لقد حبس المؤلّف نفسه في سجن اللغة قاطعاً صلاته بالعالم من حوله حتى فقد قدرته على التمتع بملذات الحياة البسيطة. ثم ها هو ذا في لحظة معينة لا يستطيع أن ينهي كتابة رواية. إنه ينقّح، ويبحث، ويشطب، لكن بلا جدوى. وأمام رعب بياض الأوراق، يستسلم للتفكير في اللحظة الراهنة، غارقاً في تأملاته الليلية وذكرياته بعبارات بسيطة التركيب، وخالية من الزخرفة.
وبشفافية البوح الصادق، يستعيد العزلة والعذاب ومصارعة الموت، متسائلاً عن ماهيّة الكتابة وجدواها لديه (كإنسان) ولدى آخره (ككاتب)، شارحاً بعض الاستراتيجيات في صراعه مع هذا «الآخر»؛ قرينه الذي يمتلك في الوقت ذاته هويّة خاصة غير قابلة للتحول.
يندرج الكتاب ضمن تقليد أدبي راسخ في الثقافة الغربية يجعل من استحالة الكتابة موضوعاً للتأمل، غير أن تجربة المؤلف الاستثنائية، وذكاء التحليل، وروعة الأسلوب، وخصوصية اللغة تمنح الكتاب طابعه الفريد، وقدرته الفائقة على التأثير.
A political dissident and gifted writer who was jailed and tortured by Uruguay's military regime, Carlos Liscano movingly recounts those experiences in this memoir. Liscano is Uruguay's most well known novelist
نص أدبي ممتع, سرد ذاتي لكارلوس ليسكانو عن الكتابة والحياة كل حياته متعلقة بفعل الكتابة, هو الكاتب وهو الآخر أيضا يرى الأدب أرض براح بلا حدود ولا نقطة وصول, يمشي فيها بشغف وحذر يحكي عن عالم الكتابة والابتكار, وعما يدور في ذهنه من تساؤلات ومشاهد وأفكار متشابكة تأملات عن النفس والحياة بين رحابة الكلمات والأحلام وثقل أحزان وألم الواقع حياته متناثرة في الحكي ينتقل بين الذكريات ويكشف عن نفسه بصدق ووضوح
ليسكانو أديب من الأوروجواي, فترة شبابه انضم لحركة توبامارو اليسارية المعارضة اعتُقل وتعرض للتعذيب وسُجن لمدة 13 عام, وبدأ الكتابة في السجن فكانت الملجأ والملاذ بعد خروجه ومواجهة الحياة بلا عمل ولا عائلة, هاجر إلى السويد, ثم عاد إلى بلده بعد 11 عام
شبه سيرة فكرية وحياتية وأدبية مكتوبة بأسلوب بديع ومعبر عما بداخله من صخب وفكر ومعاناة " أن تعيش الحياة أمر يستحق العناء دائما, أو يكاد"...
ليسكانو بعد حياة شاقة بوالد منتحر و أم متوفاة و حكم بالسجن لعشرين سنة - قضى منها 13 سنة - لنضاله السياسي و غربة حقيقية لما يزيد عن عقد كامل بدون أخ بدون امرأة بدون صديق بدون حتى جار، لا شيء سوى بضعة روايات نالت بعض الشهرة يجلس أمام الطاولة ليكتب عن ليسكانو الكاتب لا ذلك الشخص الذي يعيش حياة مريرة. عن الكتابة و آلامها و دوافعها الغامضة و اللامجدية، عن رعب الصفحات البيضاء التي تعنّف أفكاره المترددة. عن الرغبة في أن تصبح كاتباً على الرغم من إيمانك الشديد بأنك لن تأتي بشيءٍ مميز. لا شيء سوى الاقتراب من أساتذتك الذي قالوا ما يجب قوله بالطريقة المثلى. عن الانتظار لساعات طوال، لأيام، لأشهر لجملة افتتاحية لعمل ما. عن الكاتب الذي تبتكره ثم تغدو خادماً له. كان قد شعر بموهبته و آمن بها قبل أن يكتب روايته الأولى و يعترف بهذا الغرور السامّ و يؤكد في ذات الوقت على ضرورة أن يحظى به أي كاتب. لم يكن يعرف شيئاً عن السرد و ألاعيبه و لكنه كان يفسح الطريق لكلماته أن تسير بعفويتها. يعتقد أن الكتابة صراع خاسر ضد الموت و ضرورة لا غنى عنها لتسجيل شهادة على الحياة. في سنّ الخامسة عشر أمسك بكتاب - للمرة الأولى في حياته - و طفق يقرأ و عندما خرج من السجن دون أن يجد من ينتظره كان يفكر في الكتابة على أنها طوق النجاة. وسيلة للبقاء على قيد الحياة. و أدهشه فيما بعد أن صنفت رواياته في أدب المقاومة - و إن قصد بها مقاومة الطغيان فهو يصرّ على أنها مقاومة الموت أيضاً -. تتخلل الكتاب بعض الأحاديث الشخصية عن السجن عن مونتفيديو عن الجبل السحري لتوماس مان.
هذا الكتاب يجب أن يقرأه كل من يفكر في ارتكاب خطيئة الكتابة (أو لا يزال عند أول حدود الرغبة) لكي يعرف أي مصيرٍ ينتظره؛ فالكتابة لا خطّ رجعة فيها، ولا يوجد فيها خيار "تراجع"، ومتى ما تورّط المرء فيها فلا عاصم ولا منقذ له منها!
لنكن واضحين منذ البداية، لا يوجد شيء اسمه كاتب، كما يقول كارلوس ليسكانو، بل هناك شخص حقيقي من لحم ودم يبتكر شخصًا موازيًا له، باسم وشكل ومواصفات شبيهة باسمه وشكله ومواصفاته (ولكن ذو طبيعة مختلفة) ويسميه كاتبًا!
من هنا تكمن الورطة في الكتابة، في هذا الشخص الآخر الذي يبتكره الشخص ذات غرور أو غباء ثم يتورّط فيه إلى الأبد، تمامًا كما قد يتورّط شاب أو فتاة بابنٍ غير شرعيّ نتيجة علاقة عابرة؛ فالعلاقة قد تذهب والكتابة قد تتوقّف ولكن هذه الشخصيّة المبتكرة ستظل حيئّة تؤرّق الكاتب مثلما سيؤرق الابن غير الشرعي والديه!
ما أعرفه عن نفسي أنني صنعت محمد المرزوقي الكاتب؛ ليكون شيئاً لم أستطع أن أكونه واقعاً، لكنه خرج عن سيطرتي في منتصف الرحلة وبدأ يسبب لي الكثير من المتاعب. أنا كائن حقيقي، أذهب إلى عملي كل يوم (متأخراً قليلاً)، وأكره المخلوق الذي ابتكر نظام البصمة لمتابعة حضور وانصراف الموظفين (وأعتقد بأن هناك مكانًا مخصصّا له ولثقلاء الدم مثله في الجحيم)، وأحب الاستماع لأغانٍ روسيّة لا أفهم منها حرفًا واحدًا وأنا أقود سيارتي ، وأحب عائلتي وأصدقائي وحيواناتهم الأليفة، أنفعل في النقاش أحيانًا وأقول كلاماً وقحاً وبذيئاً، وأقول كلمات جميلة أحياناً، لكن الكاتب ليس فيه شيء من هذا، الكاتب كائن يتحدث عن الحياة من خارجها، لكن محمد المرزوقي يعيش الحياة، ولا يتحدث عنها كثيراً!
سيرة ذاتية للكاتب " كارلوس ليسكانو " فلقد قضى سنوات طفولته ومراهقته وحيداً ، ومن ثم قضى شبابه منتمياً لحركة ثورية متمردة في بلاده " الأرغواي" ، سُجن سنوات عديدة وخرج دونما أن ينتظره أحد ، ومن ثم مهاجراً الى السويد غريباً... يتحدث في خضم تلك المعاناة المريرة عن ماهية الكتابة بالنسبة له ، كيف آثر أن يعيش كاتباً منعزلاً في عالم الأدب على أن يستمتع بحياته بنزواتها القصيرة ، بالأخطاء الصغيرة ، تعاسة الحب ، العائلة والأصدقاء ...فتوارى الأنسان وراء وجه الآخر " الكاتب" ، فهو يرى ان لحظات التوقف عن الكتابة هى بدورها تعطل الحياة ... يراودني حدس قوي بأنه لو وقف بمواجهة نفسه بالمرآة لابد وان يتساءل لمن هذا الوجه ؟ لكارلوس الانسان أم الآخر الكاتب ؟؟؟.... عصفت بذهني التساؤلات فهل ثمة خيط دقيق يفصل بين الانسان والكاتب ، خيطاً لامرئياً ولكنه يحقق توازناً ما...؟؟ أم ترى عالم الأدب ، عالم مجهول غامض ما أن تطأه قدم أحدهم حتى يختطفه وتستحيل منه العودة ...؟؟.. ام عليه ان يدمج كلاهما معا ، يصهرهما سوياً في بوتقة واحدة تحمل بطاقة تعريفية لكينونته ؟؟؟..... توقفت عند توصيفه للمرء عندما يبتكر كاتباً فيصبح خادماً له ، يكفل له العزلة ، الصمت ، التفكير وحيداً ، الغرق في عالم الكلمات ، ويمنحه الثقة والايمان بموهبته وقدراته .. لكنني ارى ان الكاتب هو الآخر خادماً لمبتكره " الانسان" فهو يحرره من رتابة الحياة الاعتيادية .. وأخيراً .." ان تكتب يعني ان تبحث عما لن تجده ابداً "....
