ومنذ أن أصدر روايته "هاجس موت" يعكف عادل عصمت على مشروع سردي يخصه، نستطيع أن نلاحظ أطيافاً من الماضي تقتحم شرفة الحاضر القوي في كتاباته، الأحداث حاضرة بقوة، والشخوص كذا لا تفارقها الحيرة من تلك الأحداث، وتوالت رواياته بعد ذلك لتأسيس مناخ حكائي فريد، وبدا ذلك في رواياته "حياة مستقرة"، و"الرجل العاري"، و"أيام النوافذ الزرقاء".
وهنا في هذه المجموعة القصصية نلاحظ أن عادل عصمت يعمل على تكثيف المشهد دون الإخلال بقيمة الإمتاع في الكتابة، فهو يقيم حيوات فنية تقوم على سرديات واقعية، فمنذ أن يستعرض صورته على شاشة الكمبيوتر، ويتأمل شخوصه المتنوعين، ندرك أنه يتقن عملية التأمل الفني بامتياز، ويتجول في مساحات واقعية بالفعل، مثل مدرسة "سعيد العريان" التي يعمل بها، ودار النشر التي تركها بعد عام واحد لنفوره من صاحبة الدار، وشخصية السياسي الذي ندم على مواجهة جلاده بمنازلته، كما أنه يندهش من أن الناس يمارسون حيواتهم بعد الحرب. قصص عادل عصمت لا تبتعد كثيراً عن مشروعه السردي الروائي، بل تلتقط مشاهد الحياة من زوايا قريبة جداً.
مجموعة قصصية في غاية الجمال والتكثيف، وخطها العام يرصد حالات مختلفة لضعف وهشاشة ذلك الكيان المسمي بالإنسان. وعادل عصمت هنا يجسد صورة الفنان الواقعي الذي لا يرسم فقط مشاهد شديدة العادية للحياة بل يمنحنا رؤية أكثر إكتمالا عنها، أشد جذبا وأكثر اقناعا من الواقع بذاته. ما أهمية ذلك إن كنت تسأل _فإنه لاشيء. ما أهمية الحياة نفسها أصلاً؟
كانت بداية قراءتي لعادل عصمت روايته "حياة مستقرة" ثم "أيام النوافذ الزرقاء" ومن الوقت ده وأنا بتابع إصداراته التي لم أقرأها بأكملها ولكن أقدر أقول إنو قاص جميل وبديع وحكّاء أماكن بامتياز دون الإغراق في التفاصيل الغير مجدية. ومن الجميل أنه في معظم كتاباته إن لم يكن كلها، لم يخرج من دايرة المكان اللي عاش فيه وهو مدينة طنطا، وحبي لكتاباته أيضا يتماس مع معايشتي لبعض الأماكن الحية اللي بيحكي عنها وعن ناسها، لزياراتي المتعددة في السنين الأخيرة لطنطا رغم تباعد الأحباب وتفرقهم.
حكاياته عن هشاشة النوع الإنساني في غاية الرقة والعذوبة والبساطة، بلغة غير متحذلقة أو متعالية على أي قارئ.
تجربة حلوة وبسيطة، عنده مخزون شخصيات وتفاصيل جيدة، القصص متفاوتة لكن إجمالا تجربة جيدة لأول قرايه ليه. لغته برضو متفاوتة، أحيانا القصة بتكون مشهدية، سرد عادي لموقف أو لحظة ما من بعيد، وأحيانًا القصة بتغرق في نفس الشخصيات مع توظيف للاستعارات وتشبيهات بسيطة فبتكون لغتها غنية. حبيت اوي قصة الجرح السري اللي بيقول فيها "إن الثياب مثل البشر تهترئ أحيانًا". وكأني لم انتبه يومًا أننا نتمزق ونهترئ.
تصوير فني دقيق لمشاهد واقعيه عبر تاريخ مصر وتطورها الاجتماعي من فتره لأخرى... هناك نزعه كأبه غير محبزه بالنسبه لي.. لأني من هذا البلد وعلى درايه بهذه الصور والمشاهد وأن لم تكن لي بالطبع نفس القدره في التعبير عنها... وأنا في مثل هذه المشاهد والصور أفضل استخدام أسلوب الكوميديا السوداء... لا أدري أن كان هذا ميل شخصي ام يجب أن يكون هو الوضع عند عرض هذه الصور والمشاهد الواقعيه على قراء يعيشونها