Jump to ratings and reviews
Rate this book

The Sociology of Islam: Knowledge, Power and Civility

Rate this book
The Sociology of Islam provides an accessible introduction to this emerging field of inquiry, teaching and debate. The study is located at the crucial intersection between a variety of disciplines in the social sciences and the humanities. It discusses the long-term dynamics of Islam as both a religion and as a social, political and cultural force.The volume focuses on ideas of knowledge, power and civility to provide students and readers with analytic and critical thinking frameworks for understanding the complex social facets of Islamic traditions and institutions. The study of the sociology of Islam improves the understanding of Islam as a diverse force that drives a variety of social and political arrangements.Delving into both conceptual questions and historical interpretations, The Sociology of Islam is a transdisciplinary, comparative resource for students, scholars, and policy makers seeking to understand Islam's complex changes throughout history and its impact on the modern world.

344 pages, Kindle Edition

Published February 23, 2016

13 people are currently reading
314 people want to read

About the author

Armando Salvatore

24 books9 followers

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
6 (27%)
4 stars
9 (40%)
3 stars
4 (18%)
2 stars
2 (9%)
1 star
1 (4%)
Displaying 1 - 4 of 4 reviews
19 reviews18 followers
January 2, 2018
هل كان مسار الحداثة الغربية هو المسار الوحيد للحداثة؟ ألم يكن في الإمكان بزوغ «حداثات أخرى» في عوالم وحضارات أخرى تتوج مسيرة العقلانية والكفاءة؟

هذا السؤال كفيل بتفجير حدود علم الاجتماع الكلاسيكي الذي جعل محوره نقد الحداثة الغربية والمجتمع الحديث؛ لذا فإن التساؤل عن كيفية تفاعل العوالم الأخرى مع هذه الحداثة قبولاً وتوترًا، نقدًا ونقضًا يتحوّل إلى مهمة تحتاج إلى أدوات أكثر تطورًا، وعُدّة مفاهيمية أكثر رحابة واتساعًا، ومرونة وانفتاحًا على كل فكر أو رأي يهيْئ لها القيام بهذه المهمة.

انطلاقًا من هذا السؤال حاول الكاتب والباحث الجرئ أرماندو سلفاتوري المتخصص في فلسفة التواصل وعلم اجتماع وأنثروبولوجيا الإسلام تأسيس منهج خاص تجلى في ثلاثة من مؤلفاته أنشأ فيها عُدة مفاهيمية، وأصّل لأدوات، وأقام بدور تنظيري في محاولة لفهم ديناميات السلطة والمجتمع والمعرفة في العالم الإسلامي، أو ما يحب أن يطلق عليه «المعمورة الإسلامية»

أهم هذه الكتب، والذي نعرض له في هذا المقال، الذي جاء بعنوان «سوسيولوجيا الإسلام: المعرفة والسلطة والمدنية» الصادر حديثًا مترجمًا عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر، والتي اضطلع بها الباحث والمترجم ربيع وهبة في بداية هذا العام (2017).

لا يعد هذا الكتاب مجرد نظرة سطحية يمكن قراءته بصورة سريعة دون تأمل ورويّة، بل هو سِفر مركز وكثيف يحاور فيه الكاتب بحسب قوله «فئات طلاب الجامعة والخريجين المتخصصين والاكتشافات والنقاشات ما بين التخصصات المعرفية المختلفة مع أكاديميين زملاء.

وقد يجد النشطاء الاجتماعيون والمحللون السياسيون أيضًا إلهامًا فيما يقترحه الكتاب من سوسيولوجيا الإسلام بغية تيسير فهم الإسلام كقوة طويلة الأمد توفر رابطًا اجتماعياً ثقافيًا ولحمة مؤسسية لتنوع من العلاقات والترتيبات»

مشروع سوسيولوجيا الإسلام

تشكل «سوسيولوجيا الإسلام» مجالاً جديدًا يجمع بين تخصصات عديدة مثل التاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا والديانات المقارنة والحضارات المقارنة والدراسات الإسلامية، ويقوم هذا المجال بشكل رئيس على الجهد الذي أنجزه هودجسون في ثلاثيته البارزة «مغامرة الإسلام» (أعلنت الشبكة العربية عن نيتها لترجمته)، وكذلك عمل برايان إس ترنر الرائد في التعليق على هذه الثلاثية وكتابه المهم المسمى «فيبر والإسلام» وينضم إليهم سالفاتوري بكتابه الذي بين يدينا.

