أتخبط أحيانا بين المفتين والدعاة، ربما لانشغالهم بغير العلم، إلا من رحم، ومع كثرة التباين في الآراء الموجودة في الكتب وعلى الانترنت لفتوى في مسألة واحدة، ولأنه يصعب على غالبيتنا الاختيار بينها، أتمنى لو كان عليه الصلاة والسلام بيننا، فأتدارك نفسي بأنه بين لنا كيف يستنبط الحكم من النص وأنه هدانا لطريقة الاختيار عند الاختلاف وبأن في هذا الاختلاف رحمة، ولأننا مطالبون بمعرفة أمور ديننا، وأنه وإن كنا نعذر بالجهل إلا أننا نحاسب إن استكفينا بما لدينا من علم دون طلب المزيد. ولأن في حياتنا اليومية من مسائل العقيدة والعبادات ما يحتاج لفهم جيد لها. أجد نفسي أبحث عن كتب بسيطة تشرح لي هذه المسائل دون الدخول في تفاصيل دقيقة لا يفهمها إلا العلماء والمتفقهون ودارسو العلوم الشرعية، وجدت ما أبحث عنه في شرح مقاصد الإمام يحيى بن زكريا النووي لمحمد الحجار، الذي يذكر في شرحه للصلاة أن "المؤلف رحمه الله استقصى بكتابه ذكر الهيئات، بعبارات موجزة، فإن أردت التوسع في ذلك فعد إلى الموسوعات الفقهية" (والهيئات هي السنن الكمالية). المختصر المفيد الكتاب مع اختصاره وسلاسته، شامل لأكثر ما يهم المسلم، في سبعة مقاصد الأول في العقائد وأصول الأحكام، ثم أربعة في أحكام العبادات في أربعة مقاصد، يبدأ بالطهارة ثم الصلاة فالزكاة فالصوم فالحج، ويختم في المقصد السابع بأصول تزكية النفس أي تطهيرها والسمو بها. في شرح الحجار في فضل صلاة الخوف وهي التي تؤدى في معركة أو قتال ما كنت أجهله من أنها سبب إسلام خالد بن الوليد وذلك "لما رأى من حرص المسلمين على المحافظة على شعائر دينهم وإحياء أوامر ربهم، متمسكين بهذا في أحرج الأوقات، وأخطر الحالات، فانفتح قلبه للإسلام" ويقول النووي في الروح "لا يستطيع العقل الإنساني مهما أوتي من علم ومعرفة، أن يدرك كنهها وحقيقتها لقوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}. كان النووي من أعظم علماء الحديث، يذكر من الأحاديث في هذا الكتاب: قول الرسول عليه الصلاة والسلام "...من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة يترك زينة الحياة الدنيا، ومن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء"