حنا مينه روائي سوري ولد في مدينة اللاذقية عام 1924. ساهم في تأسيس رابطة الكتاب السوريين واتحاد الكتاب العرب. يعد حنا مينه أحد كبار كتاب الرواية العربية, وتتميز رواياته بالواقعية. عاش حنا طفولته في إحدى قرى لواء الاسكندرون علي الساحل السوري. وفي عام 1939 عاد مع عائلته إلى مدينة اللاذقية وهي عشقه وملهمته بجبالها وبحرها. كافح كثيراً في بداية حياته وعمل حلاقاً وحمالاً في ميناء اللاذقية، ثم كبحار على السفن والمراكب. اشتغل في مهن كثيرة أخرى منها مصلّح دراجات، ومربّي أطفال في بيت سيد غني، إلى عامل في صيدلية إلى صحفي احيانا، ثم إلى كاتب مسلسلات إذاعية للاذاعة السورية باللغة العامية، إلى موظف في الحكومة، إلى روائي. البداية الادبية كانت متواضعة، تدرج في كتابة العرائض للحكومة ثم في كتابة المقالات والأخبار الصغيرة للصحف في سوريا ولبنان ثم تطور إلى كتابة المقالات الكبيرة والقصص القصيرة. أرسل قصصه الأولى إلى الصحف السورية في دمشق بعد استقلال سوريا اخذ يبحث عن عمل وفي عام 1947 استقر به الحال بالعاصمة دمشق وعمل في جريدة الانشاء الدمشقية حتى أصبح رئيس تحريرها . بدأت حياته الأدبية بكتابة مسرحية دونكيشوتية وللآسف ضاعت من مكتبته فتهيب من الكتابة للمسرح، كتب الروايات والقصص الكثيرة بعد ذلك والتي زادت على 30 رواية أدبية طويلة غير القصص القصيرة منها عدة روايات خصصها للبحر التي عشقة وأحبه، كتب القصص القصيرة في البداية في الاربعينات من القرن العشرين ونشرها في صحف دمشقية كان يراسلها، أولى رواياته الطويلة التي كتبتها كانت ( المصابيح الزرق ) في عام 1954 وتوالت إبداعاته وكتاباته بعد ذلك، ويذكر ان الكثير من روايات حنا مينه تحولت إلى أفلام سينمائية سورية ومسلسلات تلفزيونية
"تعرف ما هو أصعب شيء في الدنيا؟؟؟ ان تخرج من قلب الاخر وتظل معه"
"كل شيء ممكن حين تريده ممكناً"
"رحلت عيناها في أثر طيف بعيد طيف ملون بهالة قوس قزحية، في عينيه شوق وفي يديه نار وفي طلعته الطمأنينة والحلم والمدى"
"كل غنسان أرتكب على نحو ما خطيئة ولو قدر لنا القدر أن نقرأ في قلوب الناس خطاياهم لأثرنا فضائح لا نهاية لها ولكان علينا أن نوجه إتهامات بلا عدد وأحكاماً بلا عدد ومن لم تزن يده زنت عينه او لسانه أو سريرته ومن لم يغش في التجارة غش في الوظيفة أو في المهنة او في العاطفة وكله غش وربما كان غش التاجر أهونها لإنه يتناول المادة لا الروح"
"إنني غصن في شمس أنا جدول إنتهى إلى بركة فتحت كل نوافذ بيتي للريح وكل اشرعة قاربي للهواء لا الريح دخلت بيتي ولا قاربي أبحر ليل الليل علىي نز الحزن من الجدران،تسرطنت الكلمة فصارت قبيحة، قبيحة، قبيحة"
قراءة في رواية (مأساة ديمتريو) للكاتب السوري حنّا مينه
محمود فلاح المحادين
ولد مينه في مدينة اللاذقية السورية عام 1924 وهو أحد أتباع التيار الواقعي الإجتماعي...من أهم كتاب الرواية العربية، كان له دور كبير في تأسيس رابطة الكتاب السوريين،كثير من أعماله الأدبية تحولت إلى مسلسلات وأفلام، منها نهاية رجل شجاع، والمصابيح الزرق والشمس في يوم غائب... كتب هذه الرواية عام 1984،توفي قبل ثلاثة أشهر تقريباً في شهر أغسطس 2018.