أحيانًا لا نحب الكتب التي تفرض نفسها علينا... هذا كتابٌ جميـل وحزينٌ .. ومزعج! إنه يقلِّب على الكاتب مواجعه، ويذكره بآلامه، ونحن نحب الرثاء والحزن والكآبة! . . مرثية عقلانية، غير درامية بالمرة .. يعزفها هذا الرجل الذي أسمع عنه للمرة الأولى، والذي يبدو روائي مغمور، عاش حياة بائسة بين السجن والكتابة ! ولكنه أعاد لذهني تلك المقولات التي أرددها كثيرًا، بل وكتبت جزءًا منها في المسحوق والأرض الصلبة ! . ذلك البحث المضني عن جدوى الكتابة، وأهمية الأدب، في هذا العالم ! ذلك الدوران بين الصمت والكلام، بين أن تقول لكي تغيَّر العالم، وألا تقول فتكتشف أن الأمران سيَّان !! ... على الرغم من كل المقاطع والاقتباسات التي أخذتها منه، وعلى لارغم من بنيته التي جعلته ينتهي في وقت قصير، إلا أني لم أحبه أيضًا .. .. أو أني أحبه وأكرهه! .. شكرًا عزيزي كارلوس .. لقد قرأ إبراهيم ـ من مصر ـ كتابك، وشعر بمأساتك، على الرغم من أنه لم يؤلف غير كتابين، ولم يقض حياة بين السجون بعد، ولكنه أدرك تقريبًا كل ما قصدته، فهل سيخفف ذلك من آلامك شيئًا؟! هل سيشعرك ذلك أنك حدثتني وأني استمعت إليك؟! هل تشعر بالنشوة الآن، في مكانك البعيد؟!! تحياتي لك على كل حال، وسأحاول أن أستكشف عوالمك السردية .. علَّها تكون أكثر ثراءً :P .. نعم أخرج لك لساني، لأنك تدرك تمامًا أنها لن تكون بقي أن أشير إلى أن الترجمة كانت جيدة جدًا . شكر واجب للزميل صاحب موقع ketab أن وفر نسخة الكترونية من هذا الكتاب، لولاها لما قرأته . ولـ طه على الترشيح .. ولأنه رآني هنا :) . حوار مع ليسكانو هنا: http://www.nizwa.com/articles.php?id=...
( أعلم ألا سلام في الكلمات، السلام في الصمت، غير أن الصمت يغدو مأوى العدم ، ومن العدم ينبثق " الكل " ؛ الكلمات كل الكلمات .. إعصارٌ لا يُحتمل )
لن يصغي لك إلا المشتتون بعشق الكتابة يا كارلوس ليسكانو، ف حرفك وفكرك و ألمك يُعلم كل كاتب إتزان الهبوط في الكتابة .. قبل سلامة الإقلاع، يُعلمهم أن الكتابة مفرهم السحري من الحياة و إليها، يعلمهم مجابهة " الآخر " في داخلهم بكل جسارة و اعتصار وجوده قبل يتبدد إلهامه و يتبخر وحيه ، و يركن نحو الصمت .
يؤخذ على هذا النزف الأدبي التكرار الذي اعتقد أن ليسكانو تعمّده لحفر عقولنا بإصرار لإدراك معاني مسميات معينة يحب ليسكانو أن يتمركز حولها الأدب، إختناق ليسكانو بعزلة أدبه في عزِّ عزلة سجنه .. ارتشفته ك ينبوع صبر.. و قنوطه من الحياة لا يمت لفعل الكتابة التي يعتزّ بها ب صلة .. يجعل صورة صبره متناقضة .. تعنيفه لموهبته و جلدها دليل خوفه منها وعليها.. هكذا انضمّ ليسكانو لحزب الأساتذة و فطاحل الأدب الذين سبق وخاف منازلة قلمه لأقلامهم .. جعلنا بهذا الجلد للموهبة نخشى تصديق حروفه و نشكك بإيمانه بقوة موهبته.. كل كتب التي تتحدث عن عالم الكتابة حين تمجدها تتقهقر خوف غرور واستعلاء يجعل القارئ في حيرة من امره .. النقد الملطف هذا يمنحك ثمرته المحرمة يا عاشق الكتابة
في أحد الحوارات مع ليسكانو سئل من هو الآخر ! أجاب إنه ذلك الذي يشتري البرتقال ويدفع الفواتير ويمارس الكتابة
قضى ليسكانو 15 عاما وهو في السجن حيث تختفي كل معالم الحياة ويكون المرء في مواجهة مع السجان غير أن ليسكانو عاش مواجهة أخرى لأنه قرر أن يغير مصيره وكان ذلك النضال مع الكتابة
أن يكون الكاتب في مواجهة الورقة البيضاء الفارغة ماذا يدور في رأسه كل الخواطر الإيمان الشك الريبة العزلة العلاقة مع السجان الحنين للمكان والخيالات التي تعبر رأس هذا الرجل سجلها في كتاب الكاتب والآخر وكيف لا يفعل وليس أمامه في السجن سوى أن يفكر
أسلوب السرد فلسفي وشفاف وعميق جدا في مقاطع كثيرة غير إنه يصبح مملا في أحيان أخرى بسبب التكرار
يا الله كم يحتاج الإنسان من جرأة ليتحدث عن نفسه بهذه الشفافية...لا يمكن أن تقرأ كلماته دون أن تخترق قلبك... أتخيل هذا الكاتب العملاق يكتب رواية عادية كم سيبدع فيها ولكنه للأسف بسبب ظروف سجنه واعتقاله لم يكتب سوى عن معاناته ونجح في نقلها لنا تماماً كأننا نعيشها معه... حديثه عن ابتكار الكاتب لشخصية أخرى في داخله حديث شيق وماتع... هذا شخص تستطيع القول بأنه وصف المشاعر التي تعتري الكاتب قبل وأثناء وبعد الكتابة بل هو يثبت لك أن الكاتب لا يعيش حياتا كالتي نعيشها ويترك سؤالاً مهماً دون اجابة وهو هل الكاتب يولد كاتباً بالفطرة أم أنها صفة مكتسبة بإمكان الشخص العادي تعلمها والتمرن عليها وتطويرها للوصول إلى درجة الإتقان؟!قليلة هي المرات التي أكتب فيها مراجعة مطولة لكتاب وأقل منها هي المرات التي أقرأ فيها لنفس الكاتب كتابين متتاليين مهما أعجبني أسلوبه ليس لشيئ ولكن كي أحتفظ به بنفس المكانة لأطول فترة ممكنة...لكن هذا الكتاب(عربة المجانين) لهذا الكاتب شدّني بطريقة غريبة وأعتقد أن السر فيها أنه لم يكن يستجدي المديح أو المواساة أو المكافأة على ما كتبه ذلك أنه كان قد خسر كل شيئ بفقدانه أمه وإنتحار أبيه خلال فترة وجوده في السجن وتعرضه لأقسى أنواع التعذيب... قلت بأن السر في أنه كان يبوح وحسب... وأنا من الأشخاص الذين تشدهم الكتابة التي لا تحملني المسؤولية ولا تضع على كاهلي حمل هموم الكاتب أو أحزانه، ولكنني إذا شعرت بها فإنني أتعاطف بشكل لا إرادي مع مشاعر الكاتب كأنني أعرفه بل أكثر... وصف الكاتب في كتابه عربة المجانين حياة السجن وليت من يدعون أنهم يتصدرون بكتبهم أدب السجون يقرأون فقرة أو فقرتين فقط من هذا الكتاب فعلى أقل تقدير ستقشعر جلودهم وسيشعرون بالخجل من قولهم بأنهم كانوا مسجونين بل ربما اكتشفوا أنهم كانوا يقضون إجازة في مدينة ألعاب... يكتب ليسكانوا كأن لا أحد يقف أمامه ولا أحد سيقرأ ما يكتب لذلك تفجرت سليقته عن روح مجردة تبوح وتبوح وتبوح كأنها فقط تريد أن تفرغ ما فيها لتتحرر وتصبح خفيفة فتطير... عميق جداً في طروحاته ويراجع مع نفسه أدق خياراتها ويطرح أسئلة ليس لها حدود... السبب أنه وصل مرحلة من اليأس والإحباط جعلته لا ينتظر شيئاً على الإطلاق من أحد فكان يتحدث بلا خوف وبلا وجل عن مكنوناته العميقة ليتعرى أمام القارئ من كل قشور الخوف أو الوجل أو التردد وهو بهذا كان يعري إنسانيتنا فهو في النهاية مجرد فرد ضحى بمخاوفه وقدم تجربته الشخصية بكل حدة ليضعنا في مواجهة مع حقيقتنا وأنانيتنا ونذالتنا وكل ما يمكن أن تنحدر له النفس البشرية من سوء....
