما، ولا تزال الآراء فيه خاضعة للتجاذب الايديولوجيّ. ولا يزال التاريخ أيضا عاجزا عن مدّنا بما يلزم لتقييم إسهام القرطاجيين في الحضارة، إذ لم يصلنا منهم أيّ كتاب ولم نعرف عنهم أي ابتكار حقيقي. لقد حاول الدكتور محمد حسين فنطر أن يدحض الأطروحة التي تزعم أن القرطاجيين نفعيون لا يهتمون إلا بما يجلب لهم المال، وأنّهم لم يكونوا صنّاع حضارة، فاقتفى أثر الشواهد المادية والوثائق الأدبية المنتشرة في مختلف مناطق البحر المتوسط التي كانت خاضعة للنفوذ البونيّ، وأبرز من خلالها اهتمام القرطاجيّين الكبير بالفنون من الرقص والموسيقى إلى فنون الزخرفة والتزويق، كما أبرز أيضا تحلّيهم بالشعور الوطنيّ والاستبسال في الذود عنه.
ولم يخف الدكتور فنطر حقيقة الاتهامات التي يوجّهها لمن يرون عكس ذلك، فهم بنظره استعماريون يرفضون الاقرار بأن الضفة الجنوبيّة قادرة على إفراز حضارة حقيقية، بل وذهب إلى أنّهم أبناء الحضارة اليونانية الرومانية، لا يزالون يحملون حقدا على قرطاج. الحقيقة أنني أجد كل هذا سخيفا. وأجد الأطروحة التي حاول دحضها قائمة لها حججها، وأجد أنّه لم يوفّق في ما ذهب إليه.
إن اهتمام القرطاجيين بالفنون ملحوظ ولا ريب فيه، ولكنّه اهتمام قائم على التأثر المستمرّ بالآخر، سواء العنصر الفرعونيّ أو العنصر اليونانيّ. كما أنّ العنصر البونيّ هو بالأساس فينيقيّ شرقيّ لم يطرأ عليه تغيير كبير، أو على الأقل لم يبرز الكتاب أيّ شيء في هذا الاتجاه (ينبغي التذكير بأن الكتاب حين تطرّقه للمسألة اللغوية، لم يتحدث عن وجوه الاختلاف بين الفينيفية البونية والفينيقية الأصلية إن وجدت)، فالاعمال الفنية البونية تقوم على العناصر الفرعونية والاغريقية والفينيقية، ما يجعلنا نتساءل عن فنّ بونيقيّ أصيل.
من المؤكّد أيضا أن ربوع قرطاج كانت تحتوي على مكتبات مهمّة وضخمة، تمّ إحراقها، لكن من المعلوم أيضا أن الرومان لم يفرّطوا رغم كرههم الشديد لكلّ ماهو بونيّ، لكتاب ماغون الشهير في علوم الزراعة، فاستفادت منها المدوّنة الرومانية بشكل كبير، ما يجعلنا نتساءل إن كانت هناك حقا كتب بونية أخرى بقيمة الموسوعة الفلاحية.
لقد عاصر البونيّون الإغريق الذين كتبوا الكثير عن ميزات هذا الشعب، ولم يفتهم الاهتمام بخصائص قرطاج السياسية (التي ربّما تميز القرطاجيين عن غيرهم)، فلو تمتّعت قرطاج بميزات أخرى طمستها يدُ التاريخ، لوجدنا حديثا عنها في كتب الإغريق. ما يدفعني إلى الميل إلى أن القرطاجيين لم يضيفوا الكثير فعلا، والغالب أنّ إضافاتهم متعلّقة أساسا بتطوير طرق الملاحة، والعمل العسكري والسياسيّ. إنّ هذا الأمر لا يعني مطلقا أنّهم قوم لم يعرفوا الحضارة والتمدّن، بل يعني أنّهم استفادوا ممّا هو موجود من حولهم، ولم يقدّموا صورة حضارية جديدة.

من المهمّ أيضا إبراز اجتهاد الدكتور فنطر في تعريب الكثير من المصطلحات سواء أسماء الأعلام، أو أسماء الأدوات الأثرية العتيقة، على أنّه فيما يبدو قد أغرق أحيانا في هذا الاتجاه فتجاهل ربما المقابل العربيّ الموجود. كما فاته أحيانا أن يذكر بالمرادف الأكثر شيوعا كما في حالة استعماله لمصطلح "مسنسن" دون أن يشير إلى أنّه ماسينيسا (الإسم البربري Masnsen).

[Hattabi Oumaima]

جميل

[Djamel Kouokuo · Rating 5 out of 5]

احتاج لهذا الكتاب

[Yasser]

الالواح النذرية