رُبما كانت الأحداث مناسبة وملائمة لواقع ذلك الزمان حيث كانت تموت مئات قصص الحب في مهدها...ولعل الكاتب نجح نجاحاً باهراً في وصف الواقع من جهة، ووصف الشخصيات وما يدور داخلها من جهة أخرى....يمر الكاتب مروراً لطيفاً على الطفرة الإقتصادية التي وقعت في ذلك الحين لتفرز لنا طبقة من مُحدثي النعمة كما سماهم الكاتب... أبطال هذه الطبقة لا يفكرون سوى بالمال والثروة ومستعدون لتقديم أشرف وأطهر ما لديهم قرباناً للثراء والمكانة الإجتماعية الرفيعة...
من هذه الطبقة خرج واصل الذي درس لسنتين في كلية التجارة وأثناء جمعه لثروته شعر بأن عليه أن يقتني زوجة جميلة تنجب لها أبناء كثر، وهذا كله من أجل مظهره الإجتماعي... تعرّف بالفتاة الذكية المثقفة الجميلة ابنة الفيلسوف الذي وعد فتاته بأنها يوماً ما ستلتقي بحبيبها وستعرفه على الفور كأنهما التقيا في زمان ما سابقاً....كان اسمها راجعة وقال لها أبوها بأنك ستقابلين حبيبك الذي اسمه راجع....
طوال أحداث الرواية والكاتب يصف الفجوة بين راجعة وزوجها التاجر المادي الذي لا يحب الموسيقى ولا التاريخ ولا الأدب بينما هي كائن روحي شفاف لطيف رقيق تعود أن يكون حرّا كما كان في بيت والده واسع الإطلاع والثقافة...
يظهر راجع(ديمتريو) كمدرس موسيقى مرهف الإحساس مطابق تماماً للشخص الذي وعدها والدها بظهوره... تماماً كما وصفه... ولكن بعد ماذا؟ فأصابع واصل ملتفة حول عنقها ولديها من الأبناء اثنين... يصف الكاتب لحظات اللقاء المريرة التي شهدت موت حبهما قبل ولادته حيث انتحر ديمتريو ووجدوا جثته وكمانه بجانب الشاطئ... لا يستطيع حنا مينه أن تنتهي روايته دون أن يأتي على ذكر البحر والمرافئ!!!
بالنسبة لأسلوب الكاتب فقد تراوح بين الرواية بصوت الشخص وسرد الأحداث بصوت الراوي في الجزء الأخير من الكتاب... نجح في تقمص الشخصيات وان كان أحياناً قد سقط في فخ الإطالة وطرح الأسئلة الفلسفية العميقة المكررة والمستهلكة... رُغم هذا أزعم أنني أستطيع الكتابة بطريقة أفضل منه... هذه العبارة علمنّي اياها أحد أساتذتي الذين لا أعرف منهم أحداً وهي أن لا أبدي اعجاباً مُطلقاً بأي كتاب أو أسلوب كتابة مهما كان قوياً وأن أؤمن أنني قادر على خلق أسلوب مختلف خاص بي أمزج به جميع الأساليب القديمة في بوتقتي الخاصة مقدماً شيئاً له نكهتي ولمستي وتوقيعي المتفرد...
بالعودة لأحداث الرواية يظهر لنا أن بعض الكتب ليست صالحة لكل زمان ومكان وأن رونقها وبريقها يخفت بالتقادم ولا يبقى منها سوى الصراعات المستمرة حتى نهاية العالم بين الخير والشر، الحق والباطل، الجهل والعلم، الحب والبغض، القلب والعقل، الروح والمادة...
