أنا امرأة الضوء،أضئ له حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود.كنت أعرف أنني أدفع ثمن ارتباطي به في صمت وكتمان،قد تشفق علي أمي التي وهبتني له وقد يشفق علي أبي الذي وقع عقد استشهادي عندما وقع عقد زواجي،وهذا أحتمله أيضا ولكن ما لا أحتمله أن يمضي قبلي؛إما أن أرحل قبله أو نرحل سويا.
وُلدت نردين عبّاس أبو نبعة يوم 30/6/1971 في عمّان، أنهت الثانوية في الرياض/ السعودية سنة 1988، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الأردنية سنة 1992.
شغلت عضوية لجان التحكيم في عدد من مسابقات الأطفال، وشاركت في ورشات لتدريب الأطفال على كتابة القصص، إلى جانب ورشات لتدريب المعلمين في إمارة دُبَيّ بالإمارات لتفعيل حصة التعبير وتعليم كتابة القصة والمقالة عبر اللعب.
نالت جائزة تقديرية في مسابقة العودة التي نظمتها مؤسسة "بديل" برام الله سنة 2011 عن قصتها "سر الدراجة".
وهي عضوة في رابطة الكتّاب الأردنيين، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية/ مكتب الأردن.
قد شغَفَها حُبًّا – نردين أبو نبعة مراجعة: أيمن العتوم
هي روايتها الثّانية بعد (ربّ إنّي وضعتُها أنثى)، اتّفقتا في الغاية، وفي أسلوب التّسمية، وفي الموضوع بوجهٍ عامّ، واختلفتا في الأسلوب... ففي الثّانية بدا أنّ نردين قد تمكّنتْ من أدواتها أكثر، وبدا أنّ تقنيات السّرد طيّعةً لقلمها. تسير الرّواية في خَطّين، يتوازيان أحيانًا فتبدو كأنّها رواياتان لا واحدة، وقد يتقاطَعان في البطلة (وداد) فيبدو أنّ البؤرة الّتي تنبثق منها الأضاء واحدة، وأنّ المركز الّذي تدور عليه الأحداث واحدة. الخَطّان المتوازيان يمثّلهما البطل الأسطورة (يحيى عيّاش) الّذي استُشهِد عام 1995 والبطل (محمّد الضّيف) الأسطورة الأكثر غموضًا الّذي قالتْ عنه الرّواية ص 14 إنّه: "الرّجل الّذي يُدير عمليّات القتال وهو جالس في حُفرته... الشّبح الأكثر مرواغةً وحيطةً وحذرًا ومهارةً وخطرًا". ما يُحسَب للثّاني (الضّيف) أنّه ظلّ مُحتِفظًا بسرّ البقاء؛ البقاء الّذي يُمكّنه من أن يظلّ مُرعِبًا وإنْ كان: "فقد ساقَيه في إحداها، وإحدى عينيه، ويجلسُ على كُرسيٍّ مُتحرّك، وينتقل في القِطاع تحت الأرض لإدارة عمليّات المُقاومة ضِدّ الصّهاينة، وهو أحد المطلوبين الّذين تعجز إسارئيل عن الإمساكِ به أو اغتياله". كما قالت الرّواية ص 9-10. ولقد قرأتُ عنه في منتصف التّسعينات من القرن المُنصرِم أنّه لم يكنْ – لشدّة حذره – ينظر من نافذة، ولا يتكلّم بهاتفٍ أكثر من مرّة، ولا يُخاطِبُ شخصًا – مهما كان شأنُ هذا الشّخص – لأكثر من دقيقتَين. ومِيزة الاختِباء كنسمة هواء في تراب فلسطين، وسِمة التّنقّل كشبح هي الّتي قدّمتْه على الأسطورة الّتي قدّمتْه خليفًا لها. هنا يتوازيان لكنّهما يتقاطعان في نقطةٍ أشدّ وضوحًا؛ إنّهما معًا كفردَين دوّخا إسرائيل أكثر مِمّا فعلتْه الجيوش العربيّة مجتمعةً منذ النّكبة عام 1948م!!!
الرّواية تُروَى على لِسان بطلتَين أيضًا، وهما تسيران كذلك بخطّين متوازِيَين، لكنّ الكاتبة استطاعتْ في مراحل متفرّقة من القَصّ أن تجمع بينهما إلى درجة التّطابق، وإلى الحدّ الّذي يحتار فيه القارئ في تمييز الصّوت الّذي يتكلّم الان، وإنْ كانت هذه الحيرة لا تَطولُ كثيرًا؛ إذ سرعان ما تتكشّف الحقيقة بعد بضعة أسطر أو صفحاتٍ في إشارةٍ هنا أو هناك تفصل بينهما كبطلتَين منفصلتَين لأسطورَتَين متّحدَتَين. إذًا هما (هيام) و(وداد). وهما كذلك (يحيى عيّاش) و (محمّد الضّيف). تاريخٌ طويلٌ من النّضال وإرثٌ عريقٌ من المقاومة، وأسطورَتان لا يفاضلُ بينهما موتٌ أو حياة. فالأسطورة تبقى قادرةً على العيش في زمن صاحبها أو بعده. (هيامم) زوجة شهيد، ومحمد الضّيف زوج شهيدة، وهنت يبدو أنّهما تتبادلان الأدوار، لتبادل البطلَين دورهما – كذلك – في الموتِ والحياة، تبقى (هيام) حيّة لتوصل أسلوبها في الحِفاظ على زمن الأسطورة إلى (وداد)، وتسمح ليوسفها أن يرتقي إلى الله حيثُ لا موت، أمّا (وداد) فترتقي إلى الله حيثُ لا موت لتسمح ليوسفها بأن يُكمل المسيرة؛ مسيرة النّضال الطّويلة نحو التّحرير؛ وليبقَى شبحًا مُرعِبًا يطلع في