Jalal Al-Din Al-Suyuti عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي المشهور باسم جلال الدين السيوطي من كبار علماء المسلمين. ولد السيوطي مساء يوم الأحد غرة شهر رجب من سنة 849هـ في القاهرة، رحل أبوه من اسيوط لدراسة العلم واسمه عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي، وكان سليل أسرة أشتهرت بالعلم والتدين، وتوفي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا، وأتجه إلى حفظ القرآن، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه.
كان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم الكمال بن الهمام الحنفي أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة. وقام برحلات علمية عديدة شملت بلاد الحجاز والشام واليمن والهند والمغرب الإسلامي. ثم دَّرس الحديث بالمدرسة الشيخونية. ثم تجرد للعبادة والتأمل.
عاش السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها، وتوفروا على علوم اللغة بمختلف فروعها، وأسهموا في ميدان الإبداع الأدبي، فتأثر السيوطي بهذه النخبة الممتازة من كبار العلماء، فابتدأ في طلب العلم سنة 1459م، ودرس الفقه والنحو والفرائض، ولم يمض عامان حتى أجيز بتدريس اللغة العربية، كان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخًا واحدًا يجلس إليه، فإذا ما توفي انتقل إلى غيره، وكان عمدة شيوخه "محيي الدين الكافيجي" الذي لازمه الـسيوطي أربعة عشر عامًا كاملة وأخذ منه أغلب علمه، وأطلق عليه لقب "أستاذ الوجود"، ومن شيوخه "شرف الدين المناوي" وأخذ عنه القرآن والفقه، و"تقي الدين الشبلي" وأخذ عنه الحديث أربع سنين فلما مات لزم "الكافيجي" أربعة عشر عامًا وأخذ عنه التفسير والأصول والعربية والمعاني، حيث أخذ علم الحديث فقط عن (150) شيخًا من النابهين في هذا العلم. ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء.
توفي الإمام السيوطي في منزله بروضة المقياس على النيل في القاهرة في 19 جمادى الأولى 911 هـ، الموافق 20 أكتوبر 1505 م، ودفن بجواره والده في اسيوط وله ضريح ومسجد كبير باسيوط. وفي الصفحة 90 من الجزء الثاني من حفي هذه النسخة.
كنت احدث شيخي عن اعجابي بكتاب الشوكاني رحمه الله: رفع الاساطين في حكم الاتصال بالسلاطين بتعليقات شيخنا ابن عثيمين رحمه الله. فاخبرني عن كتاب السيوطي هذا، رحمه الله. وبعد قراءتي لربع الكتاب تقريباً ارسلت اليه واخبرته بإنزعاجي بالكتاب، اذ السواد الاعظم من الكتاب احاديثه ضعيفة!
فقال لي: السيوطي كما هو معروف عند أهل العلم كثير التصنيف ولكن قليل الفائدة. إنما ذكرته للعلم فقط لمعرفة الفرق بين تصنيفات الفحول من علماء الأصول وغيرهم من مكثري التصنيف بلا أصول وتحقيق. فطالب العلم عليه أن يطلع على التصنيفات الأصولية وما يقابلها للتمكن من المسائل. هذا التوسع في الاطلاع يكسب الطالب ملكة علمية وخبرة. "وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا" ليس فقط علما بل خبرا. فالخبرة درجة متقدمة عن العلم.
والكتاب فيه نقولات عن ابو نعيم الاصفهاني وابن ابي الدنيا وابن عساكر وغيرهم، رحمهم الله، وهم جمعوا روايات ضعيفة وعجيبة يصعب تصديقها عن السلف، كنقل ابو نعيم في الحلية عن سفيان الثوري قوله: (النظر إلى السلطان خطيئة). مع علمي بتشدد الثوري في الدخول على السلاطين، الا انه كان محدثاً فقيهاً، فيصعب التصديق بأنه قد يقول كلاماً مثل هذا. وخاصة انه لا دليل شرعي عليه، بل الادلة الشرعية تدل على بطلانه.
ولما ذكرت ذلك لشيخي قال لي: مثل هذه الأقوال من السهل أن تلفق وتنسب إلى مشهور معروف. الحديث النبوي ما سلم من الوضع فكيف بمن دونه!!! فسبحان الله العظيم.
لكن هنالك كلام نافع ماتع لإبن عبد البر في الحاشية لا اعلم اذا كان من وضع المؤلف او المحقق: “يقول ابن عبد البر: معنى هذا الباب كله في السلطان الجائر الفاسق، فأما العادل منهم الفاضل فمداخلته، ورؤيته، وعونه على الصلاح من أفضل أعمال البر، ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز إنما كان يصحبه جلة العلماء مثل عروة بن الزبير، وطبقته، وابن شهاب وطبقته. وإذا حضر العالم عند السلطان، وقال خيراً، ونطق بعلم كان حسناً، وكان في ذلك رضوان الله إلى يوم يلقاه، ولكنها مجالس الفتنة فيها أغلب، والسلامة منها ترك ما فيها. انظر: جامع بيان العلم (ص/262 - 263).”
* اختم بفائدة من خارج الكتاب لكن لها صلة شديدة بموضوع الكتاب؛
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني. وقد نقل المباركفوري عن المظهر أنه فسر الحديث السابق بقوله: يعني من دخل على السلطان وداهنه وقع في الفتنة ـ وأما من لم يداهن ونصحه وأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فكان دخوله عليه أفضل الجهاد. اهـ.