مامن جديد في الحبكة الرئيسية: ثلاثي حب، زواج فاشل وعشق مستحيل. هناك واقعية في الطرح الرومانسي، مع قدر جيد من اللغة الجزلة الرقيقة التي لاتنطوي على زخرفة شديدة ولا تنم عن رغبة في الإستعراض. من ناحية أخرى، تخصص الرواية مساحة لابأس بها لنقد وتعرية من يسمون بمحدثي النعمة؛ تلك الطبقة التي صعدت من أخمص المجتمع إلى قمته عن طريق جمع الثروة بطرق غير مشروعة. على لسان الشخصيات، ينشر المؤلف غسيل هذه الشريحة التي يفيض عنها المال ولكن يعوزها الذوق والفكر، فلا يألون جهدا في جمع المال يأي طريقة كانت ولو على حساب شرفهم ثم يتنافسون في بهرجة المظاهر وادعاء الرقي والثقافة.
تتبع "مأساة ديميتريو" أسلوب تعدد الرواة. وكعادته، يرسم حنا مينه الشخصيات بدقة واقتدار. اعجبني بالذات تقمصه شخصية التاجر الوصولي، الراضي عن نفسه، المتصالح مع واقعه رغم خسته ودناءة دخيلته.
تأخذ فصول الرواية شكل الأصوات، فنلاحظ كل فصل له صوت شخصية محددة ويتطور بناءها مع تطور الأحداث في الرواية. يمكن قراءة الرواية من زاويتين، زاوية الحكاية وزاوية الإسقاطات السياسية على سوريا في فترة إصدار الرواية. وفِّق حنا في اختيار أسماء الشخصيات بما يتناسب مع الجو العام للشخصية. . نتتبع حكاية ديميتريو اليوناني المهاجر لأجل لقمة العيش، راجعة البنت المتأثرة بفكر أبيها وتقديره للفن، وواصل المنشغل بتجميع الثروة. . هل ستحقق كل شخصية حلمها؟ هذا ما سنكتشفه في نهاية الرواية التي أجدها واقعية جدًا. أن يتمكن الإنسان من الحلم فهذا شي جميل لكن الأجمل منه هو السعي وراء الحلم وعدم العيش في عالم الأوهام، الموازنة بين الرومانسية والواقعية. . ثاني تجربة لقراءة روايات حنة مينا. لم تعجبني هذه الرواية كثيرًا، لكن سأقرأ مرة أخرى لحنة مينا. . اقتباسات من الرواية: "وإذا كانت عاطفتي ربحت على إرادتي، فإن إرادتي لا تستسلم للهزيمة"
"أيها الأبله! أين المفر؟ وكيف تهرب بذاتك من ذاتك؟ أنت تشتعل من الداخل ومن الداخل تنطفئ"
"انا سعيد يا ديمتريو لأن شجرتي ستنقطع وهي خضراء، كذلك اردتها وكذلك كانت وأتمنى لشجرتك أن تكون مثلها، كما اتمنى لك من بعدي طول البقاء ولكن أتمنى لك بقاء أخضرا ،يزهر حتى النهاية، فهل تعزف قليلا كرمى لخاطري؟! "
نحمل قلوبنا على حد الالم ونقدمها قربانا علنا نصل، يخبرنا أحدهم ان القلب سيبقى وحيدا ما دام حيا، واحدهم سيقول ان الامل يخدع ولا طريق نهايته كما حب سالكه، نحاول طمانة عمرنا الذي ينقضي بحثا عن الرفيق لهذه الروح أننا سنصل ولكن ما القائل بمتأمل اكثر من السائر، فالقلب وحيد ولا يرضى سوى بالرفقة الحق والوحشة في الطريق تنهش كل ما يرى، ويبقى الامل ان لكل راجعة راجع. الرواية تتحدث عن مأساة من وجد رفيق روحه بعد فوات الاوان ،فلا الحياة تقبل أن تعود مسارها القديم ولا الندم يحل شيئا من الاسى ولا حتى يمتلكا اي حل لهذه المشقة، تحاول راجعة ان تخلق حلا وسطا اي كان ولكن ديمتريو يعلم ان الوسط ما كان يوما حلا ليقدرا عليه، فهل هناك اصعب من ان تخرج من قلب الاخر وتظل معه؟! اما لغة الكتاب فهي جزلة جميلة وكأنه يعزف لحنا منفردا خاصا به وان كان الجزء الاول من الرواية جميلا جدا مقارنة بتتمتها، وقد اختلطت حبكته في نصفها الثاني بالرومنسية المفرطة التي اراها تقلل من جمالها كما وعابها جزء من التكرار والاسهاب الذي يجعل الملل رفيقا لها ولكن تبقى رواية لطيفة الى حد معقول.
وانهي بجملة من حوار عظيم في مسلسل ربيع قرطبة: "هبي أني خرجت من هذا المكان ثم لم اعد اليه، هل تفارقه روحي او يفارقه قلبي ..وهل لي عليها من سلطان؟ ليته كان"
كانت "راجعة" تبحثُ عن "راجع".. لم تكن تعلم متى سيأتي؟ ومن أين سيأتي؟ ولكنها كانت موقنة أنها سيرجع إليها -هكذا علمها أبوها الحكيم.. وهو ديمتروي اليوناني، ما كان يعلم إن القدرَ قد أختارهُ ليكون "راجع" الذي تنتظرهُ "راجعة".. كانا من عالمين مختلفين، هو كان يوناني عاش حياة التشرد والفقر حتى استقر بهِ المقام في دمشق، يحمل على ظهره أحزانه والكمان.. وهي سورية، لم تجد الحب فوجدت الزوج، كانت ضائعة في عالم زوجها التاجر الذي يجمع الليرة فوق الليرة.. كانت تعرف انها لا تنتمي إلى هذا العالم، لذا كانت تنتظره.. وجاء.. جمعهما لحنُ سماوي يعزفهُ الكمان، من كتب هذا اللحن؟ كيف حفظاه؟ ليس مهماً.. المهم إنه كان إشارة بماضٍ عاشاه ولا يذكران، ورجعا إليه لتكون "راجعة" ويكون "راجع"..
لو لا واصل في القصة لكنت أعطيتها ٥ نجوم. للأسف خرب الامة كلها (مثل ما يقول العراقيين). قصة فلسفية جميلة. خلق لنا حنا مينا عالما من الموسيقى والفلسفة ولكنه أتلفه بتصرفات التجار والأموال وغيرها من الإرهاصات التي يفعلونها من اجل المال.
للاسف
اقتباسات:
في دنيا الواقع دبغ الجلود افضل من قراءة الكتب والتعلق بالخيال
المرأة في شرقنا ضعيفة حتى بقوتها لا تنتفع بعلمها في مقاومة محيطها، ولا بثقافتها في التمرد على البيئة وامتلاك حرية التصرف كالرجل. انني أنثى وكان والدي يعرف هذه الحقيقة ويعرف ان الزمن الذي تنطلق فيه الأنثى من قيود المجتمع الذكوري ما زال بعيدا
ولا تخف ألا تجد مهنة لابنك ما دامت الفلسفة موجودة.
لماذا مكتبة أبيها؟ أنا افهم ان ننقل هذه المكتبة، فهي رائعة حقا، لكنها تحمل ذكرى رجل مهما تسامحت حياله فأنا أعارض فكرهُ. لقد رحل هو لكن أفكاره باقية
ان للمكتبات وجودا كما للوحات، وهي تحمل، في مقتنياتها اتها فكريا متضمنا في الكتب، اتجاها خطرا، علي ان احمي اولادي منه، ان في الامر شيئا لا اعرف ماهو، لكنني بحسب العملي استشف ضرره واذن فإن ال Bon sens يقتضيني ان اكون على حذر
في البيت صنم واحد هو المال. هذا الصنم خلق للعبادة، فذلك لان كل شئ يتم في السريرة.