كيف نجح الكاتب في ذلك بكل سهولة؟ كيف تسلل إلى قلب القارئ وهزه وجعله يرتعش؟ يجيب الكاتب على هذا التساؤل في كتابه (الكاتب والآخر) أو لنكن منصفين أكثر يوضح هنا كيف أنه لا يمتلك إجابة قاطعة لهذا السؤال سوى أنه يعيش مع شخص آخر وهذا الشخص هو الذي يكتب أما هو فيزوده بالطعام والشراب! ويضيف أنه لا يجيد شيئاً آخر في الحياة سوى الكتابة وأنها أنقذته عدة مرات من قتل نفسه، يقول ليسكانو في إحدى الفقرات:((الكاتب هو إبتكار خادمه الذي لا أحد يعترف بقيمته ككل الخدم، والخادم الذي يعرف أفضل من أي كان ضعف سيده وبؤسه، يدعي بألا علاقة له به. وهو يحلم - مع أنه يعلم أن قليلاً من الناس ينجح من ذلك - بأن ينصهر فيه ذات يوم، كي يصيرا واحداً من جديد)) إذن فهو يقول بأن ليسكانو الكاتب يختلف عن ليسكانو الإنسان ويتحدث طول الكتاب عن الخط الفاصل بينهما وكيف يمكن أن يؤثر أحدهما على الآخر وأين ومتى يلتقيان...
تجدر الإشارة هنا إلى أن ليسكانو إكتشف متأخراً بأنه كاتب ولكنه كان متأكداً من إكتشافه هذا فلم يحدث نفسه بعدها إلا على أنه كاتب ولد ليكتب وهذه حقيقته التي يجب عليه التعامل معها...
لم أعتد على تقديم نصائح لأصدقائي بما يتعلق بقراءاتهم فكل لديه ذوقه الخاص لذلك أتجنب مدح كتاب كي لا يقرأه أحدهم ثم لا يعجبه فيضع اللوم علي لأنني أضعت له وقته... وهذه المراجعة ليست مدحاً أو نقداً فلا يقاس عليها ولا يعتمد عليها ولكنها لمحة بسيطة عن كتابين من تأليف الكاتب الأورغواني كارلوس ليسكانو قد تغنيك عن قراءتها أو تشجعك على ذلك بحسب ما تبحث عنه أنت...
كتاب الكاتب و الآخر للكاتب كارلوس ليسكانو ما الذي يتطلبه الأمر لكي تكتب أو تصبح كاتباً ؟ كارلوس ليسكانو يجيب في هذا الكتاب كتاب الكاتب و الآخر عن هذا السؤال بكل حرفية , فهو يفكك كل جوانب الكتابة و يعرضها للقارىء و يشرح له عن ماهية رحلة الكتابة و ماذا تعني لمن يرغب في خوضها , كارلوس في هذا الكتاب , يحدثنا عن السبب الذي دفعه للكتابة وكيف أثر سجنه في ذلك , وماذا عنت الكتابة له عندما كان يطمح للحرية و كيف استغلها كفعل مقاومة ضد ساجنيه , و كيف باتت الكتابة بالنسبة له ضرورية لا غنى عنها , ومن ثم ينطلق الكاتب للتحدث عن الحالات التي يمر بها الكاتب وهو يصنع شخصياته وافكار كتبه والجهد الهائل الذي يتطلبه الامر , و كيف تتحول الكتابة أحيانا إلى سجن فكري يقع فيه الكاتب بإرادته و كيف تحاصره الشخصيات في حياته الخاصة لدرجة انه يشعر بالغرابة حتى في منزله , بل داخل عقله , فيتقلب مزاجه كما تتقلب أحداث روايته , وهنا يلقي الضوء على الجانب المظلم لكون الانسان كاتباً , ومدى الاحباط والتأثر النفسي الذي يتعرض له الكاتب في حالات كثيرة , الكاتب الجاد على الاقل , ورغم كل هذه السلبيات التي يذكرها كارلوس إلا انه يقول ان هناك دائما اسبابا وجيهة تدفعه دائما الى المضي قدما في مشروع كتابته , فهو كما قال لا يشعر بالآمان إلا على مكتبه و حين يكتب , فهو الذي قال في كتابه " أن يكتب المرء , هو أن يروي لنفسه حياة , لأن الحياة التي يحياها لا تروقه , أن يكتب , هو أن يرغب في الاختلاف عن الآخرين , أن يؤمن بأنه يمثل شيئاً ما , و أن عنده ما يقوله للآخرين " الكتاب مميز جداً و انصح كل من يرغب الكتابة ان يطلع عليه و ان يضع نفسه مكان كارلوس و الآخر ( اي الكاتب الكامن في داخلك ) ليرى هل يستطيع صبرا على رحلة الكتابة حقاً ام انها ستكون مرهقة جداً , تقيمي للكتاب 5/5
مقتطفات من كتاب الكاتب و الآخر للكاتب كارلوس ليسكانو ------------------ من ليلة إلى ليلة , أنتظر أن يحدث شيء , أعرف أنه لن يحدث , و لكنني إن لم أنتظر فلن يحدث بالتأكيد . و بحلول ليلة جديدة مماثلة لسابقتها , لم يحدث فيها شيء , أدرك أن ما حدث حقاً هو أنني على مر تلك الساعات اليت مضت قد انتظرت , و هذا في حدث ذاته شيء , إنه الجسر الذي يسمح بالعبور من ليلة إلى أخرى , إذ ثمة ليال أسوأ , ليال بلا انتظار ----------------- قد يكفي أن أتمكن من قول ما هي المشكلة . لو كنت أعلم ما المشكلة , لو كان في وسعي أن أصفها , أن أقول : أنا لا استطيع المضي قدما لأنني لا اعرف كيف أعالج ذلك . لكن المشكلة كلها في أن أعرف ما هو ( ذلك ) , ذلك الشيء الذي يتركني ساكناً , ساكناً و خارج كل شيء , اياما متتالية , غير قادر على الوصول إلي , أطارد هدفاً غير متحرك لا يسمح لأحد بأن يبلغه ----------------- ليست المشكلة هي الأدب بل الحياة , حياتي , لكي أهرب من التأمل المتواصل , لا سبيل سوى السخرية , و الدعابة , إنها المنطقة الغامضة دوماً , المريبة دوماً , متى نصنع الدعابة ؟ متى تنتهي الدعابة و يبدأ النفاق ؟ كيف نجاور بين الدعابة و محاولة التأمل ؟ إنه لأمر صحي أن تكون أنت موضع سخريتك . و لكن إلى أي مدى , و كم من الوقت يمكن أن تحتمل هجوم السخرية المسلط عليك بلا هوادة . إلى اي مدة يمكن أن تستمر في عدم أخذ نفسك على محمل الجد ؟ ---------------- كل شيء يبدأ من جديد , لا تعتقد بأي شيء , و إن ظننت أنك قد خلصت إلى شيء , حاول ألا تظهره , أن تمحوه على الفور , ألا تترك أي أثر لوجوده , ألا يعلم أي شخص أنك , ذات يوم , قد خلصت إلى شيء ما على هذا القدر او ذاك من الرسوخ , ولو للحظة واحدة -------------- الأمر الوحيد الذي يهم . هو أن تعرف ماذا عليك أن تصنع بحياتك , وماذا فعلت بها , الحياة لا تصنع حين تفكر بها بل حين تحياها , ها أنا أسقط في الفخ : امتداد مقفر , صمت , لأيام و أيام -------------- مذ كنت في الثانية عشر من عمري , عرفت أنني أريد أن اصبح كاتباً , و إذا صار هذا , لاحقاً , مبتغاي لسنوات عديدة , و إذا لم أعش إلا من أجل أن أبدأ الكتابة يوماً , فإن الأدب لم يعد اليوم نقطة الوصول , و السعادة تنتظري في المستقبل , الأدب اليوم هو الواقع , إذ لا أستطيع أن أفعل شيئاً آخر سوى الكتابة , بطريقة أو بأخرى , أنا أحيا من أجل أن أكتب , فالقضية ليست عجزي عن هجر الكتابة , و إنما لا أملك شيئاً آخر أتعلق به , إن أنا حذفت الساعات التي أمضيها في الكتابة و في التفكير فيما علي أن أكتبه , و في تدوين ملاحظات من أجل الكتابة – إن طرحت هذه الساعات – فإنه , و دون أي مبالغة , لن يبقى اي شيء في حياتي , أي شيء على الاطلاق ------------ ليس الأدب نقطة وصول , وهذا ما لم أكن أعرفه قبل ثلاثين عاماً , لكنني أعرفه الآن , إنه أرض واسعة , مليئة بأماكن خفية لا يدخلها من لا يملك شغفاً و التزاماً مطلقين . إنك تبلغ أرضاً لا هدفاً . تبدأ اكثر المشاكل تعقيداً حين يبلغ المرء أرض الأدب , تتقدم باجتهاد , متدثراً بالوهم و البراءة , نحو الأدب , نحو ما تعتقد أنه الأدب , ولكن ماذا يحدث ما إن تصل ؟ ليس الأدب نقطة بل مكانا , من السهل أن تضيع فيه , من السهل ان تتبع فيه دروباً تفضي إلى لا شيء -------------- إنه لمن اليسير جداً على الكاتب أن يخدع نفسه , أن يكذب عليها , الكذب على النفس حالة إنسانية بالطبع , غير أن وعيك بأنك تكذب على نفسك لا يجعل الأشياء محتملة أكثر ---------------- أن يكتب المرء , هو أن يروي لنفسه حياة , لأن الحياة التي يحياها لا تروقه , أن يكتب , هو أن يرغب في الاختلاف عن الآخرين , أن يؤمن بأنه يمثل شيئاً ما , و أن عنده ما يقوله للآخرين , و هذا ليس صحيحاً , إذ ليس لديه أي شيء ليقوله أبداً , عليه أن يسكت من البداية حتى النهاية , أن يمضي دون ضجيج , أن يموت دون أن يلحظ أحد ذلك , أن يبقى ممداً في زاوية إلى أن يتحلل كلياً , وللانتهاء من هذه المشكلة , ربما عليه ألا يوجد , ألا يكون قد وجد قط , ألا يكون له أسم و لا بيت و لا عائلة ولا وطن , أن يهجر الكلام , ألا يكون ------------ أنا أيضاً موجود , و عندي مشكلات أخرى , و آلام أخرى , و رغبات أخرى مختلفة عن رغبات الشخصية , انا أيضاً لي الحق في أن أحيا , في أن أكون , أريد للحظة واحدة أن أشفق على نفسي و ألا أخجل من منحها هذا التعاطف مهما قل قدره ------------- ليست القضية أن مكانا أفضل من مكان آخر , لا فرق , فأنت تجرجر نفسك في كل مكان حاملاً دوما البؤس ذاته , ما كنت أريده , مثل الحيوان , هو أن أعود إلى الروائح المألوفة , إلى الأماكن التي تتعرف إليها الذاكرة دون أن يكون عليك التفكير بها , إلى الأحاديث التي لا تحتاج مرجعياتها إلى شرح . أما ما عدا ذلك : أن أكون بعيداً جداً و محملاً ببؤسي القديم , فقد سبق و أن عرفته : إذ كنت قد سافرت ذات يوم إلى بلد آخر , إلى قارة أخرى , إلى لغة أخرة , فقط لكي أكتشف بعد وقت بأنني بقيت أنا , دون شفاء , كنت أعرف أنه ما من مخرج ! ------------- كنت قد بلغت من العمر ما لا يمكن معه أن أؤمن بإمكانية الهرب . لكنني عثرت حينها على وهم قديم , و هم العودة , ليس من أجل البحث عن شيء جديد , بل من أجل البحث عن مرسى معلوم , لأنه ليس ثمة فرق بين الرحيل إلى ما هو جديد و بين العودة . لأنك في نهاية الرحلة تكون دوماً أنت ذاتك , تنتظر بوجهك ذاته , بحملك ذاته , بأسئلتك ذاتها , الشيء الوحيد الذي يتغير هو أنه بعد كل رحلة تكون أكبر سناً و اقل اهتماما ------------- أن تكون : أن تتأمل كينونتك و تعرفك . أن ترى نفسك فترى أنك تدعي , أن تعرفك ليس فيمن تريد أن تكونه بل في ذلك الذي تدعيه , المضحك , ليس ان تكون من تكون , بل ألا تريد ان تكونه وتتظاهر بأنك غيره , أن تتأملك فتراهما : ذلك الذي يدعي و ذلك المدعي , فلا تؤمن بأي منهما , أن تتأملك فلا ترى أياً من الإثنين بل ترى المخادع فقط , يعني أنك لا تعرف كيف ترى , يعني أنك لا تعرف أن تكون -------------- السبب الوحيد لعودتي , هنا , إلى مدينتي , لأنه هنا , لا أحد يسألني من أين انا , و ماذا أفعل هنا , هنا أعيش عن ظهر قلب , لست في حاجة لأن أشرح مرجعيات الماضي , أو التاريخ , أو الثقافة , لأنه ماضي أصدقائي و ثقافتهم و تاريخهم --------------- ما من جديد في المكان الذي عرفته منذ البداية , لكن غيابك عنه زمناً طويلاً يجعلك ترى المشهد بطريقة أخرى , ليس أنك تفهمه فهماً أفضل , نحن لا نفهم أي شيء فهماً تاماً أبداً , لكنك ترى ثانية الشيء ذاته و قد امسيت شخصاً آخر غير ذلك الذي رحل ذات يوم -------------- في لحظات معينة , أشعر أنني لم أفعل في حياتي شيئاً غير أن أبداً دوما من جديد , و المشكلة الآن تكمن في أنني لم أعد قادراً على بداية جديدة , و هو ما يجب علي فعله مع ذلك , لكنني لا أقوى عليه , و لأنه لم يعد لدي الفضول الذي كنت أملكه سابقاً , و لأنه , لفرط ما بدأت من جديد , لم يعد عندي ما أرغب في عيسه كي أرويه لنفسي فيما بعد , لأنه من الآن فصاعداً باتت الكتابة حملاً ثقيلاً و لم يعد هناك أحد أرغب في أن أكونه -------------- حبذا لو إنكببت على غرس جذوري في حيز صغير , لأن العالم ينتهي بالوصول إلى حيث كان , لأن من الأفضل لك ألا تتحرك , و لأن الخير يكمن في البقاء في حدود ما هو يومي -------------- لسنوات عديدة , كنت مسافراً مقيماً , كان رأسي يسافر , بينما أنا مقيد على الدوام بالمكان ذاته , أعتقد أن ذلك عودني على أن أحيا في الفكر أكثر منه في الواقع , عندي قابلية كبيرة لأن أكون وحيداً , ليس وحيداً فحسب : بل أن أكون في وحدة , دون الاستماع إلى الموسيقى , دون الرد على الهاتف , دون حتى أن أوجد , ليس الأمر أنني أسعى لذلك , بل هذه هي الحال , في الوحدة , في الصمت و بلا حركة , أكون ! ------------- لا يحدث الابتكار دفعة واحدة , و لا ينتهي أبداً , فثمة مراحل , إذ يجب العقول على صوت يروي , و تحديد ما نريد الكتابة عنه , و ما لا نريد الكتابة عنه , يجب أن نختار من يؤثرون فينا , أساتذتنا , و أن نكون مخلصين لهم , كي نحاكيهم , و نتميز عنهم --------------- الناس يمشون , يتحركون , يتكلمون , يقرع أحدهم جرس منزل , تدخل امرأة شابة , و بين ذراعيها طفلة صغيرة , إنه الواقع , فالعالم , و كل شيء مدفوع بأمل خفي , لسبب ما , إنهم يمضون عبر الزمن واثقين , و معروف , و غن لم يكن مفهوماً , انهم جميعاً يشكلون خيطاً يحكمه نسق ما , و تتمثل الحياة في أن ندخل في هذا النسق و هذا الخيط من البشر و الأشياء , لا في التفكر فيهما --------------- أحمق ذلك الذي يعتقد أن طرح أفكاره عبر الكتابة يساعده على التفكير , و ذلك الذي يعتقد بالعثور على حل للحياة فيما يكتبه الآخرون أحمق هو الآخر , و أحمق أنا الذي على مدى أعوام قام بالأمرين معاً , بل و أكثر حماقة بعد لأنني أواصل ذلك بعناد , لا أعرف لماذا أنا مسرور لما كتبته للتو , و لكن , نعم , أعرف : أنا مسرور لأنه لا يحب أن يحسب المرء نفسه