يدرس هذا الكتاب العلاقة بين المجتمع والدولة في مصر خلال القرنين الماضيين من زاوية الوقف الخيري باعتباره أداة استخدمها المجتمع الإسلامي التقليدي لتلبية حاجاته وبناء مجال مشترك بينه وبين السلطة الحاكمة ترفع عنها أعباءه وتحجِّم من قدرتها على التدخل في شئونه بما يفتح له مساحة أوسع من الحرية خارج أفق السلطة الحاكمة وتوجهاتها. ومن خلال استنطاق الألاف من حجج الأوقاف المحرَّرة في مصر، والوثائق الحكومية ومضابط البرلمان بالإضافة إلى المصادر النظرية والشرعية لفقه الوقف وأحكامه يرسم الكتاب صورة متقنة للعلاقة بين الدولة والمجتمع في مصر خلال القرنين الماضيين، في إطار المشروع التحديثي لمحمد علي وخلفائه، والذي حاول -من خلال بناء الدولة الحديثة في مصر- إحكام السيطرة على المجتمع التقليدي والتدخل في كل شئونه تدريجيًا عبر التحكم في قدرته على تلبية حاجاته. كما يوضح الكتاب أن الوقف كان أحد أدوات المقاومة التقليدية لمشروع كرومر في مصر من خلال محاولته تقديم الخدمات التي أغفلتها الدولة الواقعة تحت الاحتلال، ويستعرض بالتالي دور الأوقاف في العمل الوطني المصري إلى ما قبل يوليو 1952ومحاولات التحجيم المتدرجة للوقف من جانب الدولة المصرية، والاتجاهات الثقافية المؤيدة لذلك والمعارضة له على حدٍّ سواء وصولاً إلى القصة المؤلمة لسيطرة الدولة المصرية على الأوقاف في مصر وخنقها بعد يوليو 1952. وتختلف هذه الطبعة من كتاب "الأوقاف والمجتمع والسياسة في مصر" عن سابقتها اختلافاً جوهرياً؛ ليس لأن هذه الطبعة منقحة، ومزودة بعدد من "الوثائق" التاريخية التي تنشر لأول مرة فحسب؛ وإنما أيضاً لأن هذه الطبعة تصدر في وقت أضحت فيه قضية الأوقاف في العالم الإسلامي محل اهتمام من الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني، والباحثين والأكاديميين، وعلماء الفقه ورجال القانون وأعضاء المجالس النيابية
أؤمن أن الإنسان لا بد أن يقرأ ولو مرة واحدة في حياته عن الأوقاف. الوقف عمل مدهش، بدءًا من شخصية واهبه وظروف المجتمع آنذاك، وامتدادًا إلى أثر الوقف وخدماته وتغلغله في شتى مناحي الحياة؛ الدينية والاجتماعية والسياسية، جميع الخدمات العامة، وحركات المقاومة الوطنية، والتعليم والصحة.. ومحاولات تقييد الأوقاف والتحكم فيها وتفكيكها، ما هي إلا مساعٍ للإخلال بتوازن المجتمع وهدمه. . هذا الكتاب يُعَدّ من أثرى ما كُتب في مجال الأوقاف؛ إذ يبدأ بالتعريف بالوقف وأنواعه، ثم يقدم تأريخًا متقنًا لنشأته وآثاره ومجالاته، والتطورات التي لحقت به خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. والكتاب في الأصل رسالة دكتوراه للدكتور إبراهيم بيومي غانم، فهو مرجع مهم لكثير من الإحصاءات والنتائج والوثائق.
مجال "الوقف" لا يعلمه، ولا يعلم دوره، إلاّ عدد بسيط من المثقفين والمهتمّين بمجال (المجتمع المدني)، رغم أنّ هذا الكتاب تمت طباعته مسبقًا لدى مكتبات الشروق، ولأهمية الموضوع وضرورته في كل أنحاء العالم الإسلامي -والعربي-، قمنا بإعادة طباعة هذا الكتاب العظيم بعد تنقيح وزيادات رأى المؤلف أهميتها عند نشر الكتاب بعد تغيُّر ملامح الأوطان في 2016، وازدياد الحاجة إلى "الوقف" بشكله الأوّلي الذي له دور كبير جداً تجاه المجتمع وعلاقة ذلك بالسياسة، وخاصةً في مصر الحديثة .. بالإضافة إلى حديثه عن التغيّرات التي طرأت على ما يُسمى بـ"وزارة الأوقاف" ودورها المُفترض القيام به وبعض التوثيقات التاريخية المهمة والمضابط البرلمانية حول نفس الموضوع .. كما أنّ المؤلف اعتمد على ما يربو من آلاف الوثائق التاريخية المهمّة، وتناول أيضاً أثر الاستعمار على "الوقف" والعكس
من أشد ما يفتقد إليه العالم الحالي، الإسلامي والعربي خصوصًا، هي الروح التي كونت مفهوم الأوقاف. إنسان قادر، بلغ قدر من السعة، فيقرر تخصيص مقدرات لتقديم خدمة مباشرة للناس، في مساحة تعجز عنها الدولة.. فتكون بؤرة يجتمع عليها الناس وتقوم بدور اجتماعي يعضد من الترابط والشعور بالانتماء والرغبة في البذل لتحقيق استدامة هذا الوقف فينفتح عنه دوائر وآفاق أكبر.