يحاول سالفاتوري تأسيس مشروعه في سوسيولوجيا الإسلام عبر إدارة الحوار وتحديد المسافات مع ثلاث مدارس رئيسية هي: مدرسة علم الاجتماع الكلاسيكية التي تبدأ من ماكس فيبر الذي اهتم سلفاتوري بالتحديد بنقد نظرياته عن المجتمع المدني والكاريزما وتشكل المؤسسات والاستثنائية الغربية، مرورًا بـدوركهايم وجورج سيميل اللذين تعاملا بشغف مع الديانات العابرة للحدود المزعومة بين التقاليد والحداثة.

هنا يدافع سالفاتوري عن وجهة النظر التي يتبناها كل منهما بأن الدين في المجتمعات الحديثة أصبح مصدرًا لا غنى عنه في أنماط العقلانية الحديثة نفسها. حتى دون أي تدخل لأخلاقيات دينية من النوع الفيبري (بروتستانتي أو غيره).

إن كانت مدرسة علم الاجتماع تمد سوسيولوجيا الإسلام بأدواتها ومفاهيمها التحليلية فإن سلفاتوري يؤسّس مشروعه على نفس الأرضية التي انطلقت منها مدرسة النقد ما بعد الكولونيالي، وهي نظرية الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو حول العلاقة المتبادلة أو الدائرة المغلقة بين السلطة والمعرفة، وكيف يشكل كل منهما الآخر.

تفترق سوسيولوجيا الإسلام عن النقد ما بعد الكولونيالي في استخدام هذه النظرية، حيث ينطلق منها إدوارد سعيد في كتابه «الاستشراق» لبيان السلطة الكامنة خلف الخطاب الاستشراقي أو الكولونيالي، أي في نقد الخطاب الغربي نفسه وإعادة تشكيله، بينما يضطلع سالفاتوري ببيان ما يسميه مصفوفات وديناميات تُشكّل السلطة والمعرفة التي أسهمت في تشكيل أنماط «المدنية» في المعمورة الإسلامية نفسها.

المدرسة الثالثة: التي يميز مشروع سوسيولوجيا الإسلام نفسه عنها بل ويضع نفسه مقابلها، هي مدرسة الاستشراق. يرى سالفاتوري أن هذه المدرسة وقعت في فخ ما يسميه بـ«الجوهر» أي اعتبار الإسلام جوهرًا ثابتًا يمكنُ الاستدلال عليه ومحاكمته أو اعتباره نقيضًا للحداثة الغربية، وبهذا يتم تجاهل ديناميات الحركة الاجتماعية والسياسية، وأنماط التبدل والتنوع في المدنية الإسلامية.
بين المجتمع المدني والعمران

تُنشئ المعرفة سلطة وتصنع السلطة معرفة في دوائر شبه مغلقة، تنتج عنها أنماط مختلفة من المدنية، يورد سالفاتوري عبر كتابه عدة تعريفات لمصطلح المدنية، يمكننا أن نجملها في: أنها جملة الشروط التي يتقاسمها الفاعلون الاجتماعيون في تعابير مشتركة أو على الأقل متداخلة بما يهيئ المجال لـضبط وتيرة الصراعات الاجتماعية الكامنة.

يرى سالفاتوري أنه بالرغم من «المدنية» التي تبدو ضعيفة للتماسك الاجتماعي، إلا أنها بالتحديد تعد من العوامل الأساسية لنسيج المجتمع سواء التقليدي أو الحديث

يرى سالفاتوري أنه بالرغم من «المدنية» التي تبدو ضعيفة للتماسك الاجتماعي؛ أضعف ربما من الرابطة التي رآها دوركهايم في تقسيم العمل، أو رآها ماركس منبعثة من الوعي الطبقي إلا أن هذه «المدنية» بالتحديد تعد من العوامل الأساسية لنسيج المجتمع سواء التقليدي أو الحديث.

