قصيدة "سحيم" استعاد القصيبي ملحمة شعرية رائعة من قلب الحكاية والأسطورة، وأعاد من خلالها كتابة هذا الجدال الذي لا ينتهي بين ثنائيات العشق والمحرّم، الحرية والعبودية، كما وضع يده على قاع الروح البشرية في تقلباتها بين النقمة والانتقام. وبذلك أعاد القصيبي ذكرى "سحيم" وأحضره إلى ديوانه بعد أن كان راقداً بسلام في باطن الأرض حيث توارى جسده المعذب بالاحتراق سنة 35 من الهجرة، وذلك بسبب تغزله بنساء عشيرته بني "الحسحاس".
He was a Saudi Arabian politician, diplomat, technocrat, poet, and novelist. He was an intellectual and a member of the Al Gosaibi family that is one of the oldest and richest trading families of Saudi Arabia and Bahrain. Al Gosaibi was considered among Saudi Arabia's topmost technocrats since the mid-1970s. The Majalla called him the "Godfather of Renovation".
كنت دومًا ما أنحاز لسحيم وعنترة وهما يبحثان حرية كان من الصعب الحصول عليها في عهد ذلك الزمان ناهيك عن عنترة الذي عانى حتى حصل على الجنسية بدرجة ثانية من أفراد قبيلته.. لكن العبد بقي يسكنه
وعن سحيم أو كما تسميه بعض المصادر - حيّة - أو الأسحم أي الأسود فهي قصة عبد بني الحسحاس الذي تشبب - تغزل - بنساء قبيلته ولا أظنه كان يبحث عن الجنس بقدر ما كان يريد أن يشعر بإنسانيته لكنه (أكل تبن) ودفع ثمن طموحه المبالغ فيه وفقًا لعقلية ذلك الزمان غير أنه تشبب ب((سمية)) وأظنهما تلاقت شهوتهما غير مرة حتي فطن له قومها فعاقبوا سحيم بتعاليم ذلك العهد فوق تشبب سحيم ببعض نساء القبيلة
أعتقد أن الـ((الجلسة)) مع سحيم ممتعة فلم يكن سحيم سليم صوت اللسان فكان يقول : (( أهسنك والله )) أي أحسنت والله ولك أن تتخيل كيف سيكون إلقاء سحيم للشعر هذا فوق عبوديته التي عانى منها.
لم تورد المصادر الكثير عن حرق سحيم لكن الثابت أنه قتل بعد خديعة وفقًا لديوانه الصادر سنة 1950 بتحقيق الميمني عن مطبعة دار الكتب العربية
جميل أن يعيد غازي الروح في التراث وفق ما يناسبه كإسقاط على الزمن الحالي أجمل ما ميز الكتاب هو محاورة غازي وإضافات شعر سحيم وعن المستوى العام كإخراج نهائي للعمل هو عادي ليس غير أنه موضوعه وفق له القصيبي
هنا يتجلّى غازي بشِعره. سحيم..العبد العاشق الحرّ في شعره إذا كُنتُ عبداً فنفسي حُرّةٌ كرماً ...أو أسودُ اللّونِ إني أبيضُ الخُلُقِ
يحكي غازي قصة سحيم على أنها تجربة مؤلمة لشاعر كان يتغزّل صريحاً بنساء عشيرته بينما منزلته فيها كانت أنه عبد من العبيد، وهذا ما جعلهم لفعلته يحرقونه بالنار! يصوغ الحكاية القصيبي على أنها محاورة بين سحيم وبين محبّيه الذين يريدونه أن يأتي بأي عذر كي لا يُحرقونه بالنار، لكنه يأبى
مايعجبني في القصيدة انها جعلت سحيم العبد الأسود معشوقاً من قبل النساء. الغراب الوسيم على قول سميّة:
كانت سميّة أول بنت تحب الغراب" وأوّل بنتٍ تقول : غرابٌ وسيمٌ وسيم وساعتها صرت أبها الرجال وما زلت أبهى الرجال وأجمل من هؤلاءِ شديدي البياض شديدي الأنوثة رغم اللحى والشوارب أجمل من هؤلاء الرجال / النساء
أنا عبد سمّية عبدالجميلات عبدٌ وحرّ"
ويأتي بعدها في حوار مع أمه ترتجيه باسمها وباسم أبيه الذي لم يره أن يزعم أن قصائده ليست له، وأن الذي كان لم يكن
"وهم يحسبون الجميلات ينفرن مني لأنيَ عبدٌ. غرابٌ شديد السواد. ولا يعرفن دهاء السوادِ الذي يتحوّلُ عند لقاء الجميلات حبلاً. يشدّ الجميلات نحوي. ولا أستطيع فكاكاً. أنا العبد -ياأمّ!- عبدُ الجميلات كيف أدوس الولاء؟ وأزعم أن الذي كان. ماكان؟ كيف أخون القصائد. سطّرتها بدموعي في الرملِ. سطّرتها بالأظافر في النخلِ؟"
ويذهب بعدها في حوارٍ طويل ممتع ممتع مع أسماء
" أسماءُ! أسماءُ! أعشقُ - أسماءُ!- إسمكِ؟ إسمُكِ أوسمُ إسمٍ. توسّمتُ في سمْتهِ سِمةَ المسِّ والماسِ والميْس والوسمِ قالت تضاحكُ: مالك تهذي! وماكنتُ أهذي أقلّبُ -أسماءُ!- إسمكِ. بين شفاهي فيُصبح ماءَ. ويصبح أماً. ويُصبح سماً. ويمسي مساءً. ويغدو سماءْ وتضحك أسماء: مازلت تهذي! وما كنتً أهذي. أًداعب -أسماءُ!- إسمكِ. أحذف منه أُضيف إليهِ. أأسماءُ من يعرف الإسمَ. يمتلكُ الجسم بالسحْر. أني سحرتك! تضحك أسماء. تضحك تضحك تضحك ثم تقول: صدقت! أحسّ بأني مسحورة بك. مأخوذة بك. كيف تمكنت من خطف قلبي. الذي ماتنفّس قبلك!؟ كيف تمكنت؟!"
ومن ثمّ يمرّ على عميرة وأبيه وهند وميّ وبثينة. حتى جاءت اللحظة وأخذته القبيلة لترميه في النار يقول مرتجياً ربه: " ياربّ أسلمت وجهي إليكَ وفوّضت أمري إليكَ وألجأت ظهري إليكَ وهل ملجأ منك إلا إليك؟ ويا ربُّ ! تعرف أني عصيت كثيراً وتُبتُ كثيراً وعدت كثيراً وياربُّ ! هذي جهنّم قبل جهنّم! هم يحرقُونيَ بالنارِ. ما كان للعبدِ أن يَحرق العبدَ بالنّار والعبد -ياربُّ- عبدُك"
هي تجربة انسانية مؤلمة أخرجها القصيبي في مطوّلة شعرية جميلة
حدث شيء سيء! لم أستطع التعاطف مع "البطل". إن كان زانيا ويفاخر بزناه، لا أستطيع التعاطف معه. وإن كان كاذبا يتبلى على فتيات القبيلة، لا أستطيع التعاطف معه أيضا. أأسى طبعا على المبالغة في العقوبة، وعلى الاستنسابية التي يمارسها المجتمع، لكن لم أستطع أن أرى "سحيما" بطلا. نجمتان لجمال اللغة وحسب.
قصيدةٌ تمتد لما يقارب الثمانين صفحة، يمتزج فيها شعر غازي القصيبي بشعر ( سحيم عبد بني الحسحاس )، ليحكي لنا فيها القصيبي قصة سحيم مع نساء قبيلة بتي الحسحاس، تغزله بهم، وكيف أودىٰ ذلك إلى نهايته البشعة.
في هذه القصيدة نجد غزل العبيد بالنساء متجليًّا في شعر سحيم، غزلُ أهل الصحراء، ما بين بريق سهيل، غيث المطر، جذور النخيل، وظلال السدر. ونرى فيها قدرة القصيبي اللغوية الرائعة التي دائمًا ما تنال إعجابي.
ومن الجميل أن يحكي الشعر قصة، فالسرد الروائي، إن لم يكن متقنًا، قد يفلت القارئ من يد الكاتب عند قراءته له. ولكن من الصعب جدًا أن يفلت القارئ من قبضة الشاعر، فعذوبة الكلمات، وانتقاءها الدقيق، يجعلك تستمر في القراءة حتى تنتهي.
