مع سيطرة المفاهيم الغربية على الواقع السياسي اليوم برزت أفكار ونظريات متعددة كان من أبرزها نظرية السيادة والتي تعد الركيزة الأساسية لتحديد مصدر السلطة السياسية في الدول الحديثة، وتسعى هذه الدراسة لتوضيح الفرق الهائل بين التصور الشرعي لموضوع السيادة والتصور الغربي لها المؤسس على النظرة العلمانية، وما تفرزه حالة الفرق هذه من أثر هائل على ثبات الأحكام وتغيرها وتبدلها.
قدم البحث تحليلاً لمصادر السيادة في الفكر السياسي الغربي بهدف إبراز تناقضها مع نظرية السيادة في الإسلام. وانتهى البحث إلى أن السلطة العليا في النظام السياسي الإسلامي مرجعها الشرع مما يؤكد «سيادة الشرع» في الدولة . ثم حلل البحث ما يترتب على سيادة الشرع من نتائج تتمثل في هيمنة الشريعة على كافة الشؤون الاقتصادية والسياسية والقضائية في الدولة. وأظهر البحث أن الإخلال بسيادة الشرع عن طريق تبني أنظمة قانونية وضعية أو تغيير الأحكام الشرعية يخرج الدولة عن إطار الشرعية الإسلامية الاقتران شرعية السلطة بإقامة الشرع. كما بين البحث، كذلك، أن سيادة الشرع تقتضي بطلان كافة الأنظمة والقوانين المخالفة للشرع، وعدم جواز تغيير الأحكام الشرعية من قبل الدولة بحجة المصلحة أو بغيرها من الذرائع التي تستخدم كمبرر لتعطيل تطبيق الأحكام الشرعية . فالدولة الشرعية مقيدة بسيادة الشرع والالتزام بتطبيق الأحكام الإسلامية في الكليات والجزئيات. وقد أكد البحث أن الشرع راعي الحالات التي قد تستدعي تدخل الدولة بالمنع والإلزام مؤقتاً وقصرها في منع ما يؤدي إلى ضرر ومحرم، وفي تنظيم أجهزة الدولة، وفي تنظيم ما يشترك فيه المسلمين كالأموال والمرافق العامة والمناجم والمعادن وغيرها وفي تنفيذ الفروض المنوط إقامتها بالدولة. وبذلك حققت الشريعة الإسلامية التوافق بين ثبوت الأحكام الشرعية وسيادتها واعتبار الظروف والأحوال التي تتطلب أحكاماً خاصة لمعالجتها في المجتمع الإسلامي.
إذا يستعرض البحث الحالات التي أذن الشرع للدولة بالتدخل فيها بالمنع والإلزام لتنظيم المباحات. ويبرهن البحث على أن هذه الحالات تقتصر على دفع الضرر ومنع ما يوصل إلى المحرم، وتنظيم أجهزة الدولة، والملكية العامة والمرافق العامة ، وإقامة فروض الكفاية المنوطة بالدولة مع التأكيد على أن ذلك لا يعد تغييراً لأحكام الشرع وإنما يعد في حقيقة الأمر تطبيقا الأحكام شرعية قائمة بذاتها لمعالجة هذه الحالات في المجتمع الإسلامي.
أظن مؤلفيه قصدا منه أن يكون مدخلا لهذا المبحث.. لكنه موضوع عقدي/أصولي/فقهي/مقاصدي عالٍ لا يليق به ولا ينفع فيه الإيجاز والاختصار وضغط وإلغاز مسائله أصولا وفروعا، وهي سمة هذا الكتيب.. هذا موضوع إما أن قارئه متأهل له فيقرأ من الأمهات، أو غير ذلك فيتركه لما هو أقرب له وأنفع من علوم الآلة.. ثم حتى أكثر الفروع التي ضربت كأمثلة في رد دعاوى دعاة تأويل الأحكام او تحديثها وتغييرها : امثلة ترد عليها اعتراضات وإيرادات مشهورة ومعلومة، وبسط محل الشواهد فيها يحتاج لأكثر من هذا الكتاب.. رغم جهد المؤلفين وفقهم الله : لا أنصح بهذا الكتاب..