شيئاً أبداً , يجب أن نحيا و نكابد ألم من لا يجد طوق النجاة , و لكن دون أن يحول هذا الألم إلى عرض مشهدي , كما أفعل أنا في هذه الصفحات ---------------- حين نبدأ في البحث عن كيفية أن نكون أكثر شهرة من غيرنا , نكون قد ابتعدنا كثيراً عن البدايات , حين كان الفن وسيلة للبحث عن معنى اندهشنا لوجودنا في هذا العالم --------------- إذا وقع فشل أدبي ما , فإن المشكلة تكمن في عيب وقع عند إبتكار الكاتب الذي اردنا أنه نكونه , فالموهبة الأدبية , إن كان ثمة ما يسمى كذلك , تكمن كلها في ابتكار شخصية الكاتب , فالعمل الأدبي ليس سوى نتيجة لهذا الفعل , إذا نجحنا في الابتكار سيكون عندنا ايمان راسخ بما نكتبه , و سيكون لدينا في كل لحظة الوعي بأننا ننتج أدباً --------------- أن أكتب , يعني أن أفتح الباب للجنون , و هذا ما لا يجب أن أفعله , الكتابة يجب أن تكون طريقاً يوصلنا إلى التأمل النوراني فيجعلنا لا نعود بحاجة إلى الكتابة , و حتى لو لم نصل أبداً إلى هذا الحد , علينا أن نتوقف ذات يوم , أن نترك الكلمات في مكانها , أن لا نستمر في الكتابة عن الحياة , بل أن نكرس أنفسنا للحياة حقاً ----------- يجب ألا تبقى الحياة أبداً خارج العمل , فعم يكتب المرء إلى لم يكن عن العالم , و عن سبب وجودنا فيه ؟ ----------- هذا المساء , كالعادة يدور الحديث فيه عن كيفية الحصول على الكثير من المال بطريقة سهلة وسريعة , نعرف أن هذه الطريقة لا وجود لها , نحن نحيا بفضل أشياء صغيرة لا تجلب لنا الكثير , و لا نجنيها بسهولة أو بسرعة , فتجارة المخدرات الصغيرة و قرصنة الاقراص المدمجة و بيع المسروقات , تعود على مضيفي و مدعويه , بما يمكنهم من العيش يوماً بيوم فقط , إنها لا تملأ حياتهم و لا تترك ذكرى عند أي منهم , إنها مثل شعري : تأتي بالشيء القليل و سرعان ما تنسى ------------- لا ينبغي تأمل الوجود , بل عيشه , فلكي تتأمله , عليك أن تتخلى عنه , و على هذا لن تعيش , إنه لمن المؤلم جداً أن تتخلى عن الحياة اعتقادا منك بأن من يقصي نفسه عنها هو وحده من يستطيع معرفتها , ربما يكون الحب نقصاً في المعرفة أكثر من كونه معرفة مطلقة , ربما يكون الحلقة المفقودة في المعرفة , لان الحب هو التوقف عن تأمل الحياة والانخراط فيها بدلا من ذلك , لان لكل حياة سحرها إلى أن يبدأ المرء بتأمل نفسه في المرآة . لأن السعادة لا تخضع للخطط و لا تنال إلا بترك الإرادة تتصرف وفقاً لمشيئتها , ذلك أن الجسد يعرف دوما كيف يعثر على مكانه , و لأن إرادة السعادة تعرف ما يلائمها ------------ في بعض الاحيان , جعلت رفض الشغف محور حياتي , لكن يجب ألا تتخلى عن الشغف حتى و ان كنت لا تعيش من أجله , لانه يبدو , بدلاً من قضاء الوقت في البحث عن الفروق السبعة في كل شيء , من الضروري أن تتشبث بالحياة , التي تحمل بذاتها هذا الشغف , لان الشغف هو موقف في وجه المعرفة أو يمكن أن يكون كذلك ----------- تتطلب الحياة استقراراً قد تبلغه دون مرحلة انتقال أو بعد نضالات طويلة ضد الفوضى , ذلك أن الفوضى توجد في الروح , و ليس من الاخلاقي أن تستجيب لنداء الفوضى , فأنت لن تصبح برجوازياً صغيراً إن استجبت لها , و من المعركة ضد الفوضى يولد الفن , إن نمط حياة البرجوازي الصغير المتمثل في أن المرء لا يريد أن يفهم نفسه ولا يريد أن يفهم شيئاً , يكمن في ان يرفض أن يستسلم لغواية الظلمات ليظل بمقدوره اتباع السلوك الذي اختاره لنفسه وعده أخلاقياً , تختار سلوكاً , ثم تقر بأنه الوحيد الممكن , في حين أن السلوك الوحيد في الواقع الذي يجب الوفاء له إنما يكون في الاستجابة إلى نداء الظلمات , من أجل أن تقود فيها صراعك نحو الاستقرار ------------- يجب عليك العودة الى الظلمات ان كنت لا تريد ان تصبح ذلك المغرور المقتنع بأن العالم على ما يرام ------------ ما الحياة سوى وهم تشكل من اوهام صغيرة لا متناهية , من هذيانات صغيرة , من أفكار عصية على التطبيق , من صور , و تناقضات دائمة ----------- يحيا المهاجر , بالضرورة , حياة اجتماعية ضيقة , أكثر فقراً مما هي عليه في بلده , يعرف أناساً أقل , و ليس له ماض في المكان الذي يعيش فيه , و عليه من الالتزامات الاجتماعية أقل مما عليه في بلده , لكن قليل الحياة الاجتماعية التي يحياها , هي دوما , أشد كثافة , فهو يحاول طوال الوقت فهم المرجعيات الثقافية , و الحكايات التي تروى له , التي تعود إلى حقائق و تواريخ و تقاليد يجهلها -------------- الأدب هو محاولة لترتيب تجربة الحياة , التي هي فوضوية , يمنح الكاتب الأشياء مركزاً , مركزها , و يشعر بأنه قد يكون من الممكن أن يهزم ذلك الذي , كما يعلم , سيأتي ساعياً في طلبه : الموت , إن هو نجح في إقامة مركزه , سيتملكه الوهم و الغرور معتقداً بأن شيئاً منه سوف يبقى حياً بعد موته , و هذا هو الانتصار بعينه أو قد يكون ------------- يتذكر أنه كان في التاسعة أو العاشرة من العمر , وأنه كان يلعب كرة القدم مع أطفال آخرين في الشارع , فجأة , في منتصف الشوط , توقف عن الانتماء إلى الفريق , صار خارج اللعبة يراقب الآخرين , كان يقيم الآخرين و يقيم نفسه , أن يكون هناك راكضا وراء الكرة , لم يكن لذلك اي معنى , بل و أكثر من ذلك : لم يكن يفهم ما يفعله اولئك الأطفال , ما الذي كان يحفزهم , و لماذا ذلك القدر من الحماس ! -------------- إننا نولد وحيدين , و كل ما يتلو ذلك نسيان لهذه الحقيقة --------------- الناس الفريدون هم الذين ليسوا بحاجة لأن يفكر بهم الآخرون , أو يكتبوهم , أو يقذفوا في وجوههم بالأسئلة الجوهرية , أي غرور هذا الذي يجعلك تعتقد أن باستطاعتك أن تطرح عبر الكتابة أسئلة يمكن أن تثير اهتمام أي كان , و حتى لو حدث ذلك , فلن يطلع عليه الآخرون أبداً , لأن الآخرين لا يقرأون ما تكتبه , لانهم ليسوا بحاجة لأن يقرأوك كي يعيشوا , فلا أحد بحاجة , ولم يكن بحاجة , ولن يكون بحاجة أبداً إلى وجودك . إنتهى !
لم اقرأ لليسكانو أي عمل إبداعي، كانت أول قراءة له، هذا الكتاب الذي جاء كمذكرات أو خواطر صغيرة، تكشف معاناة الكاتب وهمومه الكثيرة، وخاصة عندما تكون الكتابة هي حياته، وكيف الكلمات والحروف هي كل إرثه، عندها يجد نفسه مخنوقاً بكل عمل يكتبه، الكتاب ذو نغمة كئيبة قد لا تعجب الكثيرين.