لتسليط الضوء على هذه النقطة يلجأ سالفاتوري إلى المقابلة بين المدنية في المعمورة الإسلامية والتي يطلق عليها ابن خلدون «العمران» مقابل مفهوم «المجتمع المدني» الإشكالي في المجتمعات الغربية.

يرى سالفاتوري أن المجتمع المدني، وهو مجموع المنظّمات والفاعلين والحركات التي تقفُ بين المواطن والدولة، وتسعى لتحقيق مصلحة أفراد المجتمع، ليس أكثر من «وعد بمجتمع مدني»؛ لأن هذا المجتمع غير قابل للتحقق في المجتمع العقلاني بحسب تصور فيبر. يرى سالفاتوري أن المصلحة الشخصية لا تشكل رابطة اجتماعية تجعل هذا المجتمع قابلاً للتماسك لذا لابد من وجود رابطة أخرى.

وهنا يلجأ الكاتب إلى مقاربتين تفسيريتين؛ الأولى، هي مدرسة الفلسفة الاسكتلندية ومقاربة آدم سميث الذي يرى أن الرابطة التي تدفع هذا المجتمع المدني للتماسك هي نوع من «الحس الأخلاقي» الذي لا يرقى لدرجة القواعد الأخلاقية. المقاربة الثانية، هي رؤية فوكو الذي يرى أن المجتمع المدني يقوم على فلسفة «مراقبة الجميع ضد الجميع» فيما يشبه منافسة خفية على السلطة ومحاولة لـتحجيمها في نفس الوقت.

في المقابل يستلهم سالفاتوري فكرة العمران التي أسس لها ابن خلدون لفهم المدنية الإسلامية التي تقوم بشكل رئيس – بحسب ابن خلدون – على مركزية العصبية القبلية.

يحاول الكاتب كسر ما سماه بـ«الحلقة الحلزونية الخلدونية» عبر التعمّق إلى ما وراء العصبية القبَلية والكشف عن الديناميات الماقبل – مؤسسية التي سمحت للإسلام في الفترات الوسيطة ما بعد الغزو المغولي بالتوسّع الهائل الذي بلغ بحسب وصف صاحب كتاب «مغامرة الإسلام» ثلاثة أضعاف حجمه السابق فتجاوز الصحراء الكبرى، وأسّس ممالك في أفريقيا جنوب الصحراء، ووصل إلى شرق أوروبا وجنوب شرقي آسيا والهند، وملأ أرجاء العالم الأفرو- أورومتوسطي.

يتبنى سالفاتوري وجهة النظر القائلة بأن الإسلام تمكن من تأسيس حضارته عبر «تفعيل العوامل الحضارية الكامنة في الحوض الإيراني – السامي»؛ أي أن الإسلام بالأساس قوة فوق حضارية جامعة متجاوزة للزمان والمكان. لكن تأثيره الأبرز لم يظهر إلا بعد انهيار السلطة المؤسسة على النظام الكسروي وتفتت مركزية الخلافة.

حينها تحررت القوى والطاقات المتجاوزة للمؤسسية لتملأ الفضاء الأفرو-أوراسي عبر مصفوفات مختلفة من معادلة السلطة – المعرفة. لهذا يعتبر الكاتب أن هذه الفترات الوسيطة هي أهم فترات «المعمورة الإسلامية» والأكثر تعبيرًا عن روحها.

يركز الكاتب ضمن مجموعة هذه المصفوفات على الطرق الصوفية تحديدًا ويرى أنها تمثل أهم هذه المصفوفات وأقدرها على تجاوز المحلية وإنشاء معادلات السلطة والمعرفة، وهي القوى بالتحديد التي صبغت روح الفترة الوسيطة في المعمورة الإسلامية، فأنشأت الممالك والدول واضطلعت بمهام الدعوة والتجارة والتأسيس للمدنية الإسلامية.