منامات قادة الكِيان الغاصب ويتمثّل لهم في كوابيسهم!! (وداد) الّتي كانت لا تعرف كتابةَ كلمة واحدة، وترجو أختها إيمان أن تكتب لها موضوعًا واحِدًا، هي الّتي قصّتْ كلّ هذه الحكاية الرّائعة، ولكنْ كيفَ تعلّمتْ ذلك وهي الّتي كان بينها وبين القلم والورقة سدودٌ وحدود!! هي نفسها تُجيبُ عن ذلك فتقول، في الرّواية ص23: "هيام هي الّتي فتحتْ لي باب الكتابة.. شدّتْني من يدي المُتعثّرة المُرتبِكة، علّمتْني أن أكونَ واضحةً وصادقةً، وأنْ أكتُبَ كلّ ما يخطر في بالي، وضعتُ القلم بين أصابعي.. القلم الّذي يتّكِئ على حكاياها أوّلاً.. ثُمّ رويدًا رُويدًا بدأتُ أسترسلُ وتنفكّ عُقدتي في الكِتابة". إذًا من هنا بدأ مِشوار الكتابة عند (وداد) ومن هنا قدّمتْ لنا روايةً رائعة ممزوجةً بالألم والأمل، والحبّ، والحُزن، والرّضا... وكُلّ متناقضات النّفس البشريّة الجميلة... صحيحٌ أنّنا فثي النّهاية استطعنا أن نخرج بالجَمال كلّه في هذا العمل الرّوائيّ المتميّز... ولكنّ السّؤال الأهمّ هو: لِمَ اختارت الكاتبة نردين أبو نبعة هذا الأسلوب في القَصّ؟! هل كان ثمّة مهربٌ آخر لأسلوبٍ آخر؟! وما الّذي دفعها إلى اتّباع هذه التّقنية في السّرد؟! أهو الخوف من سيطرة (الرواي العليم) على مُجريات الأحداث بحيثُ تبدو لا واقعيّة أبدًا؟! أم أنّه أسلوبٌ يُريح المُبدِع الّذي ينزف حروفه على الورق؛ ذلك الأسلوب الّذي يجعل الذّكريات هي الّتي تتحدّث عبر انثيالها من دفتر مُذكّرات؟! كلّ هذه الأسئلة كانت مطروحةً في ذهن أيّ قارِئٍ مِنّا. وأعتقد أنّني لو كنتُ مكانها لما فكرّتُ بطريقةٍ أفضل من طريقتها هذه، ولَما خرجتُ بأسلوبٍ أقدر على سدّ ثغرات القَصّ الزّمني من أسلوبها هذا!! إنّه مثل ذلك الفِلم الّذي نُشاهِدُ أحداثه بكامل عُنفوانه ودراميّته من خلالِ بطلةٍ تقرأ من دفتر ذكريات لبطلةٍ أخرى، وتكتب هِيَ كذلك على هوامش هذا الدّفتر فتُضيف إلى الأحداث السّابقة أحداثَها هي الّتي تحدثُ معها للتّوّ... وهذا منتهَى الإفلات من عقوبة التّقديم والتّاخير في الأحداث (أي مُعضِلة الزّمن)، ومن خلال ذلك تستطيع الكاتبة أن تأخذ راحتها في السّرد بحيثُ تختفي الفجوات الزّمانيّة والمكانيّة من الأحداث. إذًا تبدأ (وداد) من خلال هذا الدّفتر بالقص، تتركه أحينًا، فتكتب هي، تعود إليه من جديد فتروي من خلاله حدثًا جديدًا، تنهيه، لتعود إلى نفسها... إلى حَدَثها الخاصّ، وهكذا... تستمرّ الرّواية بمشهديّة عالية حتّى تنتهي...!!! أليستْ هذه عبقريّة من الكاتبة في اختيار هذا الأسلوب لحكايتها... في تقديري المتواضع أعودُ فأقول: لم يكنْ هناك من طريقةٍ أخرى كان يُمكن أن تنجح أكثر من هذه...!! تتفنّن الآن الكاتبة في رسم المشهديّات من خلال البطلة الّتي تستمرّ في القصّ حتّى يختارها الله إلى جواره، والمشهديّات المرسومة هنا تستحقّ الإشادة، لقد كانتْ ريشةُ فنّان الّتي ترسُم، فتراها ترسم مشهديّة الإفلات من حواجز التّفتيش الّتي يكون فيها البطل أو البطلة قاب قوسَين أو أدنى من الاعتقال، ظهر ذلك في مشهد (جواهر وعالَمية) في الصّفحات (26- 34)؛ تقول ص29: "أمّا أنا فقد وهبني اسم (جواهر) وأمّا حماتي فقد كان اسمُها (عالَميّة)، وعلى الفور حفِظتُ اسمي وبدأتُ أتخيّل الدّور الّذي سأقومُ بتمثيله.. فأنْ تتقمّص شخصيّة أخرى وتخرق قوانين المحتلّ أمرٌ يدعو للشّعور بالسّعادة ولو مُؤقّتًا". وهذه مشهديّة أخرى ترسمها للعميل من خلال الوصف والحوار، تقول في الرّواية ص81: "كنتُ في أحيانٍ كثيرةٍ أدخل عليه الغرفة فجأةً فأشعر بأنّ الخوفَ ينغل في روحه.. يمصّ دمه ولا يتركه يهدأ أو ينام.. أصبحَ نحيلاً أكثر، وكانتْ برودة يديه تزداد رغم الملابس السّميكة الّتي كان يلبسها.. كنتُ أشعر أنّه قد تغيّر.. لكنّني لم أكنْ أتوقّع أن يصل به الأمر إلى التّلوّن كالحرباء.. كثيرًا ما كنتُ أنام مُمدّدةً على الكنبة في الصّالة المُقابلة لغرفته فأصحو على صوته الفَزِع.. أغفو قليلاً ثمّ أصحو على صوته وقد أرهقتْه الكوابيس. عَمِلَ معهم مدّة طويلةً دون أن يشُكّ أحد.. حتّى أنا أخته... وأقرب النّاس إلى قلبه لم يخطر على بالي أن يصل الأمر إلى هذا الحدّ.. كنتُ أتناقش