كم هو غريب أن يكتب كاتب عن استحالة الكتابة...مخاطبا نفسه والتي هي انعكاس لصورته ككاتب
ليسكانو هنا كما وصف تماما في مقدمة كتابه: كاتبا جوهريا، ومتأملا، وحادا، ومتألما...والكتاب ينطلق من التأمل في استحالة الكتابة...بعد سنوات من الفراغ والتوقف عن الكتابة...وتسليط الضوء على الآخر الذي يتعامل معه يوميا ويكرس نفسه للكتابة
"الكاتب دوماً اثنان: ذلك الذي يشتري الخبز، والبرتقال، ويجري الاتصال الهاتفي، ويذهب إلى عمله، ويدفع فاتورة الماء والكهرباء، ويحيي الجيران، والكاتب هو ذاك الذي يكرس نفسه للكتابة. الأول يسهر على حياة المبتكر العبثية والانعزالية، إنها خدمة يؤديها بكل سرور، لكنه سرور ظاهري فقط، لأن التوق إلى الاندماج يظل موجوداً، فأن تكون اثنين ليس أسهل من أن تكون واحداً. المبتكر “الكاتب” هو الذي يغرق في أفكار الأساتذة الكبار ويفندها، هو الذي يراقب، هو الذي ينتج الأفكار والبنية والنص، هو من قرر الخادم “الآخر” أن يبتكره، ليخلق هدفاً في الحياة ولها، هو من قرر أن يبتكره شابا خجولا كاتباً مبدعاً، ليغرق بعد ذلك في ازدواجية المبدع والمواطن، ازدواجية لا يسهل الخروج منها كما لا يسهل التخلي عنها."
رحلة ساخرة أحيانا...وحزينة كثيرا...ولكنها صادقة شفافة عميقة دائما...عن علاقة ليسكانو بالكلمة وبالآخر...رحلة مليئة بالتساؤلات حول الأدب والكتابة...في ثمانية وتسعين فصلا...تناول فيها بعضا من حياته وسجنه وعزلته وقراءاته وتجربته مع الكتابة التي شكلت جزءا من نجاته وخلاصه...في سيرة فلسفية أدبية...لا تخلو من التكرار
يقول ليسكانو:
" تعلمنا الكتابة الحديث مع النفس ولستُ متأكداً من أنها تعلمنا الحديث مع الآخرين"
" الكتابة هي تشييد عُزلة لا يمكن اختراقها "
"كلّ كاتب ابتكار، ثمّة فرد هو واحد، وذات يوم يبتكر كاتباً ويصبح خادماً له، ومنذ تلك اللّحظة، يعيش كما لو كان اثنين...على من يريد أن يكون كاتباً أن يبتكر الفرد الذي يكتب، أو الفرد الذي سيقوم بكتابة أعماله، إنّ الكاتب، قبل أن يبتكره الخادم، لا وجود له".
الكتب موجودة منذ الأزل والكتّاب يتواجدون حول العالم ويكتبون بمختلف اللغات عن الفكر والسياسة عن الدين عن الحب والرغبة وعن القضايا الأجتماعية وعن الفلسفة والمبادئ في مُختلف الموضوعات نجدُ كتبًا مكتوبة أما الروايات فلم تكن موجودة بالصورة التي الآن نعرفُها ،ولكن هل فكرنا كيف تخرجُ هذه الرواية من الذهن وتتمثل أمامنا على شكل المكتوب؟ أحيانًا من لوحة كما حصل مع الكاتبة إليف شافاك في روايتها الفتى الميتم والمعلم ،حدّث معين يغيرنا أما إلى الأفضل أو الأسوء كما حصل مع السجين إياد أسعد في رواية يسمعون حسيسها لكاتب أيمن العتوم ،يختلفُ ذلك تبعًا لفكر والذهن ومدى خصوبة الخيال والأفكار المُكتسبة طوال العمرإلى وقت كتابة تلك الرواية وبعضهم لديه طقوس خاصة عند الكتابة فنجان قهوة ونوعية الأقلام والأوراق المستخدمة لكن ماذا إن حصل ولم تجدْ فكرة معينة تبدأ به الرواية وكلما فكرت تجد بأن الكثير قد كتبه غيرك ؟ هَذَا مايرويه الكاتب لك. بالتفصيل في كتاب الكاتب والآخر الكاتب يدور في حلقة مُفرغة من الأفكار ،فلا يُجد فكرة أو حكاية كي يبدأ بها ويكتب رواية يشرح كيف صار كتابًا بسبب السجن الذي دخله أكثر من ثلاثة عشر عامًا وكيف غيره هذا إلى كاتب يقرؤ الناس رواياته من مُختلف العالم الآن هو في هذا الكتاب عاجز لايتواجد لديه أية فكرة فيحاول أن يكتب صباحًا ومساءًا لكن دون أي جدوى هذا الكتاب يُثبت حقيقة أن الأفكار العظيمة لا تأتي إلا بمشقة لذلك يتوجب معرفة أن الكتابة موهبة من الله أكثر من كونها شيئًا يُمكن أن يُتعلم ،أسلوب الكتاب سهل وسلسل لا تشعر برتابة بسببه ، أحيانًا يخرجُ من الموضوع ويتحدثُ عن ذكريات ماضية لَهُ بشأن خروجه من السجن وماحصل له بعد إذ
تجربة كاتب كان بعمره 15 قد قرر بقرارة نفسه ان يكون كاتباً وضلت الكتابه بنظره هي حياته وسبب وجوده يتأمل بذاته ويحدث نفسه والآخر عن حياته وعائلته, عن اصدقاءه وبلده, عن سجنه وتعذيبه وتعذيب اصدقاءه وكل هذه المواضيع والتجارب تدور في نقطة وفكرة اساسية مغلقه عن ماهية الكتابة لديه كانسان ولدى آخره بين كارلوس الكاتب وكارلوس الخادم للكاتب ,وبالرغم من وحدة الفكرة التي لا تتطور الا أن تأمله العميق ومطارته لتأملاته وافكاره وحديث النفس وأسلوبه السلس المشبع بالتأمل والتحليل ، يجعلك في كل لحظات القراءة تتسائل ولا تكف عن طرح الأسئلة
اجمل ما الكتاب بوحه الشفاف والصريح عن افكاره وميوله ونفسه وكيف يرى نفسه والاخر ورغم تمسكه باللغه وحبه للكلمات الا انه يقول لك لا سلام في الكلمات فهي اعصار لا يحتمل ومع عزلته ووحدته من اجل الكتابه يقول لك الا تصل الى الاخرين يعني ان تموت محروماً من الهواء
اقتباسات
حينما تسجن مرة يرافقك السجن مدى الحياة
تعلمنا الكتابة الحديث مع النفس ولست متأكداً من انها تعلمنا الحديث مع الاخرين
العودة الى الفضيلة هي عودة الى الاصل, عودة الى الصبر, صبر البدايات الذي لا ينفذ
يعيش المهاجر حياتين, الاةلى بلغة المكان, لغة الاشياء العملية والعمل والشارع, والثانية حياة حميمه حياة التأمل والذاكرة التي تجري في لغة طفولته
الحياة لا تصنع حين تفكر بها بل حين تحياها
الشيء الاقرب اليك يختفي وراء الافق , في كل مرة تعتقد انه بامكانك الامساك به
حين تضيع طريدة التأمل لا يقود التأمل الى اي مكان نمضي دون ان نعرف الي اين نصل
أكاد أجزم لو قرأت هذا الكتاب في وقت آخر لوجد عندي إقبالا أكثر من الآن ... من منا لم يمر بتجربة الكتابة؟ بت أؤمن أن في داخل كل فرد منا كاتب صغير ينتظر فرصته كي يظهر هو موجود ولا يمكن إنكاره وإلا فما هي كل تلك الثرثرات التي نجدها في كل المواقع من حولنا؟ نحن بطبيعتنا كُتّاب وحكاوتيون نختلف عن بعضنا بحسب صقلنا لهذه المهارات ... تجربة الكتابة تجربة جيدة متى ماوجدت المادة التي ستستند عليها لرواية قصتك لكن لا بد من القلق والحيرة أمام أولى الكلمات التي تعتبر الركيزة لبقية العمل التفكير المستمر، القلق، تكتب وتمسح تكتب وتمسح ، تعديل مستمر، امتعاض وإزدراء ، يأس وأخيرا... هوبا .. هاهو زر الديليت يقوم بعمله بكفاءة ... عندما تقرأ كتابا حزينا وأنت في قمة تفاؤلك لن تشعر به ولن يصل إليك بل ستجد في كاتبه ثرثار يائس جاء يعكر عليك تقريبا هذا ماحدث معي، وإن استلطفت بعض الجزيئات فيه ... أعتقد أن مراجعة صديقنا عبدالله ستعطيك لمحة ممتازة لمن ينوي قراءة هذا الكاتب مستقبلا https://www.goodreads.com/review/show...
