أراد توفيق يوسف عوّاد في هذا الكتاب أن يكتب سيرته الذاتية، فجاءت في أسلوب مبتَكر، تتحاور في شخصيّان هما "شِقّ" و"سَطيح": شخصيّتان أسطوريتان من الجاهليّة، تمثّلان الأنا والأنا عند المؤلِّف على حدّ تعبيره. وفي "سين وجيم" بين الشخصيتين المذكورتين يقدّم لنا توفيق عوّاد حصاد عمره في قالب سرديّ قصصي تتخلّله الأشعار والطرائف. ويكاد المرء لا يفتر عن قراءة الكتاب إلّا حين تغلبه عيناه فتطبقان على نعاس شديد.
ولد توفيق يوسف عواد العام 1911 في بحرصا ف - المتن - جبل لبنا ن- تعلم مبادىء القراءة والكتابة في قريته وفي بكفيا ثم انتقل الى كلية القديس يوسف في بيروت لمتابعة دروسه الثانوية التي انهاها العام 1928 - التحق بمعهد الحقوق في دمشق ونال اجازته منه العام 1934.
عمل في الصحافة فكانت منبراً للدفاع عن الحقوق التي درسها وتمرس بها ومجالاً للتعبيرعن موهبته الأدبية التي تفتحت من على مقاعد الدراسة. حررفي صحف عديدة منها "العرائس"، "البرق"، "البيرق"، "النداء" و"القبس" - أمضى زمناً طويلاً رئيساً لتحرير"النهار" منذ تأسيسها العام 1933 حتى العام 1941 سنة تأ سيس "الجديد" المجلة التي أنشأها توفيق يوسف عواد تحقيقاً لحلمه بأن يجمع المواهب الشابة والجريئة في مجلة أسبوعية ما لبثت أن تحولت جريدة يومية. الى جانب عمله في "النهار" كان أحد أعضاء أسرة "المكشوف".
في العام 1946 انتقل توفيق عواد الى العمل الدبلوماسي فكان قنصلا ً للبنان في ايران واسبانيا ثم سفيرا ً في مصر المكسيك واليابان وايطاليا.
العام 1975 تقاعد توفيق عواد من العمل الدبلوماسي ليتفرغ للكتابة مجددا ً، حتى وفاته بسبب القصف على بيروت العام 1989.
انطلق أدب توفيق يوسف عواد من واقع الانسان اللبناني والبيئة المحلية ليبلغ، بحرارته وصدقه ونفاذه، عمق التجربة الانسا نية الشمولية وكان لثقافته العميقة المنفتحة أثرها البا لغ في صقل هذا الادب الذي أوصت منظمة الأونسكو بترجمة نموذج منه اعتبرته من "آثار الكتا ب الأكثرتمثيلا ً لعصرهم" عنينا روايته طواحين بيروت.
كتب القصة القصيرة التحليلية ذات الأبعاد النفسية والاجتماعية وكان يهدف الى تمزيق الأقنعة التي يختبىء ورواها الناس المسطحون والمزيفون... قال له مخائيل نعيمة في رسالة على أثر صدور "الصبي الأعرج"، كأنك ما خلقت الا لتكتب القصة.
سيرة مشوقة للكاتب و الصحفي و الشاعر و الدبلوماسي اللبناني توفيق يوسف عواد (١٩١١ - ١٩٨٨). يأخذنا الكاتب بأسلوبه السلس و يحدثنا عن طفولته و شبابه و عمله في الصحافة و من ثم نشاطه الدبلوماسي و تقاعده. نطلع خلالها على تفاصيل الحياة الاجتماعية و الثقافية و السياسية و على اعلام المثقفين الذين التقى بهم الكاتب و تعلم منهم و أثروا به. بالرغم من عمله بالصحافة لفترة ليست بالقليلة و نبوغه فيها في عمر مبكر الا عمله الدبلوماسي خلال ٢٩ سنة ابعده عن الإنتاج الأدبي الا لماما. برغم من ذلك فالشغف بالكتابة و نظم الشعر و كتابة المقالات استمر كهواية. نكب الكاتب بعد تقاعده عام ١٩٧٥ بالحرب الأهلية في لبنان و لكنه لم يفقد الأمل بلبنان الذي جمع العديد من الطوائف تحت جناحيه. محدث ودود نود لو جالسناه ترك لنا سيرته العطرة و الكثير من الاعترافات الشخصية التي قدمها في حوار بين شق (المثالية) و سطيح (الواقعية).