لا يسعني إنكار أن قراءة هذه القصيدة في غضون ساعةٍ من الزمن، أو أقل من ذلك بقليل، كان ممتعًا. وفي الوقت ذاته، لا يمكنني أن أبالغ في مدحها، خاصةً وأنه كما قلت سابقًا عند قراءتي لقصيدة ( الأشج ) بقلم القصيبي، فإن هذه الثروة اللغوية يمكنها صنع ما هو أفضل من هذه القصائد، بل ما هو أفضل منها بكثير ..
عبدٌ وحر هو " سحيمٌ " الذي وقعت بحبه بالرغم عني وبرغم سواده كما قال ! حين نوت قبيلته إحراقه، أتت معشوقته تبكي وتقول "سحيمُ هو الموت " فيضحك ويقول اتذكرين قصديتي حين رأيتك لأول مرةٍ؟ فتبكي وتقول " سحيمُ هو الموت " فيقصد بمعشوقته ويتغنى بها، ولا تزال تبكي ويكمل تغزله باسمًا ! .. وحين أتت أمه تبكي أيضاً وتقول نحن عبيدهم سيقتلونك ! فقال " إن كنت عبدًا .. فنفسي حرة ٌ كرماً .. أوَ أسود اللون .. إني أبيض الخُلُقِ " فقالت: قل كنت تهذي وما زلت تهذي ! فقال: ادوس الولاء ؟ وأزعم أن الذي كان . ما كان ؟ كيف أخون القصائدَ . سطرتها بدموعي الرملِ . سطرتها بالأظافر في النخل؟ إن حياتيَ يا أمُّ غيدٌ وشعرٌ فكيف أخون حياتيَ ؟ وماتت أمه .. وهي تطلب منه الخيانة كي لا يموت هوا شجاع .. ذالك العبد الأسود
في هذه القصيدة يستدعي القصيبي الشاعر المخضرم سحيم عبد بني الحسحاس الذي تذكر الروايات التاريخية أن عشيرة بني الحسحاس قتلته حرقا لتغزله في نسائهم . ولا شك أن اختيار القصيبي لسحيم لم يأت اعتباطا ، وإنما جاء نتيجة احساسه بمعاناة الشخصية التراثية مع مجتمعها ، غازي القصيبي في قصيدة سحيم كما قال محمد علي شمس الدين استعاد ملحمة شعرية رائعة من قلب الحكاية والأسطورة، وأعاد من خلالها كتابة هذا الجدال الذي لا ينتهي ، بين العبودية وأسياد التحرر منها،القصيبي وضع يده على المعنى القديم للانتقام حباً وجعل أجساد النساء مسرحاً للعشق وللصراع، وهي معان سبكها الشاعر بلغة حية تنبض بالصورة والاستعارة والتضمين، دامجا الموروث بالحداثة... ومبتكراً عمله الشعري الجميل لست ممن يعرف ان ينقد الشعر وان كنت من متذوقيه وهنا القصيبي في كتاب قصير جدا يتألق بشكل مختلف حتى لو كان البعض متحفظا عليه
اطلعت على شيء جديد وبعض الشعر منه جميل مسكين ياسحيم :( اعجبني هذا " بورك الشعر ! يلسع كالنار يحرق كالنار لكنه حين تذوي جميع الحرائق يبقى يشب على جبهة الدهر .."
حين يتعاضد الشعراء يعيد الشاعر غازي أسطورة شعرية سحيم الشاعر العبد الذي حكم عليه بالحرق حياً ثمناً لأبيات أنشدها في نساء القبيلة. تؤخذ الأسطورة ويحكي على إثرها غازي أبيات جمعت الحب وظلم العباد للعباد لفوراق لونية
« أحبك حتي يمل سهيل بريقه وحتى يمل الحمار نهيقه وحتى يمل الغراب نعيقه »
« أحبك ما دام في القفر شوك وما دام في سرة الظبي مسك وما دام في شجر الصمغ صمغ وما دام يسكن ظهر البعير السنام »
وتضحك أسماء : و هذا هو الشعر ؟! شوك ؟! وسرة ظبي ؟! وصمغ ؟! وظهر بعير ؟! وأهمس : « أسماء ! حين تحبين ينبت للشوك ورد . ويطلع من سرة الظبي ورد وينبت من شجر الصمغ ورد . ويحمل ظهر البعير سلال الورود . . »
« ما الموت ؟! ما الموت ؟! ما الموت ؟! الموت كان صديقي ، : منذ البداية ، كان رفيق خطاي . وفي لحظات التوحد . كنت أحس بأنفاسه حين الهث . في الأمسيات الطويلة كان حُداء الجمال . وكان يخوض المعارك بالقرب مني .»