مراجعة كتاب : مأساة ديمتريو تأليف: حنا مينه إصدار: دار الاداب عدد الصفحات: ٢٠٤ ص نوع القراءة: ورقي : ملخص الكتاب: مدرس موسيقى يدعى ( ديمتريو ) يهاجر من بلده اليونان بسبب الفقر والنظام الفاشي الموالي الى النازية تاركا والديه وأخوته . ينتقل من بلد الى بلد معتمدا على الموسيقى كحرفة له الى أن وصل إلى سوريا . وهناك يقابل السيدة راجعة وزوجها الغني واصل في فيلتهم الفخمة. : ( ترى كيف التقى ديمتريو براجعة وعائلتها؟ وماسر المعزوفة الغريبه؟ وكيف انتهى ديمتريو ؟ ) : مقتبسات: انفقت عمرك في طلب هذا الشيء ، فما صار خفته ، وكذلك العاجزون ، يحبون ويخافون الحب ، يتكلمون على البركان ، ويضعون أصابعهم في آذانهم إذ يحدث ، ويشتهون العاصفة، فإذا اقتربت ناحوا كطيور الزمج الجهل شقاء بدوره ، لكنه شقاء قاتل إن الكتاب أفضل صاحب ، وأعظم معلم في هذا الوجود ، وإنك ، بفضله ، تعيش مع التاريخ، وتتوصل ، بسعادة ، إلى وصل ماضيه بحاضره ، واستشفاف الاتي ، هذا الذي أفضل دائما . هذا الصندوق ، بالنسبة للصانع ، والتاجر ، وصاحب المال ، هو الجهاز ، الفتاة رأسمالها شرفها ، والزوجة وفاؤها ، وربة البيت منظر بيتها ، والمعلم مكتبته ، أما أمثالنا فرأسمالنا هو مالنا ، والصندوق الحديدي رمز هذا المال ، شهادته ، وواجهته أمام الغير. تقييمي للكتاب: كتاب بسيط وسهل يحمل فيه نقذ لسلوكيات نوعية من الناس . تقييمي له في الgoodreads: 3/5 ( يستحق القراءة) #مأساة_ديمتريو#حنا_مينه#دار_الآداب #القراء_البحرينيين #
يا ديمتريو، اقول لك لا يمكن، اتفهم؟ للمرة الالف، هذا الشهر، والذي قبله، قلت لك لا يمكن، اتفهم؟" صاح ديمتريو الاخر: " انت تكذب ايها الوغد، يا جواب الافاق، تكذب وتعلم انك تكذب، فلماذا تتظاهر بما لا تؤمن؟ حدق بوجهك في المراة.. الا تري وجهك؟". عبر المراة، حدق ديمتريو بديمتريو، تحديقة خصمين متباغضين ومتلازمين. حسناً، قال احدهما للاخر، اتفقنا انه لا يمكن . يجب ان نجزم هذه الليلة والي الابد بانه لا يمكن. لقد اقتنع كلانا باستحالة ذلك، ومن الغد تتحول هذه القناعة الي سلوك، كالذي كان، قبل ان تكون هي ، قبل ان يكون اللقاء. وفي هذه اللحظة، شع شئ ما، في الجانب الايسر من الصدر، وترك إحساساً بالاختلاج كما يحدث تحت تاثير نزق عصبي، عقب فكرة تمر بالبال، او صورة تهز الخاطر وللتاكد من السلامة مد ديمتريو الواقف امام المراة وكذلك ديمتريو الذي في داخلها، يده الي الجانب الايسر من صدره وانتزاع لفافة ورقية علي شكل قلب، فتحها ثم تحول الي المصباح ونظر فيها، واذ لم يجد شيئاً داخله سرورو وراحة، فراح يطويها ليعيدها الي مكانها فلما فعل لمح ظلالاً عليها . كانت في الورقة خطوط رفيعة لا تكاد تبين، تزداد ارتساماً كلما ازدادت اقتراباً من الجسم وامحاء كلما ابتعدت عنه.