لقد أذهلني هذا الكتاب في واقعيته ومباشرته وسهولة بنائه وفهمه ووصوله إلى قلبي -ربما تشابه بعض المعاني حول المعاناة أدى إلى ذلك - يوجد داخل هذا الكتاب روحًا تحاور كل كاتب محتمل أو كبير ، ناشئ أو مخضرم ، وكل من لا يكتب عادةً لكنه يحمل هذا الهم حول الحياة والمعاني والآخرين، النزوع إلى الكتابة كان دائمًا مأمنًا لي لكنه كان لكاتب هذه النصوص المتفرقة والتي تصب كلها في معنى روح الكاتب التي تنبعث بداخلك يومًا ما ولا تستطيع أن تقاومها فتتملكك ، كانت الكتابة كل حياته حرفيًا.
من هذا الكتاب تعرفت على فن الكتابة عن استعصاء إيجاد موضوع للكتابة ، وكانت معرفة ساحرة ومغرية تغويني لأن أكتب لمجرد أن أكتب لأنه من الضروري أن أكتب.
“È stato allora che ho capito, come a volte uno capisce, in un colpo solo, che ciò che io sarei voluto essere dipendeva unicamente da me stesso e da nessun altro. È stato il più importante atto di libertà che ho avuto in tutta la vita e non credo che ripeterò mai qualcosa di simile. È stata l’ironia di poter accedere alla libertà dello spirito in un luogo in cui per definizione non esiste nessuna libertà.”
Riflessioni libere e continue sul significato dell’essere scrittore. L’autore prende questa parola e la scompone in ogni aspetto, analizzandolo minuziosamente. Parla del motivo che lo ha spinto a scrivere, quando era in carcere ed aspirava ad un minimo di resistenza e libertà; al perché ha deciso di continuare, una volta libero; a cosa comporta effettivamente essere uno scrittore, alla solitudine fisica e mentale che questo comporta, a come essa sia necessaria e imprescindibile. Alla necessità di sdoppiarsi, di creare un personaggio che scriva, e che l’altro si occupi di rendere questo possibile; al continuo sforzo mentale, al continuo riflettere su ogni cosa, al sentirsi sempre un estraneo anche in casa propria, al continuo altalenare di stati d’animo. Parla anche del suo periodo in carcere, di come questo abbia formato la sua mente e al tempo stesso lo abbia reso della creta da poter rimodellare. Questo romanzo parla del lato oscuro di essere uno scrittore, ti dice più volte quanto sia inutile e fallimentare, eppure trova sempre dei buoni motivi per continuare. Ti spinge a crederci, nonostante tutto. C’è un pezzo in particolare che mi è rimasto impresso, quando dice che lui riesce a sentirsi al sicuro e a scrivere solo nell’angolino della sua scrivania, in quei due metri per tre, perché è la stessa metratura in cui ha vissuto e scritto per tredici anni, quando era in carcere.
“Perché essere scrittore è scegliere una vita, un modo di stare al mondo, un modo di vedere le cose. Perché se l’individuo non scrive non sarà scrittore. Ma non è sufficiente scrivere. Ci sarà un momento in cui la sua attività gli imporrà riflessione: cosa, perché, per fare cosa?”
"Al di là dell'illusione, si finisce col comprendere che non è possibile trasformarsi in un altro, smettere di essere quello che si è. Fino a quando dura l'illusione, però, si vive. Che cos'è la vita se non un'illusione fatta di infinite piccole illusioni, minuscoli deliri, fantasie irrealizzabili, immagini, incoerenze ad ogni istante?"
“Da adolescente aspiravo all’infinito. Non lo sapevo, non me lo formulavo così, ma si trattava di questo. Non ho fatto altro che pagare, per tale aspirazione, ciò che la vita mi ha richiesto. Ed è giusto che si paghi per un’illusione così smisurata, per le ansie senza limiti. Solo molto più tardi scoprirò che l’infinito è soltanto la ricerca dell’infinito. E che le mie furono sempre piccole ansie d’infinito.”
“Bisogna fare ritorno alle tenebre per non trasformarsi in un infatuato che crede che il mondo sia ben fatto perché nessuna domanda mette in dubbio la sua condotta.”
“Scrivere è costruire la solitudine inaccessibile. Non la solitudine che arriva al lettore attraverso l’opera, ma l’altra, quella più profonda, quella dell’animale condannato a dialogare con se stesso, a riflettere da solo. Condannato ad oscillare tra l’entusiasmo puerile e la depressione trascinante.”
“Ma scrivere, pure se in democrazia, non è anch’esso un atto di resistenza? La letteratura stessa non dovrebbe essere sempre una forma di resistenza?”
“Scrivo ciò che precede ed immediatamente dopo mi dico: non esagerare, non fare il Maldoror, il divoratore di oceani venuto alla vita per soffrire per gli altri. So quanto in realtà ti piacerebbe essere una persona comune, figlio di tua madre e di tuo padre, senza cose strane.”
“La salvezza non si trova in nessun luogo che non sia io. La salvezza consiste nel consentirmi di vivere quel poco di autentico che può esserci in me.”
“Ho conosciuto anche, per mia fortuna, alcuni dei migliori uomini che la società ha dato alla mia generazione. Averli conosciuti mi rende orgoglioso. Alcuni sono morti, altri girano per il mondo, anonimi come sono sempre stati, senza sapere che furono per me, in alcuni momenti, esempio di qualcosa. Conoscerli non è stato un mio merito, ma se la mia vita non fosse stata quello che è stata, se non avessi fatto alcune scelte, essi non avrebbero attraversato la mia. Anche se non ho imparato tutto quello che avrebbero potuto insegnarmi, sapere che quegli uomini e quelle donne esistono, aver conosciuto la loro generosità, il loro talento, la loro forza e la loro capacità di resistenza mi fornisce una percezione dell’essere umano che altrimenti non avrei acquisito. In essi ho ammirato il coraggio e il talento, la capacità di resistenza al dolore e alle avversità. Ho ammirato la solidarietà primitiva di dare, anche nelle peggiori circostanze, quel poco che si ha a che ne ha bisogno senza neppure chiedergli il nome. Ho ammirato la forza per ricominciare la vita quando il cammino più facile era la morte. Le due cose che più ammiro e rispetto sono il coraggio e il talento. Ho conosciuto persone che avevano molto di entrambe.”
هذا الكتاب ، جعلني أشعر - بعض الشيء - أنني لستُ وحيداً ، ولستُ الشذوذ الناتئ من هذا العالم ، إذ هناك من يشاركني انعزالي " بانعزاله في مكان اخر من الأرض. الأوروغواي / جدة لا فرق هنا بين المكانين ما دامت العزلة و الغرابة و المعاناة تجمع بيني و بين المؤلف . منذ سنين و أنا مرهق من تعدّد شخوصي ، شخصية الكاتب التأملية المتعمقة و شخصية الفنان الطفولية العبثية المتطلبة ، و شخصية الخادم - كما يسميها المؤلف في الكتاب - الذي يجب عليه ان يكون مواطنا منتجا و ابنا و زوجا صالحا ، و يجب عليه ان يخدم الكاتب و الفنان الذيْن يتناوبان على الإمساك بزمام حياتي ، فلكل اسلوب حياته المختلف ، الأفكار ، الكلام ، الصمت ، التنفّس ، المشي ، كل ذلك يتغيّر في لحظة اذا ما كنت في طور الكاتب او الفنان ، فلكل كيانه المنعزل عن الآخر ، وأبقى ابد العمر احاول الجمع بينهم -الثلاثة - في يوم واحد ، في لحظة واحدة ، رغم ادراكي بأن هذا الإنصهار اقرب للمستحيل ، فالتشظي مصير متوقع وسط كل هذا الغموض . كتاب عظيم ، قرأته في سفري لتركيا ، في القطارات و البواخر و الطائرة ، قرأته في الطريق بين مكانين و بين عالمين ..
هذه هي تجربتي الأولى مع كارلوس ليسكانو ويالها من تجربة! لم أستمتع قط بهكذا كتاب فقد كان كل سطر من كل فصل تحفة فنية. تشعر و أنت تقرأ أن مايكتبه ليسكانو يحتمل عدة معاني فقد ترى نفسك في كل سطر حتى لو لم تُسجن أو تعذب أو تكن كاتبا. وهذا في نظري ذروة الإبداع, من المدهش أيضا أن ترى فن الكتابة من منظور شخص قد نذر كل ثانية من حياته لها, وليست الكتابة فقد هي مايناقشه الكتاب بل هناك أيضا فلسفة البحث عن الذات وتحقيقها. ترجمة الكتاب ممتازة. أوصي كل محبي الأدب بقرائته.