« ما أعظم الشعر ! يلسع كالنار . يحرق كالنار . لكنه حين تذوي جميع الحرائق يبقى . يشب على جبهة الدهر . نقفز فوق رؤوس الجبال . أنا وأبي . وهو يضحك ثم يقول ا سحيم ! اأدركت كيف تموت الوعول ؟! »
الثورة بمعناها هي "التسلح بالشجاعة للخروج عن الوضع الراهن، وهو تغيير يحركه عدم الرضا". سحيم هنا كسر الروتين، العبد يعشق! مغامراته العاطفية والاسهاب بذكر التفاصيل هي الثورة بحد ذاتها! وليه استمر بمغامراته؟ لان العشق يخليه مساوي لراعيه، الحب يكسر الحواجز
وهذا البيت خلاني استنتج هالشي: "حين عشقت سميّة حولني العشق حرًا ومازلت حرًا"
لهالسبب رغم المفروض يعاني ونشوفه يندب حظه لا قاعد يتذكر اللحظات وهو سعيد بأنه عاشها! هو سعيد بأنه جرب شعور الإنسان الحر مب سعيد لأنه عشق! وليه يذكر الأسماء والتفاصيل؟ القتل اسهل من الحرق، فتفاصيل مغامراته العاطفية كانت الشي اللي يخفف عنه مأساته
أضاف لي معلومة جديدة عن شخص لم يسبق لي معرفته وهو "سحيم" عبد بني الحساحس الذي قُتل حرقاً لأنه تغزّل ببنات القبيلة. كانت محاولة جيدة من القصيبي في سرد الحكاية مستخدماً ملكته الشعرية،ومضمناً لبعض أبيات الشاعر سحيم،صاحب القصة. اقتبست بعض الأبيات،وعجزت عن اقتباس البعض،لأنه مرتبط بسابقه،لكن بشكل عام وجدتها جميلة.
الحُرية ليست لوناً أو وطناً ؛ قد تأتي بوجهٍ آخر غير مألوف ، رُبما تكونْ مساءً غافيةٌ نجومه ، قيودٍ مبتورة القدرة أو رُبما قصيدة سمراء كلما زاد اللهيب في سطرِها أشعل جناحيها و حلقّتْ !
لا يمكن للحُرية أن ترتدي هوية مُعينه فهي أحرر من أن تُحرّر في هوية ! هذا ما علمنا إياه سحيم و تحررتْ عبر قصته التاريخية عاطفة الشاعر ممتزجاً ما بيّنْ ماضٍ و حاظر كِلاهما لا تتناقض لهما حُريّة !.
ملحمة شعرية رائعة من قلب الحكاية والأسطورة وأعاد من خلالها كتابة هذا الجدال الذي لا ينتهي بين ثنائيات العشق والمحرّم، الحرية والعبودية، كما وضع يده على قاع الروح البشرية في تقلباتها بين النقمة والانتقام. وبذلك أعاد القصيبي ذكرى "سحيم" وأحضره إلى ديوانه بعد أن كان راقداً بسلام في باطن الأرض حيث توارى جسده المعذب بالاحتراق سنة 35 من الهجرة، وذلك بسبب تغزله بنساء عشيرته بني "الحسحاس".
"إن كنت عبدًا فنفسي حرة كرمًا أو أسود اللون إني أبيض الخلق" عن سحيم عبد بني الحسحاس الذي قُتل حرقًا لتغزله ببنات القبيلة. "ما أعظم الشعر! يلسع كالنار. يحرق كالنار. لكنه حين تذوي جميع الحرائق يبقى. يشب على جبهة الدهر."