اسم الكتاب: التماسك النصِّي في نهج البلاغة (أطروحة دكتوراة) المؤلِّف: الدكتور عيسى بن السيد جواد الوداعي عدد الصفحات: 316 إصدار: المركز العلمي للرسائل والأطاريح الطبعة الأولى 1436 للهجرة – 2015 للميلاد ............................. تتميز الأطروحة عن الرسالة -في الغالب- بالحضور الشخصي للكاتب، ففي الأطروحة يُقدِّمُ الكاتِبُ بمجموعة رؤوس علمية لإبراز ما يتبناه ويذهب إليه هو شخصيًا، ولذلك نجد قلم البحث والنقد والتحقيق في الأطروحات العلمية أكثر دِقَّة ورصانةً وموضوعيةً منه في سائر جولاته وصولاته البحثية. ظهر لي أنَّ الدكتور الوداعي أراد حلَّ مشكلة عدم واقعية القول بالتماسك النصي، فالتماسك وإن كان من جهة النظر ممكِنٌ، بل ومطلوب، إلَّا أنَّ تحقيقه بما يُسوِّغ الاحتجاج ليس بالأمر السهل. ولذلك ذهب إلى إظهار العمق المحكم للتماسك النصِّي في كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). بعد إشباع الباحث لمفهوم التماسك النصِّي بيانًا، ومقارنته بالتحليل الجُملي وتوضيح محل كلِّ واحد من الآخر، شرع في طرحه لنهج البلاغة كوحدة موضوعية محكمة للتماسك النصِّي في مستوياته الأربعة، وهي: التماسك المعجمي، والتماسك النحوي، والتماسك الدلالي، والتماسك التداولي. قبل الطرح البياني، عمد الكاتِبُ لتدوين تصور متكامل لنهج البلاغة بما يجعل المستويات الأربعة تفريعات منطقية علمية عليه، فبيَّن محاوِرَ النهجِ في ثلاثة عناوين رئيسية، هي: (الله – الإنسان – الكون) ترجع إلى منشأ أصيل، هو التفاعل العقلي الطبيعي مع سياق الأحداث، وهذا من البناءات المهمَّة في تماسك النص. وعليه، وقع البحثُ في فصول ثلاثة، على النحو التالي: الفصل الأوَّل: التماسك النصِّي (مفهومه ومستوياته) الفصل الثاني: التماسك الشكلي في نهج البلاغة الفصل الثالث: التماسك الداخلي في نهج البلاغة جاء الفصلُ الثالِثُ ثمرةً علميةً واقعيةً للبيانات والأصول في الفصلين الأولين، وأقول ثمرةً وليس تطبيقًا؛ فمن يقف على التأسيسات في أول فصلين يظهر له التماسك النصي في نموذج خطبة الجهاد التي انتخبها الباحث في مقام البيان وليس مجرَّد التطبيق الاختباري. جعل الكاتبُ الفصل الثالث، وهو الفصل الإثباتي، في قسمين، أوَّلهما: والتماسك الدلالي. أظهر فيه أمورًا، أو فلنقل: أصولًا خمسة، هي: 1- وحدة الموضوع. 2- التماسك الدلالي في إطار الوحدة النصية الواحدة. 3- بناء الموضوعات في الوحدة النصية. 4- العلاقات الدلالية في إطار الوحدة النصية. 5- العلاقات الدلالية بين وحدات النص الكبرى. وثانيهما: السياق وأثره في تماسك النصِّ. فوائِد: أسجل تاليًا مجموعة من الفوائد خرجت بها من أطروحة الدكتور الوداعي: 1- ضرورة تصور المتحدِّث أو الكاتب لما هو بصدد الحديث عنه تصورًا علميًا لا تشوبه شائبةٌ خطابية أو جدلية أو شعرية أو مغالطية خارج إطار الإحكام البرهاني، ولازم ذلك الصدق والتأني في صياغة الخطاب، مع الإحاطة بحيثيات الموضوع من جهة البناء الداخلي (المادَّة والهيئة) والخارجي (المُرسِل والمتلقي وظروف الخطاب). 2- أعتقد بفارِقٍ مهمٍّ بين خصوص المتلقي في زمن النص المعصوم، وبينه في الزمن المعاصر؛ فالوقوف على التماسك النصِّي في تلك الأزمنة كان عن ملكة أو ملكات راسخة في النفس الواعية آنذاك، أمَّا اليوم فيحتاج المتلقي إلى دراسة تحليلية قد تستغرق الأسابيع للنصِّ الواحد. لذا، فإنَّ ما يراه -النظر القاصر- ضرورة التحول بأطروحة الدكتور الوداعي إلى مادَّة درسية يتمكَّن معها الدارس من وعي النصوص بشكل أعمق وأكثر دقَّةً. 3- من المهم تصدِّي أولي العلم والهمم العالية لدراسة كتبنا الحديثية المعتبرة دراسة تحليلية بالبناء على التماسك النصي اللازم لكونهم معصومين (عليهم السلام)، وفي ذلك معالجات درائية لا تخفى على ذوي الألباب. 4- التماسك النصي مطلبٌ بيانيٌّ أعمُّ من هذه اللغة أو تلك، إلَّا أنَّ اللغة العربية اختصتْ به لغناها في المفردات والهيئات بما تقوم عليه من روابط دقيقة، ولذلك تتعاظم ضرورة الاهتمام بدراسة علوم اللغة العربية دراسة حيَّة عفيَّة تُخرِجها من حبس الجمود الذي جعِلت فيه قسرًا! وهنا أمران: الأوَّل: نفخرُ كثيرًا بمثل هذه الطاقات البحرانية العالية التي أحاول من خلال كتابة بعض المراجعات الموجزة تقديم الشكر لها وفاءً بشيءٍ من حقِّها. الثاني: عندما يتصدَّى أهل العلم والتخصص لمناقشة الأطروحات والرؤى والأفكار، فإنَّهم بذلك في مقامٍ من مقامات شكر الله تعالى، فالمناقشات زكاةٌ للعلم وتنمية لروح التقاربات الفكرية والمعرفية، وتكامل للعقول طلبًا للأصوب فالأصوب. لذا، أرجو من الله العلي القدير أن يوفِّق العلماء والمحصلين لمتابعة نتاج أقلام هذه الأرض الطيبة ومناقشتها مناقشة تليق بأدب العلم وأدبياته، وفي ذلك عظيم الخير إن شاء الله تعالى. كلُّ الشكر والتقدير للباحث الفاضل الدكتور السيد عيسى بن السيد جواد الوداعي
السيد محمَّد بن السيد علي العلوي 2 من ربيع الأوَّل 1440 للهجرة البحرين المحروسة