إنها جرعة أدبية مثالية وتاريخية مركزة فبلزاك أديب فرنسي من الطراز الرفيع وهو رجل فكر قبل كل شىء وهو يربط فكره بواقعه وبأعماله وينسج خياله فى الواقع ما تمن علينا به قريحته الأدبية فى قصصه القصيرة ورواياته والتى تشتد مثاليتها وتعبيريتها كلما كانت اقصر . والشخصيات مدروسة بعناية وتتلاقى وتفترق بتلقائية طبيعية وتصوير أعمالها ودواخل صدورها ينم عن معرفة علمية وخبرة حياتية بالنفس البشرية فى مختلف موقفها من الحياة . وهو يجعل دائماً واقعه الفرنسي خصوصا والأوروبى بشكل عام - بما فيه من تنوع الشخصيات ومن طبيعة والأحداث الكبيرة والصغيرة الجيدة والسيئة وكل ما فى واقعه من تناقضات اجتهد بصورة مستمرة فى ملاحظتها وتشكيلها ليجعل هذا الواقع الفرنسى فى النصف الأول من القرن التاسع عشر هو الخلفية العامة لأعماله مما يتيح لقراء التاريخ الاستفادة بمعرفة عن الروح الفرنسى فى صورة شاملة ولا ننسي ان نضيف نحن بأنفسنا أهم عناصر هذه الصورة وهى فكر بلزاك نفسه الذى نلتمسه فى اعماله.
الجزء الآخر من الكتاب ( فاسينو كان ) قصة قصيرة ليوم واحد أولّفت في يوم واحد فيها من التناسق الإنساني الذي لم يخلق من العدم، بلزاك استخدم أملاء مخيلته وأوهامه الداخلية في استنساخه هو - بلزاك - على لسان الراوي فاسينو كونه " كائن له القدرة على تقمّص حياة الفرد "وبكل هذه الاستعاضات الحدسية في ١٧ صفحة كتب ملهاة انسانية من يوم واحد .
كتب أندره لوران دراسة حول قصص بلزاك في آخر الكتاب بشكل مثير للاهتمام