وتنتهي المأساة بكل واقعية، مما يجعلنا نتمعن في تلك الرمزية ديمتريو اليوناني الذي يحمل الجنسية السورية، فكأنما يقولون حتى الحلول الخارجية لم تثمر اي نتائج ما زال الوضع كما هو، وهذا هو الواقع. وراجعة تلك التي تنتظر راجع هي الشعب الذي ينتظر الحل لمآسيه وإنما الحل في يده بأن يعيش واقعه ويتأقلم معه، أو يثور ويبدي رأيه ولكنه باقي صامت كراجعة التي لم يعجبها نمط العيش مع زوجها ولكنها كما يقال تبكي على الأطلال إنما تنتظر قدوم راجع ينقذها من كل ما تعيشه.
ونجد هنا حنا مينه في لحن أسطوري بداية بالعنوان الرائع إلى لغته الشاعرية والجميلة في القصة، وحتى الأسلوب المميز والذي يتحدث فيه بصوت كل شخصية لنكون نحن المشاهدون من أعلى ونسمع وجهات نظر الجميع ونرى الحدث من خلال جميع العيون والقلوب. أبدع حنا في هذه الرواية ولم يخذلني قلمه والذي يجعلني أتعطش لقراءة المزيد من أعماله.
لقد أثارت الرواية استفزازي لفرط ما فيها من سلبية وجبن تجسدا في الشخصية الرئيسية -راجعة- التي فضلت حياة الاستقرار على أن تغامر لتلحق بفرصة عمرها ففرطت بالحب الحقيقي الذي لطالما نشدته، وتسبب جبنها القاتل بانتحار ديمتريو وقتلها ببطء في روتينها اليومي.
"ليس في الحياة، يا ديميتريو، ما هو غير "ممكن"، فأقلع عن خوفك غير المبرر.. غامر. غامر.. الحياة مغامرة"
رواية مختلفة في الأسلوب السردي عن باقي روايات الكاتب حنا مينه. ديمتريو اليوناني في حديثه المزدوج حديث القلب والعقل من ثم حديث الراوي وحديث الأب والبنت والزوج ثم راجع الذي انتظرته راجعة من بعد تكرار والدها ان شخصا ما سوف يأتي وحياتها ستكون أفضل.. راجعة مع زوجها كانت لهم هناك الكثير من الحوارات، منها انتقادات متكررة من الزوج لآراء وافكار والد زوجته وللمبادئ التي يؤمن بها. عندي عدة تساؤلات: مثلاً شخصية الأب وكيف القبول بزوج مادي لأبنته؟ سكوت البنت عن زوج غير مناسب ولم تطلب الانفصال؟ استمرار العيش بوهم ان مخلصها سوف يعود في يوم من الايام.
"ما أصعب الحب يا ديميتريو! ما أفظع أن يبدأ اليأس في الساعة التي يتبفسج فيها الأمل" "ليس في الحياة، يا ديميتريو، ما هو غير "ممكن"، فأقلع عن خوفك غير المبرر.. غامر. غامر.. الحياة مغامرة"
سرد تقليدي ،و غياب عنصر المفاجأة. . ما كان مميزا هو الحوارات ،و ما عاب كان اﻹكثار من الوصف و المبالغة في التشبيهات و إعادة اﻷفكار.