ولفهم الآلية التي عملت بها هذه الطرق الصوفية يلجأ الكاتب إلى مفهومي «الكاريزما» و«الأخوية» لفيبر، لكنه لا يسلّم بهما كما هما بل يقوم بإجراء تعديلات خاصّة على هذين المفهومين بعد نقدهما؛ لإكسابهما قدرة تفسيرية تسمح بفهم كيف أدّت الطرق الصوفية مهمتها في تلك الفترة.

بعد هذا التأسيس المفاهيمي ينتقل سالفاتوري إلى استخدام هذه العُدة المفاهيمية وتطبيقها على الفترات الوسيطة في عُمر الحضارة الإسلامية، محللاً مجموعة متداخلة من القوى والخطابات الاجتماعية التي أدت إلى تشكل العمران الإسلامي؛ فقد أسهب سالفاتوري في تحليل الرابطة التي تميز التدين الصوفي باعتباره أخوية دنيوية شبه تعاقدية تخلّت عن الحلول المقدّس الذي يميز روابط تشكل المؤسسات في فكر ماكس فيبر.

يرى سالفاتوري أن أنماط المدنية في «المعمورة الإسلامية» كانت في طريقها للتحول إلى أنماط معينة من الحداثة عبر مأسسة السلطة وعقلنتها وزيادة كفاءتها

يشير الكاتب في هذا السياق إلى أن القداسة أو الارتباط الروحاني لم يتسرب إلى العلاقة بين الأخ وأخيه في الطريقة الصوفية، بل أمّنت حلقات الذكر والرقص والشعائر نوعًا من التماسك سمح بانتشار هذه الطرق بين روابط التجار والحرفيين والزراعيين وقيامها بمهمات التمدين وإنتاج المعرفة والدعوة والتجارة والتسلح العسكري بطريقة متجاوزة للمحلية، وقادرة على التفاعل السلس والمتماسك مع البيئات الجديدة، وفي منافسة أي أوضاع قائمة أو متحللة.

يرى سالفاتوري أن الطُّرق الصوفية أسهمت في تغيير مسار الحلقة الخلدونية؛ حيث كانت قادرة على استثمار العصبية القبَلية في إنشاء الدول في مرحلة ما بعد الغزو المغولي.

لكنها في نفس الوقت كانت قادرة على تجاوز هذه العصبيات، وتأسيس نوع أكثر ديمومة من المدنية عبر مشاركتها الدائمة في إنشاء السلطة من أسفل إلى أعلى عبر طرق عديدة، مثل نظام «الفُتوّات» على سبيل المثال أو المشاركة في المجهود العسكري عبر عناصر غير قبلية مثل إنشاء وحدات الإنكشارية في الجيش العثماني.

هذا التوتر أو العلاقة الجدلية بين العصبية القبلية ومكونات الاجتماع المدني أدى – بحسب سالفاتوري – إلى بروز طبقة الحكام العسكريين وطبقة العسكريين الحكام التي سعت إلى تعزيز سلطتها عبر السماح بمشاركة أوسع للعامة وروابط التجار والحرفيين والمزارعين.

كما أدت هذه السيول�� في علاقات السلطة / المجتمع إلى تحريك موقف طبقة العلماء من طبقة مسؤولة عن إنتاج اللغة المعيارية الفقهية والقانونية إلى المشاركة في إدارة وتفعيل مؤسسات وسيطة أسهمت في تغيير شكل العلاقة بين السلطة والمج��مع عبر إدارة أشكال وهياكل اجتماعية ما فوق مؤسسية مثل الوقف والالتزام والمشاركة في تنظيم وقيادة المجهودات العسكرية.

يشير الكاتب كذلك إلى أن التشكيلات البدوية المغولية والتركية التي كان لها الدور الأبرز في تفتيت مركزية السلطة في العالم الإسلامي دفعتها رغبتها في المشاركة في المنافع التجارية إلى زيادة ارتباطها بالأمة الإسلامية وتبني الإسلام ليس كالتزام عقدي فحسب إنما كلغة معيارية متجاوزة للإقليم.