والقراءة في تاريخ الأوقاف أو علاقته بالسياسة، يجعلك تشاهد الفكر المسيطر وهو يأكل هذا المفهوم شيئًا فشيئًا، والأهم هي غياب هذه الروح رغم محاولة الحياة الحديثة بإعادة وجودها عبر منظمات المجتمع المدني.
الكتاب مخدوم، لكنه على طريقة الرسائل العلمية، ليس بسيطًا على القارئ العام، رغم أهمية الموضوع له على نحو مباشر.
موضوع الاوقاف موضوع مهم جدا , كثير ممن حولنا لا يعرف عن كلمة "الأوقاف " سوي وزارة الاوقاف الخاصة بالمساجد وفقط .. لكن الأوقاف كانت نظام حياة كامل ,قائم علي بعد ديني وهو "الصدقة الجارية " ,ذلك النظام اتاح "المجال المشترك " حيث للسلطة السياسية لها ادوار وللمجتمع له ادوارفي إداره شئون حياته .. بفضل ذلك النظام كان التعليم وهيئة العلماء والقضاء ومؤسسات المجتمع المدني بكل انواعها مستقلة عن السلطة السياسية , واتاح للسلطة السياسة التفرغ للتوسع الخارجي وحفظ الامن , إذ كيف للدولة الاسلامية تتوسع كل هذا وهي مشغولة بكل مواطن وسلسلته في مركزيتها ؟!! كيف اختفت الاوقاف من حياتنا ؟ هذا ما عرضه الكتاب في اجزاءه الاخيرة .. الكتاب هدفه توثيق تاريخي للاوقاف في مصر , تقسيماته جيدة جدا وتنظيمه رائع , كنت اتمني مزيد التحليل والجهد الفكري ! يعيب الكتاب انه لم يذكر بالتفصيل اعتراضات المعارضين للاوقاف , اتي بوجه نظر واحدة وركز عليها ... لم يذكر المشاكل التي واجهت الاوقاف وعيوب ذلك النظام حتي ولو جزئي
من أكثر البحوث التي بُذل فيها جهد من وجهة نظري والتي حقا احتجت لمزيد ومزيد من القراءات حتى اتمكن من الخوض فيها لتحقيق الاستفادة الكاملة .. هذا البحث ظهر إلى النور بعد مراجعة آلاف الوثائق من حجج الوقف ليقدم لنا الدكتور ابراهيم تلك الرائعة التحليلية .. يظهر البحث تاريخ الوقف فى مصر الحديثة وبيان انماطه وأدواره ودور الدولة في التدخل فيه .. يبين أيضا ما هو الدور الحقيقي للوقف ، وكيف نجحت شبكة الاوقاف في تكوين شبكة علاقات اجتماعية لردء الاحتلال والحفاظ على جماعة الاسلام داخل دار الاسلام .. والحقيقة التي لا مفر منها أن تدخل الدولة فى الأوقاف أدى إلى تدمير تلك الاوقاف وتلك الشبكات الاجتماعية العظيمة جدا وإلى ضياع أكبر دور للمجتمع الأهلى في تنمية الدولة بسبب مركزية العساكر الغبية التي ابتلينا بها .. مع ذلك يبقى البحث موضوعي جدا ويناقش الأطر الأساسية لقضية الاوقاف بجهد عال وهو من وجهة نظري أحد الكتب الهامة جدا التي يجب أن تكون حاضرة جدا في ذهن القائد السياسي المسلم باعتبار الوقف هو أداة من أهم الادوات التي يجب أن ينظمها الفاعل السياسي في الحياة الاسلامية والتي يضبط أمورها .. مع ذلك يبقى الشكر محفوظ لدار نشر مدارات للأبحاث والنشرالتي دوما تثرينا بتلك الروائع ، جزيتم عن جماعة المسلمين خيرا
رغم تحيزات الكاتب إلا إنه في كان الكتاب أثار بداخلي أسئلة ورغبة في المطالعة والاكتشاف؛ هناك كتاب(ربما يكون بتاع مدارات عن تقنين الشريعة) لا بد من كتابته عن منطق الشريعة في الدولة الحديثة وعن الاختلاف بين السلطة المركزية للدولة ذات السيادة وأشكال السلطة التي مارسها الحكام المسلمين وأثر ذلك التباين على التطور التحديثي في مصر وتركيا وإيران تحديداً(ممكن أشوف ده لما أقرا كتاب "الدولتان" لمدارات برضه) وأيضاً على مفاهيم كالملكية الفردية والديمقراطية والمدنية. لي ملاحظة طويلة وهي أنه بينما كان الكاتب يسرد الأطيان المهولة التي تركتها وزارة الأوقاف للإصلاح الزراعي وجهود وزارة الأوقاف واستعمالها لريع هذه الأطيان في الإسكان؛ ألم يخطر ببال الكاتب أن ملاك الأراضي الزراعية التي قاموا بوقفها غالباً على أهاليهم ثم على بعض الخيرات، آلت لهم ملكية الأراضي في أغلب الأحوال كهبة من الوالي أو الخديوي؟ وهل هذا يجعل لهم الحق في قصر الملكية على ذريتهم وحرمان الفلاحين العاملين في الأرض منها؟ كيف تكون لنا الإجابة على هذا السؤال دون محاولات تلفيقية كإشتراكية الإسلام التي قال بها الباقوري عندما كان وزير أوقاف عبد الناصر؟ أو بالازدواجية التي ذكرها الكاتب في حديثه عن سلوك النخبة المصرية أثناء الحكم الملكي تحت الاستعمار؟
الكتاب فيه جهد بحثي ضخم ويظهر فيه ذلك الجهد بوضوح في سعي الكاتب للحصول على وثائق قديمة وحجج ومعلومات عن الوقف. والكتاب في أصله رسالة دكتوراه لدراسة نظام الوقف في مصر في الدولة الحديثة، من عصر محمد علي إلا منتصف تسعينات القرن العشرين. مما انقص من تقييمي للكتاب، اغفال الكاتب عن مناقشة اوقاف غير المسلمين، رغم ان الكتاب اسمه الأوقاف والسياسة، وليس الأوقاف الإسلامية، ولم يصرح بشكل واضح انه يستثني اوقاف غير المسلمين. كنت أود لو يكون فيه نبذه عن ذلك فيه. ايضا رغم تكرار ذكر ان هناك فريقا يعادي الأوقاف، لم يذكر بتفصيل معقول ما هي عيوب نظام الأوقاف، في حين انه تناول موضوعات اخرى بتفصيل دقيق وبإسهاب. كنت أود لو يأتي بمثال واحد او اثنين عن وقف معين حدث فيه فساد وتحليله لهذا الفساد ونقاط قصور التشريع أو الاجتهاد الفقهي المفتقدة لضبط تلك المظاهر. في النهاية انصح بقراءته للباحث المتخصص في تلك الفترة بالذات في مصر، أما أن كنت تريد معرفة معلومات عن الوقف بشكل عام في تاريخ الدولة الإسلامية عموما ومظاهر جميلة من خدماته، فانصح بكتاب السرجاني "روائع الأوقاف في الحضارة الإسلامية".
لكتاب ده بعتبره مهم جدا مش عشان بس بيناقش الأوقاف وكيفية ادارتها لكن عشان بيكسر سيطرة جهاز الدولة على " الوقف " وبيدى روشتة لكيفية ادارة الجمعيات الخيرية والأهلية بعيدا عن ما يسمى " المجتمع المدنى " الوقف فكرة اسلامية تم علمنتها بالهيكل الادارى للدولة القومية الحديثة وبالتالى ظهر ملايين من الفقراء والمحتاجين بلا جماعات وسيطة تقدر تسد احتياجاتهم بعيدا عن الجهاز البيروقراطى الشبه ميت للدولة .. مفيش حد يقدر يفتح جمعية خيرية أو يعمل وقف خيرى غير لما يقرأ الدراسة دى بشكل جيد ..
في رأي الشخصي دراسة متأنية متعمقة وافية إلى حد كبير لنظام بالوقف في آخر 200 عام من التاريخ المصري. بذل فيها الجهد العظيم و طولع لاخراجها آلاف الوثائق و الكثير من المصادر تنقلك بكل سلاسة بين عدة فصول بعنوانين شتى من التعريف بالوقف و الرأي الفقهي فيه إلى أثره في المجتمع المصري مع ذكر نماذج كثيرة الواقفين ، ثم إلى البنية المؤسسية و الوظيفية و المادية لهذا النظام، ثم لنشأة وزارة الأوقاف و كيفية نشاتها ثم أثار السلطة السياسة في العهد الملكي إلى العهدين الناصري و الساداتي ثم إلى وقتنا هذا و..و..الخ .أنصح به بشدة لكل مهتم بالتوسع في الإلمام بهذا النظام و جزى الله من نصحني به و نجاه من كل كرب و حفظه لأهله سالما غانما و جزى الدكتور إبراهيم خيرا على هذه الرسالة ونفع به الإسلام و المسلمين والسلام.
This entire review has been hidden because of spoilers.