معه يوميًّا... أحسستُ تغيُّرًا في أفكاره.. كان يقول: - المقاومة قِشرةٌ بالِية... أنهكها الجوعُ والعطش... أنهكها الحِصارستزول عند أوّل ضربةِ سِكّين. تدور الأرض وأنا أسمع كلماته، تُخيفُني هذه الكلماتُ فأقول: - المُقاومة الأولى هي مُقاومة نفسِك الّتي تعمل ضِدّك وضِدّ الوطن، نفسك هي عدوّك الأوّل.. المُقاومة الحقّة أن تُقاوِمَ ضعفك وجُبنَك وعجزكَ وشهوتَك.. أنتَ عاجِزٌ عن مُقاومة أيِّ شيءٍ؛ لذلك تصف المُقاومة بالقشرة!! إمّا أن يكون مفهوم المُقاومة شامِلاً وإمّا ستسقط وتتدحرج كما أراكَ الآن!! المُقاومة كُلٌّ لا يتجزَّأ... تبدأ بنفسِكَ وتنتهي بعدوّك". ولاحِظ معي هذا التّعريف الجامع المانع للمقاومة. وعن مشهديّة العلاقة بين الفنّ والمقاومة، تقول في الرواية ص159: "هل ثمّةَ علاقةٌ بين الفنّ والمُقاومة وما المسافةُ بينهما؟!". وتجيب بقولها على لسان (الضّيف) في الرّواية ص159-160: "الفنّ ضمّة ورد، والمُقاومة سيفٌ ورمحٌ، وهُما جناحان مهما كان أحدُهما قويًّا لا يُمكن أن يطير دونَ الآخَر. المُقاومة تُشبه الفنّ في صوتِها الشّجيّ، في إنارةِ الرّوح، في إيقاد الشّعلة". تُتقِن الكاتبة تكثيف العبارة، وتصوير المشهد كأنّنا نعيش لحظتَه الفارقة، وتعبر بنا ذلك من خلال آياتٍ عِذاب من القرآن الكريم، لاحظ هذه اللغة القرآنيّة العالية في الوصف والسّرد: 1. "قد شَغَفني حُبًّا .. غير أنّي لم أُراوِدْ يوسف، لم أقُدَّ قميصَه من دُبُرٍ، لم أُعطِ صُويحباتي سِكّينًا وأَقُلْ ليُوسفي اخرجْ عليهنّ". الرّواية ص9. 2. "جاء الحُبُّ وزهقَ الحُزنُ إنّ الحزنَ كانَ زَهوقًا". الرّواية ص16. 3. "الحياةُ هي أن نعرف أنّ لله وعدًا، وأنّ وعده الحقّ". ص105.
ولاحظ هذه العبارات المُكثّفة: 1. "لكنّني عندما اتّخذتُ قراري لم ألتفتْ للوراءِ أبدًا". الرّواية ص13. 2. "عَجِبْتُ لِمَنْ لم يَذُقْ طعمَ العِشق كيفَ ينبضُ قلبُه؟". ص21. 3. "الخوفُ هو بَعثرة الخُطا وانطِفاء الرّوح في لحظةٍ وإذاءَتها في لحظةٍ أخرى.. استِدارة الرّوح في الرّمق الأخير إلى الجسد". ص35. 4. "كُلّنا في غزّة نُمارس لُعبةَ الهرب.. الهَرَب من قَدَرٍ يتسابَق نحونا. كُلُّنا يُحاول أن يضع غِلالةً على عينيه حتّى لا يَرى المشهد القادم، لكنّ المشاهد تزحفُ صوبَنا بتؤدةٍ وتصميمٍ بالغٍ". ص49. 5. "من عينَيه النّاعِسَتَين يُطِلّ بحر غزّة بموجه الهادر ليُغرِقَ مَنْ باعوا المرافِئ ولوّثوا الذّاكرةَ وشوّهوا الحقيقة". ص55. 6. "الشّهداء هُمُ البسمة الخَضراء الّتي لا تذبُل". ص55. 7. "بالقُربِ منهم اكتشفتُ أنّ الطّهارةَ هي أن تتوضّأ برمل الوطن". ص67. 8. "الحُرّ هو الّذي يصنع حُرّيته". ص82. 9. "أشدّ أيّام الحرب وجَعًا هي الأيّام الّتي تلي الحرب". ص93. 10. "قلوبنا هي الّتي تُعطي الحياةَ شكلاً مُختلِفًا ونكهةً مُختلفةً". ص105. 11. "بينَ صوتِ الدّيك الّذي يُعلن الفجر وصوتِ المُقاومة شَبَهٌ عظيمٌ؛ فكلاهما يبتكر النّور". ص136. 12. "أيّهما أكثر إيلامًا... أن تبقى الذّاكرة مُحتفِظةً بجرحها وأغلالها وأثقالها؟! أم تبوح؟!". ص142. 13. "لنا وَطَنٌ يليقُ بالعاشِقين المُنتصرين، والانتِصار لا يعني كسبَ الجولة في المعركة... الانتِصار يعني أن لا أنكسِر". ص147.
سمعت مقطعا للكاتبة نردين أبو نبعة تتحدث فيه عن وداد زوجة محمد الضيف وقصة زواجها العجيبة، وأنها أرادت أن تكت�� رواية تتحدث فيها عن زوجات رجال المقاومة فكتبت هذه الرواية. وقع كلامها في قلبي وتأثرت به كثيرا.
هيام ووداد زوجتان يفصل بينهما الزمن، ولكن الحكايات في فلسطين متشابهة وفريدة في آن واحد.
كتبت هيام زوجة المهندس الشهيد يحيى عياش مذكراتها فكانت خير رفيق لوداد في حياتها القصيرة.
حياة المجاهدين نتخيل صعوبتها، لكن ماذا عن زوجاتهم، كيف يعيشن وبماذا يشعرن؟؟؟
وداد الزوجة التي لم يعرف من زوجها إلا يوم استشهادها هي وأبنائها 😥😥😥
زوجة بلا عنوان ولا أي وسائل للاتصال.
رواية قصيرة اختلط فيها الواقع والخيال، الحب والرعب من فقدان المحبوب.
لغة عذبة وأبطال حقيقيون عشت معهم وستبقى سيرتهم خالدة في وجداننا.
هذه الرواية نشرت عام 2015 لكنني شعرت وأنا أقرأها أنها كتبت اليوم.