حيث أصبح كونك مسلمًا مرادفًا للعالمية، بما يعني الاعتراف بك كشريك كامل في تداول السلع والناس والأفكار وطرق التداوي على امتداد نصف الكرة الأرضية على طول طريق الحرير.
على طريق الحداثة

يرى أرماندو سالفاتوري أن أنماط المدنية في «المعمورة الإسلامية» كانت في طريقها للتحول إلى أنماط معينة من الحداثة عبر مأسسة السلطة وعقلنتها وزيادة كفاءتها لولا أنها اصطدمت بمسار الحداثة الغربية الأكثر إبهارًا، والتي استفادت من الفتوحات الجغرافية الجديدة، وديناميات التفاعلات العابرة للأطلسي.

أي أن الحداثة في المعمورة الإسلامية تم إجهاضها عبر فرض نمط خارجي عليها على طريقة الدول الوستفالية الناشئة في الغرب طوال مرحلة الاستعمار والدول ما بعد الاستعمارية.

يلجأ الكاتب إلى تحليل ثلاث تجارب شملت أرجاء المعمورة الإسلامية لرسم معالم هذه الحداثة المجهضة، ولكسر مسلّمة الاستثنائية الغربية. هذه التجارب الثلاث هي الإمبراطورية العثمانية، ومملكة مغول الهند، والدولة الصفوية.

ويرى سلفاتوري أن أهم دلالات هذه الحداثة الناشئة تمثّلت في ظهور حركات طهورية سلفية تدعو إلى العودة إلى معيارية موحّدة وهي سيرة وأفعال النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، أو «الحديث» سواءً من داخل الحركات الصوفية نفسها، أو من حركات أو أخويات مشابهة مثل الحركة الوهابية.

وقد برزت هذه الدعوات والحركات كمحاولة لنقد وكبح جماح السيولة التي أصابت معادلات السلطة – المعرفة التي أنشأتها الطرق الصوفية على طريقة الحركات التطهرية البروتستانتية في العالم الغربي.

قريبًا من مواقع السلطة في الإمبراطورية العثمانية تأثر البلاط الحاكم تأثرًا كبيرًا بأعمال ابن خلدون، وقد حرصوا على تجاوز حلقته المفرغة عبر تجاوز العصبية القبلية بالاعتماد على جيوش المماليك والانكشارية، وتأسيس ما يُسمى بدائرة العدل العثمانية مقابل نظرية اللفياثان الهوبزية.

في الختام يرى الكاتب أن اللغة المعيارية المتجاوزة للمحليات التي سادت في المعمورة الإسلامية هي التي أفشلت مشروع الدولة الوستفالية المستوردة، وأبقت على حيوية إسلامية ممتدة لدى كل الأفكار والحركات على طول ما يسمى بالعالم الإسلامي .
Profile Image for Baher Soliman.
494 reviews475 followers
March 18, 2020
يتعامل أرماندو سلفاتوري مع الإسلام بوصفة سلطة اجتماعية وسياسية وثقافية، فيدرس الإسلام بوصفه موضوعًا من موضوعات علم الاجتماع، ودراسة الإسلام سوسيولوجيًا -وفق سلفاتوري - يمثّل تحديًا حقيقيًا لمفاهيم علم الاجتماع ونظرياته، هناك حالة من التعقيد والتقعر المفاهيمي في الكتاب، أسلوب سلفاتوري نفسه مشتت، وتحليلاته أحيانًا مبتسرة وأحيانًا متناقضة، فهو يقدم جهدًا تنظيريًا كبيرًا لمحاولة فهم دينامية السلطة والمعرفة ويكرّس لحقل دلالي ومفاهيمي مثل " المدنية" أو " المعمورة الإسلامية" في مقابل " الحضارة الإسلامية" كجسم جماعي غير عضوي، في مسعى واضح لمواجهة المركزية الأوروبية وتفكيك فرضياتها، وهذا أحد أوجه الجبهات التي يتحرك عليها عمل سلفاتوري = مواجهة المركزية الأوروبية كما تمثلّت عند ماكس فيبر، فهو ينقد معيارية الغرب في فهم الإسلام؛ إذ لا يُفهم الإسلام في تصورات فيبر إلا بوصفه انحرافًا عن النسق الغربي، إذ تعدو - وفق هذه النظرة- الحداثة الغريية هي المسار الوحيد للحداثة.