الكتاب جميل .. شائك في بعض الأحيان ..لكن ليسكانو حافظ على توازنه رغم تكراره للفكرة الأساسية وهي ثنائية أن الكاتب بداخله آخر يتولى عملية الكتابة .. هذا الآخر/ المبتَكَر .. نحن من نتولى ابتكاره كي يكسر نمطية ما مارسه الكتّاب من قبلنا .. في هذه التدوينة شرح مستفيض بعض الشيء حول الكتاب .. http://bit.ly/111SbHl لتحميل الكتاب : http://www.4shared.com/office/mEyKmlt...?
لا أدري لماذا شعرت كأني أسحب سلاسل ثقيلة تقيدني و أنا أقرأ...نجح ليسكانو في إيصال معاناته لأعماق روحي..بحث و بحث و امتﻷ و استفرغ، انهد و ارتفع و استمر في ذلك..هذا الكتاب أعتبره سيرة ذاتية له، و كذلك هو بمثابة صندوق مغلق اﻹحكام بداخل كل كاتب عظيم..مثل ليسكانو و إن لم يساوي أساتذته فهو ظل يعذب ذاته في خدمة اﻵخر ليجد ما يستحق غرور الكاتب، و ليجد ما يخبره ما الذي جرى له هو، عاش وحدة من عمر الثالثة عشر،و منها تنفس لكي يكتب، و في سجن دام عشرون عاما، بدأ يتصل بذاك اﻵخر شيئا فشيئا بدأ يصدقه و يوفر له كل مايريد ..و عاش للحرية..و بعد خروجه كان لا يملك شيئا، لا امرأة أو عمل أو عائلة ..غير تلك اﻷوراق البيضاء في انتظاره، و ما إن يجلس أمام تلك اﻷوراق ..و من هنا كان العدم يحيطه، ينام و يستيقظ للاشيء لساعات و أيام و ثم ﻷشهر ..ليسكانو كان يتلمس عن ما يستحق أن يكتب.و لم يجد، ظل يحفر و يحفر بذاته ..و يسأل و يتأمل، كل مرة لا فائدة ..و جوهر هذا الكتاب تجسد في هذه التأملات، تكررت كلمات" الكتابة، أكتب، اﻷدب، المبتكر" بطريقة ثقيلة تجعلك تتعجب كيف عاش طوال تلك السنوات واستطاع تجاوز ذلك و لوحده.
حدة هذه السطور تبقى ثابتة بالذاكرة، عن كل لحظة تقرأ أي كتاب أحببته..و تقول لنفسك (يا الله، ما الذي فعله هذا الكاتب )
هذا هو الذي فعله..حياة ازدواجية تقتله من ناحية، و تبعثه حيا من أخرى.
"بريئًا وممتلئًا بالأوهام، اخترت طريقي وأخذت أتقدم فيه بلا حذر، دون أن ألتفت إلى أنني كنت أمضي نحو الشك، والقلق، والحياة المزدوجة على الدّوام."
"إن هذا الوهم سينتهي بأن تفهم أنّه من المستحيل أن تصبح شخصًا آخر، تاركًا من كنته سابقًا. ولكن، بقدر ما يدوم هذا الوهم، بقدر ما نعيش، وما الحياة سوى وهم تشكّل من أوهام صغيرة لا متناهية، من هذيانات صغيرة، من أفكار عصيّة على التطبيق، من صور، وتناقضات دائمة؟"
"محكومًا بأن يتبع الدرب الضيق الذي اختار، متعلقًا بالساعات التي مضت، بالأخطاء القديمة والجديدة، مجرجراً تعب السنين، يتابع بحثه القديم الأبدي. يتساءل فجأة: هل ما أبحث عنه موجودًا حقًا؟ ينهض ويكتب: أنت دائم البحث لأنك دومًا وحيد."
"كل الأسئلة واردة ، وكلّ الدروب ممكنة."
"أنت وحيد: لم تعد لديك كلمات تطلب بها النجدة."
"لكنني، في لحظات أخرى، قلت لنفسي إن الحياة، لكي تكون الحياة، يجب أن تعاش هناك حيث يوجد الجميع، وإنه لا يمكن العثور على المطلق في العزلة، وإن الصداقة، والضحك، واللعب تشكل هي الأخرى جزءاً من المطلق. من مطلقٍ ملطخ لكنه مطلقٌ في نهاية المطاف."
"ذات يوم، عثرت ثانية على الوحدة القديمة، تلك التي عرفت في مراهقتي، لكنني تقدمت في السن. صرت أعرفها معرفة أفضل، وغدوت أصلب عودًا. وصار عندي خيارات بديلة ناجحة، وحماسات عابرة. صرت أقدر على تسيير حياتي، واثقًا بأني لا أُهزم، أعني بهذا أنني قادرٌ على مواجهة الوحدة حتى النهاية."
"الإنسان هو الجنس الذي توقّف ذات يوم، صدفة، عن المشى على أربع كى ينتصب واقفًا. ومذاك، صار ينظر من وقت إلى آخر إلى الأعلى، نحو النجوم، ومضى وهو لا يفهم ما الذي جناه من مشيه على ساقين. لهذا فإنه كثيرًا ما يتصرف كدابّة في ضربٍ من الحنين الخالص. في المستقبل، ثمة احتمالان: إمّا أن يعود إلى قوائمه الأربع كما في بدايته، أو يعزم، بلا رجعة، على الاستفادة من رأسه في شئ آخر غير الدقّ به على الجدران."
بريئًا وممتلئًا بالأوهام ، اخترت طريقي وأخذت أتقدم فيه بلا حذر ، دون أن ألتفت إلى أنني كنت أمضي نحو الشك ، والقلق ، والحياة المزدوجة على الدّوام .
لكلِّ حياة سحرها إلى أن يبدأ المرء بتأمّل نفسه في المرآة .
مذكرات رجل عاش سنوات شبابه في السجون وكانت سببًا لتوليد شرارة الكتابة والتأليف وبداية إبداع أدبي مميز . ليسكانو أبدع في تحليل نفسه ثم مازج بينها وبين شخصياته التي هي بِنات أفكاره فولدت "ليسكانو الكاتب".
يجب ألا تتخلى عن الشغف حتى وإن كنت لا تعيش من أجله ... تستحق
"الكاتب دوماً اثنان: ذلك الذي يشتري الخبز، والبرتقال، ويجري الاتصال الهاتفيّ، ويذهب إلى عمله، ويدفع فاتورة الماء والكهرباء، ويحيّ الجيران؛ والآخر، ذلك الذي يكرّس نفسه للكتابة. الأول يسهر على حياة المبتَكَر العبثيّة والانعزاليّة. إنّها خدمة يؤديها بكلّ سرور، لكنّه سرور ظاهريّ فقط؛ لأنّ التّوق إلى الاندماج يظلّ موجوداً. فأن تكون اثنين ليس أسهل من أن تكون واحداً".
يتحدث ليسكانو في الكاتب والاخر عن "استحالة الكتابة" ويناقش فيه فكرة ان الكاتب هو اسلوب مُبتكر: "طريقة في السرد تسمح لنا بأن نرى الحياة على نحو لا يتأتى لنا عبر نظرة اولى اعتيادية" لأنه, بالنسبة اليه, كل ما يمكن ان يُقال قد روي من قبل بالفعل, ولكن هناك دومًا من يريد سرد الاشياء على طريقته. ورغم استحالة ضمان ان ما تكتب سوف يُقرأ, استحالة ضمان ان تجد ما تبحث عنه, ان تنجح محاولاتك في مراوغة الموت ببقاء الكلمات, الا ان الكتابة وتأملاتك الصغيرة قد تمنحك "احساس بالدفء يعينك على الحياة".
يطرح ليسكانو مخاوفه وتأملاته بأسلوب ساخر (حيث يقول: "احمق ذلك الذي يعتقد أن طرح افكاره عبر الكتابة يساعده على التفكير" بينما يستمر في محاولة البحث عن اجابة لما يقارب ال130 صفحة اخرى) وشفافية عالية, ليس فيما يخص الادب وحسب, بل فيما يخص الوحدة والسجن والحرية ايضًا بمصداقية كبيرة تضفي على النص حميمية رسائل شخصية او محادثة يجريها الكاتب مع القارئ.