أخجل عندما أقول أنني أظن أن أحداث غزة هذه المرة هي أول أحداث تحدث لفلسطين وأتفاعل معها بهذا القدر، لا أدري ما السبب، ربما وسائل التواصل الاجتماعي التي ربطتنا بهم، وبتنا نعرف أسمائهم وحكاياتهم، كنا في الماضي نعرف عن الأحداث بشكل عام ولا نتذكر التفاصيل، أما هذه المرة فقد اقتربنا كثيرا وسمعنا وقرأنا، نحاول أن نعوض ما فات.
أتمنى بالفعل من كل قلبي ألا تمر هذه الأحداث كما مر غيرها، فهم يستحقون النصر المبين الناصع بإذن الله العلي القدير.
"لنا وطن يليق بالعاشقين المنتصرين، والانتصار لا يعني كسب الجولة في المعركة، الانتصار يعني ألا نستسلم!
قد أنتصر يوما وأنهزم أيامًا، هذا لا يهم، المهم أن نستمر في القتال حتى تتحرر الأرض. قد نقطف ثمار التحرير، وقد نبذر البذور ولا نرى الثمرة، لكن بالتأكيد سيراها أولادنا.
مجرد أن تقف وسط الراكعين فأنت منتصر، مجرد أن تفرح فأنت منتصر، المهم ألا تنحني!".
قد شغفني حبا ...غير أني لم أراود يوسف , لم أقدّ قميصه من دبر , لم أعط صويحباتي سكينا وأقل ليوسفي اخرج عليهن! فهل كان من الجنون أن أعشق رجلا أكبر ذنوبه التسبيح بحب الوطن؟ بين حروف الأحلام المتيّمة والكلمات المليئة بالضجيج والسطور المتوجة بأجمل قصص الحب نتنقل بين هيام ووداد , تفصل بينهما سنين طويلة تتجاوز الخمس عشرة سنة ولكن كان لهما القدر نفسه في إتقان شرارة الحب وإبقاء جذوتها مشتعلة . في مذكرات هيام زوجة الشهيد يحيى عيّاش ستجد أجمل قصص الجمال ,ستجد قصة لزوجة عاشق مقاوم , مطارد من ثم شهيد " يحيى يحمل من اسمه النبض الذي لا يفنى , الأرواح التي تحمل أسماء نابضة لا يمكن أن تفنى أو تصدأ , والأسماء التي تلبس أرواحا مناضلة يصبح لها بريق لا يبهت ! هل كان قدرا أن يكون اسمه يحيى ليحيا ولا يموت! وهل هو قدري أن أحمل اسم هيام .. التي تهيم عشقا بالوطن , الوطن الذي يكون أحيانا على هيئة رجل !" . ومن وحي هيامها بيحيى قررت وداد أن تكتب مذكراتها من وحي ودادها ليوسف ! وداد و زوجها المطارد والذي قالت عنه " لم أكن أتصور مهما شطح بي الخيال ووصل أن أكون ملكة متوجة على عرش الرجل الأول في غزة ,,, الرجل الذي يدير عمليات القتال وهو جالس في حفرته ,,, الشيخ الأكثر مراوغة وحيطة وحذرا ومهارة وخطرا" نجا من عدة محاولات اغتيال فقد ساقيه في إحداهما وإحدى عينيه , ويجلس على كرسي متحرك ,هو أحد المطلوبين الذين تعجز إسرائيل عن الإمساك به أو اغتياله !.
وستتفاجئ في النهاية حين تستنج أن وداد الراوية هي وداد الشهيدة والتي استشهدت في حرب غزة 2014 بصاروخ استهدف منزل لعائلة الدلو. إذن روايتان في رواية واحدة الأولى بطلها يحيى عياش , والثانية بطلها "محمد الضيف " . كمية الجمال الكبيرة هنا والذكاء في اختيار العنوان , الهدف , الحبكة , الأسلوب , اللغة ,التعبير , كل هذا يصبّ لصالح الأستاذة نردين في عملها الروائي الثاني..
قد شغفتنا محمد الضيف حباً و عشقاً لأرض الأقصى فسلاماً لروحك الطيبة الطاهرة و سلاماً على إبداعك العسكري و تألقك العقائدي و سلاماً لك على طوفانك المبارك و الصبر لنا على هذا الفراق ...
" لم أكن أخاف الموت ، كل ما كنت أخافه ان تضيع هذه المشاهد دون أن يعرف بها أحد، أن يموت المظلوم دون أن يعرف العالم من هو القاتل، أخاف ان تحتشد تلك القصص في صدري كما الدخان الكثيف الأبيض الذي يملأ صدري فتقتلني قبل أن أكتبها و أرويها، في تلك اللحظة كنت أريد أن أكتب بقوة حتى يعرف العالم أن جرح غزة ما زال مفتوحا " " المقاومة كلٌ لا يتجزأ .. تبدأ بنفسك و تنتهي بعدوك "
" ما كان للإحتلال أن يطعننا إلا بسكيننا "
رحلة مؤلمة تأخذنا فيها نردين أبو نبعة لنُعايش المقاومة الفلسطينية لا من وجهة نظر مقاوميها بل زوجاتهم اللاتي إختصرتهن هذه الحكاية بشخصية السيدة هيام عياش و شخصية السيدة وداد عصفور رحمها الله ، شخصيتان عَرفتنا بوجع القضية و ألم استمرارها الذي إمتد مع أجيال لم تشهد النكبة الأولى في وقتها و ان شهدت كل الأوضاع التي تزامنت مع تلك النكبة حاضرة بلا إنقطاع ... الغريب في هذه الحكاية انها جاءت بالقصة كما هو واقع المقاومة فالفقد من نصيب المقاوم أو أسرته و الحظ حليفا لمن يحظى بالفقدين معا فيرحل مع أحبته بسلام ... لقد اخترقت البسمة روحي و انا اقرأ الرسائل المشفرة التي ينقلها المؤذن الى رجال المقاومة لتنبيههم في حال حدوث تفتيش أو مباغتة من احتلال العدو ... لم تُعبر الكاتبة عن شعور هاتين السيدتبن بما يكفي ، و ان حاولت، ربما لان الشعور لا ينتهي بضغطة القلم الذي ينقله و سطح الورقة التي تُظهره أو ربما لان الألم انتقل إليها و إكتفت أن تعتصره بصدرها لتُهون على القارئ تجرع ذلك كله و لكنها نقلته بما يكفي لتُشغفنا بأرض الزيتون حبا !!
