ولكن غم سُعاد لم يكن ليذهب كمرض عُضال , فقد كانت حياتها العائلية عذاب متصل , وايذاء دائم ,وهمّ عظيم , وكان مصدر عذابها هو أُمها التي كانت تحتقرها ,تنبذها ,تُسئ معاملتها وتقسُو عليها وتسخر منها , لا لشيء إلا لأنها لم يكن لها حظ وافرمن الجمال.. فهي تعدها ليست من البنات ولا تساوى شيئاً طالما أنها ليست فائقة الجمال , فلا قيمة ولا وزن عندها لأخلاقها أو تفوقها الدراسيّ , لا يرق قلبها لها إذا دمعت , لا تحرك أمومتها إذا ساعدتها في حمل شيء ثقيل لا تفرح بها لمهاراتها في الأعمال المنزلية فقد كانت كل هذه الأشياء واجبة عليها في نظر الأم ألا يكفي أن تحملوها منذ صغرها رغم أنها جلَبت لهم العار بشكلها القبيح.. فلا تتذكر سُعادأبداً أن أُمها قد احتضنتها أو قبلتها أو حملتها يوماً مثلما تفعل كل أم , كانت سُعاد يتيمة الأم وأُمها حيّة ترزق. كان من الطبيعي أن تحتفى أم كهذه وتحتفل (بنعيمة) الأخت الكبرى لسُعاد ذات الحُسن الفائق والجمال النادر ,تُدللها وتعاملها كقطة وديعَة وكان من الطبيعي أيضاً أن تُصاب نعيمة بالغرور. والكِبر , تتفاخر أُمها دائماً بها وبجمالها وتظل تذكر أنها ست الحسن والجمال التي تستحق أميراً أو مَلكاً ليتزوجها , فكل شيء جميل لنعيمة مكافأة لجمالها.. أفضل الطعام , أفضل الشراب ,أفضل الفراش ,أفضل الملابس كما كانت الأم تحرص على مظهر نعيمة ليليق بجمالها , رغم أن الأسرة متوسطة الحال لا تملك غير ستة قراريط زراعية, وهذه الدار الريفية التي يعيشون فيها ومعاش بسيط بعد تقاعد الأب الذي كان يعمل ساعيا في إحدى المؤسسات