" راجعة " اﻹبنة الوحيدة للفيلسوف " فهيم " تتزوج زواج تقليدي من " واصل " التاجر الذي لا تلزمه أعراف و لا أخلاق في سبيل الكسب السريع. . تعثر على حبها المنشود في " ديمتريو " الموسيقي اليوناني الفقير.
* الحب الذي تريد لا يأتي بقرار. .إنه قضاء ينزل بالناس.
* جهد هؤلاء الذين يصيرون من أصحاب الملايين ،و يتكاثرون كالفطر ،ليس سوى رشوة ،سمسرة ،و مضاربة ،و كل ما يجلب المال ،و ما يحول المال إلى قصور ،و إلى شبع حتى التخمة ،بينما ،في أطراف المدينة ،أكواخ من طين و عيش على كفاف ،و المادة الغذائية ،إذا وجدت ،خبز و شاي و زيتون بالنسبة ﻷكثرية الناس في المدن و اﻷرياف.
يدخل واصل مكتبه لإنجاز بعض حساباته، ظللتُ وحيدة. كنتُ أحس بالغربة. الألفة تأتي من التفاهم ، من وحدة الأفكار ، من العاطفة المتبادلة، و هذه كلها مفقودة ، و ليس من شيء حبيب إلي في هذا البيت سوى الكمان الذي أبثه أشجاني..
كيف يستطيع رجل ان يكتب عقل المرأه هكذا ! مبدع مبدع جدا ملخصها هو جزء مقتطع من الرواية نفسها "الحب كما في الاسطوره سيسلبك عقلك ماتبقى من عقلك سيجعلك عموداً اسود كما في حكايات الجدات تماماً"
في «مأساة ديمتريو» يرسم حنّا مينه لوحة إنسانية شديدة الكثافة، حيث تتحول حياة عازف الكمان اليوناني ديمتريو إلى مسرحٍ لصراعٍ داخلي وخارجي معاً. ديمتريو، الغريب المستقر في سوريا، لا يجد في الموسيقى سوى ملاذٍ هشّ يواجه به واقعاً قاسياً يتكالب عليه من كل صوب. شخصيته مشطورة بين عقلٍ ناقدٍ يحاكم العالم بصرامة، وروحٍ حالمةٍ لا تزال تتشبّث بالحرية والجمال، فيغدو كائناً ممزقاً، مأساوياً بطبعه.
في محيطه تتحرك شخصيات تكثّف تناقضات المجتمع: فهيم المتبحّر، المثقف الماركسي الذي يضع العقل والفكر الثوري في مواجهة القهر الاجتماعي؛ واصل الدلجي، التاجر النفعي الذي يختصر كل القيم في ميزان الربح والخسارة؛ وراجعة، التي تعيش بين فكر أبيها المثالي وزوجها المادي، فتجسد الإنسان الممزق بين المبدأ والمصلحة.
هذه الشخصيات ليست مجرد أفراد، بل رموز لخيارات متضادة: العقل في مواجهة المادة، الفكرة في مواجهة المنفعة، الحلم في مواجهة الواقع. وفي قلب هذا التوتر، تتفاقم مأساة ديمتريو، إذ يعجز عن إيجاد توازنٍ بين صوتيه الداخليين، وينهار ببطء تحت وطأة التصدّع النفسي والخذلان الاجتماعي.
إنها رواية عن الاغتراب والقلق الإنساني، حيث لا تأتي المأساة من حدثٍ خارجي جلل، بل من تشظّي الداخل وانكسار المعنى. وبقدر ما هي حكاية ديمتريو، هي أيضاً حكاية الإنسان المعاصر، حين يجد نفسه محاصراً بين مثلٍ عليا لا تتحقق وواقعٍ مادي لا يرحم.