إنهاءُ بعض القصص قد يكون صعباً كالبدء بها هنا هي القصة الغزيّة "قد شغفها حبا " سبّحت و صلّت و تعمّدت و احتَرقت و افتَرشت كل جوارحي منُذ البدء بها للحظة الإنهاء ! استباحت كل ما بي ! و أخيراً أطلقت أنفاسي،، لا راحة؛ بل إعلانا أنّ المهمة باتت أصعب من قبل ! مهمّة الحياة في ظل أولئك المقاومون الحياة وراء تفاصيل نساء لا كباقي النساء راودهن الحب - تماماً - كما يراود الموت القتيل ! راهن عليهنّ الوطن ،، و كنّ على قدم و ساق ضعف الرهان و ضعف الحياة و ضعف الممات و ضعف القصص ! مسكين من لا يعشق الوطن و فقير من لا يموت لأجله قدراً على أبناء غزة أن يولدوا ثوار و أن يشتهوا أقل القليل من الحياة -كما يقول مريد البرغوثي. قدرهم - حياءا لا أقول قدرنا فأنا أمامهنّ غزيّة الهوية فقط- قدرهم أن يولدوا ثوار و أنا قدري أن أحيا الوجع الغزيّ ،، و لسعة القدر الغزيّ قدرنا نحن أن نحيا الغضب الغزيّ أن نراقص أفراحهم البسيطة و أن نخجل الشكوى من همومنا الصغيرة أن نتستر بالدعاء للمقاومة الغزيّة و أن نتغلف بقبلة العشق ل غزة ~♡ غزة الآفة التي انتقصت أشباه المواطنين غزة الشغف الرقيق بعيدة السكن قريبة القلب تلك التي أورثتني عناد بحرها و شقاء حياتها فخر الاسم و نعرة الثقة الغزيّة ! الأم التي أورثتني صلابة ورداً و ناراً الأم التي قلبت مقادير مثيلاتها من أمهات غزة التي لا تسعفني الكلمات فلا أتقن فنّ الرقص عشقاً على لحنها ! أسعفتني رواية #قد_شفها_حبا فعشت قتيلة أثناء قراءتها .. حيّة أثناء تمعني بها !
بدأت قراءة هذه الرواية قبل سنة تقريباً، ثم توقفت عند الصفحة رقم ٥٠ وتوقفت، عدت لها مؤخراً وأنهيتها اليوم. 👈 لغة السرد يطغى عليها الطابع الخطابي، مع ذلك تتمتع بقدر عالي من الشاعرية. 👈 لم يتم توظيف المكان بشكل يخدم ويعزز بنية الحدث، ومع أن الكاتبة حاولت أن تبدو على معرفة به، إلا أن محاولاتها ضربت مصداقية الرواة أمام أبناء غزة بالذات. 👈 الشخصيات ليس لها هويّات مستقلة، ويغلب على أصوات الراويتين الطابع المبالغ في تقمص المثالية، بشكل يتعارض مع واقعية الحكاية المبنية على قصة حقيقية. 👈 صوت الكاتبة يستحوذ على "الميكروفون" ويشوش على أصوات الشخصيات، فهناك شبه تطابق في طريقة استخدام اللغة وأدوات التعبير تصل حد التشابه في استخدام تركيبات لغوية وصور مجازية. 👈 كثرة المجازات والاستعارات أخلَّت بترابط الأحداث وأضعفت تماسك الحبكة. 👈 هناك تنقل بين صيغة الغائب وصيغة المتكلم. 👈 النص مغرق بالشاعرية والمجازية، وهو نمط كتابة له جمهوره. 👈 أنا أعيش في غزة ولا أتذكر أنها مرت بأربعة حروب، لا أذكر سوى ثلاثة 🤔 👈 لا يمكن أن تكون زوجة الضيف قد دخلت مركز إيواء، ولم يكن هناك قسم غسيل كلى يمكن أن تتحدث عنه زوجة يحيى عياش في غزة في التسعينيّات، وفي التسعينيّات بالذات لم يكن هناك حصار، هذه أمثلة عن بعض ما ورد في الرواية وجعلني أتوقف وأتعثر وأعيد القراءة لأتأكد من صحة فهمي للمكتوب.
هذا الكتاب هو رسالة تضامن ودعم وحب عالية الخطابية، متعوب على مجازاتها، والكاتبة إنسانة جميلة ومرهفة شديدة الانتماء والانحياز لفكرها، تتمتع بالقدرة على توثيق مشاعرها المتدفقة وفيضها الشعوري.
