الكتاب يتناول الجذور التاريخية لفكرة الاغتراب عند إريك فروم، والتجليات المختلفة لفكرة الاغتراب كما ترد فى كتابات الفلاسفة المحدثين والمعاصرين، خاصة الذين تأثر بهم فروم من أمثال هيجل، ماركس، هيدجر، ماركيوزوغيرهم. و أيضا يتناول الأبعاد المختلفة لاغتراب الإنسان عن ذاته وعن عالمه عند فروم، مستخدما فى ذلك منهج تحليلى مقارن.
كما يناقش الكتاب موضوع الاغتراب الشامل فى المجتمع المعاصر من خلال علاقة الفرد بالآخرين، واغتراب العمل عن ناتجه واغتراب الاستهلاك. ويتضمن أيضا منهح فروم فى قهر الاغتراب.
برغم ان تجربتي مع إريك فروم كانت كتاب واحد فقط إلا إن القراءة لشخص أفضل بكثير من القراءة عنه وعن فكره. دا لا يقلل مطلقا من قيمة الكتاب حيث كان بمثابة صورة عامة لفكر فروم وعرض موجز لأفكار كتبه المختلفة من خلال فكرة الاغتراب التي تشغل الجميع الآن سواء بوعي للفكرة من خلال الصورة الوجودية أو معايشة أعراضها التي تحدث لنا جميعا. بالتأكيد كانت فرصة لإدراج كتب فروم في قراءاتي المقبلة، بالإضافة للمصادر الجيدة أيضا التي استخدمت كمراجع للبحث.
الجيد أيضا عرض أفكار الفلاسفة ما قبل فروم لفكرة الاغتراب، وإن كان تأثر فروم بهم يظهر في كتاباته فالمقارنة والمعرفة بهم كل على حده شيء مهم وإن كان بهذا الاختصار.
الكتاب مهم كبداية في موضوع الاغتراب بأسلوب سهل وموجز.
على حد علمي - وقد أكون مخطئًا - فهذه هي الدراسة العربية الوحيدة عن المفكر العظيم: إريش فروم. هذا في حد ذاته يمنح هذه الدراسة أهمية كبيرة، بالإضافة لتمتعها بتنظيم وأسلوب عرض واضح وبسيط ومنظم وسلس، والانتقال بين الأفكار بسيط، ولم تستعص على فكرة واحدة تقريبًا حتى في الحديث عن مفكرين وفلاسفة أفكارهم عبروا عنها بصعوبة بالغة زي هايدجر مثلا.. كل هذه أمور تحسب جدًا لد. حسن حماد. يلخص الكتاب مجمل أفكار فروم بطريقة واضحة ليعطي بانوراما واسعة حول كتبه وأفكاره، مع تعليقات أضًا من د. حسن وانتقادات وإضافات. كل ما في الكتاب جميلل، لكن فقط لي بعض الملاحظات التي أختلف فها مع الكتاب وهي بسيطة:
1- ص 181 يقول أن فروم يرى أن النزعة إلى التدمير والشر ليست كامنة في طبيعة الإنسان لكنها نتيجة الظروف الاجتماعية السيئة وعوامل العجز الاقتصادي. أعتقد إن هنا في إساءة لفهم فروم، فهو قد وضح نظريته بوضوح في كتابه: التدميرية البشرية، وهذه وجة نظر البيئويين لا فروم، وقد هاجمها هي وووجهة نظر الغريزيين، وقال بنظرية أخرى ترى أن العدوان له أساس بيولوجي في الغنسان لكنه لا يتحرك إلا عند شعور الغنسان بتهديد مصالحه الحيوية، وأن الإنسان يختلف عن الحيوان في أمور عديدة منها مثلا قابليته للإيحاء والخداع وتصنيم بعض الرموز مما يجعله يشعر بتهديد غير حقيقي.