رواية "مأساة ديمتريو" للكاتب السوري حنا مينه تتناول قصة حب معقدة تجمع بين ديمتريو، الموسيقي اليوناني الذي استقر في دمشق، وراجعة، السيدة السورية المتزوجة من تاجر ثري يُدعى واصل. تُبرز الرواية التباين بين شخصياتها؛ فديمتريو فنان حساس يعيش على هامش المجتمع، بينما راجعة امرأة مثقفة تشعر بالغربة في زواجها مع واصل، الذي يمثل طبقة "محدثي النعمة" المهتمة بالمظاهر والثروة دون اعتبار للقيم الثقافية والفكرية.
تُظهر الرواية الصراع الداخلي لديمتريو، الذي يعيش حالة من الانفصام بين واقعه المؤلم وأحلامه المثالية، مما يعكس الصراع الأزلي بين العقل والروح. هذا الصراع يقوده في النهاية إلى مصير مأساوي، حيث يُعثر عليه ميتًا بجانب آلة الكمان على الشاطئ، في إشارة إلى النهاية المحتومة لأحلامه وآماله.
في رأيي الشخصي
تُعتبر "مأساة ديمتريو" عملاً أدبيًا مميزًا يعكس ببراعة التناقضات الاجتماعية والثقافية في المجتمع، ويُظهر الصراع الداخلي للأفراد بين الواقع والمثالية. أسلوب حنا مينه السلس والعميق يجعل القارئ يتفاعل مع الشخصيات ويشعر بمعاناتها، مما يضفي على الرواية طابعًا إنسانيًا يمس القلوب والعقول
صراع بين القلب والعقل..ينتصر العقل لكن على حساب ماذا؟ حين خرج ديمتريو من بيت راجعة كان يحسب ان العقل انتصر نهائياً. لكن القلب في الكمون الذي يتخذه امام هجمة العقل كالنار اذ تكون خبيئة في الحطب، او كالبرق اذ يكون قبل لقاء غيمتين، وهماً نارياً في خاطر العاصفه
"التقي راجعه وانتهى الامر عليه اذن ان يتصرف هو، بدلا من ذلك راح يحاول ايضاح الامور.على الرجل ازاء المرأه ان يتصرف لا ان يوضح أموراً وهو عاجز" حاول منذ الصفحه الاولى محو ابتسامتها من اوراقه لكن ماذا ينفع الانسان ان يمحو اذا كان ثمة من يكتب؟
أول تجربة لي مع أعمال حنا مينا مع هذا الكتيّب ذو النهاية المتوقّعة إلى حد ما. أعجبني ثراء مخزون المفردات لدى الكاتب، كما أحببت موقفه من الرأسماليين حديثي النعمة، والذي تجلى من خلال شخصية واصل الدلجي. مسّني الكتاب قليلاً كون الأحداث أخذت مكاناً في سورياـ وأعطت فكرة بسيطة عن جانب من الوضع القائم قبل نصف قرن من الزمن. مأخذي على الرواية هو الإسهاب الغير مبرر في المونولوج في بداية ونهاية الرواية.
كل ما يصل بعد اوانه لا يجدي نفعا، لا لذة له ولا محل كل من يصل متاخراً يجد آخر قد احتل الشاغر أن تصل متأخراً يعني ان تسبب عذابات لنفسك وللغير وان كان دون قصد ! وما أسوأ أن يكون المتأخر هو ما تظنه المقدر لك أو المسمى لك وما يلائمك، ما كنت تشغل به أماسيك وأفكارك وتضع له الكثير من التصورات، وتوفر له الكثير من الفراغات في طرق حياتك ليجئ ويملأها ولكنه يتأخر فتلمئ الفراغات بآخرين وأشياء أخر!
تحفة فنية تكاد لا تشوبها شائبة. رواية ذهنية تطلع كالبدر التام ليلة الحلكة العظمى. كل ما في هذه الرواية اسرني: ففي الاسماء رموز وفي الاحداث وفي المحاورات وفي كل ما يلف هذا العمل الادبي الذهني بامتياز والرائعبكل تاكيد.