قد شغفتني حبّا.~ حُبًّا بالسلآح، حُبًّا بالمقاومة، حُبًّا وتَمسُكًا بالثأر، حُبًّا بفلسطينيتي المغتَصبة، حُبًّا بقضيتي المنّسية، حُبًّا برجَالٍ خاضوا كُلَ الصعابِ من أجل ان ينعموا بوطنٍ دافئ، بوطنٍ يحنوا عليهم تارةً ويقسوا عليهم تارةً اخرى من اجل التضحية. وداد و مُحمد، هيام ويحيى..~ بعضٌ منهم الآن على قَيد الحياة، ومنهم من يتَنعمُ بإحدى نوافذِ الجنانِ التي فُتِحت له. ')
كنت اقول دائما ان الرواية تؤلم حين تكون احداثها من الواقع...لكن القاتل في هذه الرواية انها حقيقية...وكل احداثها حقيقية..أتدرون مقدار هذا الألم أتدرون؟؟
✏️ . . اسم الكتاب: #قد_شغفها_حبّا المؤلف: #نردين_أبونبعة عدد الصفحات: 182 الدار: المؤسسة العربية للدراسات والنشر ✏️ الرواية الثانية التي أقرأها للكاتبة الرائعة #نردين_أبونبعة .، والتي تتميز بعناوينها الجميلة والمعبرة جداً .، مرة أخرى تعود بي #نردين_أبونبعة لفلسطين ولحكايات أهلها .، مرة أخرى تاخذني لغزة والكثير الكثير من أحياء وقرى فلسطين .، لتعرفني على امرأتين قد شغفهما الحب بزوجيهما المقاوميْن .، "وداد" زوجة الرجل الأول في غزة .، الرجل الذي يدير عمليات القتال وهو جالس في حفرته .، الشبح الأكثر مراوغة وحيطة وحذراً ومهارة وخطراً على إسرائيل .، "يوسف" .، "هيام" زوجة الرفيق الدائم ليوسف .، "يحيى" .! . . تقرأ الرواية وكأنك تقرأ روايتين مختلفتين الا أنك بعد ذلك تراهما متقابلتين في أكثر من موقف وأكثر من حكايا .، ترى القوة والصبر والرضا والاطمئنان .، هكذا هم نساء فلسطين كلما قرأت عنهن ازددت يقيناً بأنهن عظيمات صابرات .، هنا "وداد" التي شُغفت حباً بـ "يوسفها" غير أنها لم تراوده عن نفسها .، ولم تقدّ قميصه من دبر .، ولم تعطي صويحباتها سكيناً .، بل أنها عشقت رجلاً أكبر ذنوبه التسبيح بحب الوطن .، فكانت له الزوجة والمرأة القوية والصابرة التي عشقت مقاومته وحبه لتراب وطنه .، بالمقابل كانت "هيام" .! . . كانتا تعلمان بما قد يجري لزوجيهما .، ولكنهما راضيتان كل الرضى بحياتهما .، فـ ها هي "هيام" تودع "يحيى" شهيداً محتسباً عند الله .، وها هو "يوسف" يواري جثمان "وداد" وولديه شهداء عند الله .، حتى خرجت غزة كلها ترفع على الأكتاف زوجة القائد وولديه .، وتسمع غزة كلها اسم الزوجة لأول مرة .، ويكون يوم استشهادها هو يوم عرسها .! . . رائعة هي #نردين_أبونبعة في سرد حكاياتها الفلسطينية .، مميزة .، لغتها الرائعة وأسلوبها يجعلك تلتهم الرواية بلا توقف .، شكراً شكراً #نردين_أبونبعة لهذا الإبداع .! ✏️ كتاب رقم: 29 لسنة 2017 ❤️
خيبتِ ظني يا نردين ، أول خمسون صفحة خِلتُ أنها ستكون رواية تقليدية في الحب والحرب ، وأنها ستكون على شاكلة الروايات التي تركز على تجربة الحب والملل والإعادات ، حتى أنني كتبت على ظهر الرواية " ليتكِ لم تكتبي واكتفيتِ فقط بالقراءة لهيام " ، لأأ، رواية عظيمة وسطية بين الوردة الحمراء والسيف ضمن رسائل عاطفية جميلة ، أسماء كثيرة جداً وأحداث كثيرة جداً لكن بالمجمل رواية أصولية في حب الوطن والتضحية لعيونه وأن مفهوم المقاومة مفهوم شامل يبدأ من أصغر الأمور ، وأعجبني نقد السلطة بين الحين والآخر . كابتن تسكيفا .. هذه الأرض فلسطينية ، ذرات ترابها من رفات أجسادنا ، ونحن من سيكتب النهاية ، نهايتكم
قد شغفها حباً .. عندما تقرأ العنوان أول ما يأتي في بالك أنها رواية حب وعشق ، وكل مافيها من الأحلام ولا تمت للواقع بصلة، لكنها عن الحب بكل وجوهه، عن الوطن والانتماء، عن المقاومة والشهادة، عن حب الأرض التي تُسقى بدماء أبنائها، عن غزة .. غزة القوية، غزة الجبارة، غزة صانعة الرجال! غزة "المدينة النائمة على صدر الدمع" التي " رغم الأشلاء التي لا تجد لها قبراً مازالت غزة تركل وتركل حتى لا تركع" سحرتني الكاتبة نردين أبو نبعة بأسلوبها اللطيف وكلماتها العذبة، وأكثر ما أثر فيي ماذكرته في بداية القصة " أحداث هذه الرواية حقيقية .. إنها مستلهمة من يوميات زوجتين لمقاومين فلسطينين" وهذا ما جلعني اقرأ وعيناي تمتلئ بالدموع. وداد وهيام زوجتين لاثنين من أبرز رجال المقاومة الفلسطينية في زمنين مختلفين، يبدو أن قصتاهما ممتدتان فقد عاشت وداد ما عاشته قبلها هيام وما عاشته الكثير من النساء الفلسطينيات قبلهما وستعيشه بعدهما. حكاية وداد وهيام كما وصفتها وداد " حكايتي معها كجناحي طائر لا يكتمل الطيران إلا بوجود الجناحين!!" المقاومان يحيى ويوسف نموذج عن الشباب الفلسطيني المقاوم الذي نذر روحه ودمه لمقاومة الاحتلال والشهادة في سبيل الحق والوطن.
اقتباسات:
"وحيدة وعاجزة لفظتني الحياة .. مكشوفة الظهر بلا أدنى سلاح، لقد كان بلال أول من كبّر في أذني تكبيرة الحب، لم يحببني حباً ساكناً هادئاً، كان حبه مليء بالضجيج، كنت قصيدته الأجمل التي يكتبها كل يوم .. بحروف لا تبهت وبأصابع لا تعرف الملل."
" لم يكن وسيماً لكنه أصبح في عيني يوسف الصديق.. لك يكن غنياً .. غير أني أجزم أن النجوم تتلألأ بين كفيه.. لم يهد إلي ورداً أحمر أحتفظ به في دفتري .. غير أنه علمني كيف أزرع حديقتي به."
