إن التأمل العميق في أوضاع الأمة العربية الإسلامية، وفي أوضاع العالم عموماً، بل حتى نظرة سريعة إلى تلك الأوضاع، يدفع إلى الإستنتاج أن الأوضاع العربية والإسلامية والعالمية بحاجة إلى تغيير جذري، وهذا ما جعل علماء الأمة ومفكريها وسياسييها، والأمر كذلك بالنسبة إلى وضع العالم ككل، يسعون بهذا الشكل أو ذلك للإسهام في عملية التغيير المنشودة، بل هي في الحقيقة عملية إنقاذ من الكارثة، فكانت هنالك إجتهادات وإجتهادات وقامت حركات وأحزاب وجماعات، واحتدت نقاشات، واندلعت صراعات، وما زالت المعركة حول التغيير مستعرّة. من هنا كان لا مفر من أن يطرق موضوع التغيير مجدداً. وإذا كان ثمة جوانب كثيرة تحتاج إلى معالجة فيما يتعلق بهذا الموضوع إلا أن هذا الكتاب سيتناول بعضاً من تلك الجوانب وهي المتعلقة بالشروط والأساليب الموصلة إلى الحل أو الهدف ولم يتطرق إلى تلك الجوانب، على أهميتها القصوى، والمتعلقة بالحلول نفسها، أو الأهداف المراد تحقيقها. ولقد كان هذا الموضوع محطاً لاهتمام المؤلف طوال الأربعين عاماً الماضية، ولهذا فهو ثمرة، أو خلاصة، لمجموعة من المجهودات أو الدراسات والترجمات السابقة. وهذا ما جعله يخرج على صورة خلاصات أكثر منه على صورة بحث أكاديمي للموضوع. فقد لوحظ أن ثمة مجموعة من القوانين أو الخلاصات المستنتجة من التجارب العالمية المعاصرة في التغيير هي في الواقع مسبوقة في السيرة النبوية الشريفة، وفيما تلاها من تجارب تغييرية إسلامية طوال خمسة عشر قرناً. ولهذا فإن التأصيل في موضوع التغيير يشكل معاصرة حقيقية لإشكاليات الوضع الراهن وتحدياته، ولعله مثال صارخ للخلل الذي يرزح تحته المتغربون حيث يستقون دروسهم من تجارب أقل خصباً وثراء بينما يتركون وراءهم تلك الينابيع في القرآن والسنة والتجربة الإسلامية التاريخية.
الأستاذ منير شفيق مفكر فلسطيني عربي إسلامي و عضو في مجلس امناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ولد في القدس لأبوين مسيحيين عام 1934م، انخرط في العمل السياسي والحزب الشيوعي الأردني، عمل في حركة فتح حتى بداية السبعينات، واعتنق الإسلام في أواخر السبعينات. كان يسارياً ثم تخلى عن تلك التوجهات واتجه نحو الفكر الإسلامي، وبرز في الأخير كمحلل سياسي، ولكنه ينتمي إلى مدرسة التحليل الراديكالي الثوري.
يعتبر هذا الكتاب نوعًا ما تغطية إسلامية لروح القومية العربيّة التي كانت بارزةً ونشأ عليها شفيق؛ والتي أثرت بشكل واضحٍ على كيفية صياغته لأفكاره وقراءته السياسية للكثير من الأحداث في سير الأنبياء. ولعلّ أحد أخطر ما طرحه هذا الكتاب فكرة الأهداف الوسيطة، التي حين تمّ تطبيقها تعارضت بشكل صارخٍ مع الأهداف الكليّة أو أدّت إلى إخراجها من الصورة التخطيطية والوعي الشعبي العام، وهذا منافٍ للديمومة التي يضمنها الهدف الكلي العقدي.
بالإضافة إلى ذلك، يطرح الكاتب فكرة أنّ الإيمان لا يلعب دورًا مركزيًا في النصر، إنّما هو فرعٌ عن تعادل موازين القوى، وهذا يتعارض بشكل صارخ مع النمط القرآني في التعامل مع النصوص إذ يقول: "إلا تنصروه فقد نصره الله" و"ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم" وغيرها. ويعطي الكاتب نوعًا من التمييع الشرعي لسائر وسائل التغيير، وهو نوع من الدبلوماسية في التعامل مع الحركات الإسلامية، مع أنّه في أماكن أخرى يعطي مركزيّة واضحة للعمل السياسي والتحالفات السياسية من قبل الضعيف مع القوي في سبيل التقوية، دون الالتفات للجانب العقدي أبدًا.
الكتاب فيه بعض الأفكار الجيدة، إلّا أنه لا يجاوز أن يكون غطاءً وأسلمةً لفكرٍ معيّن، ويقل الكاتب ذلك صراحةً حين تكلم عين جيفارا وماو سي تونغ، حيث يقول إن لجوء العرب إليهم غير ضروري، حيث أنّ نفس الأفكار والعبر يمكن أن تستسقى من السيرة؛ وهذا يدل على أنّ الأفكار عنده ثابتة، ويبقى أن نعثر على شواهد لها من السيرة، وهو أمرٌ يمكن فعله لأيّ منهج وفكر، إذ إنّ السيرة واسعة كثيرة الأحداث، ويسهل تعدد القراءات فيه. وهنا تظهر مشكلة أخرى في الكتاب هي القراءة السياسية للسيرة، مع إلغاء الجانب الإيماني والحِكَمي (من الحكمة) منها؛ ممّا يؤدي إلى القراءة بمجرد داعي التبرير العملاني للموضوع.
الواضح ممّا أوردت أني وجدت الكتاب، مع حسن صياغته، كثير المشاكل، وبالتالي، أعطيته نجمتين فقط.
و التغيير لن نستطيع اختزاله بأية او حديث او اداة او نظرية ،،، ليست الأفكار وحدها او العقائد وحدها او العواطف او السياسة او الاقتصاد او الجهاد وحده ،،،تفسر لنا ،، بل الواقع كلٌ معقدٌ متشابك ،،،يحتاج الى نخبة لفهمه و نخبة للعمل و نخبة للدعم و نخبة للتصحيح،،
فالجاهلية المنظمة لن تستقبلك بالاحضان،،،
نعم لا ننافس حائطا صلبا لا يملك ردات فعل،،، ينتظرنا لنهدمه،،،
انما هو نظامٌ عالميا طاغوتي ينتظرك حذو القذة بالقذة،،،
لا ننافس شعوب بلادنا و ليست عدوتنا بل ايقاظهم هدفنا و انا كانوا خانعين للظلم ،،،و ليست الشعوب عدوك،،،
عدوٌ درسك و فهمك و حللك و شرع بهزيمتك،،، نعم هو تحدٍ صعب ،،لا نستطيع اختزاله بخطوات ثابتة كاننا في مختبر أبحاث ،،،،، بل هي عملية تتغير و تتبدل و نحن كل يوم في شأن،،
لكن إدراكنا لذلك الواقع المؤلم كافي بان نبدأ على الأقل بطريقة صحيحة،،،،
و كما قالوا :
Real changes is deep , gradual , quiet not dramatic , not noisy ..... Based on long sustained work .... But explosive in the end ....