من هنا كانت مركزية ماكس فيبر محلًا للنقد عند سلفاتوري، وهنا يحضر الميراث النقدي الفوكويوي [ = مدرسة النقد ما بعد الكولونيالي] حول المعرفة والسلطة ولكن من منظور سوسيولوجي حيث يرصد سلفاتوري ديناميات تُشكّل السلطة والمعرفة التي أسهمت في تشكيل أنماط «المدنية» في المعمورة الإسلامية نفسها، وهي الدينامية التي تم تجاهلها في الخطاب الاستشراقي الذي وقع في إشكالية يُسميها سالفاتوري بالجوهر= أي وجود صفات أساسية للإسلام بموجبها يتم وصف أي معتقد بأنه لابد من تحقيقها ليكون إسلاميًا، فهو يرى مسألة جوهرية الإسلام متعلّقة بتصورات المركزية الأوروبية، وهنا خلط سلفاتوري، إذ محل النقد هو تلك التصورات التي أنتجتها المركزية الأوروبية بوصفها جوهرًا للإسلام لا أن الإسلام نفسه بلا جوهر ومن ثم نتكلم عن إسلاميات بدلًا عن الإسلام، على كل حال يتجاوز سلفاتوري هذا ويتحدث عن لغة أخلاقية قدمها الإسلام للمعمورة، وهنا نشعر بتناقض سلفاتوري إذ كيف ننزع هذه اللغة الأخلاقية عن جوهرية الإسلام التي يرفضها سلفاتوري، إذ الأولى متضمنة في الثانية بلاشك.

يرى سلفاتوري أن المعرفة والسلطة مفاهيم ناظمة للتركيب الاجتماعي في الإسلام، فهو ينطلق من البنية الفوقية لفهم المجتمع وتحولاته، فالمعرفة يبحث عنها من خلال ما سمّاه " الأخويات الصوفية" [ = لا يريد أن يختزل الصُّوفية إلى مجرد مسار روحانيّ وهو ما يمكن المحاججة فيه] والفقهاء وأدب البلاط " البيروقراطي"، أما السلطة فيبحث عن تحولاتها من خلال فكرة العصبية لابن خلدون، لكن هذا التنظير السلفاتوري الكبير يقابله فقر تاريخي يُدعّم هذا التنظير، على الأقل إذا ما قارناه بالدراسة السوسيولوجية ذات الطابع الماركسي التي قدمها محمود إسماعيل للفكر الإسلامي رغم لا موضوعيتها وتحيزها الأيديولوجي المنطلق من إحدى المقولات الماركسية المشهورة في أن الفكر انعكاس للمادة، وأن البنيان الفوقي من دين وأيديولوجية وفكر وفن ما هو إلا انعكاس للبنيان التحتي وهو وسائل الإنتاج وعلاقات الإنتاج، ورغم الهشاشة العلمية لأطروحة إسماعيل إلا أن الجانب السوسيولوجي أكثر حضورًا عنده من أطروحة سلفاتوري، كما غلب الجانب الوصفي عند سلفاتوري الجانب التفسيري، على كل حال جدلية السلطة والمعرفة في تطبيقها السوسيولوجي تُنتج أنماطًا محتلفة من المدنيات، فالمدنية- وفق سلفاتوري- مهمة لنسيج المجتمع الحديث أو التقليدي.