" في يوم عرسي لم أكحل عينيّ، فهو كحلها المنتظر ، وهو دمعها، ولا أدري كيف يجتمع النقيضان"
"جاء الحب وزهق الحزن إن الحزن كان زهوقاً"
" الألم سينتهي والنصر سيبقى فكوني معي"
" أتدرين يا وداد الذي قتلنا ليس العدو .. الذي قتلنا ظلم ذوي القربى. أعرف عدوي جيداً، وأعرف كيف أغرز ظفري قي لحمه، ولكن لا أستيطيع أن أغرز ظفري في لحم أخي الذي يحاصرني ويركلني بقدمه لأكون لقمة سائغة في فم عدوي"
"الخوف هو بعثرة الخطى وانطفاء الروح في لحظة وإضاءتها في لحظة أخرى.. استدارة الروح في الرمق الأخير الى الجسد"
"أن تتزوجي مقاوماً .. يعني أن يكون الوطن على مقاس يده وبلون دمه وبحجم قلبه، أن يأخذ بيدك الى الله فتعرفين أن للسماء أبواباً لا تغلق، وأن للمقاومة لحناً لا بد أن يسمع"
" الحب والموت توأمان تشكلا من البويضة نفسها. يشبهان بعضهما في الوجع والمفاجأة والارتعاش والهزيمة"
"الأرواح التي تحمل أسماء نابضة لا يمكن أن تفنى وتصدأ. والأسماء التي تلبس أرواحاً مناضلة يصبح لها بريق لا يبهت"
"حزن على حزن ومشهد يتراكم فوق آخر، مشاهد سائلة لا تجف، لا تترك لي فرصة التوقف أو التعبير فأترك نفسي معلقة بين تلك المشاهد!! لم أكن أخاف الموت، كل ما كنت أخافه أن تضيع هذه المشاهد دون أن يعرف بها أحد، أن يموت المظلوم دون أن يعرف العالم من هو القاتل، أخاف أن تحتشد تلك القصص في صدري فتقتلني قبل أن أكتبها أو أرويها، في تلك اللحظة بالذات كنت أريد أن أكتب حتى يعرف العالم أن جرح غزة مازال مفتوحًا" ______ "قد شغفها حبًا" عن حياة أبطال الحب والحرب، هيام عياش أرملة مهندس الرعب الشهيد يحيى عياش والشهيدة وداد العصفورة زوجة محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام.
أضع لها ٥ نجمات و أنا خجلَى و في بالي سؤال يدور : هل لنا الحقّ أن نقيّم وجع فلسطين ببِضع نجمات ؟
قد أتسرّع و أقول أنها ربّما ستكون من أروع و أجمل و أصدق و أوجع ما قرأت خلال سنة ٢٠١٩.
" قد شغفها حبّا " وقد شغف كلّ من سيقرؤها بحبّ هذه الرواية .
كُنت أقرأ رواية ظننتها عادية حتّى ذُكر اسمُ يحيَى (ذكرت الكاتبة اسم يحيى دون لقبه عيّاش )، تسائلتُ أتراه القائد الشّهيد الذي نعرفه ؟ اهتزّ قلبي وعادت إلى ذاكرتي ذكرياتٌ عن الحكايات التي كنّا نسمعها عن هذا البطل المقاوم الذي أرعب العدُوّ الصهيوني .
لا أستطيع أن أضع لها تقييما ولامراجعة تليقُ بها من شدّة ذهولي بهذا العمل الرّائع. قد يرَى البَعضُ أنّني أبالغ لكن البعض الآخر الذِي عاشَ و تربّى على حبّ فلسطين و حكايا آبائنا ومعلّمينا عن المقاومين والشّهداء وأسماؤهم التي كانت تتردّد دائما على مسامعنا ووقعنا في حبّهم رغم صغر سنّنا سيتفهم ما يعنيه أن تجد بين يديك صُدفة رواية عن وجَع حقيقي وبطولة حقيقيّة تحكي عن الشّهيد يحيَى عيّاش وأصحابه المقاومين.
يمكن لأني بحثت عن التفاصيل هذه المرة، عن معلومات أكثر عن وداد وزوجها المقاوم يوسف (محمد الضيف)،وهيام وزوجها الشهيد يحيى عياش. الإقتباسات لطيفة جدًا، والكاتبة نردين شاعرية جدًا في اختيارها للكلمات.
أنهيته ويراودني سؤال واحد: هل يخلو بيت فلسطيني من شهيد؟
أشد أيام الحرب وجعاً هي الأيام التي تلى الحرب! الأيام التي يبدأ الناس فيها في حساب الخسارات ولملمة الأوجاع، ورتق القلوب التي أصبحت كخرقة ممزقة لفرط الألم! حينها يكبُر الفزع وتصبح الفجيعة أشد وضوحاً، وتتلمس الثمن المدفوع بيدك، وترى العقاب الجماعي بعينك .. تتجمد الدماء السائلة لتنحت قصصاً لا تُنسى، كأنَّ ظلال الحرب أصعب بكثير من الحرب نفسها!
"لنا وطن يليق بالعاشقين المنتصرين، والانتصار لا يعني كسب الجولة في المعركة .. الانتصار يعني أن لا أنكسر!
قد أنتصر يوماً و أنهزم أياماً .. هذا لا يهم .. المهم أن نستمرّ في القتال حتى تتحرّر الأرض، قد نقطف ثمار التحرير، وقد نبذر البذور ولا نرى الثمرة .. لكن بالتأكيد سيراها أولادنا ..
مجرد أن تقف وسط الراكعين فأنت منتصر .. مجرد أن تفرح فأنت منتصر .. المهم أن لا تنحني!"
تورّطت في حب الحكايا الفلسطينة ، أرهقت روحي بكثرة الموت و الدم ، الظلم و الألم .. أقف عاجزة أمام هذه التضحيات و البطولات .. أتساءل كم علينا أن نقدم للوطن أكثر لنستحقه ؟
الرواية تحكي قصة الشهيد يحيى عيّاش و القائد محمد الضيف على لسان زوجاتهم ، التقت هاتان الزوجتان على الورق ليكتبن تفاصيل حياة أبطال أفنوا العمر في سبيل الوطن .. و من أجدر من أن يكتب عن المرئ إلا زوجه ؟
في قصصهم وجدت معنى العشق ، أن تعشقي مجاهداً يعني أن تلتحمي مع الوطن ..
كبُرنا على حب يحيى عيّاش و تغنيّنا ببطولاته و كان استشهاده حدثاً عظيماً في تاريخ القضية .. لكن هذه المرة الأولى التي أقرأ فيها عن تفاصيل حياته و عملياته و تنقلاته .. كان من ذكاء زوجته أن قامت بتدوين كل هذا ، فالعالم اليوم يقرأ حياة هذا البطل بعد مرور عشرين سنة على استشهاده و كأنه حدث البارحة .. هيام كانت جميلة بكل تفاصيلها ، كانت مثالاً للزوجة العاشقة الوفيّة المضحيّة ..
