عن المجموعة القصصية: ...نستمتع حقاً بقراءة هذا الكتاب الذي ينطوي على عنف عارم وحب حميم. ولا حاجة بنا ن نؤكد أن العشق والصباح يختنقان في واقعنا هذا، وأن الكاتب يثور على هذا الاختناق ويحاول الإفلات منه أو مناهضته. ولكن الرسالة التي يبثها هذا الكتاب أخطر من أن تنحصر في "النقد الاجتماعي". إنها مناشدة إلى الخلق والإبداع، وما أحوجنا إليهما، والإنسان لا يعيش بالنقد وحده، اجتماعياً كان أو سياسياً أو غيرهما، ولكنه يعيش بالإبداع والمشاركة، من أجل أن تتولد لدينا فكرة أو لفتة تذكي نار العشق ونار الصباح ونوره
تعرفت على ادوار خراط من خلال روايته رامة والتنين، وعمقت هذه المجموعة القصصية ما احسسته حينها، ادوار خراط شيطان التفاصيل، يمحو المسافة بينك وبين شخوص قصصه، فلا تدري يقينا هل اعاروك هم اجسادهم وحواسهم وعقولهم وذكرياتهم وما يعتري نفوسهم، لتحس وترى وتعيش احداث حياتهم، المرسومة امامك بتفصيل شديد، لتصبح انت ذاتك من يعيش الرواية، ام ان العكس ما حدث فأعرتهم انت ما لديك.... لن تعلم يقينا، لكنك حتما ستعلم مقدار الأثر المُركب الذي يتركه داخلك فتتعلم عن مصر البشر، التي يحاول من يحكموها دائما طمسها وراء صورة الزعيم وحاشيته، في النصف الاول من القرن العشرين، وانت تستمتع بوصف يمزج الرهافة بالواقعية لكافة التفاصيل، والمشاعر، وحين يكتب عن الجنس والمشاعر الخاصة به، يرسم لنا لوحات شديدة الدرامية والشغف، ترى الجنس في موضعه الحقيقي كفعل شديد البشرية يستكمل انسانية البشر
هذا أول عمل أقرأه ل إدوار الخراط. وهو مجموعة قصصية تضم خمس قصص قصيرة كتبت كلها عام ١٩٧٩. لفت نظري قدرته الهائلة على الوصف وتعبيراته المبتكرة البالغة العمق. الخط الفكري الواضح في قصصه الخمس هو تعبيره عن المشاعر والأحاسيس المختنقة والمكبوتة والتي ما كان لها أن تقمع بتلك الصورة. نجحت في قليل من الأحيان في الربط بين وصفه المبدع لكل الموجودات في المحيط المكاني للقصة وبين الخط الفكري والدرامي. ولكنني في أحيان كثيرة فشلت في إيجاد هذا الرابط بل وشعرت قليلاً بأن تلك الموصوفات تضللني بعيداً عن الخط الفكري للقصة. وفي القصة الأخيرة (محطة السكة الحديد ٣) فشلت تماماً في الإمساك بأي خط فكري أو درامي.
أسلوب الكاتب مميز وقصصه تحمل جو قلق مميز لكتاب تلك الحقبة ولكنني لم أشعر بالشجن الذي أحسسته عند قراءة إبراهيم أصلان ولا بالعمق الذي وجدته عند صنع الله إبراهيم ولم أشعر أنني أفهم الكاتب مثلما فهمت علاء الديب، رغم أن قصصه تحمل طابع قريب من كتاباتهم. لم أحب كثيراً تلك المجموعة القصصية ولكنني أعتقد أن الكاتب يمتلك ملكات جديرة بالإهتمام وأظنني بحاجة للإطلاع على المزيد من أعماله.