هو محمّد بن محمّد بن النعمان... بن سعيد بن جُبير، ثمّ يصل نسبه إلى يَعرُب بن قحطان.. كما ذكر النجاشيّ في ( رجاله ص 311 ). ويُكنّى بـ « أبي عبدالله » ويُعرف بابن المعلِّم.. هكذا قال الشيخ الطوسيّ في (الفهرست 157 ـ 158 ). وقد علّق الشيخ آغا بزرگ الطهرانيّ في كتابه ( النابس في أعلام القرن الخامس ص 186 ـ من سلسلة طبقات أعلام الشيعة ) بالقول: هو الشيخ السعيد، أبو عبدالله المفيد، الشهير في أوائل أمره بـ « ابن المعلّم »؛ لأن أباه كان معلّماً بواسط. أمّا ألقابه.. فكان بعضها نسَبيّ، وبعضها سكَنيّ، وبعضها علميّ. فما اشتهر منها: العُكبُريّ، والبغداديّ، والحارثيّ. ولكنّ الشهرة العلّمية هي « المفيد »، قال الشيخ آغا بزرگ الطهرانيّ: لقّبه أُستاذه عليّ بن عيسى الرمّانيّ بـ « المفيد »، كما في كتاب (تنبيه الخواطر ونزهة الناظر) لورّام. لكنّ ابن شهرآشوب يرى أنّ الإمام الحجّة المهديّ عليه السّلام هو الذي لقّبه بهذا اللقب، كما جاء في رسائله الشريفة الثلاث التي كتبها عليه السّلام، هكذا ذكر يحيى بن البِطريق الحليّ، وكان نسخة عنوان الكتاب إليه: (للأخ السديد، والوليّ الرشيد، الشيخ المفيد..)
مولده ونشأته ذكر الشيخ المجلسيّ له تأريخين في مولده، فقال: وُلد قدّس الله نفسه حادي عشر ذي القعدة (أي في ذكرى مولد الإمام الرضا عليه السّلام )، سنة 336 هجريّة، وقيل: سنة 338
منزلته أهل العلم والاختصاص هم الذين يقيّمون علماء الأُمّة ويُبيّنون منزلتهم. واللافت في شخصيّة الشيخ المفيد بعد استقراء الآراء أنّه كان ولا يزال موضع الاتّفاق على رفعة شأنه وجلال قدره وعلوّ مقامه العلميّ. وذلك واضح من خلال مطالعات في ترجمة حياته عند المؤرخين ومؤلّفي تراجم الرجال، منهم: اليافعيّ في ( مرآة الجِنان )، وابن كثير الشاميّ في تاريخه، والخطيب البغداديّ في ( تاريخ بغداد ).. فكان عليه إجماع الرأي، حتّى قال الشيخ عبّاس القمّي في ( الكُنى والألقاب 197:3 ): اتّفق الجميع على علمه وفضله، وفقهه وعدالته، وثقته وجلالته. وأضاف: وقال العلماء في حقّه: هو شيخ مشايخ الإماميّة، رئيس الكلام والفقه والجدَل، وكان يُناظر أهل كلّ عقيدة. ولكلام الشيخ القمّي مصاديق كثيرة حفلت بها كتب المسلمين، واشتهرت بين العلماء والمؤلّفين، المخالفين منهم والموافقين: • قال ابن كثير: إنه كان يُناظر أهل كلّ عقيدة بالجلالة والعظمة. وقال: كان يحضر مجلسَه خَلق كثير من العلماء من جميع الطوائف والمِلل. • وقد شاهده ابن النديم فوصفه بأنّه بارع مُقدَّم في صناعة الكلام(علم العقائد الإسلاميّة)، ثمّ قال فيه: في عصرنا انتهت رئاسة متكلّمي الشيعة إليه، مُقدّم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة، ماضي الخاطر . هذا، وكان ابن النديم شاهَدَه في منتصف عمره ولم يكن الشيخ قد ألّف كلّ ما ألّف بعد. • وقال ابن حَجَر العَسقلانيّ: إنّ للشيخ المفيد على كلّ إماميّ مِنّة. • وللشيخ المفيد مناظرات رائعة، ومحاورات جيّدة شيّقة أفرد لها الشريف المرتضى ـ وهو تلميذه ـ كتاباً ذكر فيه أكثرها، ومن جملتها ما أشار إليه العلاّمة الحليّ، كما ذكرها ابن إدريس في أواخر كتابه ( السرائر ).
كتبه وتلاميذه بلغت كتب الشيخ المفيد ما يقرب من مئتَي مؤلَّف ومصنّف، صغير وكبير، منها: المُقنِعة ـ في الفقه، الأركان ـ في الفقه، الإرشاد لمن طلب الرشاد، الإيضاح ـ في الإمامة، الإفصاح، المسائل الصاغانيّة، العيون والمحاسن، النُّصرة لسيّد العترة، الاختصاص، المجالس، أوائل المقالات،... إلى عشرات الكتب والرسائل والشروح ذكرها الشيخ الطوسيّ في ( الفهرست ) ثمّ قال: سمعنا منه هذه الكتب كلّها، بعضها قراءة عليه... فيما عدّد النجاشيّ ( في رجاله ) 174 كتاباً ورسالةً وجواباً، في أبواب: الفقه والأحكام، والسيرة والكلام، والردّ على أهل الضلال.. وغير ذلك. أمّا تلاميذه، فيكفي أن نذكر منهم أربعةً فقط: 1 ـ الشيخ الطوسيّ، محمّد بن الحسن.. وقد تتلمذ عليه خمس سنين. 2 ـ النجاشيّ، الذي قال في ( رجاله ص 311 ): شيخنا وأُستاذنا رضي الله عنه، فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم. 3 ـ الشريف المرتضى، عليّ بن الحسين.. وقد رثى أُستاذه بقصيدة غرّاء. 4 ـ الكَراجَكيّ، أبو الفتح محمّد بن عليّ صاحب كتاب ( كنز الفوائد، والجامع من جميل الفرائد ).. وقد ذكر فضل أُستاذه في هذا الكتاب، وروى عنه في تصانيفه.
وفاته قال الشيخ الطوسيّ في ( الفهرست ): تُوفّي الشيخ المفيد لليلتين خَلَتا من شهر رمضان سنة 410 هجريّة. فيما ذكر النجاشيّ تاريخ وفاته سنة 413 هجريّة ووافقه عليه الشيخ المجلسيّ في ( بحار الأنوار ). وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً، حيث ازدحم الناس للصلاة عليه، وكثر البكاء عليه من قبل العوام والخواص. ذكر ابن كثير ذلك فقال: وكان يوم وفاته مشهوراً، شيّعه فيه ثمانون ألفاً من ا