What do you think?
Rate this book


228 pages, Paperback
First published January 19, 2016
كنا فى مرحلة التعليم،عند موعد امتحان اللغة العربية، نترك صفحتين فارغتين من بداية دفتر اجابة الإمتحان لغرض كتابة موضوع التعبير المطلوب من الممتحنين، أى نبدأ بحل أسئلة جميع الأقسام من نصوص وبلاغة ونحو حتى لا نهدر وقتنا "الثمين"، وبعد الانتهاء من هذه الاقسام وقبل هروب وقت الامتحان، نهرع الى كتابة موضوع التعبير.
الآن قد وضحت الرؤية، هل اضطلع احدٌ من معلمينا الكرام باظهار أى اهتمام بكيفية كتابتنا لموضوع الإنشاء او التعبير؟ هل تم تقييم و تقويم ما كتبناه؟ كنا نحشد ما نستطيع حشده من مخزوننا الركيك من اللغة كى نُحَصِّل درجاتً نعبر بها من هذا المأزق.تعلمنا القواعد وحفظناها بدون هدف، لم نستطع تكوين جمل بيانية واضحة تطابق قواعد النحو والاعراب السليمة وخالية من الحشو وتراعى الذوق السليم للغة العربية، حتى عند تعلم اللغات الأجنبية فى نظامنا التعليمى، وأتذكر تعلم الفرنسية على مدار سنتين وكأن الهدف لم يكن تحدث اللغة او اتقان مبادئها او استطاعة الحوار بها . فقط ،كان المطلوب " اكتب خطاب لصديقك الفرنسى تحدثه فيه عن نفسك وتدعوه لزيارة الاهرامات"، وبالتالى لم أحفظ جيدا الا البداية التى لا استطيع تغييرها:
je suis très content de te parler de moi meme
بعد هذه المقدمة والتى قد أظهرت عقدى النفسية، ننتقل الآن لهذا الكتاب الصغير حجماً الكبير قيمةً، كتاب حقيقةً يكشف عوار المستوى اللغوى والبيانى للأمة، الأمة التى كان عزها دينها ولغتها.
د البشير عصام المراكشى ،مؤلف هذا الكتاب، وضع يده على منبت المشاكل التى قد سببت هذا التدهور على المستوى اللغوى والبيانى . الكتاب فى مبحثين رئيسين بعد مقدمة مهمة عن منزلة اللغة العربية من الدين ومدى الارتباط الوثيق بينهما
المبحث الاول كان بياناً لحال العقبات الواقعة فى طريق تكوين الملكة اللغوية او الحصول عليها ابتداء ثم اظهار حال الضعف الحالى فى آداب اللغة العربية أو مستوى الكلام العادى او الخطابى، ومراحل التطور اللغوى من الفتوة الى الجمود. المبحث الثانى وهو الأهم، حيث وضع المؤلف خطة منهجية للارتقاء بهذا المستوى، حيث أن الملكة عموما لا تحصل بالفعل الواحد وانما تحصل بعد تكرار الفعل مرات عديدة .عارضاً مجموعة من الكتب فى علوم اللغة العربية، النحو والصرف ، البلاغة ، الشعر وأوزانه ونقده ومجموعة كتب لأفضل ما كتب من آداب العرب.ومن أهم مصادر تحصيل الزاد اللغوى: كتب متن اللغة ونصوص الشري��ة وكتب الأدب وأيضا مجموعة من الوسائل البسيطة التى ستعين على ادراك اللغة ثم ممارستها، مثل حل الآيات القرآنية والاحاديث فى جمل وتراكيب أخرى او مثل نثر الشعر، او محاولات لكتابة معارضات بسيطة للمعنى الأصلى لكاتب او لآخر ، بالفاظ وتراكيب اخرى. والمنهج مستوف لكل المستويات من البداية ثم التدرج توسعا فى طلب هذا الزاد اللغوى النفيس.
الحقيقة ان ما نعانيه او عانيناه بالفعل سابقا اثناء المرحلة العمرية الأهم وهى التعليم، كان بسبب ندرة التطبيق كما ذكرها المؤلف، فنحن وان عرفنا القواعد النحوية وتعلمنا الصرف وتعلمنا نذر قليل جدا من البلاغة، لم نطبق شيئا من تلك القواعد، لم نستطع استخراج البلاغة من القرآن، نخطئ فى الكتابة بالقواعد الاملائية الصحيحة، لا نستطيع نقد الشعر او موازنته ولا حتى الحُكم ولو مبدأيا على مستوى تراكيب أدبية أو خطب أو رسائل ومعرفة الركيك من البليغ العال.
"فاحـرص عـلى المعـاني الشريفـة، ولا تستنكف أن تتخير للتعبير عنهـا ألـذ الألفاظ وأعظمهـا أثـرا في الأسماع. ولا تلتفـت لـمـن يعيب عليـك العنايـة بانتقـاء الألفاظ، وتحسين التراكيب، ويدعـوك إلى تـرك ذلـك لأجـل المعـاني؛ فـإن هـذا المذهـب بـهـرج لا ينطـلـي عـلى الـصـيرفي الحـاذق، الـذي يـعـرف مـا يستتر وراءه مـن الجهـالات ودعـوات الـهـدم."