من هنا يلجأ سلفاتوري إلى العمران الخلدوني في مقابل المدنية الغربية، فالمدنية الخلدونية تتميَّز ببُعدٍ مزدوجٍ متأصِّلٍ فيها، بحيث يتقاطعُ مع جميع الدَّوائر الأخرى، وتبعًا لذلك ترتقي المدنية – وفقًا لتعريف ابن خلدون – إلى شكلٍ للحياة يقومُ على التَّحسين والتَّثقيف والآداب/الإتيكيت، ومن ثم يبدأ سلفاتوري بالتَّشكيك في خطابات الهيمنة الغربية، التي تفرضُ نماذجَ مُقنَّنة وتعريفات محددة للمدنية والحداثة، لكن يمضي سلفاتوري بعيدًا عن الفكرة الخلدونية ليقول بوثوقية أن تأثير الإسلام الأبرز لم يظهر إلا بعد انهيار السلطة المؤسسة على النظام الكسروي وتفتت مركزية الخلافة، منطلقًا من فرضية هشّة وضعيفة وهي أن الطرق الصوفية أسست عن طريق الدعوة والتجارة للمدنية الإسلامية، والواقع أن الرؤية الاستشراقية لروحانية الصوفية وسلبيتها أقرب للتصور من كلام سلفاتوري، وبشكل عام هناك إشكالات في اختيار سلفاتوري للشخصيات من حيث تقييم دورها في التمدن وبيان تأثيرها في المعمورة مثل أفكار ابن عربي التي لم يكن لها أصلًا أي تأثير سوسيولوجي في المعمورة الإسلامية وظلت منزوية ومحصورة بسبب هجوم علماء أهل السنة عليها.

سلفاتوري يرى أن هذه المعمورة الإسلامية كانت في سبيلها التلقائي للحداثة لولا الاستعمار والدول ما بعد الاستعمارية، يقرر ذلك لكسر مسلّمة الاستثنائية الغربية، لكن الحقيقة أن سلفاتوري لم يوضح أي شكل من أشكال الحداثة كانت ستؤول إليه المعمورة الإسلامية، فالحداثة ميراث فلسفي ولاهوتي قبل أن تكون ميراثًا تقنيًا وهي من الوجه الأول مرتبطة بالتاريخية الأوروبية، وما قدًمه سلفاتوري كدلالات على ظهور تلك الحداثة مثل الحركة الوهابية أو تأسيس ما يُسمى بدائرة العدل العثمانية مقابل نظرية اللفياثان الهوبزية، كل ذلك ليس له علاقة بميراث الحداثة الغربي، ولا يمكن اعتبار الحركة الوهابية حركة حداثية بالمنطق الأوروبي، ولا يمكن اعتبار تأثر رجال الاصلاح العثمانيين بأفكار الثورة الفرنسية من قبيل بروز حداثة إسلامية، الحداثة منتج لاهوتي وتقني أوروبي لا يصلح كمعيارية لغيره.

الحقيقة أن تناول موضوع مثل هذا صعب ومرهق، لتشابك السوسيولوجيا مع علوم أخرى كالتاريخ والأنثروبولوجيا والفينومينولوجيا، يزيد الأمر صعوبة عندما تحاول أن تؤسس لعلم اجتماع إسلامي في ظل هيمنة لأفكار دوركهايم و فيبر و ماركس= المحكومة بفكرتي التقابل والتنافي مع الحداثة ومنجزاتها وانحسار الدين أمام النظام الرأسمالي، ولاشك أن دراسة سلفاتوري رغم أسلوبه المرهق وتعمده للتطويل والتقعر المعرفي وتناقضاته وقصر تفسيراته وانحسار سرده التاريخي تظل دراسة مهمة وإضافة جديدة للمكتبة العربية.

