في نظري، البشر طبيعيًا نوع اجتماعي، وهم لم يحتاجوا، للعيش في مجتمع، إلى إبرام عقد فيما بينهم أو تنفيذ جريمة قتل الأب. لكن البشر لا يكتفون بالعيش في مجتمع. إنهم ينتجون أشكالًا جديدة للوجود الاجتماعي، وبالتالي مجتمعات. وذلك من أجل الاستمرار في العيش. لذلك، عندما يقومون بتحويل أساليب عيشهم، فإنهم يحوّلون طرائق التفكير والسلوك، وبالتالي ثقافتهم.
One of the most influential names in French anthropology who works as the Directeur d'études at the École des Hautes Études en Sciences Sociales. Best known as one of the earliest advocates of Marxism's incorporation into anthropology, he is also known for his field work among the Baruya in Papua New Guinea that spanned three decades from the 1960s to the 1980s.
Among the many honors he has received are the CNRS Gold Medal and the Alexander von Humboldt prize. His major works include The Making of Great Men, The Metamorphoses of Kinship, The Enigma of the Gift, In and Out of the West, and, more recently, Lévi-Strauss: A Critical Study of His Thought.
محاضرة عن نشأة المجتمعات والهويات مستشهداً بحالة قبيلة البارويا في بابواسيا - غينيا الجديدة، التي تشكلت نتيجة هجرات من عدة قبائل بسبب العنف، وكيف أن العنف يولّد مجتمعاً مختلطاً يتوارث قيمه الثقافية ليصنع منها محدداتٍ لهويةٍ جديدة، وهو هنا يشير إلى التجربة السعودية حيث كان الدين أولاً سبباً من أسباب نشوء الدولة في مقاربة لحالة البارويا التي تحاول خلق هويتها وتجديدها من خلال الطقوس الدينية، ثم ينتهي بزحف الاستعمار الاسترالي وأثره على قبيلة البارويا التي عادت بعد أزيد من عشر سنين إلى تجديد هويتها رغم دخولها في مجال الدولة الحديثة، وهو هنا يعارض ماركس في فكرته حول تشكّل المجتمعات على أساس أنماط الإنتاج، حيث يصرّ على أن الدين والثقافة والسلطة هي المحكات الحقيقية.
/ بالنسبة للقراءة الثانية جاءت متزامنة مع كتاب ميرتشيا إلياده: البحث عن التاريخ والمعنطى في الدين، وهذا ما أعطة فهم أفضل للدراسة، لأن كتاب إلياده أسهم في توضيح مفهوم التكريس - التأهيل، والذي له أهميةكبيرة في دراسة قبائل البارويا، حيث يتم التكريس للرجال في فئة عمرية معينة لنقلهم من حالة الطبيعة (وهي الحالة التي لا يدرك فيها هؤلاء مفاهيم الدين والمساهمة في الصيد والدفاع عن القبيلة) إلى حالة الثقافة (وهي الحالة التي يتشرك فيها هؤلاء في الممارسات الدينية والحربية) كما أن هذا الأمر لا يتم حسب رأي غولدييه إلا في مجتمع ذي سيادة لأن السيادة هي ما تعطي للقبيلة الحدود المعنوية والمادية لممارسة هذه الشعائر باعتبارها شعائر قبلية ولا يمكن ممارستها من دون وجود سيادة على أرض معينة، وهنا يرفض غولدييه تمسية هذه القبائل بالبدائية، ذلك لأن هذه القبائل تملك مفاهيم الهوية والسيادة والتاريخ والدين. وهو نفس الأمر الذي يرفضه إلياده من ناحية تسمية القبائل بالبدائية.
على الرغم من صغر حجم الكتاب، الا انه خرج بنظرية مخالفة للسائد في الغرب، الا وهي ان العلاقات السياسية-الدينية هي التي تخلق المجتمعات، وليس العلاقات الاقتصادية كما يرى ماركس واتباعه، او العلاقات الجنسية او علاقات القرابة، الكتاب للمهتمين بتلك الامور، وليس كتاب عام او تبسيطي.
"قام محارب مسن من البارويا بمخاطبتي وهو يلوح بمحطم للرؤوس وقال لي:موريس، إنك ترى هنا ما صنع بقوتنا اليوم، كل مكسرات الرؤوس لدينا تم شراؤها من طرف البيض لجعلها تذكارات، لهم أظهرنا الأغصان والأوراق، ولك أظهرنا الجذع والجذور" يعلق عودلييه: لقد كان واعيا تماما بهويته وثقافته. ... موريس غودلييه أناس فرنسي عاش مع قبيلة البارويا أكثر من عقد ونصف، وكتب أبحاثا عن هذه القبيلة من ضمنها ما تعرض له في هذه المحاضرة.
كتاب موجز لكن غني، يُعيد ترتيب المفاهيم الأساسية في فهم المجتمعات، ويفتح نافذة مهمة لفهم كيف تُشكَّل الهويات المتضاربة في عصر العولمة. رغم أن بعض القصور موجود -خصوصًا في العمق والتعميم- إلا أنه يُعد مساهمة قيمة جدًا، خاصة لمن يريد فهم الديناميات المعاصرة بين التقاليد والسيادة والعولمة.
العالم اليوم يتحرك بحركة مزدوجة: المجتمعات تندمج اقتصاديًا في النظام العالمي، لكنها في الوقت نفسه تتشبث أكثر بهوياتها وثقافتها الخاصة. وبين العولمة والهوية، يمارس الأنثروبولوجي دوره في فهم هذا التناقض الإنساني، وهذا ماجاء تفصيله في هذا الكتاب