الكتاب غيره أفضل منه في باب تاريخ العرب قبل الإسلام، نظرا ١- لقلة النقد فيه، وإن كان لا يخلو من تحليل وربط التحولات السياسية بما حولها، ٢- وفيه اختصار، ٣- أفكاره العامة ولغته وصياغته استشراقية، و رجوعه إلى كتب التراث لتعضيد أفكاره المقررة سلفا على مباني المستشرقين. ٤- من العجائب أنه عند كلامه على الأنصاب التي كان المشركون يذبحون عندها، قال (يتضح مما ذكر أعلاه أن الأنصاب هي أحجار، وليس من الضروري أن تكون مصقولة أو بشكل تماثيل تشبه الآلهة؛ ولكنها ذات علاقة وثيقة بالآلهة، ومنها يتقبل الإله الهدايا المقدَّمة له (۱) ؛ كما قد تقام حول الحرم. والواقع أن الأنصاب التي كانت حول حرم مكة ظلت في زمن الإسلام؛ فأمر الرسول، ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، بتجديدها (۲) .) ثم نسب ذلك للأزرقي؛ وأنصاب الحرم التي ذكرها الأزرقي هي علامات حدود الحرم، وكل كلام الأزرقي السابق واللاحق عن حدود الحرم وحرمته لا عن أنصاب الذبح!، ويبدو أنه لم يقرأ كتاب الأزرقي وإنما نقل عن غيره وإن كان هذا ليس بعذر لأنه يدل على جهل غريب بالتاريخ واللغة والشرع، وأما إذا قرأ ذلك وفهم منه ما ذكره فالمصيبة أعظم. لكن يتميز الكتاب بأنه تكلم عن دولتين عربيتين لم يذكرهما غيره هما ميسان والرها،
أصل هذا الكتاب “تاريخ العرب القديم والبعثة النبوية” لمؤلفه صالح احمد العلي - (( للمؤرخ وأكاديميّ عراقي، من أكثر الباحثين تنقيباً عن تاريخ العرب ومعترف به عالميّاً ودراساته معتبرة لدى الجامعات الغربية)): هو مجموعة المحاضرات التي ألقيت على طلاب كلية الآداب والعلوم، ثم نقحت ووسّعت بعض فصولها، وأضيفت إليها فصول عن دول عربية قديمة أمثال ميسان والحضر والرحا. وهذا ما جعل هذا المؤلف شاملاً متناسقاً فيه تلخيص وعرض واضح للمحاولات التي قام بها سكان الجزيرة العربية لإنشاء دول ذات نظام سياسي، وآثار كل حضارة ونظام على مجرى تاريخ الجزيرة، ولا سيما أحوالها عند ظهور الإسلام الذي له الأثر الأكبر لا في تاريخ الجزيرة العربية وفي عقائدنا ونظمنا فحسب، بل في تاريخ الإنسانية عموماً. بين طيات هذا الكتاب بحث شامل منسجم يرضي الطالب والمثقف الذي يطمح لتدعيم مفكرته التاريخية ببعض من تاريخ الجزيرة العربية دون التبحر في الموضوع، ويطمح كذلك لرسم صورة كاملة لمختلف نواحي هذه الحضارات من سياسية، اجتماعية اقتصادية أو دينية.