#معرض_القاهرة٢٠٢٠
Profile Image for Zyad.
114 reviews31 followers
May 3, 2021
لم أفهم سوى أربعين بالمئة من تفاصيل وأطروحات الكتاب ولكن فكرة تأليفه العامة وضحت لي في الفصل الأخير تقريبا والخاتمة التي لا تقل تعقيد عن فصول الكتاب
ولا أبالغ إن قلت أنه أصعب كتاب قراته لحد الأن متجاوزا كتاب السرعة والسياسة لفيريليو
ولذلك الكتاب سيرافقني جولات وجولات
سالفاتوري أعلن أن الكتاب هو بداية كتابته واشتباكه مع أطروحات هودجسون عن المعمورة ولذلك كان هذا الكتاب هو الجزء الأول من ثلاثية
وللأسف لم اقرأ لحد الآن مغامرة الإسلام الذي يحتل منزلة الصدارة في عمل سالفاتوري
بعض أفكار الكتاب الصعب حسب مافهمت هي اشتباك وتطوير لبعض المفاهيم التي طرحها ولم يكملها مارشال هودجسون في مغامرة الإسلام ونقد لبعض أفكار ماكس فيبر عن الإسلام واشتباك مع بعض أطروحات برايان ترنر التي قدمها في التسعينات كنقد لبعض أفكار هودجسون
في الفصول الأولى اكتفى سالفاتوري بالحديث عن فكرة المجتمع المدني والمدنية في الغرب ومدى صلاحيتها في حالة إسقاطها على المعمورة الإسلامية وهنا تبدو عبقرية سالفاتوري بفهمه لتطور المفهوم في الغرب والتطور الفيلولوجي في اللغة الألمانية على وجه التحديد،جلب سالفاتوري في هذه الفقرات حنا ارنت في نقدها للعنف والدولة للتاكيد على كلام��
ويبدو أن هدفه هنا كان نقد فيبر بالدرجة اولى
بعد التنظير للمصطلح ينطلق سالفاتوري للحديث عن العالم الإسلامي بتنوعاته طبعا بالاستشهاد بمغامرة الإسلام
والتركيز الكبير الذي صدمني هو الحركات الصوفية ،إذ لا ابالغ إن قلت أن نصف الكتاب هو الحديث عن الجماعات الصوفية ودورها التاريخي عبر المراحل المتهددة قبل المغول وبعد المغول أنتهاءا بالعصر الحديث ( من الامثلة التي ذكرها ولم اتوقعها هو تخصيصه فقرة عن تجربة الشيخ عبد الغني النابلسي كمدرسة شامية في لحظة تحدي للسلطنة العثمانية)
من النقاط المهمة التي أبدع بها هي تشريحه لدور الصوفية في ترسيخ الحداثة في العالم العربي ومثال ذلك دولة محمد علي عبر دراسة ظاهرة رفاعة الطهطاوي وشيخه حسن العطار (طبعا هذا فهمي أنا للفقرة ليس أكثر)
ربما كان التركيز فقط على الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي واغفال الطرق الصوفية الأخرى يحتاج مراجعة والله أعلم

ملاحظاتي خلال القراءة
أني دخلت الكتاب بلا اسئلة حرفيا سوى أني سمعت محاضرة الدكتورة هبة رؤوف عنه وتشديدها على اهميته فأعجبني الموضوع وتزامنا مع اهتمامي الغريب بفهم المدن وظواهرها وتشكلاتها ولأن الاطروحة الأساسية هي تطوير لأفكار هودجسون عن المعمورة الإسلامية،فخرجت بكم هائل من الأسئلة التي تحتاج لإجابات وربنا ييسر
من المحزن لنا كمسلمين عندما ترى تفاني باحث غربي في دراسة ظاهرة تاريخية ربما عفى عليها الزمن ومحاولة تطويرها المستمر لعلمه أنها صالحة لإصلاح الخلل والكوارث التي انتجتها الحداثة
وترى كم العمق عند الغربيين وفهمها للدور الحضاري الذي يقدمها ديننا ونقده المستمر للحداثة الغربية على عكس أشباه المفكرين العرب المبهوريين لليوم في أفكار التنوير وهادا العلاك المصدي
أحد عبقريات سالفاتوري التي لاحظتها هو تحرك المرن على مستوى الماكرو ومستوى الميكرو فبنفس الفقرة تراه يحدثك عن البحر الابيض المتوسط والحضارات في تلك اللحظة وموقعها ويكملونفس الفقرة وتراه يدخل تحليل داخلي لتفصيلة صغيرة وجزئية وانت كقارىء يجب عليك استشفاف الخيط الناظم لتلك الطريقة في التفكير
ربما على مستوى التفاصيل الصغيرة تستطيع أن تجد بعض النقد لأطروحة الدولة المستحيلة للدكتور حلاق والذي للغرابة لم يستشهد به سالفاتوري بتاتا خلال الكتاب
Profile Image for عمر الحمادي.
Author 7 books704 followers
September 24, 2023
لا يصلح هذا الكتاب لعموم القراء غير المتخصصين لكونه غارقاً في الأكاديمية... ويبدو أنهم قد تمت ترجمته لمجرد حمله لعنوان جذاب.
Displaying 1 - 4 of 4 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.