أتساءل كم من قصص أبطال و شهداء ضاعت لأن أحداً لم يفكر في كتابتها ؟!
أمّا عن القائد محمد الضيف فلم تعطي الرواية الكثير عن تفاصيل حياته لأنه و كما ذكرت زوجته كتومٌ شديد الحيطة و الحذر ، كيف لا وهو المطلوب الأول لإسرائيل ! زوجته وداد التي استشهدت في الحرب الأخيرة على غزة عام 2014 مع اثنين من أبنائها ، أذكر ذلك المشهد جيداً فقد عاصرت هذه الحرب بكل ما فيها من أسى .. صورة منزل عائلة الدلو المتهدّم بعد قصفه بستة صواريخ إسرائيلة ما زالت حيّة !
هذه الرواية ذات الطابع النسائي ستنقل لك كمية كبيرة من الكآبة و الحزن و الغضب ، لكن أهم ما في ذلك هو أن يبقى إيمانك بالقضية و المقاومة مشتعلاً قوياً لا تشوبه شائبة ، فأكبر خيانة لدماء الشهداء و أحلام الأطفال المبتورة أن نُلقي اللوم على من يدافع عن حقه لأننا لا نستطيع محاسبة الجاني !
هل هي مصادفة أن أقرأ هذا الكتاب في ذكرى النكبة الثمانية و الستين ؟! لا أدري ..
رواية عن جند الخفا .. عن ما وراء زغردات النساء عند استشهاد الأبطال .. عن ما وراء قصص الصمود والصبر عن مذكّرات زوجات المقاومين في فلسطين .. عن ذلك الجانب الأنثويّ فيهنّ وحال كلّ واحدة فيهن كأنثى تحب وتغار وتعاتب وتصفح، كزوجة مقاوم بالتحديد وما في ذلك من خصوصيّة ملحوظة خاصة حين علمت أن الرواية مقتبسة من قصص حقيقيّة للبطل الأسطورة (يحيى عيّاش) الّذي استُشهِد عام 1995 والبطل (محمّد الضّيف) الأسطورة الأكثر غموضًا الّذي قالتْ عنه الرّواية ص 14 إنّه: "الرّجل الّذي يُدير عمليّات القتال وهو جالس في حُفرته... الشّبح الأكثر مرواغةً وحيطةً وحذرًا ومهارةً وخطرًا". رغم أننّي لست من هواة الرومنسيّة الفيّاضة في الأدب ولا في ذلك الوصف المطنب للمشاعر والأحاسيس إلّا أن تلك الصور الشعرية الموجودة والمعجم القرآنيّ المستعمل اضاف اليها رونقا جذّابا وأضفى عليها روحا جديدة .. الأسلوب كان جذّابا جدا وتلك المراوحة بين قصّتين تسيران في خطّ متواز تتعب المتقبّل لكنّها ما تلبث أن تلتقي ليرفع اللبس وتتضح الصورة ..
كانت هذه الرواية لونا جديدا اقرأه في أدب المقاومة وفي الأدب الفلسطينيّ عموما .. تمتزج فيه لون الدم بررائحة البارود وعطر الورود وغنج البنات .. وكيف لأنثى أن تسير عكس فطرتها وتكتم السرّ وتحرم من الاستقرار والأمان لأنها زوجة مقاوم .. كيف لأنثى أن تصبر وهي تنتظر يوميّا دخول زوجها محمّلا على الأكتاف بعد أن يتركها كلّ صباح .. كيف لأنثى أن تكون مستودع أسرار وأن تكتم أمرا وإن كان للتفاخر سنينا ..
هذه هي الرواية الثانية للكاتبة لكن الثالثة التى أقرأها فقد قرأت باب العمود أولا .. تملك الكاتبة غالبا نفس الهدف دائما في رواياتها فلسطين حينا قصة وحينا مذكرات وحينا رسائل أتسائل دوما عندما أقرأ لها هل ما يجذبني سلاسة الأسلوب الذي لا يشعرني بشئ سوي القصة وبعد أن أنهي العمل أتسائل عن بعض الجمل التى يقتبسها الناس هل لم أراها أم أنني شغلت بالقصة عنهم أم أنها تستند علي قصة حقيقية والأعمال التى تستند على قصص حقيقية هي الأقرب لقلبي على الإطلاق . تحكي الكاتبة من خلال مذكرات زوجتين لقياديين فلسطينيين حياة نساء المجاهدين بصورة سلسة تجعلك تمشي معهم حينا تستهزأ بأثقالك وحينا تتعاطف معهم وحين ا تدرك أن الأمر لا هذا ولا ذاك إنما هو لكل حياة ثقلها وعلي كل منا أن يكون على قدر ثقله .
ما بين دنيانا ودنياهم شب صراع بداخلي هم ترفعوا عن جهاد النفس إلى الجهاد بالنفس .. نحن ندور وندور حول دنيا العمل والدراسة والنزهات والطموحات ..وهم يدورون مطاردين متخفيين من منزل لمنزل من شهيد لجريح لأسير لفقيد ..حياتهم رصاص ودم وصبر وقوة ودموع واحتساب وعزة .. وحياتنا النقود والزواج والأبناء والمشتريات والبيت والغربة والذلة..
امرأة المرابط المطارد المجاهد ليس بعينها فستان تشتريه ولا بيت تبنيه ولا نزاعات مع حماتها وتوابع اسرة زوجها ولا مشاكل مع الجيران ..او حتى مع زوجها اكبر طموحاتها ان تراه لساعات معدودة ما بين ليال وليال ..فكيف ستكون بعينها كل تلك الاشياء ..وكيف ستنزل لتلك التوافه..
باختصار هم انشغلوا بالآخرة فهانت عليهم انفسهم ونحن انشغلنا بالدنيا فعلت اهواؤنا وملكتنا الشهوات..
هناك فرق بين من ملك نفسه وقدمها لله وبين من ملكته نفسه وقدمته للدنيا..
رواية جميلة وأجمل ما فيها انها تتحدث عن عظيمتين زوجتين لعظيمين ..تقبلهم الله جميعا