2- كرر الكاتب كثيرًا اقتراب فروم من الفلسفة الوجودية من حيث اهتمامه بدراسة الفرد وكراهيته للقطيعية... أعتقد أن هذا خاطيء أيضًا.. الوجودية تدرس الفرد بمعزل عن الظرف الاجتماعي تمامًا، ولكن فروم يدرس الفرد في قلب الظرف الاجتماعي والسياسي، وهو هنا يقترب من الماركسية أكثر.. إنها ماركسية مع تطوير نظرية نفسية، لكنهابعيدة تمامًا عن الجودية.
3- ص200 يقول الكاتب أن فروم لم يوضح كيف يمكن قهر الاغتراب! كتاب المجتمع السوي وثورة الأمل يتحدثوا عن هذا بالتفصيل. المجتمع السوي هو المجتمع الذي يمكن فيه قهر الاغتراب، وفي ثورة الأمل يوضح بالتفصيل كيف يمكن الوصول إلى هذا المجتمع السوي بإجراءات عملية تمامًا.
4- ينتقد الكاتب فروم في أنه يقول أن التغيير يأتي عن طريق مجموعة قليلة جدًا من الناس مما يمكن أن يصنفه بالنخبوية، وفي كتاب ثورة الأمل يوضح فروم بشكل مفصل كيف ياتي التغيير عن طريق مجموعات كاملة تفرض ثقافة مختلفة، والتغيير هنا ليس نخبويًا على الإطلاق.
د كلها ملاحظات بسيطة لكن الكتاب في مجمله جيد جدًا جدًا، واسعدني كثيرًا أن تكون هناك دراسة عن فروم لأني مهتم به جدًا وبترجمته أيضًا حيث سبق ان ترجمت له : عن العصيان ومقالات أخرى.
قرأت لفروم فن الحب والإنسان لنفسه ومقتطفات من الخوف من الحرية وكانت تجربتي في التفاعل معه وأفكاره أفضل بكثير من قراءتي هذه، ربما كان الكاتب أقل عمقاً من أن يقرأ لنا فروم، لم يعجبني طرحه وتحليله وأسلوبه في النقد.
الكاتب ختم بتعليق .. (الإنسان بغير اغتراب ليس إنساناً)، وأراه خلط بقوله، هذا تعليق يقال في مقام غير هذا المقام، ولا يجدر أن يكون ختاماً لكتاب يتناول الاغتراب عند فروم والذي يبعد جدا عن أن يكون اغتراباً أصيلاً لا انفكاك منه.
من الكتب اللي كنت بطلع بيها السماء وكانت منطقية جداً بنسبة لرؤيتي وقتها لعدة سنين قدام، ماتقلقش الكتاب فيه أدلة كتير إن صح قول بأنها أدلة فعلاً على الموضوع، لكن احيانا عرض الدليل لجهة لا ترى إلا غيرها يكون انتكاسة ﻷن الميزان يجب ان يحمل كفين، كف الحق وكف الباطل
ولكن عامة الكتاب مفيد، ولكن ايه الميزان اللي هتحكم بيه بصدق؟
لقد تقاربت المسافات، تلاصق الإنسان، وكان المفروض أن تترابط الذوات وتزداد آصرة القربي بينها.. اقتربت المسافات ولكن ابتعد النفوس تمزق الزمان، فاقتاعت أرض الإنسان لأن الزمن هو البعد الحقيقي للإنسان .. تهدم مسكن أمنه، طرد إلي العراء، صار بلا مأوي.. وكما يقول هيدجر: اللامأوي أصبح مصير العالم.. أصبح الإنسان بلا جذور، المتجول هو التجسيد الخاص... للغريب الذي لم يفقد مأواه فحسب، بل فقد أيضاً وضعه في الزمان على السواء وهو في سعيه لكي بستعيد الأرض تخبط: باع روحه من أجل المال تارة، وباع نفسه الحقيقية من أجل أن يشتري نفساً زائفة تارة أخري، وباع روحه من أجل الملذات الأرضية تارة ثالثة، وباع روحه للشيطان تارة رابعة، وباع نفسه لالهة غير الله.. صار مغترباً وهذا الوجود المغترب صار يتسيده ومن طفق يعبده.. إنه في هذا البيع قد تنازل عن ملكية ذاته.. لقد اغترب.. إنه دخل بنفسه مصيدة اغترابه.